fbpx
في مقومات الحياة الاجتماعية والهبة الشعبية واشياء اخرى !

كتب | قاسم المحبشي

تقوم حياة الناس الاجتماعية وتستقر وتستمر وتزدهر بثلاثة مقومات أساسية عضوية نسقيه تفاعلية هي : (  فعل علاقة  بنية ),بدونها يستحيل الحديث عن الظاهرة الاجتماعية بوصفها ظاهرة قابلة للرؤية والدراسة , وهذا ينطبق على كل النسق المجتمعي كله من خليته الأولى الأسرة مرورا بكل مؤسساته التقليدية , عائلة بيت فخذ عشيرة قبيلة حلف شعب قوم أمه   وحتى اعلي أشكال ومظاهر اللائتلاف  الاجتماع الإنساني في مستوياته الأعلى والأكثر تركيبا  المجتمع العالمي ويقع الإنسان بوصفه فاعل اجتماعي في قلب هذه العملية التاريخية , إذ إن كل فعل حتى يكون اجتماعيا يتطلب وجود علاقة مع فاعلين اجتماعيين مشابهين ومتماثلين يدخلون مع بعضهم البعض في علاقة تبادلية تفاعلية حية ومباشرة متكررة ومستمرة ومطردة وهذا ما يجعل العلاقة الجدلية التفاعلية المتكررة  تتحول إلى شكل , بنية أو مؤسسة أو إطاراوكيان ذات ملامح  تتخذ شكل يتصف بالاستمرارو الديمومة والثبات النسبي رغم غياب الافراد الفاعلين الذين انشئوها, اذ ان الافراد ياتون ويذهبون بينما المؤسسات تبقى حاضرة طالما وجد فاعلون وافعال وعلاقة مضطردة , يقول تشرشل ” اننا نحن من يقوم بتشكيل مؤسساتنا ثم تقوم هي بتشكيلنا” , وبهذا المعنى يمكن لنا النظر إلى فعل التزاوج الأول بين أبونا آدم وأمنا حواء الذي اكتسب صفته الاجتماعية بوصفه علاقة بين فاعلين اجتماعيين , علاقة تزاوج التي بفضلها واستمرارها واضطراها صارت ( الأسرة) بنية ومؤسسة اجتماعية تقليدية مستمرة و شبه ثابتة في حياة المجتمعات البشرية , من هذه الخلية البنية  الأولى تناسلت عبر التاريخ سلسلة واسعة من البنى والأنماط والأطر المؤسسية الاجتماعية , التقليدية والحديثة , عشائر قبائل أقوم شعوب أمم , قرى مدن  ودول  … الخ  من أساليب وصور العيش الاجتماعي للناس . غير أن الحياة الاجتماعية بكافة صورها وإشكالها البسيطة والمركبة لا يمكن إن تستمر دون وجود وسائل فعالة وقواعد عقلانية لحل المشكلات والنزاعات الاجتماعية التي تكتنف حياة كل مجتمع .

 

 وإذا ما حاولنا النظر إلى المجتمع من هذه الزاوية المنهجية زاوية الثابت والمتغير السكون والحركة  فيمكن لنا فهم الظواهر الاجتماعية التاريخية المختلفة التي تتنضد في سياق ممارسة الناس لحياتهم اليومية المباشرة , ومن المهم ليس فقط ماذا يقول الناس وكيف يسلكون , بل ان السؤال الاهم هو لماذا يتصرفوا على هذا النحو ولماذا يقولون ما يقولونه ؟!   

وفي عالم الفعل والانفعال عالم ما تحت فلك القمر عالم الانسان لا شيء يحدث بدون سبب من الاسباب والاسباب اربعة : ظاهرة وخفية قريبة وبعيدة , والتاريخ هو التاريخ لا شيء يأتي اليه  ولا شيء يخرج منه ,ونحن نعيش التاريخ كما تعيش الاسماك في الماء ! والتاريخ يكسر رؤوس البشر ولا يتكسر رأسه ابدا .

 

كيف نفهم معنى (الهبة الشعبية )التي اطلقتها حضرموت ؟!

 

في العام الماضي سنحت لي وزميلي  د سامي عطا فرصة القاء محاضرة مرتجلة في كلية الآداب قسم الفلسفة جامعة صنعاء بنخبة من الاساتذة الاعزاء وطلبة الدراسات العليا , بشأن الجنوب وثورته السلمية وقضيته العادلة , اتذكر اني قلت فيها ان ما حصل في الجنوب هو جريمة اقتلاع دولة كاملة من جذورها , تدمير واجتثاث كل مؤسساتها الحديثة , تدميرا منهجيا مقصودا بهدف اجبار شعب الجنوب على التقهقر والتراجع مئات السنين الى الخلف , وليس هناك من مصيبة يمكنها ان تصيب الناس في عالمنا المعاصر بافدح من تدمير دولتهم لا سيما اذا كانوا قد اجبروا على التخلي عن مؤسساتهم التقليدية القديمة ووضعوا كل بيضهم وفراخهم في سلة مؤسستهم الجامعة الوحيدة , دولة الحزب الشمولي الواحد الذي احتكر كل مقومات وعناصر القوة في الجنوب ومركزها في ذاته الارمولية ! وهكذا اصبح شعب الجنوب بعد غزوة التكفير والاحتلال في 94م مكشوف الظهر والصدر بلا حول ولا قوة بدون دولة تعصمه  وتدفع عنه الظلم والاذى وبدون قبيلة تنجده وتحميه !  

وهذا هو الرهان الجوهري الذي اعتمدته قوى الغزو والنهب والهيمنة التقليدية اليمنية منذ ان بيتت نيتها الغادرة على الايقاع بدولة الجنوب في فخ التوحيد وشرك الانفصال والتبرير , تبرير الحرب بفتوى التكفير الرهيبة , رهان سلب الجنوب كل مقدرات ومقومات القوة والقدرة على الفعل ورد الفعل , وابقاءه في حالة من العجز التام مأمون الجانب يستحق العطف والشفقة والمواسأة الممزوجة بالتشفي الحقود , ومن يتذكر سلوك وممارسات جحافل الغزاه منذ لحظة اجتياح عدن في 7/ 7 / 94 وما تلاها سيفهم معنى ما اقول هنا ,يروي الكاتب السوري بشير البكر في شهادته على الأحداث، والبكر كان مقيماً في عدن أثناء الحرب، أنه وبعد إسقاط مدينتي عدن والمكلا من قِبل القوات الغازية، حصلت عملية اجتياح واسعة للجنوب ونهب وانتقام على طريقة ما قبل القرون الوسطى؛ فكتب يقول: “ما تعرضت له عدن بعد سقوطها، وعلى مدى أسبوع يفوق الوصف، ولكن يمكن تلخيصه بعبارة واحدة “السبي الكيفي المُنظم”. أي أن هناك تجاوزات منظمة وتجاوزات كيفية. لكن اختلاط الناهبين من جنود ومقاتلي القبائل والإسلاميين أراح الحكومة في صنعاء من المسئولية من دم تلك المدينة التي تفرق بين القبائل”.

لقد نُهبت المؤسسات والقطاعات العامة للدولة والمحلات والمتاجر وأرزاق المواطنين وممتلكاتهم من سيارات وأدوات كهربائية ومواد غذائية وأثاث، فاكتظ طريق عدن-صنعاء البري على نحو غير معهود بالسيارات الذاهبة شمالاً وهي تحمل الغنائم أو تلك الآتية للبحث عن الغنائم. فخبر سقوط عدن والفتوى لاستباحتها انتشرا بسرعة البرق في أوساط الشمال، الذي هبت قبائله للسبي وفقاً للعُرف الذي اعتادت عليه. وبعد أسبوع من السبي، والجانب الرسمي المحلي والعربي والدولي مطبق في صمته، خرج نائب رئيس الوزراء ليقول أن عمليات النهب توقفت. فرد عليه عُمر الجاوي، الذي عُين بعد الحرب رئيساً للجنة إنقاذ عدن، بالقول: “لم يبق ما يُنهب”.

كما انتشر على نحو مخيف الاستيلاء على المنازل والممتلكات بالقوة والعنف. فتعرضت الممتلكات العامة للنهب الكلي. وفي خريف ذلك العام نقلت تقارير عن وجود حالات استيلاء على ممتلكات خاصة بالقوة, وتحدث السكان عن حالات تدخلت فيها القوات المسلحة مقابل الحصول على نظير نقدي لمصلحة بعض الشخصيات النافذة لطرد السكان من مساكنهم. وفي المجال الاقتصادي قام المتحالفون مع النظام بمصادرة الأراضي سواء في عدن أم في المكلا على أساس إعادة توزيع الممتلكات المصادرة سابقاً من قِبل الدولة في الجنوب. وهكذا تم فرض النموذج المعروف في صنعاء على العاصمة الجنوبية والمناطق الأخرى. وقد كان استخدام مؤسسات الدولة الرسمية، كالجيش والأمن، في دعم وتوفير غطاء للتجاوزات والانتهاكات ، فضلاً عن السهولة البالغة في جلب واستخدام وحدات عسكرية وأمنية (رسمية) من قِبل النافذين لردع أي مقاومة لتجاوزاتهم حاول أن يبديّها بعضُ المدنيين، في حالات نادرة، دفاعاً عن ممتلكاتهم.. لقد كان ذلك بمثابة سابقة خطيرة ومدمّرة في الجنوب على مدى عقود طويلة من تاريخه , ينظر الجنوب : جريمة ابادة جماعية ,مركز عدن للدراسات والبحوث الإستراتيجية . 

 

 لقد تعاملوا مع الجنوب كما تفعل الذئاب الجائعة مع فريستها الواقعة ! بل انهم لم يكتفوا بنهب كل مؤسسات الدولة في العاصمة عدن وعواصم المحافظات , بل راحوا يذرعون ويشبرون الجنوب قطعة قطعة من اقصاه الى اقصاه بسيارتهم وبنادقهم وجنابيهم وزنازينهم وعاداتهم وتقاليدهم ولهجاتهم وزواملهم بدون ادنى شعور بالخجل , وكأنما الجنوب ارض لا اهل لها ولا حرمة ولا حمى .وكما هو معروف ان  العيش في الحرمان يصبح غير محتمل عندما يكف الناس عن الايمان بفرص تجاوزه وفقد الامل بانصاف وتضامن الآخرين !

 

بازاء هذا التحدي الفاجع , كان لابد للشعب هنا من عمل شيء ما , رغم ان الصدمة والهزيمة قد بلغت اعمق الاعماقه وتركت أثارا غائرة في الاجساد والنفوس, الا انها لم تتمكن من سحق ارادة الناس واحساسهم بالقيمة والكرامة التي تستحق الرفض والمقاومة , من تلك البورة الخفية في اعماق الذات الانسانية ينقدح الشرر وتنطلق الصرخة وتتولد الرغبة في استئناف الفعل ورد الفعل وترك الخنوع والامتثال والعجز والاستسلام , فكانت المقاومة المدنية الشعبية السلمية الجنوبية  هي الاستجابة الممكنة بازاء هذا التحدي الخطير , 

لقد كانت الحرب  بما فعلته بالدولة والشعب في الجنوب  من تدمير منهجي لكل مؤسسات الجنوب المنهوب  حسب جمال بن عمر نائب  بان تي مون هي بكل المقاييس  أخطر تحدي  يواجه شعب الجنوب المحتل إذ من  خضم المحنة والألم انبثق التحدي الوجودي الجنوبي (نكون اولاً نكون)To be or not to be” هذه هي المسألة وفي لحظة مباغته تمخض  الجنوب كله لينجب هذا البرومثيوس المبارك (المقاومة) مقاومة الموت والعجز والخوف والذل والطغيان.. فلم تكن المقاومة الجنوبية- كما يعتقد بعض من يعانون من عقد الاضحاد والخنوع- لم تكن نزوة سياسية ولا عبث طفولي ولا هيجان غوغائي ولا مشاريع صغيرة ولا تنطعات قبلية وقروية وجهوية وانفصالية وغير ذلك من النعوت والصفات التي اخذت تلصق بثورة الجنوب العارمة التي ادهشت الجميع بقوتها وزخمها وارادتها وعزمها وحزمها وطيشها وشجاعتها وضجيجها الصاخب وصوتها الهادر في وجه الجلادين والخونة والمساومين والمنافقين والصامتين واللامباليين لتسمع العالم كله، بأن شعب الجنوب لازال حياً وبأن مخاض السنين قد انجب قضية اسمها القضية الجنوبية بألف ولام التعريف الكبيرين بعد 13 عاماً من المقاومة الصامتة والدوؤبة والمواقف الفردية الشجاعة وبعد الخيبات والخيانات والمرارات والمظالم التي لا تحصى  ، والتفكك والخذلان، يولد هنا وعلى هذه الارض شعب جديد ووطن جديد وفضاء جديد، وقواعد لعب وميدان جديد شعب استطاع اخيراً ان يقول: “نحن” هذه الـ”نحن” الغالية هي التي كان يفقتدها الجنوبيون طوال السنين الماضية، وكان غيابها سبب كل انكساراتهم وهزائمهم وضياع دولتهم وضعفهم  وعامل طمع وقوة المتربصين بالجنوب ودولته وسيادته التي جرى تضييع هويتها لأغراض وهمية رومانسية وخبيثة ،  مع ميلاد هذه ال(نحن ) الجنوبية انقلبت قواعد اللعبة  بين القوي والضعيف بين القوة والحق بين الظالم والمظلوم بين الناهب والمنهوب بين المحتلين واصحاب الارض الاصليين , فكان لعدن  وحضرموت دورا رائدا في ثورة المقاومة السلمية التي عمت كل ارض الجنوب  وبلغت اوجها في مليونيتها العاشرة في ساحتي الحرية في عدن والمكلا ,  وحينما يكون الكاس ممتلىء حتى الحافة تكفيه قطرة واحدة لكي يفيض ! فكيف يكون الحال حينما تضيف قوى الغزو والتكفير والاحتلال بعد الذي كان جريمة بحجم اغتيال الشهيد سعد بن حبريش ومرافقية مقدم الحموم ورئيس تحالف قبائل حضرموت تغتاله في ارضه وحماه وفي الطريق العام طريقه هو واهل ديرته واسلافه منذ الف السنين  تقتله مفرزة عسكرية من عصابة الاحتلال في وضح النهار وبتهمة خطيرة جدا هي انتماءه الى ( تنظيم القاعدة ) المصنف ارهابيا , وخطرا عالميا حسب قوى الهيمنة العالمية بقيادة امريكا , تلك الجريمة البشعة فضلا عن الجرائم الكثيرة الاخرى التي شهدتها حضرموت في ايام متقاربة , كانت بمثابة  الدفقة الاخيرة التي جعلت كأس الصبر والاحتمال الاهلي يفيض معلنا (هبته الشعبية )  التي اثأرت ولا زالت تثير امواج عاتية من ردود الافعال والتساؤلات والنقاشات والتصورات والتكهنات بين المؤيدين والمعارضين , واعتقد ان المستهدفين الاساسيين منها في صنعاء قد فهموها وادركوا مغزاها  لذا تراهم يبذلون  جهود مضنية لتشويهها وتمييعها وكبح جماحها , لكن بعد فوات الاوان , اتصور ان الهبة الشعبية هي بمثابة استنهاض القوى المؤسسية الجنوبية التقليدية التي سعت صنعاء وراهنت على تحييدها وحيادها , منذ 94 , تلك القوى المؤسسية القبلية التقليدية  التي انتصرت بها صنعاء على دولة الجنوب الحديثة , هي ما يرعبها , كيف يمكن التعامل مع القبائل الجنوبية لو هبت يا صنعاء القبلية ؟أ وحينما تنتفض الحموم بالذات اكبر قبيلة في حضرموت وتسري هبتها سريان النار بالهشيم في عموم الجنوب فهذا معناه ان تحولا نوعيا وحاسما في مسيرة ثورة المقاومة الجنوبية السلمية لم يكن بحسبان قوى الاحتلال . صنعاء تدرك  ان الهبة الشعبية ليست كفاحا مسلحا كما يروج بعض الطيبيين او الخبثاء , لانها تعلم علم اليقين عدم قدرة الجنوبيين على ذلك , بعد ان تعمدت افراغ الجنوب من كل الاسلحة والادوات الحادة , ولا يخوض الحرب الا من يمتلك قوتها , بل ان المحتلين يسعون جاهدين للايقاع بالجنوبيين في هذا الفخ , فخ المقاومة المسلحة والفوضى العنفية , بينما يجب ان تحافظ الهبة الشعبية على طابعها السلمي ان ارادت ان تكون امتدادا للثورة الجنوبية السلمية  التحررية , اما اذا كانت هبة اهلية قبلية طبيعية كما يفترض بها ان تكون فهي تعرف شروط وقواعد لعبتها الخاصة في المجاىل التي تتحرك فيه , اتمنى على قيادات الكيانات الحراكية ان تبقى على مسافة واضحة من الهبة الشعبية مع الحرص على دعمها ومأزرتها , حتى تتضح معالمها ويشتد عودها , وحتى لا تختلط الاوراق وتتلخبط الأمور .   

 

 فيما يشبه الخاتمة للتذكير : يوم اغتيال الشهيد سعد بن حبريش ومرافقية كتبت رسالة عاجلة للسيد جمال بن عمر هذا نصها :

 

يا سيد جمال بن عمر ليس بالقتل وحده يكون الحوار كما كنا نظن !! ثمة طرق كثيرة أخرى للحوار والمحاورة والكلام والمجابرة كنا نعرفها جيدا من التراث والخبرة والتجربة منها : التهديد بالقتل وامتشاق الأجنبية وإطلاق الرصاص في الهواء من فوق الرؤوس والضرب باليد والملاكمة والردع بالرأس والمرادعة والزبط بالأقدام والمراكضة والجدم بالفم والمجادمة وانشاب الاظافر والمخالبة والسب واللعن والملاعنة والصراخ والهنجمة نصف القتال وغير ذلك من اساليب وصور الخوار والمحاورة !!! كل تلك الأنماط كنا نعرفها ونتوقعها من الكائنات المهيمنة في صنعاء اليمانية حتى قدومك الميمون قبل سنتين لإصلاح ذات البين مبعوثا من بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة المعنية بحماية الإنسان وحقوقه في كل وكان حسب الإعلان العالمي للحقوق الإنسان الصادر بقرار أممي عام 1948 م .

 

 بعد إعلانكم الشهير نجاح مؤتمر الموفنبيك بنسبة 90/ لم نرى غير اضطراد لا مثيل له في وتيرة تقتيل الناس وسفك دماءهم في كل مكان من بلاد اليمن الظلم والظلام وفي الجنوب المحتل بأسوأ مما كان , إذ لم تشهد حضرموت التي علمت نصف آسيا التحضر والتمدن والتدين والرفق والرشد والاتزان لم تشهد هذه الأرض التليدة الطيبة في كل تاريخها الطويل جرائم بذات البشاعة والخسة والخفة والتواتر والعبثية كما تشهده هذه الأيام بعد إعلانكم في مجلس الأمن الدولي بان اليمنيين تعلموا شيء في مؤتمر الحوار لم يكن يخطر على البال !!! ما هذا الذي علمتهم إياه يا شيخ جمال بن عمر ؟؟ لم نسمع أن ثمة شيخ قبلي يمني قتل مع مرافقيه في صنعاء وعمران أو صعده أو ذمار بالطريقة التي تمت اليوم مع شيخ مقدم اكبر قبيلة في حضرموت الحموم ومرافقيه في أرضه وحماه ؟؟؟ وما هكذا يكون الحوار يا أهل الشمال ؟! ثمة قواعد للشح والروق قواعد للخصومة والمحبة قواعد للغزو والاحتلال قواعد للقهر والإذلال ؟ .

 

كل شيء له حد حتى العبد الذي يخضع لعسف سيده يثور حينما يتجاوز حدوده , ويصرخ في وجهه لا لا لا كفى هذه ا ل لا معناها يا بجم أن الأمور بلغت حدا لا يطاق ويستحيل السكوت عنها هنا تبلغ المعادلة ذروتها , اقصد معادلة الحياة والموت بل أن الناس المسالمين الصابرين الكاضمين لقهرهم وفي لحظة مباغتة يمكنهم أن يتحولون إلى غضب مستطير ليس بمقدور احد إخماده أو إطفاء شرره , وسيعرف الظالمون أي منقلب ينقلبون !!! وليس بالقتل وحده يكون الحوار يا جمال بن عمر ويا أهل الشمال !!!

 

الأمر خطير وجريمة اغتيال شيخ الحموم ومرافقيه اليوم بعد يوم واحد من اغتيال المهندس المرفدي ونجله في حضرموت سوف يكون لها تداعيات خطيرة جدا , لقد ختمت الحوار وأشعلت النار ياجمال بن عمر في المكان الخطأ !

وستنبئك الأيام بالنتائج والثمار الدانية لجريمة الحوار الكاملة !!!! والسلام