fbpx
حراك الجنوب العربي وطريق النصر الشعبي / داود البصري
شارك الخبر
حراك الجنوب العربي وطريق النصر الشعبي / داود البصري

تحلل دولة الوحدة القسرية المخادعة القمعية نحو حصونها العسكرية و القبلية , وإفرازاتها الفاشية المحضة , و خروج الرئيس علي عبد الله صالح وطاقمه العائلي و القبلي من بوابة التاريخ اليمني المعاصر وبتكلفة دموية مكلفة للغاية دفعها الشعب اليمني من أرواح شبابه و مناضليه , كان من أهم و أبرز النتائج المتمخضة عن إطلاق شعب الجنوب العربي لصافرة إنطلاق الإنتفاضة الشعبية الشاملة عبر إعلان الحراك الجنوبي عام 2007, والذي كان بحق بوابة التحرير وصافرة البداية لرحلة المليون ميل نحو إعادة الروح لجمهورية الجنوب الحرة التقدمية الخالية من فايروسات القبلية و الطائفية و الأصولية و غيرها من الأمراض العديدة المبتلى بها الجسد اليمني.
الحراك الجنوبي كان الضمير النضالي المعبر عن ديمومة النضال من أجل الحرية والإستقلال والتي دفع شعب الجنوب العربي الصابر المجاهد أغلى سنوات العمر وأغلى التضحيات في سبيل جعل جنوب الجزيرة العربية واحة للأمن والسلام والإستقرار والتنمية وبناء الإنسان بناء عصريا, وبما يتجاوز قيم التخلف والتوحش السائدة في أماكن أخرى.
لقد أغتيل الجنوب العربي وأغتصبت جمهورية الجنوب في مؤامرة خبيثة وسوداء رتبت بليل فاحم من معسكر الفاشيين والقتلة, وفي ظل ظروف دولية إقليمية كانت تتسم بالفوضى والإلتباس و عدم وضوح الرؤية , وأنساقت قيادة الجنوب, وقتذاك, نحو مشاعر عاطفية لم تراع خلالها أي وقفات تعبوية لتقويم المشهد الستراتيجي العام, ومن ثم التصرف. لقد تم كل شيء بسرعة وعجلة وذبحت الحرية في 22 مايو عام 1990 تحت راية الوحدة التي تحولت إلى هيمنة وإستئثار وسرقة للموارد وحجر على الحريات.
نعم لم تكن جمهورية الجنوب في ظل صراعات الرفاق على السلطة, وهي صراعات دموية مؤسفة كما حصل في عامي 1978 و1986, تعيش حياة سياسية مثالية لأنها كانت تحت حصار إقليمي و دولي خانق و تحت سياسات راديكالية أيضا , ولكنها رغم كل ذلك لم تعش أو تعرف الأمراض الخطيرة المستوطنة في الشمال , وكان يمكن لتلك الجمهورية أن تتطور نحو الأفضل فيما لو ترك المجال لطاقات الشعب الجنوبي بتطوير العملية السياسية عبر تفعيل آلية التطور الإجتماعي في ظل القواعد الصارمة لبناء دولة العدل والكفاية و المساواة , وهو ماتم إدراكه و لكن بشكل متأخر.
شعب الجنوب العربي اليوم وعبر حراكه السلمي يريد أن يقطف ثمرة النضال والتحدي التي ساهمت في إشعال جذوة الثورة اليمنية ضد نظام علي عبد الله صالح المهزوم, وأن يستعيد حقه الوطني وقراره المستقل والمقدس في حق تقرير المصير, وأن يفك إرتباطه و يتحلل من إلتزامات و قيود دولة الوحدة القسرية الفاشلة و التي لم تزل بقايا سلطاتها اليوم تمارس العدوان و الفاشية ضد مناضلي الجنوب, وتعتقل الأحرار بعد أن حولت أرض الجنوب العربي الطاهرة المناضلة إلى مقلب زبالة لجماعات “القاعدة” وأشباهها من جماعات التطرف و القتل و التخلف لإرهاب شعب الجنوب أولا وللإيحاء بأن حرب الإرهاب الدولي تنطلق من هناك , ولتشويه المسيرة النضالية التاريخية لحراك شعب الجنوب السلمي الذي دخل تلك الوحدة بإرادته وبسلمية, ويريد الخروج منها والتحلل من قيودها بإرادته أيضا مدعوما بقرارات دولية سابقة صادرة عن مجلس الأمن الدولي ينبغي تفعيلها أيضا وهما القراران 924 و931 لعام 1994 اللذان صدرا خلال حرب التحرير , إعادة دولة الجنوب العربي بصيغة حضارية ومقاربة سياسية جديدة أمر لا مناص منه ولا تراجع عنه. وهو الهدف المركزي لشعب الجنوب العربي, والذي سيحقق أهدافه في نهاية المطاف مهما غلت التضحيات , فتحلل الفاشية في الشمال ينبغي أن يتبعه إعادة تنظيم لكل الملفات السابقة, وفي طليعتها ملف الوحدة الفاشلة , وقيادات الحراك الجنوبي التي مازالت تتعرض للاعتقال والمطاردة والتغييب قادرة تماما على مواصلة النضال والقيام بمهمة البعث الوطني الجديدة وإعادة بناء الدولة الموؤودة بحدودها الدولية المعروفة والموثقة وبما يضمن إعادة الأمن والإستقرار والتخلص من بثور “القاعدة” و أشباهها , ومن ثم الإنطلاق نحو بناء عقد وطني جديد يصوغ ميثاق ودستور جمهورية الجنوب العربي والكفاءات والطاقات متوافرة وكل الأحرار في العالم سيساندون بخبراتهم و إمكانياتهم عملية إعادة بناء دولة الجنوب التي ستنهي وضعا إقليميا شاذا طالت أيامه وتعددت مآسيه و صفحاته المزعجة.
لابديل عن عودة الروح لجمهورية الجنوب العربي , وستفشل كل جهود الفاشية الجديدة في الشمال لإستئصال جذوة الحرية ونزع إرادة الإستقلال والتحرر , وشعب الجنوب الذي قارع الإستعمار البريطاني وبنى دولته الحضارية قادر تماما على تحقيق أهدافه الوطنية الشرعية وفرض خياره المقدس في حق تقرير المصير, إنها بلاشك لحظات تاريخية ومصيرية ومنعطف حاسم يقترب أهل الحراك السلمي الجنوبي من قطف ثماره , على العالم الحر الإستعداد لإستقبال عودة جمهورية الجنوب العربي , فمنها سينبثق عقد الإصلاح و التطور الحضاري و بقوة سواعد أبنائها ستهزم كل مخططات التوحش و العدوانية. جمهورية الجنوب العربي على موعد مع التاريخ.
كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com

أخبار ذات صله