fbpx
مخرجات وأقاليم ووعود من .. وهم

بقلم/ سالم عمر مسهور

قراءة فيما بعد حوار صنعاء

مقدمة

اغبياء .. لا أوصياء

 

أن تسلم عقلك إلى حمقى السياسة فهذه حماقة ، وأن تسلم عقلك إلى تجار الدين فهذه حماقة ، هذا ما صنعته عصبة حضرموت فهي الأكثر حمقاً في السياسة ، وهذا ما صنعه اخوان اليمن فهؤلاء هم الأكثر إجراماً في الدين والسياسة معاً ..

 

اليمن الاتحادية

تسلم عبدربه منصور هادي ما سمي بوثيقة الحوار ، وصفق الحشد المحشور في قاعة الحفل ، تماماً هو ذات المشهد الذي عرفته العاصمة الأردنية في 18 يناير 1994م عندما وقع طرفي دولة الوحدة اليمنية وثيقة العهد والاتفاق برعاية دولية وبظروف تتقاطع في أجزاء منها مع وثيقة الحوار الوطني اليمني ..

لافت أن يكرر اليمن بعد عشرين عاماً توقيع وثيقة يريدها اليمن كما يريدها الآخرين أن تكون حجر الزاوية فيما يسمى التغيير أو الاصلاح ..

 

نحتاج الآن لقدر من الشجاعة ، لنستقرأ الحالة الراهنة التي خلقت من ذات الأزمة الناشئة بعد الثاني والعشرين من مايو 1990م ، فلقد اعلنت الوحدة اليمنية بدون مرجعية شعبية ، والطرفين كلاهما لا يملكان في ذلك الوقت الشرعية الديمقراطية ، ومع هذا الاختلال فلقد كان الطرفين كلاهما الشمالي والجنوبي يريدان إقامة دولة ديمقراطية ، تماماً كمن يضع أساسات لبيت على الماء ، غياب المرجعية الشعبية ، وتوظيف الفكرة الديمقراطية كان هو الخطيئة التي وقعت في توقيع الوحدة ، وكان من الطبيعي جداً أن يبدأ الشمال بحكم ما يمتلكه من موروث في الغدر والخديعة بالالتفاف على عهد الدولة الوليدة فبدأت الاغتيالات السياسية والتي افضت إلى توقيع وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة عمّان برعاية ملكية من الملك الراحل الحسين بن طلال ..

عندما ننطلق من هذه النقطة في المرجعية ، نعود الآن لنكرر ذات الخطيئة ، فالمبادرة الخليجية التي اعلنت في 3 ابريل 2011م جاءت لفض الاشتباك بين طرفي النزاع في سلطة الحكم بصنعاء وهما علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر ، صراع الحصبة لم يكن في مضمونه يمثل شرعية لطرفي صراع السلطة ، فثورة التغيير كانت تبحث عن واقع يمني جديد لكنه وقع في فخ الايدولوجية الأكبر التي أودت بكامل الربيع العربي إلى نهاية حولته إلى خريف عربي ..

 

السلحفة .. هادي

كانت المبادرة الخليجية ناجحة في فض الاشتباك ، ولكن عليها أن تواصل آليتها التنفيذية فبعد أن سلم علي عبدالله صالح السلطة في العاصمة السعودية الرياض مقابل الحصانة ، انتقل اليمن إلى البحث عن شرعية عبدربه منصور هادي ، فكان تاريخ 21 فبراير 2012م موعداً لما سمي انتخابات الرئاسة والتي أفضت إلى 8% فقط من تصويت الجنوب للرئيس الجديد ، هذه هي الشرعية المختلة تعود مرة أخرى .. وهي ذات الشرعية التي جاء منها طرفي دولة الوحدة في العام 1990م ، غياب الشرعية آنذاك أدى بأن يتلقى عبدربه منصور هادي امراً عسكرياً من علي عبدالله صالح بتحريك (السلحفة) ، وهي ترميز للدبابات التي اقتحمت مدينة عدن والتي كان يعلوها عبدربه منصور هادي وترتفع حولها ومن فوقها أصوات ما أطلق عليه آنذاك بقوات الشرعية ..

هي المدرعات التي دخلت عدن واجتاحت الجنوب في يوليو 1994م ، هي ذاتها التي توجت عصابة 7 يوليو لتصعد على الحكم وتمارس الاحتلال العسكري والسياسي على شعب الجنوب ، هذا الشعب الذي أعلن رفضه انتخابات عبدربه ، هو ذات الشعب الذي خرج في الثامن عشر من مارس 2013م في مليونية حاشدة بالعاصمة عدن ليعلن رفضه لمؤتمر الحوار الوطني في تزامن مع انطلاق أعماله في صنعاء  ..

خلل الشرعية التي صنعت منصور هادي رئيساً هي ذاتها تتكرر مع مؤتمر الحوار اليمني وهو الذي بحث في الجنوب من خلال صناديق الانتخابات الفارغة والمحطمة عن شخوص يمثلون الجنوب فلم يجد لذلك سبيلا ، فعادت دول الخليج لتبحث عن الجنوبيين وتجمعهم في العاصمة السعودية الرياض باحثة عن التمثيل الجنوبي في مؤتمر الحوار فعقد لقاء الطيف السياسي الجنوبي بالأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الدكتور عبداللطيف الزياني  في 18 ديسمبر 2012م ليخرج الجنوبيين مطالبين بمطالب شعبهم في الداخل محددين مطالبهم في تقديم مبادرة تخص القضية الجنوبية واضعين أمام اليمن ودول الاقليم والعالم خارطة طريق أطلق عليها لاحقاً “وثيقة الرياض” ..

لذا لم يجد هادي غير الاستعانة بذات الأساليب القديمة التي تمارسها أنظمة الحكم الهزيلة في الشرق الأوسط واصطنع مكون مؤتمر شعب الجنوب وخرج محمد علي أحمد مدعياً تمثيله للحراك الجنوبي ليعلن هادي انطلاق مؤتمر الحوار متجاهلاً شرعيته كرئيس ، ومتجاهلاً أيضاً شرعية التمثيل الجنوبي في هذا المؤتمر ..

 

اليمن .. الدولة الأنموذج

بعد عشرة أشهر انتهى مؤتمر الحوار اليمني بانسحاب مدعين التمثيل للحراك الجنوبي ، وانتهى بوثيقة الحوار ، وبتصفيق حار في صنعاء ، وبوعود تشابه وعود علي عبدالله صالح بتمكين اليمنيين من امتلاك الطاقة النووية ، ذات الوعود التي يتلقاها اليمنيين وقد حشو افواههم بقاتهم عاد من خلالها عبدربه منصور هادي وفي معيته جمال بن عمر ليطلقوا وعوداً بتحويل اليمن إلى دولة اتحادية ..

 

التحول من الدولة البسيطة إلى المركبة هو في الواقع اليمني المحال ، فالدولة اليمنية من خلال تركيبتها القبلية والطائفية والسياسية لا ترى في الجنوب بمساحته وثرواته غير مساحة واسعة للسلب والنهب والفيد ، فالذهاب لليمن الاتحادية يعني أن ما نسبته 92% من المصوتين لشرعية هادي في الشمال سيحرمون من كل الجنوب وثروات الجنوب ..

 

نشر موقع شبوة برس تقريراً عن مجلة السياسة الخارجية الامريكية تحت عنوان (مؤتمر الحوار جنّد بعض الجنوبيين للتصرف باسم الحراك) كتبه ستيفن داي جاء فيه ” وفي حين تمت الإشادة بنجاح المؤتمر من قبل القيادات الداخلية وبعض الجهات الراعية الخارجية ، إلا أن المؤتمر اختتم أعماله من دون خطط واضحة لتشكيل حكومة المستقبل أو حتى تقديم أفكار عامة من الحكم البرلماني الفيدرالي ونتيجة لذلك ، هناك سبب وجيه للنظر إلى الحفل الختامي للحوار باعتباره حواراً “غير منتهٍ” أو في أحسن الأحوال نهاية جزئية فقط .” ، وتحدث تقرير فورين بوليسي عن تفاصيل دقيقة حول لجنة 8+8 وغيرها من التفاصيل داخل مؤتمر الحوار اليمني ولافت مهم في التقرير الذي اختتم بهذه النتيجة التي نوردها نصاً “وبحلول هذا الوقت من العام المقبل ، فإنه من الصعب التكهن بشأن شكل اليمن الجديد لأن الاتجاهات الحالية تسير في الاتجاه المعاكس ، بعيدًا عن المستقبل واتجاه الماضي , بحلول عام 2015، ربما من المرجح أن تشبه الظروف السياسية ظروف خمسينات القرن الماضي وهي فترة حكم الأئمة والسلاطين قبل الثورات اليمنية الحديثة كما في الثمانينات والتي سبقت الوحدة الوطنية بين جمهوريتي الشمال والجنوب “.

أن فشل مؤتمر الحوار اليمني هو واقع طبيعي لممارسة طبيعية بدأت بالخطأ الرئيسي بتجاهل المبادرة الخليجية للقضية الجنوبية ، وأفضت إلى مولود مشوه لا يتبناه احد سوى فريق واحد فقط هو حركة الأخوان المسلمين في اليمن الذين يبحثون عن سلطة الحكم في اليمن وذلك لزراعة دولة إخوانية في شبة الجزيرة العربية ولتدارك هزيمة الحركة الاخوانية العالمية وإيجاد ملاذ آمن لآلاف من عناصر الحركة المهزومة ..

 

واحدة من اكبر الخطايا ان يخرج الصوت المأزوم مرة أخرى بدعوة الجنوبيين لتحسين فرصهم في دستور اليمن الاتحادية والتعاطي مع صنعاء في اي مفاوضات تؤجل من تحرير واستقلال الجنوب ، كل الداعين إلى تحسين فرص دولة الاحتلال يخرجون من منطق الحقيقة الدامغ وهي أن الشرعية هي شرعية الشعب الذي اعلن كامل الرفض لما بعد يوليو 1994م وليس له من قبول بغير التحرير والاستقلال ..

 

 

قريباً ..

سلسلة من ستة أجزاء

الوثائق السرية للعصبة الحضرمية

 

 

للتواصل عبر التويتر

@hsom