fbpx
الفرق بين: الثورة والانقلاب والايدلوجيا والسياسة

الإخوة الحوثيون خلطوا كل الأمور حتى أصبحت (سمك – لبن – تمر هندي) وفي العلوم السياسية هناك محددات وأركان لكل مفهوم من المفاهيم التي توصّف جوهر حدث أو سلوك أو مجموعة لكي تصير الأمور في سياقاتها الصحيحة. لأن الأمور إذا وصفت وأصبغت عليها مفاهيم غير صحيحة ولا تنطبق عليها أو تتلاءم معها تأخذ السلوكيات والأفعال على الأرض مساقات خطره وتنزلق أي بلد يحدث فيه ذلك للفوضى والانفلات ونوضح التالي:

الثورة:

هي حركة تغييرية شاملة بوسائل القوة أو الوسائل السلمية تقودها حركة وطنية وتمثل الوطن كله غير مناطقية أو مذهبية أو طائفية أو قبلية. لأن الثورة تفقد صفتها أن قامت بها منظمة تتصف بأي من هذه الانتماءات. فلا يمكن أن تثور قبيلة أو طائفة أو منطقة لمطالب خاصة بها وحينما تصير من القوه بمكان أن تسيطر على الوطن كله أو أجزاء منه وتسمى ثوره بل هي انقلاب على الدولة بمنظومتها الدستورية والقانونية والسياسية.

الانقلاب:

هو تحرك بوسائل القوه تقوم به مجموعة مسلحة سواءً كانت عسكرية أو مذهبية أو مناطقية أو غيره من الانتماءات ما قبل وطنية وتفرض سيطرتها بالقوة العسكرية ولا تصبح مقبولة إلا برضى الشعب عليها من خلال بناء منظومة دستورية وقانونية تجعل من عودة السلطة لممثلي الشعب أمكانية قابلة للتحقق لتعود المشروعية للنظام، لأن لا مشروعية لأي نظام لا يختار الشعب ممثلية في مختلف السلطات المنتخبة عبر منظمات المجتمع المدني وفي مقدمتها الأحزاب.

الايدلوجيا:

هي معتقد أو فكر تعتنقه مجموعة من البشر وتعتمد وسائل القوه لنشره في معظم الأحوال أو الوصول للسلطة عبر المؤسسات الشرعية في أحوال قليلة  كما حدث في المانيا بوصول الحزب النازي للسلطة عبر الانتخابات، لكن ما أن وصل للسلطة أنحرف بالنظام الديمقراطي للنظام الدكتاتوري الذي سخر بكاملة لخدمة الايدلوجيا النازية.

 دعونا نضرب مثل من واقعنا فمثلاً  قضية التحرير والاستقلال واستعادة الدولة هي قضية سياسية وليست قضية ايدلوجية بمعنى أنها قضية مصلحة لشعب الجنوب وليس لتحقيق فكر أو معتقد مثلما كانت الوحدة قضية سياسية وكنا نعتبرها قضية ايدلوجية وقدسناها ومن ثم دفعنا ثمن هذا الغلط احتلال ونهب للجنوب. وحولها صقور الحرب والفساد في صنعاء اليوم لقضية ايدلوجية من خلال اعتبارها قضية مقدسة ويصبح الموت دونها. الإخوة الذين يسمون أنفسهم (قوى التحرير والاستقلال) في الجنوب للأسف يتعاملون مع قضية التحرير والاستقلال تعامل ايدلوجي ويخضعونها لمنطق الشعارات المنمطة والقوالب الخطابية الجاهزة وبذلك يسلبوا من أنفسهم عنصر المبادرة والمرونة وسهولة الحركة لأنهم أثقلوا أنفسهم بحمولات ايدلوجية لقضية سياسية صرفة. ومثلهم أصحاب منطق الجنوب العربي واعتباره شيء مسلم به وهدف نهائي، والجنوب العربي كما نعرف ليس إلا قالب إيدلوجي صنعته الكراهية لما يسمى بالوحدة أما من الناحية الواقعية فتسمية أي بلد توجد إشكالية لديه في هذا الجانب أنما يعود للشعب في استفتاء عام وممكن لشعب الجنوب أن يختار بين اليمن الجنوبي أو الجنوبي العربي أو حضرموت أو عدن أو أي أسم آخر يرتبط بهذه الجغرافيا السياسية المسماة الجنوب. أما تحويل الجنوب العربي لقضية ايدلوجية مقدسة سيوقع أصحابه في فخ الاصطدام بالواقع وحينها سينزاح غطائهم الإيدلوجي ويفقدون ميزة الصوابية في نهجهم السياسي وقد يصطدمون مع الآخر أو يفقدون ثقة الشعب.

السياسة:

هي عملية معقدة يشتغل عليها أشخاص ومنظومات في ظروف وبيئات متداخلة ومتشابكة تختلف فيها المصالح والدوافع والجماعات وخلفياتها وانتماءاتها وحقوقها وواجباتها والظروف المحيطة إقليماً ودولياً والمشتغل بالسياسة في هذا الخضم يراعي في كل لحظة طبيعة التفاعلات التي يحدثها أو سيحدثها أي تحرك أو قرار يتخذه في مختلف مستويات وصنوف ودرجات هذه المنظومة المجتمعية المتشابكة والمعقدة. مثلاً الرئيس عبدربه منصور هادي اليوم يتنازعه في اتخاذ القرار عوامل شتى مثل:

– كونه رئيس شرعي للجمهورية اليمنية.

– كونه مسئول أمام الشعب اليمني كله وليس امام الجنوبيين لوحدهم.

– كونه جنوبي وخرج من صنعاء هارباً.

– كونه لا يملك من وسائل القوه إلا القليل.

– كونه يحظى بدعم الشعب الجنوبي ومطالب أن يفعل له الكثير.

– كونه يعلم أن الوحدة ماتت.

– كونه مسئول أمام الأقاليم المنتفضة للسير بوثيقة الحوار والأقاليم الستة لمرساها الأخير.

– كونه مدعوم إقليمياً ودولياً ولكن هذا الدعم حتى اللحظة سياسي وليس عسكري.

إذن القرار في ظروف ومحكوم بعوامل كهذه صعب ومعقد وهنا تظهر قدرة السياسي المحنك على الموائمة في اتخاذ القرار بين كل تلك العوامل والظروف المحيطة بها.

علينا أن نخرج من قوالب ايدلوجيات القرن الماضي ونشتغل سياسة لكي نكتسب المرونة واللياقة والمبادرة لنصل لتحقيق أهدافنا أما الشعارات والقوالب النمطية فلن نصل بها لمكان. لقد تحلحلت الأمور وجاءت إلى عقر دارنا بفضل إداء الرئيس هادي ولذلك يجب أن لا تضيع الفرصة من بين أيدينا بوقوفنا خلف هادي ومساعدته والأمور ستصل للنهاية التي نريد جميعاً.