fbpx
منير الماوري بين مطرقة الحروي وسندان الجندي فأيهما تريد ؟
شارك الخبر
منير الماوري بين مطرقة الحروي وسندان الجندي فأيهما تريد ؟

كتب /

د.طارق الحروي

لعل مما تجدر الإشارة إليه هنا قبل أن يتسنى لي الخوض في أتون موضوع هذا المقال مناقشة الدافع الرئيسي الكامن وراء محاولة الكتابة حول بعض أهم المفردات الرئيسة لهذا الموضوع، فالإعلامي الأستاذ منير الماوري منذ فترة ليست بالقصيرة قد أصبح حالة لها شأنها مثله مثل غيره في اهتمامات بعض الساسة والإعلاميين والمثقفين وصولا إلى فئات بعينها من العامة، إلا أنه مع مرور الوقت مع الأسف تحول إلى مجرد ظاهرة صوتية شبه جوفاء لها شأنها في تبني الأوهام والوساوس التي تكمن في التفاصيل ويقف عندها الشيطان نفسه الذي من خلالها تقلب الحقائق رأسا على عقب فيصبح عندها الحق باطلا والعام خاصا والكذب صدقا والأنانية إيثارا…الخ والعكس صحيح.-         أقول ذلك حتى وإن كانت التفاصيل التي نقصدها في وقت ما تُدعى وقائع تصل إلى مرتبة الحقائق النسبية، إلا أنها تصبح في وقت أخر- شبيه الوضعالذي نعيشه حاليا- متعارضة إلى حد كبير في الشكل والمضمون مع أولويات المصلحة الوطنية العليا، بحيث يصبح الخوض فيها اعتداء صارخا وعدوانا سافرا على أهم خيارات الأمة لا بل ومصالحها الوطنية العليا، سيما بعدما اتخذت قرراها بضرورة تجاوز كثير من ملفات الماضي التي لا طائل منها والالتفات للحاضر والمستقبل- استنادا- لما نصت عليه مفردات كلا من المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة وقانون العدالة الانتقالية.-         وفي المقابل أيضا يقف السياسي- الإعلامي المخضرم الأستاذ عبده الجندي الذي مثل ومازال حالة إعلامية ذات طابع دعائي فريدة من نوعها في ضوء الدور المحوري الذي أوكل إليه نيابة عن الأمة وتيارها الوطني المعتدل لخوض أتون معركة ليس للأخلاق والقيم والدين فيها مكانة تذكر، والذي عركته الحياة السياسية لهذا النوع من المواجهات على مدار عقود مضت، فهي معركة لمقارعة الأوهام والوساوس في أذهان وعقول وقلوب أصحاب القلوب القاسية منالأجنحة المتطرفة لمكونات التيار الانفصالي الستة، لم نكن نحن من نسج خيوطها وإنما فرض علينا ولوجها بدون أية مقدمات تذكر، على الرغم من وجود الكثير من التحفظات على مسيرة الأستاذ عبده الجندي سيكون لها مقال ومقام أخر.-         ومما لا شك فيه بهذا الشأن أن محاولة القفز على ذلك النوع من الحقائق الدامغة في أرض الواقع اليمني الحالي ومحيطه الخارجي التي أصبحت واضحة وضوح الشمس في كبد السماء، قد أصبح أمرا شبه مستحيل- هذا إن لم نقل مستحيلا- من وجهة نظري، فالمعادلة الداخلية الحاكمة في البلاد قد مالت لصالح التيار الوطني المعتدل إلى حد كبير شكلا ومضمونا منذ تاريخ 25/3/2011م، الذي بذل جهودا مضنية جدا ومساعي حثيثة منذ ذلك الوقت في حركة سريعة وشبه منتظمة وراء محاولة إعادة صياغة وبلورة واقع الحياة العامة والسياسية خاصة- تبعا- لذلك بدون كلل ولا ملل، بما يحقق الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا، وهو الأمر الذي جسدته شكلا ومضمونا مفردات خارطة الطريق الجديدة على سبيل المثال لا الحصر.-         وتأسيسا على ما تقدم أخي الماوري أظن أنك قد ارتضيت لنفسك أن تكون مجرد عصا غليظة وطويلة مجازا إذا ما صح لنا القول ذلك يمسك بها بعض الساسة والإعلاميين…الخ في الداخل والخارج ويوجهونها في هذا الاتجاه أو ذاك مثلما يشاءون ضمن إطار مضامين إستراتيجية معدة لمثل هذا الغرض،بالاستناد إلى خصوصية كل مرحلة ومتطلباتها، سيما في ذلك الجزء المهم والأكثر حساسية لدي العوام الذي برعت فيه وكان وراء ظهورك السريع كأحد الإعلاميين المناهضين لما أعتاد البعض على تسميته بالنظام السياسي اليمني، والمتعلق بالتحديد بشخص الرئيس السابق على عبدالله صالح والدائرة الضيقة المحيطة به من أفراد أسرته وبعض الأفراد المقربين منه فقط لا غير، الذي ما فتئت كل مرة تخرج بها علينا من إعادة تكرار ما تدعيه من أقاويل وأخبار ودلائل تحت عناوين مختلفة، لدرجة أصبت بها مع الكثيرين بالملل والسأم والإحباط، تاركا دوائر النظام السياسي الأكثر أهمية ونفوذا والأشد فتكا ووحشية خارج نطاق حدود اهتماماتك فماذا يعني ذلك برأيك عند إمعان نعمتي البصر والبصيرة ؟ .-         سأتوقف عند هذا المستوى من النقاش لبرهة من الزمن كي نكون على وضوح تام معك بتذكيرك ومعك الكثيرين بحقيقة دامغة من حقائق التاريخ اليمني المعاصر التي لا تستطيع أنت ولا أنا تجاوزها أو تجاهلها بالمطلق؛ تتمحور حول طبيعة حقيقة الأطر العامة الحاكمة للمفاصل الرئيسة في الدولة اليمنية الحالية والنظام السياسي منها- بوجه خاص- التي تشكلت في الثلاثة العقود الأخيرة كي نكون موضوعين في طرحنا من حيث إننا لا نقف أمام هيكل دولة عصرية يمثلها نظام سياسي متقدم نسبيا كما هو الحال في المنطقة وخارجها، يحق لنا تقيمه أو محاسبته بنفس أو بعض المعايير التي درج الكثيرين على تناولها بدون وعي أو عن قصد.-         وإنما نحن حتى اليوم مازلنا نعيش أمام ملامح أشلاء دولة تقليدية، ومازالت تتهيأ لحد الآن لدخول أتون إرهاصات مرحلة دولة النظام والقانون المنشودة محصورة ضمن نطاق حدود إرهاصات المنطقة الرمادية شديدة الضباب التي توقفت عندها حركة السفينة ولم تغادرها لحد اليوم، في ضوءطبيعة ومستوى ومن ثم حجم المؤامرة التي قادتها القوى التقليدية الإقليمية والمحلية المحافظة والمتطرفة بأبعادها الدولية بالتعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة مع الحركة الناصرية في الفترة (1977-1978م)، التي ابتدأت بتصفية الرئيسين إبراهيم ألحمدي وأحمد الغشمي وصولا إلى حرف ومن ثم تصفية أهم مرتكزات مشروع التغيير الوطني، وانتهت بمحاولة تصفية الرئيس الصالح – أولا- ونظام قبلي شبه مسيس وليس نظام سياسي لدولة عصرية، يُحكم بعقلية شيوخ القبائل والدين والعسكر؛ بما تتضمنه من عادات وتقاليد ومصالح قبلية وجهوية وأسرية ومناطقية خاصة وضيقة تحت مسمى المصلحة الوطنية العليا وفرض مبدأ النظام والقانون- ثانيا.-         وكي يكون في علمك أخي فهذه الدولة وهذا النظام فرضته المعطيات الظرفية للبيئتين الداخلية والخارجية، في ضوء ميل الكفة إلى حد كبير لصالح التيار التقليدي المحافظ والمتطرف في الفترة الواقعة بين عامي (1978-1989م) و(1994-2011م)، الذي تسنى له الهيمنة على معظم مصادر القوة والثروة في البلاد الذي مثلته رموزا اجتماعية ودينية وعسكرية بعينها لها شأنها كـ(الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، الشيخ عبد المجيد الزنداني، اللواء على محسن الأحمر…..الخ)، على حساب التيار التحرري والتحديثي الذي مثله شخص الرئيس الصالح وفريق إدارته من رجال الرئيس ألحمدي والتيارات الوطنية والقومية.-         أما في حال كان هنالك ضرورة ملحة بالإشارة إلى الجهة التي تجدر تحميلها معظم المسئولية التاريخية في ذلك فهم الأجنحة المتطرفة في الحركة الناصرية (1976-1978م) والحركة الاشتراكية (1989-1994م) التي خذلتنا بانكفائها على نفسها ومصالح بعض أفرادها وتواطئها الكامل مع القوي التقليدية المحافظة والمتطرفة المناوئة والمناهضة لمشروع التغيير الوطني أفرادا ومنهاجا ومشروعا، معرضة بذلك حاضر اليمن دولة وشعبا ومستقبلهاكله لشتى الأخطار التي حرفت السفينة عن مسارها التي حددته خارطتي الطريق المرسومة في العام (1976-1977م) والعام (1989- 1990م) ممثلة باتفاق عدن وصولا إلى العام 1994م ممثلة بوثيقة العهد والاتفاق، لا بل وأوقفتها بصورة شبه كلية عن الحركة وسط بحرا متلاطم الأمواج وقاتم السواد.-         ولعل من نافلة القول سأسمح لنفسي بسؤلك بعد أذنك ماذا بعد ذلك، لا بل أين الجديد أخي الماوري الذي يجب أن تقارعني به كي أقبل بخوض هذه المواجهة معك من الأساس، ثم لماذا كل هذا الإيغال في الحقد والمبالغة بالعداوة المبطن بالحرص على المصلحة الوطنية العليا، بل قول لي بصدق وصراحةإذا كنت من السباقين الذين يشار لهم بالبنان كما اعتاد البعض على قول ذلك في الكشف عما تدعيه فساد النخبة الحاكمة في بلد يعيش من الأساس بأنظمته وقوانينه وسياساته ومن ثم أفراده الفساد بكل أشكاله إلا من رحم ربي، وصولا إلى تحميل كامل المسئولية التاريخية في عنق رئيس الدولة دون غيره منذ فترة ليست بالقصيرة، فإن هذا الأمر أصبح ضمن إطار إرهاصات السنوات الأخيرة والعام الماضي خاصة موضوعا شبه عادي لا بل أقل بكثير من العادي.-         أما لماذا فنرد بالقول ذلك لان استهداف شخص الرئيس السابق على عبدالله صالح ومن حوله من أفراد أسرته وأنصاره وحلفائه أصبح اليوم محورا رئيسيا ليس في معظم الوسائل الإعلامية المناوئة له فحسب، بل وأيضا لمعظم فئات وشرائح المجتمع صغيرها وكبيرها، كجزء محوري من إستراتيجية معدة لمثل هذا الغرض تحديدا، استندت عليها الأطراف الخارجية المعنية بإدارة هذا النوع من الأزمات في المنطقة العربية منذ مطلع العام الماضي، باتجاه هزه أركان النظام ومؤسساته الأمنية والعسكرية والإدارية؛ من خلال استهدف أهم رموزه السياسية وهيبة مكانة شخص رئيس الدولة منها- بوجه خاص- إذا فأين أنت من كل هذا ؟ وماذا تريد بالتحديد من وراء تبني هذه الهجمة الشرسة المركزة والمغرضة التي فاحت روائحها لدرجة أزكمت العقول والقلوب قبل الأنوف، والتي أصبحت- برأينا- لا تستهدف منها سوى التشهير والانتقام وتصفية الحسابات لإرضاء نزعات فردية وجماعية ومن ثم أحقاد وأطماع محلية وإقليمية لا بل ودولية، وأخيرا كوسيلة للتغرير بالعامة وإلهائها بقضايا أقل من هامشية….الخ ؟.-         وبالاستناد إلى كل المعاني والدلالات الأنفة الذكر وكي أحيطك علما فإنني عندما قررت الخوض معك أول إرهاصات هذه المنازلة فأني اعلم أني سوفأخوض معك معركة معظم معالمها الرئيسة مجهولة، حيث لا أعلم موقع الأخلاق والقيم الواجب التحلي بها كفارس فيها، أو موقع الثوابت الوطنية العليا التي يجب وليس ينبغي أن تكون حاضرة طوال فترة النزال، فأنت تعرف أو ستعرف مع مرور الوقت من أكون وماذا أريد ؟ ومن أين سوف نبدأ وإلى سينتهي بي المقال والمقام معك ؟ وما هي طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الملفات التي سوف يتسنى لي فتحها معك لمناقشتها تاركين الحكم للآخرين ؟ أما في حال كان لك تحفظات من خوض منازلة بهذا المستوى، فإني سأدعك تستكمل طريقك الذي اتضحت معالمه الرئيسة عند خط البداية ولم يعد يخفى على أحد كيف ستكون نهايته، وهو ما سيعني لي أنك ترفض منازلتي على هذه القواعد، وبالتالي سأتركك لقمة سايغة في فم الأستاذ عبده الجندي الذي يخوض معاركة بدون أية قواعد تذكر على ما أظن. –         وختاما كي نكون موضوعيين ومنصفين أكثر في تحري الدقة فإن النقد الايجابي الذي سوف يكون محور لهذا النوع من المناقشات بيننا، لن يكون بغرض تصيد الأخطاء وتوجيه الاتهامات والتنصل من تحمل المسئولية، بل بغرض التوعية والإصلاح أولا وأخيرا، فهذا النظام بوضعه الحالي بكيانه وتشريعاته وأفراده وقياداته، وصولا إلى المجتمع؛ الذي يعيش أتون إرهاصات متناقضة من التعثر والتسيب والفوضى والانهيار والتراجع والفساد والإفساد،أضعه كله أمامك على طبق من ذهب فمن أين نبدأ، سيما أننا نعرف إلى حد كبير أن مكونات النظام والمجتمع على حد سواء يمارسون شتى أنواع الفساد والإفساد بدرجات متباينة، دعنا أخي نلتفت الى الحاضر ففيه من القضايا لو انشغلنا بها تكفي لملء الفراغ الذي نعيشه، لنناقش أوضاع الحكومة ومرتكزات الدولة الحالية وخطوات تنفيذ أهم وثيقة في تاريخ المنطقة (المبادرة الخليجية وآلياتها المزمنة)، نناقش الأمل والخير القادم لليمن الذي يجب أن نزرعه في قلوب أبناء الأمة….الخ، وبانتظار ردكم علينا في القريب الآجل.

   والله ولي التوفيق

# باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي

 

 

أخبار ذات صله