fbpx
الجنوب فشل قيادي بتفوق / صالح الجبواني
شارك الخبر

 الجنوب فشل قيادي بتفوق / صالح الجبواني

يكاد الجنوب يعاني وبأمتياز من ازمة قيادة تاريخية منذ العام 1967م بعد أن رحل المحتل البريطاني وأستلم تنظيم الجبهة القومية الحكم وأعلن جمهورية اليمن الجنوبية ثم الديمقراطية على الأراضي التي كانت تسمى بمحمية عدن البريطانية وتمتد من رأس ضربة علي على حدود عمان شرقا حتى باب المندب غربا .
رغم وفرة القيادات الا أن التنظيم منع ظهور قيادي متفرد، فقحطان لم يبق في الحكم الا عاما ونصف وفيصل عبداللطيف وعلي عبدالعليم ومحمد علي هيثم وقيادات رائعة من الصف الأول لم تكن أفضل حظا من قحطان حتى العام 1969م عندما سيطر يسار الجبهة القومية ووصول الثلاثي (عبدالفتاح ــ سالمين ــ علي ناصر) للحكم.. كان هذا الثلاثي يمتلك قدرات قيادية كبيرة ولكنها مقيدة بمبداء القيادة الجماعية في التنظيم.
كان عبدالفتاح أسماعيل يمتلك حضورا قويا بين أعضاء التنظيم أما سالم ربيع علي (سالمين) فكان ذو كاريزما كاسحة بين أوساط الجماهير وكان لة دور حاسم في ثبيت أركان الدولة في الجنوب، أما علي ناصر محمد فكان يحظى برضى القيادات الحكومية وكان للتكنوقراط أقرب. كان سالمين القيادي الأول في الجنوب الا أنة رغم تلك القوة الظاهره من قيادتة للدولة كان أمينا عاما مساعدا للتنظيم وكانت تلك المفارقة نقطة الضعف لدية والتي أدت في الأخير إلى القضاء علية من قبل (القيادة الجماعية).
جاء عبدالفتاح أسماعيل ليجمع سلطة التنظيم بسلطة الدولة، ومن أجل جعل الدولة قاطرة سهلة القياد للتنظيم ــ الذي تحول إلى حزب بالأتحاد مع أحزاب المعارضة في الشمال ــ فقد الغي مجلس الرئاسة وتمثلت رئاسة الدولة الصورية برئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى في خلط عجيب للسلطات التشريعية لمجلس الشعب بالسطة التنفيذية المفترضة لرئيسة الذي هو رئيس البلاد. فشل عبدالفتاح كما يقول رفاقة في الجمع بين السلطتين وكان مصيره حتى تلك الفترة أقل سوءا من مصير سلفة سالمين بأبعاده إلى موسكو.
جاء علي ناصر محمد ليجمع السلطات الثلاث ( الحزب ــ الدولة ــ الحكومة) لكن القيادة الجماعية لم تمنحة أكثر من أربع سنوات ونصف حتى غادر المشهد السياسي تحت ظلال معركة كانت الأكثر رعبا في تاريخ المنطقة العربية برمتها.
عاد الحزب لتكرار الفصل بين قيادة الحزب والدولة والحكومة وكان علي سالم البيض أمين عام الحزب لا يملك سلطات تذكر على الدولة والحكومة فقد كانت القيادة الجماعية (المكتب السياسي) هي القابضة على مقاليد الأمور حتى يوم 22مايو 1990م عندما أنفذ البيض هدف الحزب التاريخي وذهب للوحدة في مشهد دراماتيكي لم يكن مصدقا حتى تلك اللحظة. تغيرت الظروف والأوضاع وأنفرط عقد القيادة الجماعية ولست بحاجة لأعادة ذكر ماجرى وهو معروف لكن ومع أنبعاث قضية الجنوب بعد أقصاءة كطرف في الوحدة بعد حرب 1994م وأنطلاق الحراك السلمي الجنوبي تتكرر مأساة غياب القيادة عن هذا الشعب الجنوبي المكافح.
أرتبط بعلاقة طيبة ورائعة بالأخوين الرئيسين السابقين علي ناصر محمد وحيدر أبوبكر العطاس وقمت بالدفاع عنهما موبقناعة عندما تعرضا لحملة اعلامية شرسة من مناوئيهما وصلت للتجريح الشخصي ولست نادما على ذلك لكن هذا لا يمنعني أن أؤكد أنهما يعانيان من أرتباكا واضحا ذلك أنهما لم يستطيعا التوفيق بين رغباتهما وآراؤهما الشخصية في دولة يمنية فيدرالية وبين رغبة الغالبية العظمى من الجنوبيين في استعادة الجنوب وبناء دولة جنوبية جديده..
مابين هذا وذاك اقر اللقاء الجنوبي الذي عقد في القاهره في نوفمير العام الماضي تطويرا لرؤية (ناصر ــ العطاس) بأقرار الحاضرين لفيدرالية بين الشمال والجنوب على الطريقة السودانية الا أن اللقاء أخفق في بناء تيار نضالي وقياده حقيقية لهذا الأتجاه وأسندت الأمور ميدانيا للجناح (المعتدل) في الأشتراكي للتبشير بهذا البرنامج وأسست صحيفة وفاق لهذا الغرض ولكن لأن الأمر من أساسسة لم يكن الا تكتيك من قبل الرجلين فقد بداء الخط الفيدرالي يضمحل ولم يبق منة غير أصوات خافتة تشحن ليسمعها الآخرون عندما يحتاج ناصر والعطاس لذلك وبهذا المسلك أعتقد وتلك وجهة نظري أن الرجلين لم يحققا نجاحا يذكر سوى تأكيد وجودهما على الساحة ــ وهما لم يكونا بحاجة لكل هذا التعب والخسائر المادية التي كانت ستنفع لأغراض أخرى مثل علاج الجرحى ــ من أجل هذا الغرض ولابد أن نذكر أنه حتى القيادة المؤقتة التي يحتاجان لأستحضارها أحيانا قد أنفرط عقدها وكانت مبادرة الأخ محمد علي أحمد بالعودة إلى أرض الوطن والألتحام بالناس على الأرض تؤكد أن كل تلك الترتيبات ومن ضمنها القيادة المؤقتة قد فشلت وهذه النتيجة دفعت بالأخ حيدر العطاس ومعة الأخ حسين الفضلي ممثلا لعلي ناصر للسفر إلى المانيا للحوار مع أطراف السلطة في صنعاء حول المؤتمر الوطني وأظنهما سيندفعان بالهرولة نحو مؤتمر الحوار الوطني لسد الأخفاق الناشئ ولا أظن أن هذا الترياق سيكون علاجا حقيقيا لأخفاقهما بل أن المضاعفات ستكون أفدح إذا لم يفكرا بطريقة مختلفة قبل الدخول في أي ترتيبات من هذا القبيل.
من الناحية الأخرى يقوم الأخ علي سالم البيض بالتبشير بفك الأرتباط وأستعادة الدولة ولكنة لم يبادر لبناء تيار نضالي مؤسسي لهذا الغرض وأعتمد على الجناح (المتطرف) في الأشتراكي للسير في هذا الأتجاة والحسابات المناطقية والذاتية لهذا الجناح أقوى من الحسابات الوطنية الجنوبية.. ظل الخطاب الأستقلالي كما يحلو للبعض تسميتة مرتبكا، غير واضح المعالم تتنازعة الوصفات المفاهيمية بين فك الأرتباط والأستقلال والأنفصال وتقرير المصير وهلمجر.
تساوى الجنوب كوطن مع صورة علي سالم البيض لدى الأتباع وأصبح حضور الصورة تأكيد لحضور الوطن في مشهد يدعو للضحك والبكاء في آن وهنا تتجلى النزعة الذاتية في أقسى تجلياتها وهذا ما دفع بالشك المختمر بين أوساط الشعب الجنوبي إلى تأكيد نفسة في التململ والأنقسام والتعدد الا منطقي في صفوف الحراك الجنوبي.
لا أظن أن تيار البيض أوفر حظا من تيار ناصر ــ العطاس وكلا التيارين فشلا في الوصول بالقضية الجنوبية إلى ما يصبو الية الناس بعد خمس سنوات نضال شاق تكلل في هذه الأيام بعد أنفراط حضور الدولة المفترض بفوضى عارمة تضرب أطنابها في كل مكان حتى أصبحت التنظيمات الأرهابية والعصابات المسلحة هي سيدة الموقف في الجنوب. حري اليوم بالقيادة التاريخية أن تتنحى جانبا وتترك الفرصة للأجيال الجنوبية الجديدة أن تتدبر أمرها بنفسها حتى لا تكون سببا للمأساة والهزيمة في الماضي وسببا لفشل وأخفاق الحراك الجنوبي اليوم لأن التاريخ لا يرحم.

أخبار ذات صله