fbpx
مقتل أيمن الظواهري إعلان مؤجل لموت القاعدة
شارك الخبر

 

 

يافع نيوز – العرب
مثل الإعلان الأميركي عن مقتل زعيم القاعدة أيمن الظواهري إيذانا بالتعامل مع الواقع الجديد للتنظيم المفكك وشبه المنهار، والذي كان في السابق يوصف بأنه أم التنظيمات الجهادية المعولمة وأكثرها نفوذا.

ويمثل خبر مصرع الظواهري رسميا الذي عاني من أمراض الشيخوخة وتردد موته أكثر من مرة طوال السنوات الماضية، إعلانا بموت القاعدة بعد أن حاول القيادي المصري المطلوب حيا أو ميتا من قبل واشنطن ورصد لذلك مبلغ 25 مليون دولار، إنقاذ التنظيم المحتضر عقب خروجه فعليا من دائرة السيطرة على المشهد الجهادي المسلح.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن مساء الإثنين مقتل زعيم القاعدة الظواهري في غارة نفذت السبت في أفغانستان، معبرا عن أمله أن يساعد مقتله عائلات ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر على طي الصفحة فقد اعتبر أن مقتله يحقق العدالة.
وذكر مسؤول في الإدارة الأميركية أن “السي.آي.إيه” حددت من خلال مصادر متعددة أن القتيل هو الظواهري، وقُتل في شرفة منزل آمن في كابول كان يقيم فيه مع أفراد من عائلته ولم تقع إصابات أخرى.

ولم تكن الإستراتيجية الصلبة التي تمكنت من خلالها الولايات المتحدة من اصطياد كبار قادة القاعدة من الجيل المؤسس أو الجيل الثاني الفاعل عبر الطائرات دون طيار هي العامل الوحيد الذي أضعف هذا التنظيم الذي عانى ذاتيا من الانقسامات والخلافات الداخلية منذ العام 2017 اعتراضا على ضعف الظواهري وفشله في سد الفراغ الذي تركه أسامة بن لادن.

وبعد أن كان القاعدة إحدى المواد الرئيسية على صفحات وشاشات الإعلام العالمي في مرحلة قيادة بن لادن واضعا نفسه في خارطة الأحداث السياسية الدولية استولى عليه الضعف في مرحلة الظواهري الذي افتقر للكاريزما الحركية التي تمكنه من جذب الموالين للفكرة والسيطرة على الفروع والأتباع.

وكثرت مطالبات القواعد بتنحي الظواهري عن المشهد لإتاحة الفرصة لقيادات جديدة قادرة على إعادة بعث التنظيم المتهالك في الوقت الذي استحوذ فيه تنظيم داعش على الحالة الجهادية المسلحة بشكل شبه كامل في أماكن متعددة، بينها معاقل القاعدة التقليدية في أفغانستان.

تخبط منهجي
استلم الظواهري قيادة تنظيم جريح يعاني من تأثير الضربات القوية التي تلقاها من جانب التحالف الأميركي الدولي داخل أفغانستان على مدار عقدين قبل وبعد مقتل بن لادن في العام 2011، ودُمرت مقراته وجرى القضاء على الكثير من أذرعه الفاعلة.

وقضت الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا والموالون لهما في أفغانستان وباكستان بجهود استخبارية متطورة على الكثير من القيادات الميدانية لتنظيم القاعدة الذي خسر عددا كبيرا من قادته التاريخيين والمؤثرين، تركوا فراغا واسعا أفقد الظواهري القدرة على التحكم في الكيانات الفرعية الموالية للمرجعية الأم.

وبعد أن أرخت مرحلة العشرة أعوام التي تولى فيها أسامة بن لادن منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وحتى مقتله عام 2011 لبداية الانحدار في نشاطات القاعدة، ساهمت العشرية التالية وصولا لإعلان مقتل الظواهري في خلخلة هيكلية وفقدان في الحضور الميداني.

وحاول الظواهري تفادي انهيار التنظيم الذي ظل يتربع على قمة الكيانات الإرهابية منذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي من خلال إجراء تغيير جوهري في إستراتيجيته وتوجيهه بعيدا عن إطار القاعدة النموذجي.

وعُد أهم إجراء اتخذه الظواهري بعد موت مؤسسه ورمزه الأول أسامة بن لادن هو التخفيف من حدة الأيديولوجيا الجهادية السلفية والابتعاد عن مواجهة العدو البعيد، أي الغرب، والتركيز على العدو القريب، أي الأنظمة العربية والإسلامية التي كفرها واتهمها بالفساد والعمالة للغرب.

ومن منطلق هذا التحول حاول الظواهري ركوب موجة الربيع العربي وعزز حضور الفروع المحلية في العديد من الدول العربية والأفريقية وتأسيس فرع للقاعدة في كشمير في القسم الهندي من البلاد عام 2014.

خسائر متتالية
تعرضت مشروعات الرجل المحلية لانتكاسات نتيجة المتغيرات في الوضعين العالمي والإقليمي والأحداث المتسارعة التي شهدتها الدول التي كانت محور اهتمامه، خاصة في مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن، فضلا عن أفغانستان والهند وبنغلاديش وماينمار ومالي.

وجعلت التوترات والمستجدات السياسية على هذه الساحات وفقدان القيادة فاعليتها بسبب الاغتيالات التي استهدفت قيادات مجلس الشورى العالمي للتنظيم، الظواهري غير قادر على ضبط البوصلة والتحكم في الخطة الإنقاذية للقاعدة.

ومن بين أقسى الضربات الموجعة التي تركت آثارا واضحة على معنوياته ما تعرض له من انتكاسة لطموحه في استعادة النشاط على الساحتين السورية والمصرية من خلال الأذرع المحلية، حيث حاول الاستفادة من الفرص التي قدمتها الحرب الأهلية في سوريا وتداعيات ثورة يناير 2011 واستيلاء الإخوان على السلطة في القاهرة، وأسس فرعين مهمين هما جبهة النصرة في سوريا بقيادة أبومحمد الجولاني والمرابطون في مصر بقيادة هشام عشماوي.

وللتأكيد على الأهمية التي كان يوليها لهذين الفرعين نقل التنظيم المركزي أصولا مهمة من أفغانستان وباكستان إلى بلاد الشام، علاوة على دعم الخبرات والتمويلات التي حصل عليها فرع القاعدة الجديد في مصر.
وجرى تقويض التنظيم الذي شكله عشماوي والذي نشط بين ليبيا ومصر بجهود الجيش المصري، وتُوج ذلك بتسليم عشماوي وإعدامه في مصر في مارس 2020.

وانقسم فرع القاعدة في سوريا إلى كيانين أحدهما فك الارتباط بالتنظيم المركزي تحت اسم هيئة تحرير الشام، والثاني وهو حراس الدين الذي عملت الهيئة على تفكيك خلاياه على الأرض، وعمل التحالف الدولي على استهداف كل قياداته الفاعلة.

ولم يتبق للقاعدة من الأفرع القوية بعد إنهاء سطوته في ليبيا وتونس واليمن سوى حركة الشباب في الصومال، وجماعة أنصار الإسلام والمسلمين في مالي ودول الساحل والصحراء.

وتواجه هذه الفروع تحديات كبيرة ممثلة في تصميم الدول الأفريقية على مواجهتها رغم التعثر وضعف الإمكانيات، فضلا عن منافسة داعش الذي يطمح للتمدد في وسط أفريقيا وغربها.

وأدى فشل الظواهري في إعادة إحياء التنظيم من خلال إعادة تعريفه وتعزيز توجهه المحلي إلى سخط الكثير من عناصره الذين غادروا التنظيم وانضووا تحت راية داعش.

وأسهمت هذه التحولات في سحب مركزية القرار من التنظيم ليصبح دور القائد بعد بن لادن صوريا لا أكثر.

أخبار ذات صله