fbpx
اليمن يختتم المرحلة الثانية من عملية نقل السلطة
شارك الخبر

صنعاء: حمدان الرحبي ” الشرق الاوسط “
طوى اليمن أمس السبت في صنعاء المرحلة الثانية من عملية نقل السلطة، باختتام مؤتمر الحوار الوطني الشامل، بحفل نظمه الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، حضرته شخصيات من دول مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية والمجتمع الدولي.

واتفقت الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار على الوثيقة النهائية، الأسبوع الماضي، التي تضمنت إعلان نظام اتحادي متعدد الأقاليم، وصياغة دستور جديد للبلاد. وأنهت الوثيقة عشرة أشهر من جلسات مؤتمر الحوار الذي انطلق في 18 مارس (آذار) العام الماضي، بمشاركة 565 شخصا يمثلون مكونات الأطراف السياسية والمجتمعية في البلاد.

وبدأت عملية نقل السلطة في اليمن أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، إثر اندلاع ثورة الشباب في فبراير (شباط) من العام نفسه، حيث قدمت دول مجلس التعاون الخليجي خارطة طريق، تضمنت مبادرة خليجية وآلية تنفيذية برعاية من مجلس الأمن والأمم المتحدة.

وثمن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي للمجتمع الدولي وللدول العشر الراعية لمؤتمر الحوار الوطني في بلاده، وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها السعودية، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ما قدمته من كريم العناية والرعاية والمتابعة لأعمال مؤتمر الحوار الوطني ومن الحرص على أمن اليمن واستقراره.

وقال الرئيس اليمني في كلمة له إن «مهمة تنفيذ مخرجات الحوار تقع على عاتق جميع اليمنيين، وتقع عليهم أيضا مهمة انتشال اليمن من هاوية الصراعات والنزاعات التي سئمها الشعب»، داعيا الجميع إلى الإسهام في حل معضلات البلاد وقضاياها الشائكة التي تحولت إلى تركة ثقيلة تراكمت وتفاقمت بفعل إهمالها لفترات طويلة حتى تحولت إلى مشاكل معقدة ومزمنة.

وطالب هادي اليمنيين بأن يدركوا أن المهام الواردة في الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار الوطني «لا تستطيع حكومة واحدة القيام بها، بل الحكومات المتعاقبة، بدءا من الحكومة القائمة التي ستنجز جزءا من المهام، حتى إجراء الانتخابات. وستواصل الحكومات اللاحقة بالأقاليم بقية المهام التي يحتاج بعضها لوقت غير قليل في التهيئة والتحضير للانتقال إلى نظام الأقاليم». وأضاف «لقد أثبتت التجارب المريرة أن أمن واستقرار اليمن وازدهاره الاقتصادي كلها أمور مشروطة بالشراكة الوطنية في إدارة شؤون البلاد، بعيدا عن الكيد السياسي والخطط الانقلابية».

ونوه هادي بما قدمه الجميع من تنازلات مؤلمة ومن تغليب لمصلحة اليمن على مصالح المكونات السياسية، الأمر الذي أفضى إلى هذه الحصيلة التاريخية بكل المقاييس من خلال التوافق على كل التقارير التي أفضت في النهاية إلى الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار.

وأكد الرئيس اليمني أن بلاده لن تمضي إلى الأمام وإلى المستقبل الأفضل إلا بقاعدة لا غالب ولا مغلوب، لا ظالم ولا مظلوم، وأن الكل سواسية أمام القانون. وشدد على أن ما قبل مؤتمر الحوار الوطني في بلاده يختلف عما بعد الحوار الوطني.

من ناحيته، جدد رئيس المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي، النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي، الشيخ صباح الخالد الصباح، في كلمته، التزام دول المجلس الكامل تجاه مسار العملية السياسية في اليمن. وقال الصباح إن دول مجلس التعاون ملتزمة بتقديم كل أوجه الدعم لإنجاح العملية السياسية، ووقوفها ومساندتها للشعب اليمني الشقيق، انطلاقا من إدراكها أن أمن واستقرار اليمن جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار دول المجلس والمنطقة.

من جانبه، قال الدكتور عبد اللطيف الزياني، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إن دول المجلس بادرت خلال العامين الماضيين استشعارا من قادتها لأهمية تعزيز استقرار اليمن، إلى تقديم كل أوجه الدعم، التي شملت تقديم المنح المالية لتمويل المشاريع التنموية، مؤكدا استعدادا دول المجلس لمواصلة رعاية مسار العملية السياسية والعمل ضمن الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، من أجل تعزيز روح الوفاق الوطني بين مختلف المكونات اليمنية، ومساندة جهود الإصلاح السياسي التي يبذلها الرئيس عبد ربه منصور هادي.

وفي كلمة متلفزة، وصف بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الحوار بأنه «أظهر للمنطقة والعالم أن الحوار والتوافق هما الطريق الأفضل للسعي إلى التغيير الإيجابي وتحقيقه». وأعرب عن أمله في أن يكون مؤتمر الحوار الوطني زرع بذور مسار تقدمي نحو حكم ديمقراطي وتنمية مستدامة لجميع اليمنيين»، مؤكدا أن المنظمة الدولية ستبقى ثابتة الالتزام بدعم العملية الانتقالية في اليمن، وقال «لهذه الغاية، سيبقى مستشاري الخاص جمال بنعمر منخرطا عن كثب مع مختلف الأطراف اليمنية، وكذلك مع الشركاء الدوليين من أجل دفع العملية السياسية قدما».

في حين ثمن أمين عام مؤتمر الحوار اليمني الدكتور أحمد عوض بن مبارك إشراف ومتابعة ورعاية دول مجلس التعاون الخليجي لمؤتمر الحوار في بلاده «التي كان لها بالغَ الأثر في نجاح مؤتمر الحوار»، وقال إن «إشراف ومتابعة ورعاية الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي دون استثناء صنع البوابة التي خرج بفضلها اليمن من أتون الصراع ومخاطر الانزلاق إلى الهاوية إلى آفاق الحوار والتوافق الرحبة».

من جانبه، أعرب أحمد بن حلي، نائب الأمين العام للجامعة العربية، عن ارتياح الجامعة لاختتام مؤتمر الحوار الوطني الشامل في اليمن بنجاح، وقال «استطاع اليمنيون بإراداتهم الحرة وتصميمهم وعزمهم إعلاء مصلحة الوطن على ما عداها، وأن يحققوا التوافق حول القضايا الوطنية المهمة والشائكة التي تشكل أرضية ومرجعية صلبة لبناء اليمن الجديد واستكمال بناء المؤسسات الدستورية للدولة الحديثة الموحدة والقوية التي يتطلع إليها اليمن وفي مقدمتها شبابه الواعد والطموح».

وأشاد بن حلي بما سماه «التجربة المتميزة في الحوار، وبما تميزت به من إبداع وحس وطني عال، واعتبرها نموذج نجاح نأمل أن يكون محل استلهام لمناطق أخرى في الوطن العربي للسير على منوالها»، مؤكدا أن المكاسب الكبيرة للحوار الوطني اليمني تتمثل في العمل على تنفيذ مخرجات المؤتمر ومقرراته لتجاوز المرحلة الانتقالية والانتصار للوطن وللمواطن اليمني.

من جهته، عد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومستشاره الخاص لليمن جمال بنعمر، في كلمة له، نجاح مؤتمر الحوار الوطني اليمني فرصة من أجل بناء دولة مدنية حديثة وقوية، ومجتمع عادل وآمن ومزدهر. ودعا اليمنيين إلى «تلقف الفرصة واستثمارها إلى أبعد الحدود من أجل مستقبل أبنائهم وبناتهم». وأشاد بنعمر بالتزام المتحاورين بحل القضية الجنوبية حلا عادلا في إطار دولة جديدة موحدة على أساس اتحادي وديمقراطي، واصفا ذلك بالانتصار التاريخي للجنوبيين وقضيتهم أولا، ولجميع اليمنيين، ومؤكدا أنه يشكل ثمرة مفاوضات صعبة بعد عقدين من الانتهاكات والتهميش.

وعبر المبعوث الأممي عن ثقته في أن الجنوبيين محصنون ضد التحريض على العنف، الذي يهدف إلى إدخالهم نفقا مظلما وإبعادهم عن جوهر قضيتهم وعدالتها. ودعاهم إلى التجاوب مع وثيقة الحلول والضمانات للقضية الجنوبية، التي توافق عليها ووقعها جميع المكونات. وقال بنعمر «ينتظر مجلس الأمن الدولي أن أقدم تقريرا جديدا في الثامن والعشرين من الشهر الحالي، أستعرض فيه قصة هذا الإنجاز غير المسبوق في تاريخ اليمن، أو ما سماه الرئيس هادي (معجزة). سأنقل للعالم مرة أخرى صورة عن مشهد يمني حضاري خبرناه طيلة الفترة الماضية، وأصبح ملهما لتجارب كثير من الشعوب، خصوصا في ظل ما تشهده بعض دول المنطقة من تخبط واضطرابات ومآس».

أخبار ذات صله