fbpx
إعتصام إنسداد الأفق هو ما تحتاجه القضية الجنوبية …ولكن !

 

حينما بدأت كتابة مقالي هذا جالت بخاطري وخيالي مشاهد ثوارالرابع عشرة من اكتوبر ثورة مجيدة اجترحها الأسود وأضاعها أبناء آوى. ثورة من أجل تحرير الأرض وإرساء السيادة وإقامة دولة جنوبية مستقلة وقبل أن يجف دم شهدائها ويشع بالنور على أرضها ضوء تضحيات مناضليها الحقيقيين . غير أبناء آوى هويتها واستلموا ارضا وشعبا تمتد هويته الاف السنين عمقا في التاريخ ليسلموه لهوية سياسية مستحدثة في بداية القرن العشرين(اليمن).  إنها جريمة لم تحدث في تاريخ أي شعب. ولم يكتفوا بعد أن سلموا هويته لدولة أخرى بل أنتهى بهم المطاف لتسليم أرضه ومقدراته لتلك الدولة(اليمن).

هذه تداعيات لا تكف تعذيبها ولكنها ليست مجالا لما اريد كتابته في هذا المقال. الذي يتحدث عن احتفالية( مليونية) ثورة 14 اكتوبر التي يتم التحضير لها على قدم وساق. وللمفارقة يتسابق الفرقاء والخصوم والمتصارعون واصحاب المشاريع والمآرب المختلفة من الجنوبيين بل حتى الحوثي والقوى الصاعدة في الشمال وشبه المندثرة لإنجاحها( اللهم أجعله خير) فعالية يريد كل طرف أن ينهش مأربه من خلالها…ما علينا. فشعب الجنوب المكافح المناضل شب عن الطوق وحدد هدفه الاستقلال والسيادة الكاملة لا سواهما.

ودولة جنوبية لا تتنابزها الولاءات ولا ترتهن لمقايضات القوى المتصارعة اقليميا ودوليا والجماعات الانتهازية (الكمبرادور الجنوبي).

مليونية اكتوبر في هذا الظرف شديدة الأهمية ولكن السؤال الأشد حثاثة لماذا هي مهمة؟ . وماذا بعدها؟ . وهل هناك آلية جديدة وجدية أم هي كسابقاتها احتشاد لساعات. وإن تمت الدعوة كما نسمع من البعض لاعتصام مفتوح هل أعدت خطة مسبقة ورؤية لما يقتضيه هذا الاعتصام ميدانيا وسياسيا.

من وجهة نظري أن المليونيات والاحتشاد ليوم واحد قد استنفذت وعلينا مكاشفة انفسنا بأننا فشلنا في استثمارها كما يجب وتحقيق كسب سياسي وتقدم ثوري من خلالها. إذن علينا خلق آليات ميدانية ثورية احتجاجية سلمية أكثر نجاعة ومنها مايسمى بالاعتصام المفتوح. وله مفهوم اجرائي وتطبيق ميداني يعرف بـ ( انسداد أفق) بمعنى أن تظل الجماهير المليونية محتشدة لأيام ولا ترضى المغادرة والانسحاب تحت أي مساومة إلا بتحقيق الهدف الذي خرجت من أجله. وهذه الآلية “الاعتصام المفتوح” قد رأينا نجاحها في كثير من الثورات وعهدنا القريب بنماذجها في تجديد ثورة 25 يناير المصرية بثورة 30 يونيو التي اسقطت حكومة مرسي والأخوان المسلمين. اما النموذج الطازج لها فيتمثل باعتصامات الحوثي في صنعاء حتى سقطت الحكومة وخفضت الجرعة وتم لهم أي الحوثيين ما أرادوه من اهداف معلنة وخفية.

في الجنوب هناك الآن دعوات تطالب بهذا الاعتصام وهذه الآلية حان وقتها بالفعل من أجل تحقيق نصر ملموس على الارض في ثورتنا السلمية حيث تدعى الجماهير الجنوبية بالاحتشاد لأيام في الشوارع وتعطيل وشل حركة المدينة أو المدن التي يتم فيها الاعتصام بشكل سلمي حتى يلتفت العالم الى مطالب الثوار الجنوبيين ولا يكون امامه إلا الاستماع اليهم والجلوس معهم. علماً أن هذه الآلية ليست بديلا عن الثورة ولكنها أحدى آلياتها. ويمكن أن تكون آلية لنقل الملف الى طاولة مفاوضات ندية من اجل الاستقلال في أفضل النتائج وفي اقلها فتح الملف بشكل رسمي في الأمم المتحدة والاعتراف بوجود قضية لشعب يسمى شعب الجنوب العربي. لأن أمر القضية الجنوبية لا يتعلق بحكومة يتم اسقاطها أو مطالب حقوقية يتم تسويتها بل هي وطن محتل وهوية مختطفه وشعب يباد يوميا  وأرض تستباح ثرواتها وتنهب من قبل دولة أخرى. وليس هناك حل لها ويرضي شعبها “الشعب الجنوبي” إلا استقلاله واسترجاع هويته. واقامة دولته ذات السيادة الكاملة على أرضه … آلية الآعتصام المفتوح أو ” “اعتصام انسداد الأفق” أصبحت ضرورة ولكن…

لا يمكن تنفيذ هذه الآلية الا بقيادة موحدة بل بقائد واحد وهيكل تنظيمي ملتزم ومتماسك وتنساب التعليمات بين دوائره بضبط وانتظام وتنفذ بدقة واقتدار. هذا أهم شرط. ثم دوائر ولجان من المتمكنين ( المتمكنين جدا) كل في تخصصه ومجاله لتسيير الاعتصام أمنياً، لوجستياً، إعلامياً، سياسياً. وهذا للأسف غير متوافر في الثورة الجنوبية لأسباب الفرقة والشتات والتركة المتهالكة من قيادات الماضي والاختراقات الممنهجة للثورة. وبغير هذا التكتيك والرؤية والمنهجية سيكون نتيجة الاعتصام الفشل بل وربما يصبح موضوعا لفرقة وفتنة ومهزلة جديدة للتندر ومكان لتجمعات غوغائية يتفشى بينها مجالس القات والثرثرة.وضرب الثورة الجنوبية في مقتل اكثر مما هي عليه ولن أزيد.