يافع نيوز – شئون عربية – رويترز :
فتحت ميليشيا شيعية النار داخل مسجد للأقلية السنية مما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص في الوقت الذي تحاول فيه بغداد تشكيل حكومة لا تقصي أحدا لمحاربة المتشددين الإسلاميين الذين أثار صعودهم قلق القوى الغربية.
وقال مسؤول في مشرحة إن 68 شخصا قتلوا عندما هاجمت الميليشيا مسجدا في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد يوم الجمعة. ونقلت سيارات الاسعاف الجثث إلى بعقوبة على بعد 60 كيلومترا حيث تنشط ميليشيات شيعية قوية دربتها إيران وتتمتع بحصانة من العقاب.
والهجمات على المساجد حساسة للغاية وأثارت في الماضي عمليات قتل انتقامية وهجمات مضادة في العراق ليعود العنف إلى مستويات 2006 – 2007 في ذروة الاقتتال الطائفي.
وقالت النائب ناهدة الدايني وهي من ديالى إن نحو 150 من المصلين كانوا في مسجد الإمام ويس عندما وصل رجال الميليشيا عقب تفجير استهدف سيارة للأمن.
وأضافت الدايني وهي سنية من القرية التي وقع بها الهجوم “هذه مذبحة جديدة”.
وقالت لرويترز إن الميليشيا الطائفية دخلت وفتحت النار على المصلين وإن معظم المساجد بدون أمن. وأضافت أن بعض الضحايا من عائلة واحدة وأن بعض النساء سارعن لمعرفة مصير أقاربهن في المسجد فقتلن.
ويمثل الهجوم الدموي انتكاسة لرئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي المتنمي للأغلبية الشيعية والذي يسعى للحصول على دعم من السنة والأكراد لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية الذي يهدد بتقطيع أوصال العراق.
وقال ضابط بالجيش رفض الكشف عن اسمه إن المسلحين وصلوا في شاحنتين صغيرتين بعد انفجار قنبلتين في منزل زعيم ميليشيا شيعية مما أسفر عن مقتل ثلاثة من رجاله.
وقال الزعيم العشائري السني سلمان الجبوري إن عشيرته على استعداد للرد بالمثل. وأضاف أن العشائر السنية متأهبة للثأر من عمليات القتل.
وفي مدينة الموصل في شمال العراق قال شهود إن تنظيم الدولة الإسلامية رجم رجلا حتى الموت في حين زادت الولايات المتحدة من احتمال مواجهة ملاذات آمنة للجهاديين عبر حدود سوريا.
وفي صراع إقليمي يمثل مأزقا لعدة حكومات من واشنطن إلى لندن ومن بغداد إلى طهران فإن أي تحرك أمريكي ضد الدولة الإسلامية في سوريا قد يوجد قضية مشتركة مع الرئيس بشار الأسد الذي أرادت أمريكا الإطاحة به منذ بدء الانتفاضة في سوريا قبل ثلاث سنوات.
وقال شهود إن تنظيم الدولة الإسلامية الذي نشر هذا الأسبوع شريط فيديو يظهر قطع رأس الصحفي الأمريكي جيمس فولي رجم الرجل حتى الموت في الموصل بعد أن قضت احدى محاكمه عليه بالموت تطبيقا لحد الزنا.
وواقعة الرجم التي حدثت يوم الخميس هي أول نموذج معلن لعقوبات الدولة الإسلامية في العراق منذ استولت على مساحات واسعة من البلاد في هجوم في يونيو حزيران. وبعد أن انطلقت من سوريا عبر الحدود الصحراوية التي لا تعترف بها أعلنت قيام خلافة إسلامية.
وقامت الجماعة السنية المتطرفة التي انشقت على تنظيم القاعدة بعمليات رجم مماثلة في سوريا. والدولة الإسلامية هي أقوى جماعة تقاتل قوات الأسد في الحرب الأهلية التي قالت الأمم المتحدة إنها أودت بحياة حوالي 200 ألف شخص.
وبدأت قوات الحكومة العراقية التي لم تظهر في البداية مقاومة تذكر العودة إلى القتال.
وقالت مصادر أمنية إن قوات الحكومة العراقية ومقاتلي البشمركة الأكراد حاولوا يوم الجمعة استعادة بلدتين على الحدود الإيرانية بدعم جوي أمريكي وبدعم الطائرات المقاتلة العراقية.
وساعد قرار الرئيس الأمريكي باراك أوباما بشن ضربات جوية في العراق للمرة الأولى منذ انسحاب القوات الأمريكية في عام 2011 على ابطاء هجوم المسلحين. ومع ذلك اعترف رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة بأن الحدود المعترف بها دوليا بين العراق وسوريا التي يمر منها المتشددون بحرية لم تعد تعني الكثير في صراع أوسع نطاقا.
وأشار الجنرال مارتن ديمبسي إلى أن الدولة الإسلامية ستبقى تشكل خطرا إلى حين لا يمكنها الاعتماد على ملاذات آمنة في سوريا.
وقال ديمبسي للصحفيين يوم الخميس “هل يمكن هزيمتهم بدون معالجة ذلك الجزء من التنظيم الذي يقيم في سوريا؟ الاجابة لا. ذلك سيتعين معالجته على جانبي حدود غير موجودة بشكل اساسي في هذه المرحلة.”
وأوشك أوباما على الأمر بشن غارات جوية على سوريا العام الماضي لكن هذه الضربات كانت ستوجه إلى قوات الأسد التي تقاتل الدولة الإسلامية في حرب أهلية معقدة تشارك فيها مجموعة من الفصائل التي تقاتل بعضها البعض.
وقال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يوم الجمعة إن 191369 شخصا على الأقل قتلوا في الصراع السوري حتى أبريل نيسان أي أكثر من مثلي الرقم الموثق قبل عام.
وكان أوباما يعتزم معاقبة الأسد لاستخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب الأهلية وهي اتهامات نفتها دمشق لكن ألغيت الضربات الجوية بعد اتفاق بوساطة روسية سلمت سوريا بموجبه ترسانتها الكيماوية.
وقالت مصادر مقربة من الحكومة السورية إن الأسد يراهن على أن مسعى الدولة الإسلامية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط سيجبر الغرب في نهاية المطاف إلى التعامل معه باعتباره السبيل الوحيد لمواجهة هذا التهديد.
ورفضت الحكومات الغربية التي تدعم الانتفاضة ضد الأسد فكرة التقارب. لكن إذا كانت الولايات المتحدة ستهاجم الدولة الإسلامية في سوريا فستجد نفسها ولو على مضض تقاتل عدوا مشتركا مع الأسد.
وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند إن الحوار مع الأسد لن يفيد القضية. وأضاف لراديو بي.بي.سي “ربما نرى جيدا أننا في بعض المناسبات نحارب نفس الأشخاص كما يفعل لكن هذا لا يجعلنا حلفاءه … مجرد التفكير لن يكون عمليا أو منطقيا أو مفيدا للسير في هذا الطريق.”
وقال نظيره الهولندي فرانس تيمرمانز إن قتال الدولة الإسلامية لا يمكن أن يثمر إلا إذا امتدت مواجهة الجهاديين إلى سوريا بجانب العراق.
ويواجه العراق أيضا بعض القرارات الصعبة. وقال مسؤول سني بارز إن الحكومة وعدت بإطلاق سراح وزير الدفاع السابق لصدام حسين.
وفي مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط ومقرها لندن لم يوضح نائب رئيس الوزراء صالح المطلك سبب الوعود بإطلاق سراح سلطان هاشم وغيره من القادة العسكريين والسياسيين السنة.
وقد يسترضي الإفراج عن هاشم السنة الذين هيمنوا على العراق حتى أطاح الغزو الذي قادته الولايات المتحدة بصدام حسين في عام 2003.
لكنه سيكون علامة على تنازل كبير من قبل الحكومة التي يقودها الشيعة وربما يثير قلق المجتمع الكردي. وحكم على هاشم بالإعدام نظرا لدوره في حملة تعود لعهد صدام استخدم فيها الغاز للهجوم على الأكراد في حلبجة عام 1988.
وقد يعني الصراع أيضا عمل الأعداء القدامى معا لكن تبقى صعوبة ابرام اتفاقات. ويشمل هذا إيران القوة الإقليمية الشيعية التي طالما كانت على خلاف مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي.
ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية عن وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف يوم الخميس قوله إن طهران مستعدة للمساعدة في التصدي للدولة الإسلامية في العراق لكنها تريد أولا التقدم في المفاوضات مع القوى العالمية بشأن البرنامج النووي.
وفيما يعكس حساسية القضية ذكرت الوكالة في وقت لاحق أن المتحدثة باسم وزارة الخارجية مرضيه أفخم نفت “تقارير تناقلتها بعض وكالات الأنباء حول تعاون إيران والولايات المتحدة في العراق.”
وقالت فرنسا وهي واحدة من الدول الست في المحادثات النووية مع طهران هذا الأسبوع إنها تريد أن تنسق الدول العربية وإيران والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ردا شاملا على الدولة الإسلامية.