يافع نيوز – العرب – أنقرة:
أخيرا وضعت أنقرة ضغوط بغداد جانبا وسمحت لإقليم كردستان بتصدير النفط بعيدا عن سلطة الحكومة العراقية.
ويقول محللون إن القرار سيدخل الصراع النفطي في العراق في طريق اللاعودة ويعلن استقلاله النفطي، بل ويفتح أبواب انفصاله عن العراق.
وقال وزير الطاقة التركي تانر يلدز أن تركيا سمحت أمس لإقليم كردستان العراق ببدء تصدير أول شحنة من النفط الخام عبر ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط على الرغم من نزاع قائم منذ فترة طويلة مع بغداد بخصوص مصير إيرادات النفط.
وقال يلدز إن الشحنة الأولى من الخام المنقول عبر الأنبوب الخاص بإقليم كردستان وحجمها مليون برميل يجري تحميلها في ميناء جيهان حيث جرى تخزين نحو 2.5 مليون برميل من نفط الإقليم.
وقال مصدر بالقطاع النفطي إن من المتوقع أن تغادر الناقلة الميناء خلال الساعات المقبلة.
وأكد يلدز أن التحميل اكتمل أمس لكنه رفض الادلاء بتعقيب بخصوص المشتري لأن عملية البيع نفذت عبر حكومة اقليم كردستان.
وكانت “العرب” قد رجحت في الشهر الماضي أن يكون التصعيد السابق بين حكومة المالكي وسلطات الاقليم لدوافع انتخابية، وأن يبدأن تصدير نفط الإقليم بعد إجراء الانتخابات نهاية الشهر الماضي.
وتقول الحكومة المركزية في بغداد إنها صاحبة السلطة الوحيدة لإدارة وبيع نفط العراق. ولم تسفر شهور من المحادثات بين الاقليم والحكومة المركزية عن نتائج تذكر.
استقلال نفطي وربما سياسي
وشحن اقليم كردستان نحو 2.5 مليون برميل من الخام إلى صهاريج للتخزين في جيهان عبر خط أنابيب جديد بناه وبدأ تدفق النفط فيه في ديسمبر الماضي.
وكانت أنقرة تنتظر موافقة بغداد قبل السماح لكردستان بتصدير النفط بشكل مستقل. لكن مصادر قالت إن تركيا تعتقد أنها أتاحت وقتا كافيا للدبلوماسية وإنه لا فائدة تذكر من تأجيل الصادرات في ظل امتلاء الصهاريج.
ويقول محللون إن انطلاق تصدير نفط كردستان يدخل الصراع النفطي بين بغداد في طريق اللاعودة. ومن المرجح الآن أن توقف بغداد حصة الإقليم من الموازنة العراقية وأن تبدأ أربيل برفع صادراتها بشكل متسارع لتوفير التمويل البديل.
ويملك إقليم كردستان أنبوبا تصل طاقته الى نحو 400 ألف برميل يوميا، ويعتزم بناء أنبوبين آخرين لتصدير النفط والغاز عبر تركيا، ومن المتوقع أن ترتفع طاقته التصديرية بشكل كبير خلال العام الحالي.
وتحتاج أربيل حاليا الى تصدير نحو 600 ألف برميل لتحصل على عوائد توازي حصتها في الموازنة العراقية، البالغة 17 بالمئة من حجم الانفاق في الموازنة.
وإقليم كردستان العراق شبه مستقل منذ عام 1991 لكنه يعتمد على بغداد للحصول على جزء من ميزانية العراق والتي من المقرر أن تصل الى 150 مليار دولار في العام الحالي.
اتفاق إيراني
ووقع إقليم كردستان العراق نهاية الشهر الماضي اتفاقا مع إيران لمد أنبوبين آخرين لنقل النفط والغاز بينهما. وينص الاتفاق على أن يقوم إقليم شمال العراق بضخ النفط الخام إلى إيران، ليحصل في المقابل على ما يصل إلى 4 ملايين ليتر من النفط مكرر.
ويقول محللون إن تعزيز علاقات الاقليم النفطية مع طهران يمكن أن يحمي الإقليم من ضغوط بغداد بسبب النفوذ الكبير لإيران على الحكومة العراقية.
ويملك إقليم كردستان أنبوبا تصل طاقته الى نحو 400 ألف برميل يوميا، ويعتزم بناء أنبوبين آخرين لتصدير النفط والغاز عبر تركيا، ومن المتوقع أن ترتفع طاقته التصديرية بشكل كبير خلال العام الحالي.
لعب بالنار
ويمكن لعبور هذه النقطة الحاسمة والبدء بتصدير النفط أن يرفع طموحات الاقليم الذي يملك ثروة نفطية كبيرة، ويسعى لتصدير مليون برميل يوميا.
ويقول محللون إن تركيا وإيران “تلعبان بالنار” لأن تكريس استقلال الإقليم النفطي سيفتح الأبواب لانفصاله عن العراق، وهي أمر يمكن أن يفجر مطالبات الأقليتين الكرديتين الكبيرتين في كلا البلدين.
ويقول مراقبون تخبط حكومة المالكي في إدارة الثروة النفطية والصراعات السياسية مع إقليم كردستان تهدد بتقسيم العراق الى فيدرالية نفطية، خاصة بعد قرارات تعطي المحافظات المنتجة جانبا من الثروة النفطية، وتفتح أبواب الصراع بينها، ما يهدد وحدة صناعة النفط العراقية.
وكررت أنقرة على مدار الأشهر الماضية بتأكيدها أنها لن تسمح بتصدير نفط إقليم كردستان دون موافقة بغداد، ما يجعل قرارها اليوم انقلابا كبيرا بمكن أن يؤدي الى انفجار الخلافات الساخنة بين بغداد وأنقرة.
وهددت بغداد مرارا بأنها ستتخذ إجراءات ضد تركيا إن هي سمحت بتصدير نقط كردستان دون موافقتها، لكن محللين يقولون إن الحكومة العراقية أضعف من أن تتخذ مثل تلك الإجراءات خاصة في ظل الجدل الدائر بشأن تشكيل الحكومة العراقية.