fbpx
السلطان فضل العفيفي : لا استبعد ان يتحول ” هادي” من ” بسمارك “ألمانيا إلى “جرباتشوف “الاتحاد السوفيتي “
شارك الخبر

يافع نيوز – نقلاً عن صحيفة يافع نيوز الورقية

في الجزء الأول من حوارنا مع السلطان ” فصل محمد العفيفي ” كان عن الثورة الجنوبية ” الحراك الجنوبي” وموقف المجتمع الدولي، ومساعي ايجاد قيادة واحدة تمثل الجنوب وثورته، واستكمالاً للحوار في هذا الجزء الثاني ، فقد كان عن ثورة شباب التغيير 2011م، وعن الحوار اليمني ،والرئيس “هادي” ودوره في حكم اليمن، وحروبه لكسر العظم، وكذلك ضد تنظيم القاعدة.
الى الحوار ..

حواره : رئيس التحرير

س : كيف تنظرون لثورة شباب التغيير باليمن التي اندلعت عام 2011م؟ هل فعلاً تم إجهاضها والتآمر عليها وإعادة انتاج قوى النفوذ لنفسها من جديد ؟
أنا لم اُصدق في يومٍ من الايام انه كانت هناك ثورة شباب ، ووضحت ذلك لبعض الشباب الجنوبيين الذين كانوا متحمسين لذلك ، وقلت لهم أن وراء الأكمه ما ورائها ولا يجب ان يتم استغفالهم واستخدامهم ، ولكن مع حماسهم غير المتراجع فقد دعمتهم بما استطعت عليه عندما كانوا في ساحة قصر المنصورة ، وقلت لهم ستذكرون كلامي ، وفعلا صرح لي بعضهم لاحقا بان هناك أيادي خفيه تُحرك الأمور ، لذلك تركوا الساحات .
في الحقيقة.. ثورة الشباب صنعتها مراكز قوى في صنعاء لتمتطي بها حصان طروادة وباسم جديد يلقى القبول بعكس اسمهم الذي عُرفوا به، والذي لن يتقبله الشعب البسيط ، وهكذا عندما انتفت الحاجة لثورة الشباب وحققت تلك القوى بعض او كل ما تريده ، فأوقفت الدعم والغذاء عن تلك الثورة .
لذلك أقول انه لم يكن هناك إجهاض او تأمر ، لان تلك القوى هي التي صنعت أصلا تلك الثورة ، استخدمت الشباب، ثم تخلت عنهم عندما انتفت الحاجة إليهم ، والتآمر والإجهاض هو فقط في عقل من صدق تلك اللعبة ولم يكن بمستوى الأعيب السياسة وزواياها المظلمة .

 

س : ازدادت الامور سوءاً في الجنوب، ولم يحدث أي تغيير بعد مؤتمر الحوار اليمني ..برأسك هل فشل ذلك الحوار ؟ وهل مخرجاته ستضع حلا للمشاكل في الجنوب والشمال ؟
إن أسوأ ما يرتكبه السياسيون عندما يختلفون مع بعضهم، دون ان يفكروا بنتائج اي عمل او قرارات – يتم اتخاذها في مراحل الاختلاف والتفكك – على المجتمع ، ولا يفكرون مطلقا بالنتائج السيئة والكارثية المحتملة حتى ولو كانت النتيجة فقدان حلقه من حلقات النظام او القانون ، ولا يفكرون قط كم سيتأثر المجتمع الذي يعيشون فيه؟ وكم ستعاني عائلات كانت تتمتع باستقرار وانتظام حياتها؟ ولا يفكرون الا بالنصر او الفشل السياسي؟ الذي يتوجونه بانه لخدمة المصالح العامه للامه .
نحن في مرحلة سيئة جدا ولو كانت في غير اليمن لانهار فيها كل شيء ، ولكننا لا زلنا متماسكين بحول الله وقدرته ، وفي نظري ان التعافي مما نحن فيه ليس سهلا على الإطلاق ولن يحصل في زمن قصير او بمجرد اتخاذ قرارات او إصدار بيانات كما قد يتصور البعض، سيعاني الجنوب والشمال من تبعاته لسنين طويلة ، فصراع الإرادات قوي ومعقد ويختفي خلف كل بند للتطبيق. لذلك فإنني اعتبره من السابق لأوانه الحديث عن فشل مخرجات الحوار ، ولا اعلم من الذي قدّر وحكم انها قد فشلت ، بينما لجنة إعداد الدستور لازالت تعد بنوده ، وبعد ان يُعد يُطرح للنقاش ثم للاستفتاء عليه ، ثم يتم انتخاب المجالس الإقليمية والفدرالية ومن يريد ان يقيس حدوث الفشل او النجاح ، فليبدأ بذلك من بعد مرور ستة أشهر على الأقل من انتخاب المجالس الإقليمية والفدرالية .
في نظري ان مخرجات الحوار ستشكل الحد الأدنى من مطالب الجنوبيين في ظل غياب المتصدر المتمكن لطرح القضية الجنوبية، وفي ظل الفشل في توحيد الرؤية لها ، ستظل بنود مخرجات الحوار بنود نظريه وعلى الورق الى ان يتم تطبيقها على الواقع .
وفي تقديري ان هذه المخرجات تضع الحل الممكن المتاح إذا ما وضعنا في الاعتبار التوازنات فيما بين إرادات القوى السياسية المختلفة وإرادة المجتمع الدولي أيضا

 

س : كيف تنظر لسياسة الرئيس “هادي” ؟ وهل حقاً يخوض حربا لكسر العظم مع القوى التقليدية للقضاء عليها ؟
يبدو لي ان الرئيس عبدربه منصور هادي يستخدم سياسة رئيس الوزراء الألماني ” بسمارك ” في القرن التاسع عشر الميلادي ، والذي اشرف على توحيد الولايات وتأسيس الإمبراطورية الألمانية ، واستخدم سياسة توازن القوى في ذلك وفي السياسة الخارجية.
في اعتقادي ان الرئيس هادي لا يسعى الى القضاء على تلك القوى كما أشرت ، ولكن يسعى لوضعها في إطارها الصحيح الذي لا يتعارض مع مكون الدولة القوية ولا يعرقل تنفيذ سياساتها، ولا تشكل فيها تلك القوى دويلات داخل الدولة، وأضيف بان الرئيس في النهاية سيحقق نوع من التوازنات في الطريق على أمل تأسيس دولة المؤسسات التي ستحقق سطوة وهيبة الدولة، ولن يتحقق ذلك بدون الاستعانة بالمجتمع الدولي والإقليمي على وجه الخصوص . وإذا فشل في التعامل مع صراع الإرادات القائم في صنعاء ، فلا استبعد ان يتحول الرئيس هادي من” بسمارك ألمانيا” الى “جورباتشوف الاتحاد السوفييتي ” .

 

س : قال الرئيس هادي انه يخوض حرباً مفتوحة مع تنظيم القاعدة .. كيف ترى مسار الحرب على القاعدة؟ وهل سينتصر فيها في ظل اتهامات لقوى تقليدية بصنعاء بدعم تنظيم القاعدة؟ ولماذا برأيك يعتمد الرئيس هادي على ضباط جنوبيين في هذه الحرب ؟
مسار الحرب على الارهاب طويل وشائك ، خاصة وانه تُرك لزمن طويل يبذر بذراته ويعمق جذوره ، والتربة في اليمن صالحه لنموه وانتشاره ، فالفقر والبطالة ، وانعدام الحصانة الفكرية بالإضافة الى مشاكل اليمن وأزماته وصراعات المصالح والسياسة ، وإذا أضفنا الى ذلك إنكار البعض لوجود القاعدة ضمن إطار الشحن المزيف للمواطن البسيط في سياق المناكفات السياسية التي تستخدم الأوراق المختلفة تكتيكيا وليس على أساس الصح والخطأ ، فالخطأ صح اذا كان لا يتناقض معنا ، والصح خطأ اذا كان لا يتوافق معنا .
ولا أرى بان الرئيس يستخدم قادة جنوبيين في الحرب ضد الارهاب ، وإنما الأمر كان نتيجة حتمية نتجت عن إعادة هيكلة القوات المسلحة، والتي لم يجد الرئيس بد من تعيين العديد من القيادات الجنوبية في قيادات المحاور كحل لتأثير الأزمة السياسية في صنعاء على ولاءات القيادات الشمالية وعدم قبول الأطراف المتنازعة للقيادات المحسوبة كلٍ على الطرف الآخر ، ولذلك فأنني أضع موضوع كون قيادات المحور الثالث والرابع المشاركين حاليا في العمليات أتى ضمن إعادة الهيكلة ، ولا ننسى ان هناك الكثير جدا من القيادات الوسطية أو الصف الثاني من القيادات في المحاور والألوية معظمها شماليه .
في اعتقادي أن الرئيس هادي اعتبر الحرب مع الارهاب مفتوحة ، لان العدو الذي يحاربه ليس لديه سياسة التمسك بالجغرافيا، وليس لديه أهداف ثابتة يمكن للجيش النظامي أن يتعامل معها ، والحرب مع هذا النوع من الخصوم لا يعتمد بالأساس على الجيش النظامي وعملياته التقليدية ، الأمر يعتمد على الأعمال الإستخباراتية، والسياسات الأمنية، وتحصين المجتمع الذي هو فريسة سهلة للتجنيد من اي طرف كان ، بسبب الفقر والبطالة وضعف الحصانة الثقافية، بالإضافة الى احتمال التعامل التكتيكي أو التنسيق المحدود مع الارهاب من قبل اطراف سياسيه متنازعة على المصالح وعلى السلطة في مناطق تقاطع المصالح .
س : بالعودة الى وضع الجنوب، كيف ترى عدم قدرة مكونات الحراك الجنوبي على خلق قيادة موحدة ؟ وما هي برأيك دوافع الخلافات ؟ والى متى قد تستمر ؟
تعريفي للحراك الجنوبي ، بأنه الهبة الشعبية العفوية والتي اشتكت من المظالم التي جنتها نتيجة جرها الى الوحدة بشحن عاطفي شديد وغير مسموح للعقل والمنطق ان يُراجع فيها او في ان يضع شروط النجاح لها ، وافرق بين الحراك الشعبي العفوي ، والمكونات السياسية الحراكية المؤطرة لفعل الحراك . الجموع الشعبية بوجه عام طالبت بإعادة النظر في موضوع الوحدة ، ثم أتت بعد ذلك القوى السياسية المختلفة وحاولت ركوب موجة الإرادة الشعبية وسرقة هذه الاراده بتوجيهها كلا في الوجهة التي يرتئيها وتحت شعارات ترضي الجماهير وتشبع نهمها للانعتاق من الهيمنة التي جُرت اليها ، وفشل الجميع ؛ الاصلاح والمؤتمر والبعث والناصري ونجح جناح الاشتراكي الذي اعلن انسلاخه من الاشتراكي الذي مركزه في صنعاء ، وتم تأطير الحراك تحت أجنحه مختلفة من قيادات الحزب الاشتراكي ، وتم رسم وتحديد شعارات من مختلف التشظيات من الجناح الاشتراكي ، وطغى شعار التحرير والاستقلال على الشعارات المطروحة الأخرى ، وحمل الشباب – دون ان يعلم ما يحمل – علم دولة الحزب الاشتراكي الذي تعني ألوانه وكما كتبت في الدستور ؛ ان اللون الأسود يعني زمن حكم الاستعمار والسلاطين والكهنوت والإقطاع والبرجوازية ، والأحمر يعني زمن الثورة المسلحة والدماء التي سالت ، والأبيض يعني زمن حكم الحزب الاشتراكي ، والمثلث الأزرق يمثل الحزب الطليعي الاشتراكي ضمير وشرف وعقل الشعب ! ، والنجمة الحمراء تعني النهج الشيوعي .
لاحظ الجنوبيين الخلافات التي نشأت بين مختلف تلك الأجنحة او التشظيات ، وهي تماما إعادة إنتاج لنفس خلافات قيادات هذا الحزب إبان حكمه ، وإعادة إنتاج لنفس الثقافة في الصراعات المتهالكة على الكراسي وإلقاء الآخر من اجل ذلك ، ونفس المفاهيم الرجعية والقاصرة التي لم تستطع مواكبة العصر والمتغيرات ، وذلك لأنها لا تستطيع قراءة المتغيرات بديناميكيه وعقلانيه وبمحصلة من الثقافات وتعيد تقييم الأمور حسب المستجدات ، لأنها محكومه بثقافة واحده موجهه ، ومن نتائج تلك الثقافة وقوعها تحت تأثير سوط إرهاب وتهديد بعضها البعض الذي تم في الماضي ولا يزال ، وجعلت ممن كان يكتشف الحقائق والصح من الخطأ وينطق بذلك يتعرض للمزايدة السياسية والتصفية ، وهذه القيادات متحجرة على تقييم الأمور بالقياس على شعارات رفعتها وتعني في الأخير ان تستعيد هي وليس غيرها للسلطة كاستحقاق نضالي ، وتظل حبيسة تلك الشعارات وتضع الشعب والوطن معها ضمن الأطر والزوايا الضيقة ، وليس لديها الاستطاعة الديناميكية للتفاعل مع المستجدات والمتغيرات بحكم ان تحقيق الطموحات الخاصة ضمن اُطر المصالح العامة يقلل من الخيارات ومجال المناورة ويعقد الأمور، وما الشعارات المثالية المطروحة الا لتوظيف الضغط والتأثير الجماهيري من خلالها كأداة قوية لتحقيق الآمال التي تسبق المصالح العامة، مهما كان ثمن تحقيق تلك الشعارات . فلو ان وثيقة العهد والاتفاق نُفذت عام ٩٤ م . . إذا لما كانت هناك حرب ٩٤ م ولما رُفع شعار استعادة الدولة لان القيادات التي صممته ورفعته بعد ٢٠٠٧ م لم تكن لتكون خارج الدولة الان ، فالشعار بالأساس يعني تلك القيادات وليس بالضرورة انه يعني مصالح الشعب الجنوبي .واختلافنا معهم في الرأي هو اختلاف حميد واختلاف ثقافة وفكر ، ولدينا القدرة والمرونة للالتقاء في المناطق الرمادية ، بعكسهم فهم منغلقين على الأسود والأبيض ، وإن لم تكن معي فأنت ضدي ، وهذا يُضيّق آفاق التعايش في المجتمعات الواحدة ، ويجعلها دائما غير مستقره .
س : هل لكم تواصل مع قيادات الحراك وتحديداً الرئيس البيض وباعوم ؟
نعم لنا تواصل مع بعض قيادات الحراك الميدانية ، أما من ذكرت فليس لدينا أي تواصل معهم ، لأننا نعتبرهم كل أسباب القضية الجنوبية وتراكماتها ، ونعرف عنهم أنهم لا يتحاورون ولا يتوافقون إلا مع من يساعدهم في حمل شعاراتهم ويتقول بأقوالهم ، وما نحن فيه الان إلا نتيجة لسياساتهم وأفكارهم التي لازالت كما كانت ، ولا نعتقد بأنهم سيكونوا في يوما من الايام جزاءً من حل هذه القضية ، ونعتبر أن السير معهم أو خلفهم هو ملاحقه للسراب والذي لم يجني الجنوب والجنوبيين من وراءه على مدى ٤٦ عاما إلا الانتقال المتسلسل بين الأزمات ، وبقاء الجنوب بسبب ذلك متخلفا مقارنتا بالبلدان التي استقرت .

 

أخبار ذات صله