fbpx
الإهرام : تهديد مصر القادم من اليمن يزداد خطورة (حسابات تدخل مصر عسكرياً في اليمن)
شارك الخبر
الإهرام : تهديد مصر القادم من اليمن يزداد خطورة (حسابات تدخل مصر عسكرياً في اليمن)

يافع نيوز – الاهرام المصرية:

*يشكل ترافق الفقر والطائفية والسلاح والعدد السكاني الكبير مع الطبيعة القبلية في اليمن، عوامل محفزة لصراعات داخلية ممتدة إلى دول الجوار الجغرافي القريب والبعيد .

* مع سيطرة الحوثيين سيكون اليمن بيئة قابلة لاستضافة المزيد من تنظيمات ما دون الدولة بما يعني إضافة اليمن في الجنوب إلى كل من العراق في الشمال وليبيا في الغرب، وإحاطة مصر ودول الخليج بمثلث استراتيجي مدمر من قوى الإرهاب .

 

لم يرتق التهديد الراهن لمصر من اليمن إلى مستوى الخطر الحاد الذي يستوجب التحرك الفوري، لكنه يظل تهديداً محتملاً تزداد خطورته، وبينما كان التدخل العسكري في الستينيات لدعم الثورة اليمنية ضد الحكم الإمامي، وهو ما لم يكن يمثل استمراره أو سقوطه أي تهديد لمصر.

فإن الوضع الراهن يشكل تهديداً لمصر من جوانب متعددة، فتشكل التحركات الحوثية الحالية في اليمن مصدراً لتهديد الأمن القومي المصري من جوانب عديدة، لا يقتصر أخطرها على باب المندب وأهميته للتجارة عبر قناة السويس، وإنما تمتد إلى العديد من الأخطار الأخرى.

أهمها ما يلي:

مستقبل صراعي

وفي مجتمع قبلي، فإن ذلك يعني انتشار موجات متصاعدة من التهديدات، وبالتالي، فلن يشهد اليمن في ظل هيمنة الحوثيين انحصار التهديد في مساحة الدولة على غرار لبنان ذي السكان والمساحة القليلة، أو العراق كبلد موهوب بثروة نفطية يمكنها الإنفاق على صراعاته الداخلية لسنين. ففي اليمن، يشكل ترافق الفقر والطائفية والسلاح والعدد السكاني الكبير، مع الطبيعة القبلية، عوامل محفزة لصراعات داخلية ممتدة، تطول دول الجوار الجغرافي القريب منها والبعيد.

(*) مثلث الإرهاب: مع سيطرة الحوثيين سيكون اليمن بيئة قابلة لاستضافة المزيد من تنظيمات ما دون الدولة (علاوة على تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية)، بما يعني إضافة اليمن في الجنوب إلى كل من العراق في الشمال وليبيا في الغرب، وإحاطة مصر ودول الخليج ببقع 3 كبرى ضمن مثلث استراتيجي مدمر من قوى الإرهاب. وهو ما يقتضى من مصر ودول الخليج منظوراً أشمل لرؤية استراتيجية للأوضاع في اليمن تتخطى حصر الأخطار الواردة منه في الأخطار على باب المندب، وقناة السويس فقط، فمنذ أكثر من عقد يستوطن اليمن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ويترافق معه تنظيم آخر رديف يسمى بتنظيم أنصار الشريعة.

إمارات إسلامية

وقد أعلن التنظيمان عبر السنوات الماضية عن تأسيس ما سموه بـ«الإمارات الإسلامية» التي تمكنت القوات اليمنية من القضاء عليها بعد معارك شرسة، ففي مارس 2011 أعلن تنظيم أنصار الشريعة محافظة أبين «إمارة إسلامية»، وتمكنت القاعدة من السيطرة على مدينتي زنجبار وجعار وعلى بلدة عزان بمحافظة شبوة، وأعلنوها إمارات إسلامية. وقد استمرت عمليات سقوط واستعادة المدن والبلدات بين القاعدة وأنصار الشريعة من جانب وقوات الجيش اليمني من الجانب الآخر في فترات مختلفة من عامي 2011 و2012. وفي أعوام سابقة (منذ 2008 تحديداً) تطورت ظاهرة القرصنة الصومالية في خليج عدن والمحيط الهندي، ومن شأن تطور الاضطرابات في اليمن أن تستأنف عمليات القراصنة والإجرام في حال سقط المضيق في بئر النسيان والتجاهل الدولي.

(*) التدخل الأممي: يشهد اليمن تدخلاً أمريكياً منذ سنوات، ولقد استباحت الطائرات الأمريكية بدون طيار أرض اليمن بشكل اعتيادي، سواء في عهد الرئيس الأسبق علي صالح أو في عهد الرئيس منصور هادي أو في الوقت الراهن، ومن المتصور أنه في ظل ازدياد الاضطرابات، أن يجري تدويل الأزمة اليمنية أكثر، وأن تتجه قوى أخرى إلى التدخل في الشأن الداخلي، فعلى خلاف العراق أو سوريا، فإن اليمن يطل إطلالة استراتيجية على مصالح دولية كبيرة عبر تحكمه بمضيق باب المندب الذي يمر من خلاله ما بين 8 إلى 10% من حجم التجارة العالمية، ومن شأن تطور نشاط الإرهاب، أو سعي الحوثيين إلى السيطرة على المضيق، أن يدفع الدول المتضررة للسعي إلى الدفاع عن مصالحها ولو بالتدخل العسكري، من خلال ابتكار صيغة ما لوجود دائم يحمي طرق التجارة.

تدويل الأزمة

هناك بالطبع وجود دولي كبير من خلال قواعد عسكرية على جانب المضيق الأفريقي في جيبوتي وإريتريا والصومال، ولكن اشتداد الاضطراب الداخلي على الجانب اليمني قد يستدعي احتلالاً دولياً للمضيق بقرارات من المنظمة الدولية، وتدخلاً عسكرياً أمريكياً ومن قبل حلف الناتو. ومن شأن ذلك تدويل باب المندب، وحرمان اليمن والعالم العربي من هذا الرصيد الاستراتيجي مع زيادة الوجود العسكري الأجنبي في البحر الأحمر، بما يحمله ذلك من مخاطر على استقلال المنطقة. ويعني ذلك في حال حدوثه إنهاء قدرة مصر على إغلاق المضيق وفرض حصار بحري لقوى معادية لها على غرار ما نفذته على إسرائيل خلال حرب 1973. ومن المرجح أنه في ظل بروز مخاطر جديدة على المضيق من الحوثيين أو غيرهم، أن تسعى القوى الدولية إلى ابتزاز ومساومة الدول العربية الأكثر تأثرا بتضرر حركة الملاحة في المضيق وهي تحديداً مصر والسعودية.

(*) الخطر على قناة السويس: تتعلق أخطر التهديدات الواردة من اليمن على مصر بالأساس بشل حركة الملاحة بقناة السويس والعائدات المصرية منها، ومن شأن ذلك الإضرار بطموحات مصر بتعظيم الاستفادة من القناة في ظل إنشاء القناة الجديدة. وفي ضوء ارتباط التفكير الاقتصادي التنموي الجديد لمصر بعائدات مشروع القناة فإن أمن مصر القومي أصبح أكثر ارتباطاً من الناحية الاستراتيجية بمضيق باب المندب على وجه التحديد، وهو ما يجعل مصر الدولة الأكثر تأثراً بحركة المضيق إيجاباً وسلباً.

فسواء كان الأثر المباشر للقناة الجديدة متمثلاً في تضاعف عائدات المرور الملاحي البحري، أو متمثلا في تعاظم العائدات أكثر من خلال مشروعات التنمية بمنطقة قناة السويس كمركز تجارة عالمي وفق رؤية مصرية استراتيجية جديدة، فإن هناك ارتباطا وثيقا بين مستقبل مصر وأمن هذا المضيق، وهو أمر قد تستغله جماعات الإرهاب وتلك التي من مصلحتها إجهاض مستقبل الدولة والحكم في مصر في التمركز حول هذا المضيق والاقتراب منه، وإشغال الدولة المصرية عبر تعظيم المخاطر من خلاله، يساعد على ذلك أن هناك تواصلاً أيديولوجياً بين جماعات الإرهاب الجهادية على شاطئي المضيق الأفريقي والآسيوي.

سياسات واجبة

وفي هذا السياق، يمكن اقتراح تصور للتعامل مع الأخطار على المضيق، إذ لا يجب على مصر أن تقف موقف الانتظار حتى تقترب الأخطار على مضيق باب المندب وتصبح واقعا، فمنذ اليوم الأول للبدء في حفر قناة السويس الجديدة، على مصر أن تدرك ازدياد الثقل التهديدي الاستراتيجي الوارد إليها من جراء أي تأثر للملاحة في المضيق وازدياد قيمة اليمن والقرن الأفريقي في الاستراتيجية المصرية، وازدياد الالتصاق بين أمن باب المندب وقناة السويس، ومن ثم فإنه وفق قوى الإرهاب والقوى المعادية لمصر، فإن تفكيرها قد يميل نحو مضاعفة وجودها وتركيز نشاطها في محيط المضيق، كما قد يكون ضمن تفكير وحسابات بعض القوى الدولية تجاهل حساسيات مصر بشأن مشروع استراتيجي وطني. ويتطلب ذلك من مصر العمل وفق رؤية استراتيجية تتضمن ما يلي:

تكثيف الانخراط في الشأن اليمني: منذ فترة طويلة ومصر بعيدة عن اليمن، وعن تفاصيل أوضاعها الداخلية، وتحتاج السعودية ومصر إلى طرح مبادرة بشأن اليمن تعيد الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية اللاطائفية، ويحتاج ذلك من مصر والسعودية الاقتراب أكثر من القوى السياسية داخل اليمن وإعادة نسج علاقاتها القديمة بها، وإعادة بناء تحالفاتها في الداخل اليمني، فمن شأن ترسيخ الدولة الطائفية للحوثيين أو تفتيت اليمن أن يطرح أخطاراً مباشرة على الأمن القومي لمصر والسعودية، وما يساعد مصر والمملكة على ذلك أن دورهما محل ترحيب من قوى يمنية متعددة، وللسعودية دوائر وشبكات نفوذ قبلية واسعة، ويمكن لمصر استعادة دوائر النفوذ السياسي في الداخل اليمني، وفي سياق ذلك يمكن التفكير في مشروعات استراتيجية تربط اليمن بقناة السويس الجديدة.

إعادة تأهيل الجيش:

يتأسس الجيش اليمني على أسس غير احترافية وتسوده التشكيلات القبلية، حيث جرى تخصيص امتيازات للقبائل وحصص لها بالقوات المسلحة، وهو الأمر الذي برز مؤخراً مع الحوثيين، الذين طالبوا بحصص كبرى من التعيين في الجيش وبدلا من حسابهم على السيطرة غير الشرعية على الدولة جرى إدماج الآلاف من عناصرهم بالقوات المسلحة. وفي السنوات الأخيرة من عهد الرئيس علي عبدالله صالح تولى أبناؤه وأشقاؤه وأصهاره مواقع قيادية كبرى في القوات المسلحة، وهو ما جعل صورة انهيار الجيش أمام الحوثيين مزحة كبيرة، ويفرض ذلك على كل من مصر والسعودية الاستثمار في إعادة بناء جديدة لجيش يمني وطني.

تعزيز القوات المسؤولة عن حماية المضيق: في النهاية لن تستطيع التصدي للمخاطر على المضيق، سواء من الحوثيين أو غيرهم بشكل مستمر، إلا القوات المسلحة اليمنية، وهو ما يستلزم أن تكون هذه القوات على أعلى درجة من التدريب والتسليح والولاء الوطني، ويمكن أن يجري إقرار امتيازات خاصة لهذه القوات أو وضعية خاصة داخل الجيش، وهو أمر تستطيع مصر والسعودية المساعدة عليه، بحيث يكون في قدرة هذه القوات التصدي لأي جماعات أو فصائل تسعى للسيطرة على المضيق أو تهديد حركة الملاحة به.

الاستعداد لسيناريو عسكري خاص: على الرغم من أن التدخل العسكري المصري -على غرار تجربة عقد الستينيات من القرن الماضي- هو أمر شبه مستحيل، فإنه من المهم بالنسبة لمصر والسعودية أن تمتلكا سيناريوهاً للرد السريع ساعة استحكام إحدى الأزمات المتوقعة بإغلاق أو الإضرار بالملاحة في المضيق، فلا تتحمل الدولة المصرية سيناريو الإضرار بعائداتها من حركة الملاحة في القناة لمدة شهر أو أكثر، وهو أمر يتطلب وجود سيناريو للتحرك السياسي عبر سرعة تبني قرار داخلي يمني وعربي ودولي ينص على إقرار حرية الملاحة، ويمنح مصر والسعودية تحديدا الرد العسكري السريع على نحو يعيد الأمور إلى نصابها، وأيضا سيناريو للتحرك العسكري البحري والجوي والبري عبر قوات خاصة أو فرقة انتشار سريع، على نحو لا يطيل فترة تهديد الملاحة بالمضيق إلى وقت يضر بالمصالح الوطنية.

 

أخبار ذات صله