fbpx
استباقاَ لسوء الفهم !

 

قبل أن يحصل سوء فهم في الشارع الجنوبي، فإننا نود التوضيح بأن هناك من يحاول أن يوجد سوء فهم بين المفهوم اليمني والمفهوم العربي لهوية الجنوب السياسية وخلق وهم في وعي الشارع الجنوبي بأن المفهوم اليمني هو الورطة وأن المفهوم العربي هو النجاة, ولم يدرك أصحاب هذا الوهم بأن سودانية جنوب السودان لم تمنعهم من تحرير أنفسهم من قهر شمال السودان رغم أنهم لم يكونوا دوله قط وأصبحوا دولة جنوب السودان, وحالياَ يعملون على تسمية دولتهم بدولة السودان الجنوبيه حتى يقولوا للعالم إن السودان هو سودانان وليس سوداناَ واحداَ, وهو ما فعلته الجبهة القومية عند إعلان الاستقلال وعكسته في الدستور واعترف بها العالم. وللمزيد من التوضيح نورد التالي:
أولا: أن الهوية الجغرافية (الجهوية ) لليمن الجنوبية واليمن الشمالية وسلطنة عمان هي يمنية لأنها يمين الكعبه, وهي في نفس الوقت عربية لأنها جنوب العرب. ولذلك فإننا من حيث الهوية الجغرافية ( الجهوية ) نحن جنوب يمني وجنوب عربي في نفس الوقت، أما من حيث الهوية السياسية فقد كان الجنوب سلطنات وإمارات تنسب هويته السياسية للأسر الحاكمة فيه قبل وبعد دخول بريطانيا. وفي الخمسينات من القرن الماضي سعت بريطانيا إلى تجميع هذه السلطنات والإمارات في دولة اتحادية واحدة قامت هويتها السياسية على هويتها الجغرافية العربية, أي الجنوب العربي, وبالمقابل قامت الثوره ضد بريطانيا على هويتها الجغرافية اليمنية, أي الجنوب اليمني . وأما الهوية السياسية لدولة صنعاء فقد كانت تنسب للأئمة الذين تعاقبوا على حكمها ولم تظهر الهوية السياسية اليمنية لها إلا بعد الحرب العالمية الأولى عام 1918م وبقرار سياسي من الإمام دون أن تعكس هذه الهوية في دستور أو أن يكون للشعب رأي فيها.

ثانياَ: لقد قامت بريطانيا بتجميع السلطنات والإمارات في محميتين لعدن, هما: المحمية الشرقية والمحمية الغربية وتمكنت من قيام دولة اتحاد الجنوب العربي على المحمية الغربية في الخمسينات من القرن الماضي كما أسلفنا ولم تسمح لها قوى قاهرة في تقديري من إدخال المحمية الشرقية في دولة اتحاد الجنوب العربي حتى جاءت الثورة في الجنوب ووحدت المحمية الشرقية مع المحمية الغربية في دولة اليمن الجنوبية الشعبية. فهل التقسيم الجديد للجنوب الذي جاء به حوار صنعاء هو عودة إلى ذلك؟, وهل دعاة الجنوب العربي الآن وقبل حل القضية مع صنعاء هم جزء من هذه العملية ؟، وهل المعرقلون لقيام قيادة سياسية جنوبية موحدة هم أيضاً جزء من هذه العملية دون إدراك؟ . فإذا ما كانوا بدون إدراك فإن عليهم الآن الإدراك بعد هذا التوضيح.
ثالثاً: أننا نطلب من الشارع الجنوبي بأن يدرك ما يجري حوله وأن لا ينجر وراء الخلافات المفتعلة التي تجعل من الشكليات أساسيات لتعطيل كل شيء. وعليه أن يتمسك بما يساعد على حل قضيته مع صنعاء قبل أي شيء آخر. صحيح أن هذا قد يكون من لعبة الكبار، لأن كل الثورات في العالم لها علاقة بلعبة الكبار ولا يمكن لأي ثورة أو حركة سياسية في العالم أن تتجنب ذلك, ولكنها إذا ما أدركت لعبة الكبار تستطيع أن تستفيد منها وتوظفها لصالحها وتخرج عبرها إلى بر الأمان . فلم نكن ندرك في السابق بأن إعلان الوحدة بين دولة اليمن الجنوبية ودولة اليمن الشمالية له علاقة بلعبة الكبار، ولم نكن ندرك بأن إعلان الحرب على الجنوب وإسقاط مشروع الوحدة له علاقة بلعبة الكبار، ولم نكن ندرك بأن نهب الجنوب بعد الحرب وتدمير البنيه التحتية لدولته له علاقة بلعبة الكبار….الخ، وهذا ما أدى إلى ما نحن فيه.
ولو كنا قد أدركنا ذلك لكنا قد تجنبناه أو قللنا من خسائره. فهل للقوى السياسية الجنوبية حاليا وبعد كل ذ لك أن تدرك لعبة الكبار وتتعامل معها بما يخدم قضيتنا ويخرجها إلى بر الأمان الدائم؟.
رابعا: أن الإدراك للعبة الكبار والتعامل معها بما يخدم قضيتنا، يتطلب منا حاليا قيام جبهة وطنية جنوبية تضم الجميع دون استثناء وتقوم هذه الجبهة على هدف سياسي واحد وقيادة سياسية توافقية واحدة طالما وكل الجنوبيين يقولون إنهم فاقدون وطنا ويريدون استعادته، وطالما وأنهم جميعهم مقتنعون بأن استعادته تتطلب وحدتهم، وبحيث تقوم هذه الجبهة بالاستجابة لدعوة مجلس الأمن الدولي الواردة في قراره الأخير، وتبدي استعدادها لذلك على أساس المفاوضات الندية خارج اليمن وتحت إشراف دولي. فإذا ما تم إعلان مثل هذه الجبهة كحامل سياسي لقضية شعب الجنوب وممثل شرعي لها، فإن المجتمع الدولي وعلى رأسه مجلس الأمن
سيكون ملزما سياسيا وقانونيا بالتفاوض معها بكل تأكيد . أما بدون توحيد الجميع في إطار سياسي واحد وبقيادة سياسية توافقية واحدة، فإن كل هذه المكونات وكل هذه التضحيات ستذهب سدى لا سمح الله.
خامسا: أنني في الختام أطلب من الجميع مغادرة كلمة فلان مع فلان،لأن هذه العبارة عيب واحتقار لمن توجه إليه. فمن المقبول القول إن فلانا مع موقف فلان باعتبار ذلك من طبيعة العمل السياسي، ولكنه من العيب والاحتقار القول إن فلانا مع فلان، لأن العمل السياسي لا يوجد فيه سادة وعبيد، وإنما الكل سادة بامتياز.
23مارس2014م

* صحيفة الوسط