fbpx
اليمن ولعنة الأقاليم
شارك الخبر
اليمن ولعنة الأقاليم

يافع نيوز – جمانة فرحات ” العربي الجديد ”

بإمكان البعض أن يستمر في رسم صورة وردية لمخرجات الحوار الوطني اليمني، ويدافع عنها وأن يغضّ الطرف عن الكيديات السياسية التي حكمتها، تحديداً في ما يتعلق بتقسيم اليمن الى بلد فدرالي من ستة أقاليم، تماماً مثلما بإمكان البعض أن يواصل الدفاع عن طريقة إدارة النظام للأزمات التي يمرّ بها اليمن أو يدافع عن أداء رئيس الحكومة، محمد سالم باسندوة، والقرارات الاقتصادية الخاطئة، أقله في توقيتها، التي اتخذت أخيراً.

لكن ما لا يمكن التغاضي عنه، أن اليمن يدفع فاتورة هذه الأخطاء مزيداً من الأزمات. احتجاجات جماعة أنصار الله (الحوثيين) نموذجاً. في العلن تتحدث الجماعة عن ضرورة إلغاء قرار رفع أسعار المشتقات الحكومية، كما لا تتردد في المطالبة حتى بإسقاط حكومة التوافق الوطني، رغم استمرار الدعم الذي تتلقاه هذه الحكومة من مجموعة الدول العشر التي يجوز تسميتها بـ”مجموعة الوصاية” على اليمن، في ظل إصدارها شبه اليومي بيانات حول مجريات الأوضاع في اليمن.

مطالب أنصار الله لا تتوقف عند هذا الحد. بعد جولات متعددة من المفاوضات بدأ يتسرب مطلب جديد ــ قديم، يتعلق بإضافة محافظة حجة إلى إقليم آزال، وهو أحد الأقاليم الستة التي أقرّها الحوار، والذي يضم محافظات صنعاء إلى جانب كل من صعدة وعمران وذمار، بعدما كانت لجنة الأقاليم في الحوار الوطني تعمّدت عدم ضم حجة الى آزال خوفاً من أن يكون هناك منفذ بحري في الاقليم الذي يتمتع فيه الحوثيون بنفوذ واسع.

ي حال تأكدت صحة هذا المطلب، سيكون الوضع الحالي بمثابة عودة إلى اللحظة التي أعلنت فيها أنصار الله الاحتجاج على قرار لجنة الأقاليم، وهو ما استدعى رفض ممثلها في لجنة تحديد الأقاليم التوقيع على قراراتها.

بين رفض مطلب الحوثيين يومها، وعودة البحث فيه اليوم هناك تقريباً 7 شهور، كانت مليئة بالمعارك العسكرية، التي أفرزت مزيداً من المكاسب العسكرية للحوثيين، نتيجة تقدمهم ووصولهم إلى مشارف صنعاء، ومعارك سياسية لا تقل أهمية، أكدت خلالها الجماعة أنها رقم صعب لا يمكن للسلطة ورعاتها تجاوزها، مثلما أكدت أن نهج التعنت الذي يتبعه النظام، محتمياً بدعم خارجي، لا يمكن أن يفيد في معالجات جادة لأزمات اليمن سواء المرتبطة بالحوثيين أو باقي الأوضاع.

يفترض أن تشكل الأزمة التي تفجرت مع الحوثيين دعوة لاتخاذ قرار جريء يعيد النظر في تقسيم الأقاليم برمته، والعودة أقله إلى طرح الإقليمين فقط (شمال وجنوب). الحاجة إلى ذلك لا تقتصر أهميتها على قطع الطريق أمام الحوثيين أو أي جماعة أخرى في الاعتماد على السلاح لإعادة تعديل حدود الأقاليم، بما يتناسب مع حدود نفوذها السياسي والعسكري، ولا فقط إرضاء “الحراك الجنوبي”، والذي أعلن منذ البداية، رغم كل تبايناته، توحده حول رفض تقسيم اليمن إلى الأقاليم الستة. ذلك أنه يكفي للرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، ومستشاريه ووزراء حكومة الوفاق الوطني، أن يتمعّنوا في النقاشات السياسية والشعبية التي تدور حول الأقاليم وينصتوا جيداً إلى اللغة المناطقية والمذهبية الطاغية، والتي تصل في بعض الحالات إلى حدود العنصرية تجاه أبناء البلد الواحد، ليدركوا حجم الخراب الذي يسير اليمن في اتجاهه، وهم من المسؤولين عن ذلك، ويبدأوا في إعادة النظر بمخرجات الحوار الوطني لتعديلها طالما أن الفرصة لا تزال سانحة. أي مراجعات سياسية تجنب اليمن المزيد من التدهور في أوضاعه، تبقى تكلفتها أقل ضرراً من الحروب التي تُخاض فيه على جبهات مختلفة، والمرشحة لمزيد من الاشتعال في الفترة المقبلة في حال تعثر الحلول السياسية.