مقالات للكاتب
د عيدروس نصر ناصر
ليست مجزرة المنصورة هي الأولى التي يرتكبها تحالف “الحوثي ـ عفاش” فتاريخ هذا التحالف وحتى ما قبل نشأته قائم على الإجرام وعلى التفنن في ارتكاب المجازر الجماعية بحق العزل والمدنيين، وهو عمليا كل تاريخ هاتين العصابتين اللتين اتحدتا في عصابة واحدة بعد أن استيقظ الشعب في الشمال والجنوب ليكتشف مخاطر العنصرية الحوثية العفاشية على مستقبل الأجيال، لكن ما يميز هذه المجزرة هو إنها ترتكب في شهر يفترض أنه شهر التنافس على الفضائل، والتقليل من المعاصي والتسابق على عبادة الخالق جل وعلا.
كان العدوان الذي ارتكب في منصورة عدن يمثل ذروة السقوط الأخلاقي لهذه العصابة، عندما وجهت قذائف أسلحتها الفتاكة ضد المدنيين الذين كان بينهم أطفال ونسوة، وهو ما يعني أن هذه العصابة المارقة قد تجاوزت كل الأسقف والمعايير وتمادت في الاستهتار بالأرواح والدماء إلى درجة يمكن أن تتفوق فيها على كل الجماعات الإجرامية من فاشية ونازية وصهيونية وعنصرية، ليس لأن عدد القتلى في هذه المجزرة كثير بل لأن الضحايا هم ممن ليسوا طرفا في الصراع المسلح الذي تخوضه هذه العصابة ضد أناس مدنيين يدافعون عن أرضهم وسكناهم ومدنهم وأهلهم وأعراضهم.
ليس هذا مجال التشكي وإبراز الألم لكن الحقيقة القاسية التي كشفتها هذه المجزرة أكدت المؤكد للكثير من المواطنين الجنوبيين والشماليين على السواء، وهو إنهم يواجهون عدوا غشوما مستشرسا إلى درجة البهيمية متوحشا إلى درجة عدم التمييز بين الطفل والمرأة والرجل وبين المقاتل والأعزل، . . .يظن هؤلاء أنهم يبدون مستوى عال من الشجاعة عندما يتمادون في قتل الأطفال والنساء، والمدنيين عموما، لكنهم لا يعلمون أن هذا لا يعبر إلا عن الجبن في أعلى مستوياته، لأن الشجاعة ليست في القتل بل في السمو الأخلاقي وقهر المرء في قاع نفسه من الحيوانية ثم الرقي أعلى نحو الآدمية المتوازنة وهو ما أثبت هؤلاء أنهم يفتقدونها.
لن نستجدي العالم إنصافا للضحايا ولن نتوسل الأمم المتحدة ردع القتلة والمجرمين فهذه المنظمات قد تحولت إلى كيانات خرسانية لا هم لها إلا استرضاء مراكز القوى الدولية، لكننا نقول للقتلة إنكم تنتصرون على الأطفال والنساء والمدنيين العزل النازحين بحثا عن مأوى بعد أن هدمتم منازلهم وقتلتم ذويهم ودمرتم المرافق الخدمية التي اعتمدوا عليها ذات يوم، لكن انتصاركم هذا ليس إلا إيغالا في السقوط الأخلاقي وموت إنسانيتكم هذا فضلا عن تعريكم من الادعاء بأنكم تخوضون “مسيرة قرآنية” وتنتسبون إلى سيد البشرية الذي جذر ذات يوم جنوده وهم يخوضون حروبهم أن لا يتعرضوا لأعزل ولا يعتدوا على النساء والأطفال وأن يحرصوا على عدم التعرض للأنعام والزرع وغير ذلك.
السقوط ألأخلاقي هو بداية الهزيمة العسكرية لأن من يقتل الأطفال والنساء ويدمر المنشآت لا يمكن أن يتصور لنفسه أو يتصور له الآخرون أي مستقبل سياسي.
وصدق الحق جل وعلا القائل في محكم كتابه “وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ” ( آل عمران 54)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* من صفحة الكاتب على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك