fbpx
الفقيد اللواء علي مقبل الضالعي عنوان التسامح والاخاء

أحبة كثر باغتتنا أخبار رحيلهم تاركة في القلب وجع وفي العين دمعة لاتجف.. تتزاحم الذكريات وتأوي الى البال الآف الصور بألوانها المختلفة ومناسباتها المتعددة ..أوقات جمعتنا بهم ولحظات لاتنسى من الوفاق والاتفاق وحتى الخلاف والاختلاف وسير من سفر أيام الشباب .. الفقيد اللواء علي مقبل الضالعي واحد من هؤلاء الأخوه الأعزاء والرفاق الذين رحلوا على حين بغتة فكان رحيلهم فاجعة وخسارة منينا بها ومني بها شعبنا في الجنوب، وقد عرفته في أوائل الستينات حين كان شاباً ثائراً يركب أمواج الخطر، وجندياً ومناضلاً في صفوف الذائدين عن الوطن بأرواحهم ودمائهم.. شجاعاً خلوقاً كريماً متفانياً في أداء واجبه طوال مسيرته العملية التي تدرج خلالها من جندي حتى رحل وهو يحمل رتبة لواء متقاعد .. كان شخصية مميزة في علاقته الأنسانية والأجتماعية وكان رحمه الله لا يميز بين مختلف الشرائح الأجتماعية ويشارك الناس في أفراحها وأحزانها، كما أنه كان نموذجاً للقيادات العسكرية من خلال ثقافتة وحنكته ومرونته وله باع طويل في الجانب العسكري.. ولهذا فهو يعد رمزاً لفعل الخير والتسامح والعطاء… عاش حياته صنديداً ومات حراً كريماً، وهذا عزائنا فيه… لكن ما يوجعنا هو معاناته خلال السنوات الاخيرة تلك الاوجاع والمعاناة التي يعيشها جل أبناء الجنوب الذين عاشوا في ظل التهميش والاقصاء وعدم التقدير لبطولاتهم وتضحياتهم وشهاداتهم وخبراتهم… رحل فقيدنا العزيز وسط ذلك الصمت الرسمي الذي خيم على جنازته وجنازات من سبقوه .. رغم أن سيرته الذاتيه حافله بالنضال والمواقف الرجولية التي قل ما نجدها إلا عند قلائل ممن وهبوا ارواحهم ودمائهم فداء لوطنهم.. فالفقيد كان قد التحق بالأمن في البدايات الاولى للثورة ضد الاحتلال البريطاني البغيض، وما ان انطلقت ثورة 26 سبتمبر في شمال اليمن حينها حتى كان من أوائل من شارك فيها وتحديدا في موقع (صرواح – حجه) وما ان انطلقت ثورة اكتوبر المجيدة حتى كان السباق مع القيادات التي كانت في تعز للدفاع عنها، فشارك في العديد من الجبهات وقدم أدواراً نضالية وبطولية ستظل تخلده إلى الأبد وسيظل التاريخ يتذكره مع رفاق دربه ممن بذلوا الغالي والنفيس من أجل الوطن حتى توجوا هذا النضال والتضحيه برحيل أخر جندي بريطاني من أرض الجنوب الغالي .. عقب الاستقلال انتقل من الأمن الى الجيش ومن ثم التحق بالأكاديمية العسكرية (في الأتحاد السوفيتي) عاد بعدها وتولى عدداً من المهام وتحمل الكثير المناصب في ألوية ودوائر وزارة الدفاع في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. وبعد الوحدة اليمنية تقلد منصب مدير دائرة الرقابة والتفتيش في وزارة الدفاع، وأخر منصب له كان محلقاً عسكرياً في وزارة الدفاع .. وعلى مدى اكثر من ثلاثة عقود عرفته عن قرب مناضل صلباً شجاعاً وقائد عسكري من الطراز الرفيع بثقافته وحكمته وحنكته ومرونته وقدرته على تجاوز احلك الظروف. ناهيك عن قدراته العملية كواحد من القيادات التي لها باع طويل في الجانب العسكري والسياسي متحليا بمبادئه الثابتة ومواقفه الوطنية الصادقة التي كانت بمثابة العنوان الرئيسي الذي عُرف بها طوال حياته. إننا اذا نعزي أسرته ومحبيه، ونعزي أنفسنا والوطن برحيل رجل عاش حياته شامخاً نزيهاً لا تغيره المناصب أو المغريات تاركاً خلفه تاريخاً مرصع بالانجازات العملية والتضحيات النضالية التي ستظل تخلده في قلوبنا وروح الوطن إلى الأبد .