fbpx
قناة عدن الفضائية مقبرة بدون رفاتنا / صلاح محمد العمودي
شارك الخبر
قناة عدن الفضائية مقبرة بدون رفاتنا / صلاح محمد العمودي

قناة عدن الفضائية مقبرة بدون رفاتنا

 صلاح محمد العمودي

قناة عدن الفضائية كانت احد اهم الاهداف العسكرية وصدرت اثناء حرب صيف 94 اوامر عليا بتحويلها الى مقبرة تضم رفاتنا حتى يتم اسكات نيران صوتها الذي ارعبهم كثيرا ووصفوه بأنه يؤدي دور عدد من الالوية لكن مشيئة الله وموقعها الجغرافي والتحصينات الدفاعية المحيطة بها تدخلت لإفشال مخططهم ,ظلت المحاولات قائمة ولكن دون جدوى حتى سكتت اصوات المدافع وظل المبنى قائما ولم يصب بأذى ولكننا كنا نشعر باهتزازه وتهتز معه مدينة التواهي بكاملها على اثر سقوط صاروخ هنا و قذيفة سلاح ثقيل هناك  فكان لا خيار امامنا إلا انتظار الموت اذا ما انتهى الاجل والتأقلم مع فجائع اصوات مضاد الطيران وانفجارات الصواريخ وهزات ارتطامها بالجبال او مياه البحر , كان هذا يحدث يوميا اما قبل ان نخلد الى النوم او نصحو على كوابيسها ,كانت ايام عصيبة عشناها داخل مبنى القناة التي بقيت صامدة بصمودنا ولهذا كان الانتقام منها ومنا شديدا ظل قائما منذ اجتياحهم لعدن وحتى يومنا هذا

لا اريد ان ادخل في تفاصيل اخرى خارجة عن سياق الموضوع وليس وقتها الان ولا ان اسرد ما تعرضنا له من مخاطر جراء هذه الحرب القذرة فعدن كلها اصبحت تحت نيران القصف العشوائي بشتى انواع الاسلحة الثقيلة برا وجوا وبحرا وبالتالي هناك من عاش ظروفا اصعب وهناك من اقتحمت قذائف الموت عشش نومهم ومساكنهم المتواضعة فيما لقي بعضهم ربه وهو في دور العبادة او على باب الله في طريقه للبحث عن لقمة عيش لأطفاله او شربة ماء تروي عطشهم بالإضافة الى حالات اخرى مختلفة او مشابهه كان ضحاياها من المدنيين الذين عاشوا حالة هلع وفزع ونزوح مستمر من مكان الى اخر بحثا عن الهروب الآمن من قصف عشوائي ظل يلاحقهم كظلهم اينما خطت اقدامهم هذا فقط جزء من مشهد عام يطول شرحه ساده الدمار والحرائق وروائح البارود والدماء وأصداء فتاوى الابادة من علماء الحرب

اعود الى موضوعي الرئيس حول كيف صمدت القناة في وجه قرار الحرب بتحويلها الى مقبرة وكيف انصاعت له في زمن السلم ولكن دعوني اولا ان اضعكم في مشهد ليلة الفاجعة الاولى فقط وتأثيرها بين اوساطنا فقد انسحب بعدها بعضهم لظروف صحية وكبر السن بينما اختفى آخرون دون اشعار فكان امرا مفيدا قلص من كابوس الترويج لمشاعر الخوف والفزع ورجح كفة الاجواء التي تبعث على التفاؤل بالصمود حتى نهاية المشوار فالذي حدث ان احدهم كان يسأل عن المكان الانسب والآمن للنوم اتقاء من الغارات الجوية فقلت له ,العاصم هو الله وحده لكن إذا ما اصاب الصاروخ القادم هدفه  سيتحول المبنى الى مقبرة تضم رفاتنا,,لم اكمل حديثي حتى سمع دوي انفجار  اهتز على اثره المبنى بعدها لم يرى بعضنا الاخر مع اننا  في غرفة واحدة ,استفز الاهتزاز مشاعر الاتربة النائمة فهاجت في وجوهنا لتحجب عنا الرؤية وتسيطر على الجو العام لفترة طويلة من الزمن بسبب انعدام التهوية كان تأثيرها مزعجا ومفجعا على كبار السن والذين يعانون من اضطرابات في جهازهم التنفسي وهؤلاء تعذر بعدها بقاؤهم وانسحبوا كما ذكرنا سابقا ,,كانت هذه فقط حكاية ليلة واحدة من ليالي الرعب.

من تلك الليلة شعرنا اننا اصبحنا طرفا مباشرا في الحرب بل احد اهم اهدافها العسكرية , هذا التطور في الموقف لم يغير من الامر شيئا بل جاء متأخرا بعد ان تقدمنا وازدادت ثقتنا في انفسنا .وعليه بدأ فصل جديد من المواجهة فإذا ما تعددت الغارات الجوية وازدادت شراسة القصف علينا في الليل كان ذلك اعترافا منهم اننا قد ابلينا بلاء حسنا في قصفنا الاعلامي عليهم بالنهار  وهكذا ظلت الحرب سجالا حتى جرى ما جرى وهذا يحتاج موضوعا اخر

في 7/7/94  يوم خميس في صباح ذلك اليوم القي القبض على قناة عدن وكان  امر تحويلها الى مقبرة مازال قائما فسلمه العسكريون الى المدنيين الذين ابدوا زهوهم  بالنصر على خصم عنيد وشرس يستحق الاحترام والانتقام في آن واحد ,فعرف كل ما يحترم طريقه الى صنعاء عبر (دينات )الفجر ثم تعود الى عدن محملة بكوادر الانتقام التابعة للشرعية الدستورية من صغار السن وعديمي الخبرة والكفاءة للسيطرة على مناصبها القيادية وامتيازاتها المالية ,وفرضوا طوقا محكما من الاهمال والتجاهل وقطعوا عنها كل منافذ الماء والهواء حتى مساعدات فاعلي الخير وعلى رأسهم المستثمر خليجي 20 وأطبقوا بيديهم على انفاس كل شي حيا من حجرها الى بشرها فلم يعد يسمع لها صوت ولا ترى فيها صورة حتى زر تشغيلها وإغلاقها نقل الى صنعاء لتتحكم به كيفما شاءت فتدهور حالها وساءت اوضاعها وانصاعت لقرار تحويلها الى مقبرة ولكن بدون رفاتنا مقابل ان يتفيد ميزانيتها رئيسها وعصابته بعد خصميات من يهمه الامر في صنعاء

  اخر رؤساء القناة غادر منصبه في الاسبوع الماضي مخلفا وراءه عجزا ماليا يقال انه يتجاوز الستين مليون ريال لكن الرقم الصحيح ستكشف عنه لجنة التحقيق التي سيرسلها الوزير العمراني بعد خروجه من غرفة الانعاش الاختياري عام 2999 أي بعد 987 عاما من الان ,,نتمنى ألا ينسى اذا ما ظل على قيد الحياة  فالأعمار بيد الله

 amodisalah@yahoo.com

أخبار ذات صله