fbpx
ذكرى أليمة على شعب الجنوب / رشيد باصديق
شارك الخبر
ذكرى أليمة على شعب الجنوب / رشيد باصديق

ستحل علينا في غضون الأيام القليلة القادمة الذكرى الـ18 لليوم المشئوم في تاريخ شعب الجنوب الأبي 7 يوليو يوم إجتياح القوات الغازيه تراب شعب الجنوب الحر فيما سمي حينذاك بقوات الشرعية ،  فبعد فشل إتفاقية العهد والاتفاق التي وقعت في العاصمة الأردنية عمّان برعاية الملك حسين بن طلال رحمه الله والتي تقضي بتصحيح مسار الوحدة بما يضمن وحدة الشراكة وليس الالحاق والضم، في الوقت ذاته كانت النوايا لدى الاخوة في الجمهورية العربية اليمنية تسير نحن المراوغة لكسب الوقت والتحضيرات تجري على قدم وساق في خفايا مكاتب صناع القرار لحسم الأمور بالآلة العسكرية وفرض على المجتمع الدولي سياسة الأمر الواقع على الأرض، وهو الأمر الذي أعتبره مجلس الأمن الدولي إنتهاكاً سافراً لقراراته التي صدرت وصادقت عليها الجمعية العمومية للأمم المتحدة التي تقضي بالوقف الفوري للحرب وأن الوحدة ليست بالقوة.

كانت لهذه الحرب ذكرياتها المؤلمة على دولة الجنوب -شعباً وأرضاً وهوية وثروة-  لما لها من كوارث وذمار على كافة النواحي، نهبت الأراضي الزراعية ومؤسسات القطاع العام وغيبت مؤسسات الدولة المدنية وضاعت الحقوق العامة وسرح العمال وتشتت الأسر وثم تفكيك جيش الجنوب الذي يعتبر ثالث جيش على مستوى الوطن العربي المعروف من حيث التدريب العسكري وولائه للدولة، وطبقت سياسة المنتصر في الفيد وتوزيع حصص الغنائم والإقصاء للكوادر العسكرية والمدنية تحت مسمى (خليك بالبيت).

وعلى خلفية هذه الحرب الضالمه ضلت الوحدة طريقها وخرجت عن مسارها من وحدة أنشئت بالتراضي والاتفاق بين الطرفين إلى وحدة فرضت بالدبابات والصواريخ وعلى أشلاء ودماء الشهداء من أبناء الجنوب والذي لازال نزيف الدم مستمر مذّ ذاك اليوم الأسود إلى يومنا هذا والشهداء بالآلاف في العاصمة الباسلة عدن وبقية مناطق الجنوب.

وخلال شهرين من حرب إستنزاف دمرت فيها كل شيء الجماد والبشر صقط الجنوب في 7 يوليو 1997م لتفرض الوحدة بقوة السلاح وتكون بذلك قد نقضت كل بنود إتفاقية الوحدة التي وقعت في الـ22 من مايو 1990م بين الرئيس علي عبدالله صالح والرئيس علي سالم البيض، وبقي الشعب في الجنوب طيلة الـ18 سنة الماضية صامت على أمل وإنتظار أن يتراجع الساسة في صنعاء عن مواقفهم ونظرتهم الاستعلائية كمنتصرين رسموا فرضية مريرة بأن الجنوب وشعبه تحت وطأة إحتلال، وبدلاً من تصحيح مسار الوحدة وإنهاء وأخفاء مظاهر ومترتبات ومخلفات هذه الحرب التي رسمت خطاً فاصلاً وجرحاً نازفاً في قلوب الجنوبيين بل على العكس ماحدث بعد ذلك هو ما رافقها بعد ذلك من سياسات خاطئة  برزت جلياً في النفوس بسبب التمييز -عنصري ومناطقي- ألقى بظلاله على تحديد نوعية العلاقة بين الشعبين كمنتصر (حاكماً) ومهزوم (محكوماً).

بعد ذلك أخدت الوحدة تتخد مسارات مختلفة من واقع إفرازات هذه الحرب خرجت في فترات خلت مظاهرات متفرقة في عدن وبعض المناطق تندد ببعض الممارسات والإستفزازات التي تحدث من بعض المتنفذين ولعل أحداث المكلا التي وقعت في العام 1997م وأستشهد فيها بارجاش وبن همام التي عكست واقعاً حقيقياً في تعامل قوات الأمن مع أي احتجاجات لأبناء الجنوب بالرصاص الحي في الصدور وإستخدام القوة المفرطة بدلاً من إحتواءها بالسبل المتعارف عليها من دون إراقة الدماء وإسترخاص حياة أبناء الجنوب، وهو الشعور الذي ساد في النفوس أضف إلى ذلك إحساسهم بالاستبداد والغبن والمذلة من تصريحات بعض القادة العسكريين الغير مسؤولة التي رأوا في ألفاظها المهينة التي تسيء الى كرامتهم ومشاعرهم.

ثم جاءت المسيرات والاحتجاجات للعسكريين المسرحين من الخدمة في العام 2007م في عدن المطالبين بحقوقهم في تحسين أوضاعهم المعيشية وإعادة حقوقهم المسلوبة في الترقيات وإعادتهم الى وحداتهم وهو حق مكفول لهم في كل الشرائع السماوية والدساتير المدنية وطالبوا بتطبيق المواطنة المتساوية وإحتكام الجميع تحت مظلة القانون والتوزيع العادل للثروة والمناصب السيادية والعسكرية والمدنية والدبلوماسية والتمثيل المتساوي المتكافئ بين الطرفين، وأنشئ بعد ذلك الحراك السلمي لتحرير الجنوب، وشيئاً فشيئاً أتسع ليشمل بقية مناطق الجنوب، وأصبح اليوم زخماً جماهيرياً كبيراً.

وبهذه الذكرى الأليمة ما زال شعب الجنوب يعاني الويلات ولعل ما يحدث لأخواننا في المنصورة من حصار جائر وقتل وتنكيل خير دليل على ذلك ويؤكد للمجتمع الدولي أن العقليات التي دفعت بشن الحرب في 1994م وإستخدام القوة ضد الجنوبيين لفرض الوحدة بالدم هي نفسها اليوم تتعامل مع أبناء الجنوب بنفس الإسلوب وهو القمع والقتل والتنكيل والتعذيب، ففي الوقت الذي يتحدثون فيه عن لقاءات حوار بين لجنة التواصل مع قادة جنوبيين في الخارج، هناك أخواننا وأهلنا في المنصورة يواجهون حملة عسكرية وحصاراً خانقاً وعقاب جماعي، ونناشد المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان الدولية إلى القيام بواجبهم والتدخل العاجل لحماية شعب الجنوب وإنقاذ أخواننا في المنصورة من معاناتهم لما يواجهونه ويتعرضون له يومياً من ممارسات قمعية وحصار عسكري ظالم ، كما ندعو الإعلام العالمي والعربي للخروج عن الصمت المخزي والاضطلاع بدورهم بمهنية وحيادية في تغطية ما يدور من أحداث في الجنوب العربي الصابر.

والله من وراء القصد،،

أخبار ذات صله