fbpx
بُتِرت مبادئ الثورة يوم بتر ساق معاد!

 

أحزنني ما سمعته على لسان والد الجريح( معاد سفيان) الذي أُصيب بنفس الحادث مع زهراء صالح، كلماته التي يشرح فيها معاناة ابنه وأسرته وكيف تجاهلهم الجميع تهز الضمير وتقشعر لها الأبدان.

 عندما سمعته يقول: ((بُترت رجله من الركبة)) بكيت معاد وبكيت آلاف الجثث المتحركة من أبناء جلدته التي ماتت فيها الإنسانية ! تساءلت أيعقل أن تُبتر رجله ولم نسمع أحد يذكر ذلك؟؟ كيف سمحت لهم ضمائرهم أن يأخذوا زهراء صالح من نفس المستشفى ويتركوه بدون أن يلتفت إليه أحد؟ هل من الضروري أن تكون قيادي وصاحب شهره حتى تجد الرعاية والاهتمام من أبناء جلدتك؟ هنالك مجازر ترتكب وهنالك قتل وترويع يومي وهنالك ضحايا بالآلاف مشاهد بلدت مشاعرنا، حتى أصبح من الطبيعي جداً أن تموت ومن الطبيعي جداً جداً أن تُجرح وتصبح معاقا.

  ليس معاد وحده ولا زهراء وحدها ولا من سبقهم فالضحايا كثر ولا ندري من أين نبدأ ومن أين ننتهي إن أردنا أن نبكيهم كلهم .. ولكن خذلاننا لمعاد وأسرته استثنائي، شيء يندى له الجبين، لأننا تعمدنا ذلك وقصدناه .. ليس أمراً عادي أن نميز بين الضحايا بل هذا يدل على إننا تخلينا عن كل المبادئ والقيم الإنسانية وسقطنا في الحضيض .

  المجرمين استهدفوه وسببوا إعاقة دائمة له، ونحن أيضاً نواصل جرمهم ونعاقبه عقاب نفسي هو وأسرته بتعاملنا معهم… نتجاهل مأساتهم بينما لا نكل ولا نمل من الحديث عن مأساة غيرهم.. أثرياء مجتمعنا وقياداته يتهافتون للإعلان عن تبرعاتهم لزهراء وأخذوها من جواره إلى أرقى المستشفيات ويعدوا العدة لنقلها إلى الخارج ، وبنفس الوقت تركوا معاذ يواجه مصيره لوحده دون أن يلتفت إليه أحد أو يزوره حتى ولو مجرد زيارة كواجب أخلاقي.

 أي مجتمع هذا الذي يمايز بين الضحايا من أبناءه أي حقارة هذه ؟؟!! هذه المأساة تذكرني موقف ألمني كثيراً.. في بدايات الحراك الأولى 2007 حضرنا اجتماع فيه مجموعه كبيره من نشطاء وقيادات الحراك الجنوبي، وكان هذا الاجتماع يناقش أمر المعتقلين في سجون السلطة، وأثناء النقاش طلب أحد القيادات البارزة في المنطقة إحصاء عدد المعتقلين وبدءوا بإحصائهم وعندما ذُكر أسم أحد المعتقلين الذي لا ينتمي إلى الصف القيادي قفز قيادي كبير في الحراك وقال ((مالكم من هؤلاء “الصغار” أهم حاجه الرؤوس الكبيرة)) هكذا كانت عبارته حرفياً.

  هذا الكلام قبل أن يسقط أي شهيد أو جريح حراكي. اليوم جاء من يذكرني هذه العبارة ويحيي حزن قديم دفنته منذُ زمن، كنتُ أظن أنها كلمات عابره واعتبرتها آنذاك ((زلة لسان)) وعلى ما يبدو أنها قد تطورت وأصبحت جزء من ثقافتنا، تطّبق حتى على الضحايا.. مؤلم ومحزن جداً أن يكون تفكيرنا بهذه الطريقة..! أي مستقبل ينتظرنا ونحن نتخلى عن القيم والمبادئ الإنسانية العظيمة؟؟ من حق زهراء أن تحصل على كل ما حصلت عليه وأكثر..ومعاد أيضاً لهُ الحق أن يحصل على اهتمام كما حصل عليه غيره وأكثر فكلهم أبناء الوطن وأبناء الثورة ومأساتهم واحده والمبادئ لا تتجزأ.