fbpx
قرار مجلس الأمن وتأثيراته السياسية على القضية الجنوبية

ورقة مقدمة الى ندوة قرار مجلس الامن الدولي رقم 2140

وتاثيراته على القضية الجنوبية التي نظمتها اللجنة التنفيذية والامانة العامة

لمؤتمر القاهره في 5 ابريل 2014م عدن

أوجد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2140 الذي وضع فيه بعض الاطراف اليمنية تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حالة من الجدل الواسع لازالت تفاعلاتها مستمرة وما ندوتنا اليوم إلا خير دليل على ذلك ،حيث زاد هذا القرار الأممي المشهد السياسي المعقد تعقيدا أكثر من ذي قبل ،وفتح باب الاجتهاد فكل طرف من أطراف العملية السياسية في الشمال ذهب ليفسره من وجهة نظره الخاصة ويراه بعيون مختلفة عن عيون خصومه مع أن النتيجة واحدة هي وضع اليمن في خانة البلدان الفاشلة ، وهذا نتاج طبيعي لفشل الحوار.

إن المجتمع الدولي لم يفهم طبيعة الأوضاع في اليمن وراهن على حوار شكلي وغير واقعي افتقد إلى عناصر ومقومات وشروط النجاح ولذا فلا غرابة أن تكون نتائج ومخرجات الحوار هي الأخرى غير واقعية لأن ما بني على باطل فهو باطل.

مخرجات الحوار حبر على ورق !

انتهى الحوار الوطني بمصفوفة إصلاحات اعتبرها البعض مخرجات وطنية تمثل الحد الأدنى للوفاق إلا أن ذلك يضل حبراً على الورق كون الحوار لم يستطع أن يوجد وحدة وطنية بل زادها تمزقاً فالحرب على مشارف صنعاء،وليس مستغرباً أن تكون مخرجات الحوارغير واقعية وغير قابلة لتحقيق على أرض الواقع فالمبادرة الخليجية التي على أساسها تم الحوار كانت مبادرة أزمة ولم تكن مبادرة حل فما يسمى بثورة الشباب التي شهدها الشمال كانت تهدف إلى إسقاط النظام والمبادرة الخليجية عملت على تغير رأس النظام ناهيك عن أن المبادرة الخليجية تجاهلت القضية الجنوبية التي تعد أس المشكلة في اليمن ودون حلها لايمكن أن تحل المشاكل الأخرى ولا يمكن للمنطقة أن تشهد استقراراً دون حل القضية الجنوبية وتم التعامل من قضية شعب الجنوب كقضية وطنية يمنية مثلها مثل قضية صعدة، كما نود أن نشير إلا أن المبادرة الخليجية حملت في ثناياها تناقض كبير ففي الوقت الذي نصت فيه على وحدة اليمن وأمنه واستقراره نصت على حل القضية الجنوبية حلاً عادلا بما يرضي شعب الجنوب فشعب الجنوب يرى بأن الحل العادل لقضيته هو استعادة الدولة كنتاج طبيعي لفشل الوحدة، وبالتالي فإن هذا التناقض لايمكن فهمه إلا من زاوية واحدة هي أن المبادرة الخليجية  مبادرة أزمة وليست مبادرة حل.

وبالعودة إلى الأوضاع التي سبقت الحوار ففي الوقت الذي كان فيه شعب الجنوب يخوض ثورة شعبية سلمية مباركة انطلق ماردها في 7/7/2007م واجه خلالها آلة الحرب العسكرية لنظام الاحتلال وجد الشمال فرصة في ثورات الربيع العربي فخرج إلى الشارع للمطالبة باسقاط النظام وبذلك انتقل من مرحلة الخوف إلى مرحلة التطلع لمستقبل أفضل يسوده الأمن والاستقرار ودولة  النظام والقانون  القائمة على المواطنة المتساوية إلا أن القوى التقليدة التي رأت في ما يسمى بثورة الشباب خطراً يهدد مصالحها ارتموا على الثورة وكبحوا تطلعاتها فجاءت المبادرة الخليجية لتضيف عوامل كبح أخرى تتمثل في إشراك النظام في التسوية السياسية كشريك أساسي وفاعل مع تكتل أحزاب اللقاء المشترك وتم تجاهل الثوار الذين خرجوا إلى الشارع وظلوا مرابطين فيه وقدموا الشهداء والجرحى والمعتقلين الذي لازال بعضهم في غياهب السجون ولم تشفع لهم ثوريتهم في الحصول على الحرية.

وإذا ما سألنا أنفسنا هل تمكن الحوار من ازالت عوامل كبح تطلعات ثوار الشمال؟ فإن الإجابة ستكون بالطبع لا لأن أطراف كبح تطلعهم تجلس معهم على طاولة الحوار ويدافعون عن مشروعهم باستماتة ولازالوا قادرين على إرباك المشهد السياسي والتأثير على مجريات الحوار،وظل الشمال على ما هوعليه يعيش وضع اللا ثورة واللا دولة.

وشعب الجنوب الذي سبق ثورات الربيع العربي بسنوات انتقل من مرحلة الخوف إلى مرحلة الغضب تعامل معه نظام الاحتلال بعنف غيرمسبوق وارتكب جرائم بشعة يندى لها الجبين بحق المتضاهرين الأبرياء العزل أدى ذلك إلى اتساع رقعة الغضب وزاد الثورة اشتعالاً واتسعت رقعتها وقوي عودها وتصلبت بنيتها.

فإذا سألنا أنفسنا هل استطاع الحوار أن يزيل حالة الغضب من الشارع الجنوبي؟ ستكون الإجابة بالطبع لا لأن الجرائم التي ارتكبت أثناء الحوار وقبله وبعده فاقت ببشاعتها الجرائم المرتكبة في المرحلة التي سبقت الحوار،وكان هادي أكثر دموية من صالح،وظل الجنوب ولا زال يعيش وضع اللا وحدة واللا انفصال.

ولذا نستطيع أن نجزم بأن مخرجات الحوار لا يمكن لها أن تتحقق على أرض الواقع فقد يقول قائل ما الذي يدفعنا للجزم بأن مخرجات الحوار غيرواقعية  ويصعب تطبقها على أرض الواقع ؟ فنجيب بالتالي:

1-إن تنفيذ مخرجات الحوار بحاجة إلى دولة والدولة غير موجودة.

2-غياب الحامل السياسي لمشروع الدولة.

3-وجود أربعة أطراف فاعلة شاركة في الحوار تمتلك المال والسلاح خارج الدولة وهي غير مؤمنة بمشروع الدولة المدنية الحديثه وليس لديها استعداداً للتخلي عن عناصر القوة لمصلحة الدولة وهذه الأطراف هي:

أ-علي عبدالله صالح الذي لازال يملك الكثير من عناصر القوة والنفوذ ولازالت بيده الكثير من الأوراق بإمكانه أن يلعب بها وهو يسعى إلى استعادة كرسي الحكم لنجله أحمد ويحضى بدعم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتأييد قطاع واسع من قيادات وقواعد المؤتمر الشعبي العام وولاء بعض القيادات العسكرية والرموز القبلية ومخزون هائل من السلاح.

ب-علي محسن الأحمر الذي وجد في ما سمي بثورة الشباب فرصة لإعادة إنتاج نفسه بقالب جديد ظاهره ثوري وباطنه سلطوي فقدم نفسه كحامياً للثورة ، ومنقذا لها وهو في حقيقة الأمر عينه على كرسي الحكم لأنه يرى في نفسه وريثا شرعياً لصالح ويحظى بدعم دولة قطر وتأييد التجمع اليمني للإصلاح وولاء بعض القيادات العسكرية والرموز القبيلة ومخزون هائل من السلاح.

ج- أنصار الله (الحوثيين) استغلوا تصدع النظام وتفكك بنيته وتمكنوا من التمدد الرأسي والأفقي واثبتوا تواجدهم على الأرض، وحققوا العديد من المكاسب السياسية فبالإضافة إلى وجود الحاضن الاجتماعي لهم في صعدة وبعض المحافظات الاخرى يعد الدعم الإيراني مركز ثقل إقليمي وعمق استراتيجي يزودهم بعناصر القوة السياسة والمادية والمعنوية التي مكنتهم من الانخرطوا بقوة في العملية السياسية واتباع تكتيك جديد تمثل في بعض التحالفات السياسية  والقبلية مستغلين التناقضات التي انتجتها ثورة الشباب الموؤدة وخاضوا حرباً هنا وأخرى هناك وتمكنوا من إلحاق الهزيمة بسلفيي دماج وكتاف وبرموز قبيلة حاشد في عمران أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وأصبح أنصار الله (الحركة الحوثية) قوة لايستهان بها يمتلكون العدة والعتاد يفوق ما يمتلكه خصومهم وصاروا خطر يهدد صنعاء وهم في ذلك يسعون إلى اقامة دولة ولاية الفقيه.

د- أولاد الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذين كانوا يعتقدون بأن مياه ما سمي بثورة الشباب ستصب في مجراهم إلا أن المبادراة الخليجية أصابتهم بمقتل حيث تعددت المصبات وكثر الشركاء وبالتالي كان نصيبهم من نصف كعكة نظام صالح لا يشبع نهمهم ، فقد يرى البعض بأنهم الطرف الأضعف في المعادلة إلا أنهم لا زلوا يذخّرون قوتهم لمواجهة أي مخاطرقادمة وذلك بعد أن أدركوا بأن عفاش والمملكة العربية السعودية التي أوعزت لصالح استدارجهم لخوض حرب غير متكافئة مع الحوثيين ، حيث استطاع صالح الدفع ببعض رموز حاشد للوقوف مع الشيخ حسين الأحمر وجعله يشعر بالقوة التي جعلته يعتقد بان  قبيلة حاشد قادرة على الوقوف في وجه الحوثيين وما أن بدأت المعركة تخلت تلك الرموز القبيلة الموالية لصالح عن الشيخ حسين الأحمر وإخوانه وبذلك تكون السعودية قد تمكنت من الانتقام من حسين الأحمر الذي كانت تربطة علاقات مشبوهة مع النظام الليبي السابق هدف منها إلى استفزاز المملكة التي تعد حليف تاريخي لآل الأحمر  ناهيك عن أن المملكة ردت على تصريحات الشيخ حميد الأحمر المدعوم من دولة قطر  التي هاجم فيها السعودية وانتقد موقفها المعادي للإخوان المسلمين في مصر .

4- تجربة الأقاليم تجربة جديدة فالدولة الفدرالية بحاجة إلى جيش قوي وأمن قوي ، واقتصاد قوي ، ومركز قادر على التحكم بمفاتيح القرار ووضع كوضع اليمن يعاني من غياب الدولة ، ومؤسسات عسكرية وأمنية ضعيفة غيرقادرة على بسط نفوذها على كامل المساحة الجغرافية للبلد واقتصاد ضعيف لايفي بالحد الأدني لمطالب التنمية، وبالتالي وجود ستة أقاليم يعني وجود سته برلمانات وست حكومات وست موازنات ناهيك عن عدم وجود البنى التحتية.

كل هذه الصعوبات والتعقيدات هي التي جعلتنا نجزم بأن مخرجات الحوار ليست واقعية وغير قابلة التحقيق على أرض الواقع.

تراكم الفشل

 لليمن تاريخ مع الفشل فلا نذهب بعيداً فإذا نظرنا إلى العقدين الماضين نجد بأن اليمن والفشل وجهان لعملة واحدة ، فقد أدى فشل المرحلة الانتقالية للوحدة ـ في إنجاز مهامها ـ إلى انتخابات برلمانية انتجت تحالف ثلاثي بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي والتجمع الوطني للإصلاح فشل في إدارة الأزمة وتم تشكيل لجنة للحوار الوطني خرجت بوثيقة العهد والاتفاق التي تم التوقيع عليها في عمان بمباركة عربية إلا أن هذه المبادرة لم تر النور حيث عمل صالح وحلفاؤه في التجمع اليمن للاصلاح على الهروب من استحقاقات المرحلة التالية لتوقيع وثيقة العهد والاتفاق التي سميت فيما بعد وثيقة الخيانة والارتزاق ، وشنوا حربهم العدوانية الظالمة على الجنوب في صيف 94م انتهت بتحويل مشروع الوحدة إلى احتلال وعلى الرغم من النصر العسكري الذي حققته القوات الغازية إلا أن تلك الحرب هي الأخرى فشلت في تحقيق أهدافها السياسية وفشل شركاء الحرب في تطبيع الأوضاع في الجنوب وفي إدارة شؤون الناس،كما فشل التحالف الثنائي بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح في الاستمرار فترة أطول، وتحول حلفاء حرب 94م إلى خصوم ،وبمثل ما انقلب صالح وحلفاؤه على مشروع الوحدة وأطاح  بالجنوب انقلب صالح على حلفائه وأطاح بالتجمع اليمني للإصلاح بعد أن فاز بالأغلبية المطلقة في البرلمان في انتخابات 97م والأغلبية المريحة في الانتخابات النيابة عام 2003م وانفرد في حكم البلاد التي أدارها بالحروب والازمات ولم تستوعب القوى السياسية التي خاضت مع صالح وحزبه جولات عديدة من الانتخابات بان غياب الدولة يعد نفياً صريحاً للديمقراطية إلا بعد الانتخابات الرئاسية عام 2006م فوجدت في توصيات بعثة الاتحاد الأوربية التي شاركت في مراقبة الانتخابات الرئاسية ضالتها فشرعت تلك الاحزاب تلعب مع صالح لعبة القط والفار بعد ان توصلت الى قناعة تامه بان الديمقراطية فشلت وان التبادل السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع بات امراً شبه مستحيل فالانتخابات تزور والحقوق تنتهك والحريات تقمع والدستور لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب فيه فقرروا الامتناع عن السير مع صالح في لعبة الديمقراطية التي يمتلك صالح كل مفاتيح التحكم بها ساعدهم  في ذلك فشل النظام في ادارة البلاد وانطلاق الحراك الجنوب وتعاظم دوره واتساع رقعته وازياد ثورته وهجاً ، وتصاعد اعمال تنظيم القاعده وخروج الحوثي منتصر من حروبه الستة التي خاضها النظام ضده فكانت ورقة التوريث هي القشة التي قسمت ظهر البعير فتصاعدت الحرب الاعلامية بين الطرفين وزادت حدة الخلافات وفشلا في الوصول الى اتفاق يمكنهم من الوصول الى انتخابات برلمانية كان من المقرر اجراءها في ابريل 2009م وجرى تمديدها لمدة عامين هذا التمديد اجل حسم الصراع ولم ينهيه ووصلت الامور الى حالة من انسداد الافق لم يعد بمقدورهما الخروج منها فكانت كل العوامل والضروف مهيئة امام تكتل اللقاء المشترك للقيام بثورة ضد نظام صالح الا انهم كانوا يدركون بان مجرد التفكير بهذا الموضوع يجعل صالح يتغدا بهم قبل ان يتعشوا فيه.

قبل انتهئ فترة التمديد لمجلس النواب باشهر جاءت ثورات الربيع العربي فوجدها المشترك فرصه للدفع بالجماهير للخروج الى الشارع للمطالبة باسقاط النظام فاندفعت الجماهير وباعداد مهولة لم يتوقعها المشترك وكان الشباب هم طليعة تلك الجماهير التواقع للانعتاق من الظلم والقهر والاستبداد الذي ظل جاثم على رقابهم لمدة 33 عاماً صعد الثوار الذين لم يكونوا يدركون بانهم يخوضون ثورة نيابة عن احزاب المشترك احتجاجاتهم ومع هذا التصعيد وصلت العلاقة بين نظام صالح ومعارضيه الى مرحلة اللا عودة خاصة وان شباب الساحات استمروا في صمودهم ولم ترهبهم المجازر المرتكبة في حقهم مستلهمين من الحراك الجنوبي الارادة والثبات واستمرت عملية الكر والفر بين ثورة تريد اسقاط النظام ونظام يريد اخماد الثورة ومر عام على هذا الحال فشلت فيه الثورة  بتحقيق اول اهدافها المتمثل باسقاط النظام وفشل النظام في اخماد الثورة فقررت بعض القوى دخول ملعب المواجهة المسلحة مع النظام لترجح كفة الثورة فكانت حرب الحصبة وحادث مسجد النهدين الا ان ذلك لم يغير في الامر شيئاً ولم يستطع اي من الطرفين حسم المعركة  فكان امراً طبيعياً ان ينتقل الملف الى الخارج ومن هذا المنطلق عملت السعودية وبالتنسيق مع صالح على تبني مبادرة لا تنجح الثورة ولا تسقطت النظام ومن وجهة نظري الشخصية ان المبادرة ولدة ميت ولم تكن وصقة ناجعة لالام واوجاع اليمن بدليل ان الاوضاع بعد الثورة والمبادرة هي الاوضاع نفسها التي كانت قبلها اذا لم تكن اسوء.

ان المبادرة الخليجية انتجت رئيس توافقي بديكور ديمقراطي وحكومة وفاق جمعها تحالف الضرورة فكانت الالية التنفيذية المزمنة التي وضعتها دولة المبادرة الخليجية التي حددة جملة من الاجراءات والخطوات للوصول الى الحوار اول اختبار حقيقي امام الرئيس هادي وحكومة الوفاق الذان اخفقا في تنفيذ تلك الاجراءت والخطوات المهيئة للحوار وجرى تمديد الفترة الزمنية اكثر من مرة وامام ضغط المجتمع الدولي وعامل الوقت تم الاعلان عن موعد بدء الحوار دون استكمال الاعداد والتحضير الكافيين له ودون تهيئة الاجواء لكل الاطراف المشاركة وبفرص متكافئة .

لقد اظهرت جلسات الحوار بان الاطراف المشاركة في الحوار غير مكترثة باحوال البلاد والعباد وان كل منهم يتربص بالاخر بهذف احراز مكاسب سياسية على حساب خصومة كما اظهرت تلك الجلسات بان القضية الجنوبية ظلت طريقها وان فندق موفنبيك ليس المكان المناسب لها وبالتالي وجد المتحاورون الذين فشلوا في انجاز مهامهم وتعثرت جلسات حوارهم وتم تمديد فترته بانهم بحاجة الى من يخرج الحوار من مازقه بدلاً من اخراج البلاد، وكلنا يعرف كيف كنت القضية الجنوبية كعصاء  وضعت في عجلات الحوار عطلت مساره اكثر من مره وفشلت لجنة ال 16 في الوصول الى حل يتناسب مع حجم القضية ويلبي حتى الحد الادنى لشعب الجنوب والذي عبر عنه الاشتراكي في رؤيته المتمثل بالدولة التحادية من اقليمين جنوبي وشمالي وجرى ايكال حلها للرئيس هادي لتكون خاتمة هزيلة لمسرحية سمجه  اسمها الحوار فالاوضاع بعد الحوار هي نفس الاوضاع التي كانت سائدة قبله ان لم تكن اسوء.

خلاصة القول فشل الحوار كان امر متوقعاً كحلقة جديدة اضيفة الى سلسلة فشل تراكمي بداءت حلقاته بفشل الوحدة ثم فشل الديمقراطية وفشل الثورة وفشل المبادرة واخيراً فشل الحوار.

قرار مجلس الامن 2140 

جاء قرار مجلس الامن الدولي رقم 2140 والذي وضع فيه من سماهم بالقوى المعرقلة للعملية السياسية تحت الفصل السابع ولم  يكن هذا هو القرار الاممي الوحيد الذي اصدره مجلس الامن بخصوص الشان اليمن فقد صدرت خلال العامين الماضين عدد من القرارات والبيانات الداعمة للتسوية السياسية والرئيس هادي ،وكانت القضية الجنوبية حاضرة في كل تلك القرارات هذا الحضور يؤكد اهميتها  كقضية سياسية بامتياز لها خصوصيتها.

ان المتابع للشان اليمني يستنتج بان القرار الاممي السالف الذكرجاء  كتعبير حقيقي لفشل الحوار وانه جاء ليدعم الرئيس الهادي الذي تم تمديد فترة حكمه لمدة عامين خلافاً لرغبة معظم القوى التي توافقت عليه كرئيس مؤقت لمدة عامين وغاب على المجتمع الدولي بان البلد تحكم بثلاثة رؤوس وان هادي ليس الحاكم الوحيد فبلاضافة الى هادي هناك اللواء علي محسن الاحمر مستشار الرئيس للشئون العسكرية وحميد الاحمر الذي يشارك هادي ومحسن في الحكم عن طريق باسندوه ،فاذا ما نضرنا الى الفقرة التالية :

( وإذ يرحب بنتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل، التي وقعتها الأحزاب السياسية كافـة، وهو المؤتمر الذي تعتبر قراراته بمثابة خارطة طريـق مـن أجـل عمليـة انتقـال ديمقراطـي مـستمرة بقيادة يمنية تقوم على الالتزام بالديمقراطية والحكـم الرشـيد وسـيادة القـانون والمـصالحة الوطنيـة واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية لأفراد الشعب اليمني قاطبة)

نجد انها اعادة الكرة الى ملعب القيادة اليمنية التي لا تمتلك القدرة على تنفيذ ما وصفها البيان خارطة الطريق لان ذلك بحاجة الى دولة كما اشرنا سلفاً والدولة غير موجودة ناهيك بان النظام هو من ينتهك حقوق الانسان وهو لا يؤمن بالديمقراطية ولا يعترف بسيادة القانون ،ولا يحترم الحريات ،كما ان الحديث عن الديمقراطية يتناقض مع سعي المجتمع الدولي ونظام الاحتلال اليمني على فرض مخرجات الحوار في الجنوب بالقوة ، فاذا كانت الوحدة بالقوة هي اسوء انواع الاحتلال فان فرض نتائج الحوار بالقوة هو اسوء انواع العبودية ، وشعب الجنوب الذي رفض اسوء انواع الاحتلال لا يمكن ان يقبل اسوء انواع العبودية ولا ندري كيف غابت هذه الحقيقي على المجتمع الدولي ،وبمعنى ادق فان اعادة الكرة الى ملعب هادي تعني بان المجتمع الدولي لا يمكن ان يناضل نيابة عن اليمنيين ويبني لهم دولة .

دعونا ناخذ ما نراه اجيابياً من قرار مجلس الامن الدولي رقم 2140 ونوجزها على النحو التالي:

  • قرار مجلس الامن وضع القضية الجنوبية تحت المجهر ولفت انضار المجتمع الدولي اليها وجعل الشان اليمن قيد النضر وهذا يعد من وجهة نظري وجود فرصة جديدة امام الجنوبيين لفتح الابواب الموصودة امام القضية الجنوبية والتي يمكن من خلالها الوصول الى الهيئات والمنظمات الدولة وعلى وجه الخصوص مجلس الامن وهيئة الامم المتحدة.
  • اكد القرار بان القضية الجنوبية قضية سياسية وليست حقوقية كما يصوره البعض بهدف التضليل على الراي العام الاقليمي والدولي .
  • اعترف القرار الاممي بالحراك الجنوبي ودعاه الى الحوار وهذا ما نستشفه بالفرقة التالية  (ويهيب بحركة الحراك الجنوبي وحركة الحوثيين وغيرهما إلى المشاركة البناءة ونبذ اللجوء إلى العنف لتحقيق أهداف سياسية) وهذا يعني بان مجلس الامن يدعوا الحراك الى الحوار لان الحوار هو البديل للعنف وهذا يجعلنا نتسال ما هي طبيعة الحوار الذي يريده المجتمع الدولي وما هي مواضيعه ومنهم اطرافه وما هي الياته؟ وأي مشاركة سياسة يتحدث عنها القرار؟ وكيف تتم المشاركة؟ وما هي الاجواء او المناخات التي يجب توفيرها لمشاركة الحراك؟ كل هذه الاسئلة بحاجة الى اجابة من مجلس الامن الدولي يعني بان القرار فتح نافذة  تواصل بين مجلس الامن والحراك فهل نستطيع الجنوبيون  الاستفادة  من هذه الثغرة للولوج الى اروق مجلس الامن؟
  • وهناك فقرة مطاطية نستطيع ان ننفذ منها هذه الفقرة هي المتعلقة بطي صفحة صالح من خلال مطالبة مجلس الامن بتمكين الجنوبيين من استعادة مدنية الجنوب على طريق استعادة الهوية وذلك  بأزالت اي مظهر من مظاهر الجمهورية العربية اليمني الدخيلة على المجتمع الجنوبي ويستطيع  الحراك ان يكون شريكا فاعلاً في ذلك، فهل يستطيع الحراك الجنوبي ان يقدم نفسه شريكاً للمجتمع الدولي في هذا الخصوص؟
  • انهاء هيمنة الشمال على الجنوب لان كل ويلات ومصائب الجنوب واكبرها وقوعه تحت الاحتلال كانت في ظل رئاسة صالح هكذا نفهم الجنوبيون الفقرة التالية :

(وإذ يسلم بأن عملية الانتقال تتطلب طي صفحة رئاسة علي عبدالله صالح، وإذ يرحب بمشاركة وتعاون جميع الجهـات المعنيـة في الـيمن، بمـا فيهـا الجماعـات الـتي لم تكـن طرفا في مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها) واذا كان لدى المجتمع الدولي تفسير اخرفعليه اقناع الجنوبيين بذلك.

  • تاكيد القرار الدولي على تعزيز المسار الديمقراطي واحترام حقوق الانسان يمكننا من تصعيد الاحتجاجات السلمية واتباع طرق واشكال جديد تخرجنا من رتابت الفعاليات الحالية.
  • استغلال الفقرة التالية:
  • ( وإذ يكرِّر تأكيد ضرورة إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ومحايـدة ومـستوفية للمعـايير الدولية بخصوص ما ُزُعم وقوعه من أعمـال انتـهاك وامتـهان لحقـوق الإنـسان) فتح ملفات الجرائم المرتكبة بحق شعب الجنوب  وملاحقة مرتكبيها اذا ما احسن التعامل مع المجتمع الدولي.
  • اكد القرار الاممي بان العمل الميداني غير كافي وان أي نجاحات يحققها العمل الميداني تضل قاصرة اذا لم يرافقها عمل سياسي ودبلماسي.
  • اظهر القرار الاممي عدم صواب سياسة لا يعنينا وولد حراك سياسي وفكري في الشارع الجنوبي وولد قناعة لدى الكثير من النخب الجنوبية بان التقدم الذي حققتها القضية الجنوبية بحاجة الى ابتكار طرق وأساليب جديدة من النضال ترقي الى المستوى الذي وصلت اليه القضية الجنوبية وهذا لن يتاتى الى من خلال تغير مستوى تفكيرنا وأدوات نضالنا وخطابنا الاعلامي بما يمكننا من الانفتاح على الاخر وتقديم انفسنا للمجتمع الدولي والإقليم بشكل ارقى مما نحن عليه.

ولكي يستطيع الحراك بكل تعبيراته وتلويناته من مواجهة التحديات الماثلة امام القضية الجنوبية والتصدي للدسائس والمؤامرت نرى بان على الجنوبيين انجاز التالي:

1-الاقرار بان جميع أبناء الجنوب شركاء في صنع مستقبل الجنوب فوحدتهم شرط أساسي للانتصار والتقدم والنماء مهما اختلفت أو تباينت أفكارهم ورؤاهم السياسية وانتماءاتهم الاجتماعية فالوحدة في إطار التنوع ستكون أقوى وارسخ من الوحدة تحت سيطرة الرأي الواحد الذي يدفع بصاحبه للزهو المؤدي للمهلكة.

2-اعتبار التصالح والتسامح مبدأ اقره أبناء الجنوب في لقائهم التاريخ بجمعية أبناء ردفان بمدينة عدن عام 2006م شكل الأساس المتين للانطلاق العظيم للحراك الجنوبي الشعبي السلمي ،ولكوننا  تركناه فتركنا نتخبط ،ولذا فالتمسك بهذا المبدأ الإنساني العظيم بمعانيه الواسعة كفيل بإعانتنا على تقبل واحترام الرأي والرأي الأخر ومنع الخلافات لتناحريه لان بين الرأي والرأي الأخر(حقيقة ضائعة) علينا البحث عناها بطريقه ودية تسامحيه.

3-الابتعاد عن التصنيفات والتقسيمات للإفراد والجماعات فمن خلالها يتسلل ذوي النوايا السيئة لتغذية النوايا الفردية الضارة وبث الفرقة والتفريق بين أبناء الجنوب لان القضية الجنوبية ماضي وحاضر ومستقبل ماضي ناخذ من الدروس والعبر وحاضر نعمل على جميعاً على انجاز مهماته ومستقبل نشارك جميعاً في رسم معالمه.

4-تشكل مرجعيه سياسيه جنوبيه موسعه تحت اي مسمى تظم ممثلين عن كافة الطيف الجنوبي السياسي والاجتماعي يحتكم إليها الجنوبيين خلال مرحلة الثورة التحررية.

5-تشكيل قياده موحده تنبثق عن المرجعية  تقوم بتوجيه وإدارة الانشطه النضالية والسياسية لشعب الجنوب في الداخل والخارج والقيام بالتواصل مع المنظمات والهيئات الاممية والدبلماسية الدولية وتقوم بتكوين فرق عمل من الاختصاصين في مختلف المجالات لانهوض بادى ثورتنا الشعبية السلمية التحررية المباركة وصولاً الى استعادة الدولة

6-تشكل قيادة سياسية موحدة وفق الأسس التالية:

*التمثيل المتساوي للمحافظات ،يشمل الحراك  بكل مكوناته ،الأحزاب ،رجال الدين ،رجال المل والإعمال ، القبائل ،الشباب ،المرأة ،والشخصيات المهنية والابداعيه ومن الجنوبيين الموجودين في السلطة

*ممثلين عن الخارج من اورباء وأمريكا والدول العربية .

*القيادات والشخصيات السياسية في الخارج.

تشكل في كل محافظه ومديريه قيادة بنفس التركيب أعلاه

  كتب/ احمد حرمل

باحث وكاتب صحفي ومحلل سياسي