fbpx
عدن مدينة مدنية لا تقبل الفوضوية!

عدن لم تعرف هذه الأوضاع الفوضوية من قبل، كانت رمز للمدنية والتعايش بين الأعراق والأديان والأطياف المختلفة، كان لها مجتمعها الخاص وسط المجتمعات القبلية المحيطة التي تأثرت بسلوكها ومدنيتها فيما بعد، وأصبح كل النازحين إليها جزء من نسيجها الاجتماعي، يتميز مجتمعها بسلوكهم الراقي وتعاملهم الأخلاقي الرفيع، لم يكن من قبل يجرؤ أحداً أن يخالف الذوق العام لأهلها، أو أن يحمل سلاحاً نارياً ولا حتى سلاحاً أبيض أو أن يرفع صوته بوجه الآخرين، لم يكن أحداً يستطيع أن يتهجم على أي أحد بسبب انتمائه العرقي أو المناطقي أو القبلي، لم يسبق وأن حصل فيها تفتيش عن الجينات، ، كل هذه الأمور انتهت وتلاشت.

كانت هي من تؤثر بسلوك الوافدين إليها من كل مكان، ومن كل بقاع العالم، أتذكر كل من كان يذهب إليها يعود متأثراً بثقافتها بسلوك أهلها بمدنيتهم بوعيهم بسلميتهم بتواضعهم بحبهم للآخرين، وعند عودته يؤثر بكل من حوله بما أكتسب من منها، يشرح بانبهار عن كل ما وجد فيها، حينها كنت أشعر وكأنها قد بعثت لنا رسولاً يهدينا من الضلالة إلى النور.

للأسف أن هناك هذه الأيام من يفكر جدياً بإلغاء منظمات المجتمع المدني في عدن تحت حجج واهية ويريد تحويلها إلى مجتمع قبلي وجمعيات للقبائل ومكاتب للمشايخ والأعيان كحال القرى والأرياف!.. أرحموا عدن ودعوا أهلها وساكنيها الأخيار يمارسوا مدنيتهم بكل حرية. ابتعدوا عنها وعن خصوصيتها، لا تدنسوها بتفكيركم القبلي العصبوي الشللي، وفوضويتكم وعشوائيتكم وطرق تعاملكم مع الآخرين.

عدن ليست كقُراكم الريفية ولا يفكر أهلها كتفكيركم القبلي المتطرف.. يا سادة عدن مدينة حضارية عريقة جذورها تضرب في أعماق التاريخ، ظلت رمز التعايش والسلمية في القرون الماضية، وأنا على ثقة أن أهلها سيعيدون إليها كل قيمها الحضارية التي عرفت فيها، وعرفها العالم اجمع والمحيط الإقليمي عندما كانت القبلة التي يستهدي بها الشرق حينما يبحث عن الحضارة والمدنية .

عليكم أن تعيشوا في عدن بطباعها لا بطباعكم وعليكم أن تفكروا وأنتم فيها بطريقة تفكير وسلمية أهلها لا بعنفكم وعقليتكم القبلية المتخلفة .. عليكم أن تشاركوا وتساعدوا في صناعة وتأسيس مستقبلها المدني من الآن، وإن لا تكونوا أداة لنشر الفوضى كما يريد أعدائها، و أن تتركوا فرصة لكل الشباب أن يشاركوا وبكل حرية في صناعة هذا المستقبل المدني الذي يطمح إليه كل حر شريف يسكنها ويعشقها ويعشق الجغرافيا التي تنتمي إليها هذه المدينة العريقة.

لن يستفيد من محاربة منظمات المجتمع المدني التي تعمل هذه الأيام في عدن إلا من يريد تجهيل شباب المدينة وسكانها، وهذه السياسة التي أعتمد عليها الأعداء في حربهم المستمرة ضد الجنوب وأهله أنها سياسات التجهيل ونشر الثقافة القبلية المتخلفة التي يمارسها كارهيها وقاتلي أبنائها.. من يشارك في قتل حراك عدن المدني يشارك في قتل المدينة كما يفعل أعدائها منذُ اللحظة الأولى لاجتياحها حتى يومنا هذا!!؟

عدن مدينة تعشق المدنية ولا تستطيع أن تعيش بدونها.. المدنية بالنسبة لها هي الأوكسجين التي تتنفسه. ومن يحاول أن يمنع عنها هذا هو بالحقيقة يريد أن يخنقها.