fbpx
عدن حينما ينصفها التاريخ !!!

بقلم | د. قاسم المحبشي

كل يوم يتأكد المجتمع الدولي ويزداد اقتناعا بعدم إمكان تأسيس دولة حديثة
في اليمن على المدى المنظور على الأقل ، وهذا ما يجعله يتجه بانظاره جنوبا ، 
مكرها لا مختارا ، وربما كان لهذا الوضع لتاريخي المفارق المثير للاهتمام في صنعاء 
الشمالية التقليدية ان رفع من قيمة عدن الجنوبية المجربة والمختبرة تاريخيا في 
ان تكون هي لا غيرها من تفوز بالرهان ، رهان اعادة بناء الدولة الجنوبية الحديثة , ورب ضارة نافعة كما يقول المثل ، وهذا ما يسمى بمكر التاريخ الذي يستحيل تجاوزه ، ومن غنمه كله عدمه كله !!، لا خيارات بديلة هنا والآن ، على صنعاء ان تحسم أمرها مع التاريخ المؤجل اولا ، التاريخ الذي يكسر رؤى البشر ولا يتكسر رأسه أبدا .
مشكلة تأسيس الدول ليست بالمسألة التي يمكن حلها بالحوارات والتوافقات والنوايا والرغبات ، بل هي اولا وقبل كل شيء شأن التاريخ بلحمه وسداه وعملية صيرورة تطورية تاريخية عميقة الجذور لا يمكن لها ان تتحقق الا بتحولات مادية واقعية فعلية محسوسة ملموسة تطال كل البناء والانساق والقيم والرموز والعلاقات ,وبالاساس 
الفاعلين والأفعال اي السلوك قبل الوعي قانون التقدم البشري منذ الازل ، انها شروط وعوامل يستحيل مغالطتها او إشباعها ، باي طريقة من الطرق وكيفما اتفق ، ثمة استحقاقات تاريخية لا تكون الدولة الا بها ، الا باشباعها وحلها، ودونها خرط القتاد، 
وليس بمقدور النوايا والإرادات والرغبات ، مهما كان صدقها وحجمها وسعتها واخلاصها , 
ان تحل محلها ، حتى وان اجتمع العالم بجنه وأنسه وبكل هيئاته وقواه وخبراته وخبرائهوملوكه ونفطه ودلاراداته وقنواته والخليج ومجلس الأمن الدولي وجمال بن عمر ، ولا جدوى من طلب المزيد من الثمار طالما وان الشجرة لم تنضج بعد، 
وهذا الذي كنا نقوله ونردده ونكتبه منذ زمن ، كل شيء باوانه ، ولم يكتشف العالم بعد طريقة فعالة يتم بها تحقيق هذا الإنجاز التاريخي الأهم _اقصد _إنجاز بناء الدولة الحديثة والمدنية ، دولة الدستور والمؤسسات والنظام والقانون والمواطنة المتساوية … الخ ، بطريقة اخرى غير طريقتها الطبيعية التطورية التدرجية النامية الطويلة التراكمية الانتقاليةالمضطردة التحولية من التقليد الى الحداثة ، في صنعاء كل المؤشرات تدل اليوم عن غياب شبه كامل لمثل هذه الممكنات الضرورية اللازبة ، اذ ان البشر 
لايصنعون تاريخهم على هواهم بل في ظل شروط وممكنات معطاه لهم سلفا ، لا بختارونها بأنفسهم بل هي من يشرطهم ويحدد وجودهم الاجتماعي ، والأموات 
يتشبثون برقاب الأحياء رغم عنهم ، ولا مفر ، الان وهنا يمكن القول بكل ثقة ، عدن ، عدن ، ولابد منك يا عدن ، بعد ان بائت كل المحاولات بالفشل ، فهل فهمنا هسهسة التاريخ وشفرته وقانونه ، وهل فهما السياسة ومنطقها وشروط وقواعد لعباتها، 
وقانونها الأثير ، فن الممكن ، افعل ما تستطيع فعله لا ما ترغب او تريد فعله ، 
ولا بد مما ليس منه بدا ، طال الزمن او قصر ، عدن وليس بالإمكان غيرك يا عدن ، 
سلام يا صنعاء الامام !!!!