fbpx
زبيد اليمنية.. بين حاضر محزن وأمل قادم
شارك الخبر

لمدينة زبيد اليمنية قصة مدهشة مع التاريخ، فمنذ أسسها محمد بن زياد على مقربة من ساحل البحر الأحمر في مطلع القرن الهجري الثالث، أبت إلا أن تمنح نفسها تفردا وتميزا حضاريا استمر لعدة قرون.
ومن عناوين إسهاماتها الحضارية الباذخة المرتضى الزبيدي صاحب تاج العروس وعمارة الحكمي عالم اليمن وشاعر مصر، وإسماعيل بن المقري صاحب أغرب كتاب في تاريخ العربية، وجامع الأشاعر الذي يعده بعض المؤرخين جامعة علمية لا تقل شأنا عن الأزهر في مصر والزيتونة في تونس.
وكما عُرفت زبيد في مصادر التاريخ اليمني بمدينة العلم والعلماء لوجود ما يزيد عن ثلاثمائة رباط علمي فيها، سماها بعض من زارها من باحثي الغرب بأكسفورد الشرق.
تتويج حضاري
وقد توج حضورها التاريخي عام 1993، حيث أصدرت اليونسكو قرارا بضمها إلى قائمة التراث العالمي لتصنف لاحقا في العام 1998 ضمن المدن التاريخية في العالم لتميزها العمراني.

لكن المدينة شهدت تراجعا مخيفا بعد هذا التاريخ بسبب خراب داهم بعض معالمها، واستحداثات أفقدتها جزءا كبيرا من تميزها، مما جعل اليونسكو تضعها عام 2000 في قائمة المواقع الأثرية المعرّضة للخطر، ملوِّحة ثم مصرِّحة بإخراجها من قائمة التراث العالمي ما لم تقم السلطات اليمنية بإجراءات تنقذها.

وقد تتابعت التقارير السنوية لليونسكو في تشخيص أوجاع المدينة التي وصلت إلى وضع كارثي، إلى أن طالبت المنظمات المعنية بالتراث الإنساني بإنقاذها. وكان ذلك في اجتماعها الأخير في العاصمة الكمبودية في يونيو/حزيران الماضي.

ولقيت دعوة اليونسكو صداها، فقد وجهت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة البحرينية رئيسة مجلس إدارة المركز الإقليمي‮ ‬العربي‮ ‬للتراث العالمي دعوة لنظيرها اليمني الدكتور عبد الله عوبل لمناقشة وضع زبيد.

وفي أغسطس/آب الماضي سافر عوبل إلى المنامة وعقد اجتماعات مع الشيخة مي والمدير العام للمركز الدكتور منير بوشناقي. وأسفرت الاجتماعات عن توقيع اتفاقية ‮لإنقاذ مدينة زبيد.

وبموجب الاتفاقية أرسل المركز خبير التراث الإنساني كمال البيطار أوائل الشهر الحالي إلى اليمن، حيث عقد لقاءات مع المسؤولين المعنيين في صنعاء وفي محافظة الحديدة التي تقع زبيد في نطاقها.

وقام البيطار بزيارة ميدانية إلى زبيد، ومن المقرر أن ينهي تقريره في الأسبوعين القادمين، ليسلمه إلى المعنيين في المنامة، محددا فيه عددا من الخيارات ليبدأ العمل الميداني في الشهرين القادمين.

وضع صادم
وفي حوار له مع صحيفة الثورة الرسمية، وصف البيطار وضع المدينة الأثرية بالصعب والمحزن. وتعليقا على ذلك يقول مستشار وزير الثقافة لشؤون المدن التاريخية نبيل منصر إن وضع المدينة صادم، ومظاهر الخراب والتشويه كانت أكثر مما تصوره خبير التراث الإنساني.

ويضيف منصر -في حديث للجزيرة نت- أن أبرز مظاهر الخراب والتشويه تمثلت في انهيار عدد من المباني جراء السيول والأمطار والاستيلاء على الميادين العامة والشوارع، وبروز مبان إسمنتية وارتفاع أخرى عن القدر المسموح به واحتواء البعض الآخر على شرفات.

ويوضح أن تلك المظاهر أفقدت المدينة نسقها العمراني التاريخي، مشيرا إلى أن هذه الممارسات حدثت قبل صدور قانون حماية المدن التاريخية في أغسطس/آب الماضي.

ويشير منصر إلى أن البيطار ربط البدء بالمشروع ببقاء المدينة على ما هي عليه، وعدم إضافة أي استحداثات أخرى، وأبلغ السلطات المحلية بهذا الشرط.

أما المدير العام لليونسكو في اليمن الدكتور أحمد علي المعمري فأعرب عن تفاؤله بنجاح هذا المشروع، لمعطيات أربع، مكانة زبيد العلمية والتاريخية، والرغبة الإقليمية والعالمية في إنقاذ المدينة، واهتمام الجانب الرسمي بها، وتعاون أبنائها.

وفي حديث للجزيرة نت، نبه المعمري إلى أن توفير الأمن ومواد البناء التقليدي شرطان أساسيان لهذا النجاح.

ويلفت إلى أن المركز الإقليمي‮ ‬العربي‮ ‬للتراث العالمي سيبدأ بتنفيذ مشروع نموذجي محدود سيكون نجاحه سببا في حشد الدعم العالمي ودعوة المنظمات العالمية المعنية، لتنفيذ مشاريع مشابهة تنقذ المدينة من وضعها البائس وتعود بها إلى سابق عهدها من التميز والتفرد.

 

المصدر:الجزيرة

 

أخبار ذات صله