fbpx
مشاورات الرياض من يشاور من ؟

كتب/ علي عبد الله البجيري.
على وقع دخول الحرب في اليمن عامها الثامن، تبنى مجلس التعاون الخليجي دعوة أطراف الحرب اليمنية لإجراء مشاورات فيما بينها خلال الفترة من 29 مارس الحالي إلى 7 من أبريل 2022م. وقد بين آمين عام المجلس الهدف من إجراء تلك المشاورات هو ” حل الأزمة وحث كافة الأطراف للقبول بوقف شامل لإطلاق النار”، محددا ستة محاور للمشاورات وهي: المحور العسكري والامني والسياسي والاقتصادي والانساني. والمثير للاهتمام بحسب بيان مجلس التعاون أن المشاورات ستناقش ايضا تعزيز مؤسسات الدولة والإصلاح الإداري ومكافحة الفساد.
من وجهة نظري فان ما جاء في البيان هو كلام نظري وانشائي غير قابل للتنفيذ. فليس من الممكن ان يتحقق السلام من قبل طرف واحد يتمثل في مكونات الشرعية اليمنية دون مشاركة الطرف الرئيسي والمؤثر في الأزمة وهم الحوثيين.
وبسبب رفض الحوثيين المشاركة في هذا اللقاء التشاوري فان اية نتائج تصدر عنه ستظل كما انها لم تصدر. إلا فيما يتعلق بالجانب المقدور عليه من قبل مكونات الشرعية اليمنية، وهو من الناحية العملية تعزيز لوضعهم والمحافظة على مصالحهم، وفي الجانب الاخر العمل على تقويض دور المجلس الانتقالي الجنوبي والالتفاف على القضية الجنوبية.
هكذا ستسير الامور وسيتمخض عن اللقاء التشاوري عددا من المخرجات التي تصب جميعها على تقديم مجلس التعاون الخليجي الضمانات لاطراف الشرعية في عدم المساس بمصالحها، بل وتوسيعها من خلال إشراك وجوه جديدة من نفس التوجه تحت تبرير المشاركة الواسعة في العملية السياسية، وفي المحصلة الاخيرة تجديد أدوات النهب باساليب جديدة وحديثه.
في ظل هذا الوضع الأحادي الجانب، فإن الاصوات ستتعالى للمطالبة بتنفيذ بنود اتفاق الرياض وسنسمع الخطب وستصدر البيانات بهذا الشأن، وجميعها تتوافق مع وجهة نظر الشرعية اليمنية المتمثلة في سحب أسلحة القوات الجنوبية، وتكثيف تواجد قوات الحرس الرئاسي في محافظة عدن وتعزيز دور الشرعية ومؤسساتها في المحافظات الجنوبية.وبالتالي فإن جميع تلك الاصوات الهدف منها خلط الاوراق على طاولة الصف الجنوبي، وهذا ما سبق ان حدث في كل اللقاءات اليمنية، دون البحث في الحق الجنوبي المطالب باستعادة دولته .
أمام هذه التوجهات فإننا نوعز الهدف من عقد تلك المشاورات على الأرجح الى التالي:
اولا .. تجديد طلب حكومة الشرعية اليمنية من دول التحالف العربي المشاركة في الحرب ومنح المملكة الشرعية القانونية للاستمرار في الحرب. لاسيما وان أصوات دولية بدأت تشكك في مشروعية مشاركة المملكة السعودية ودولة الامارات العربية في الحرب اليمنية.
ثانيا .. التاكيد على التمسك بالمرجعيات الثلاث، المتمثلة في المبادرة الخليجية، مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الامن الدولي رقم 2216 لحل الأمة اليمنية.
ثالثا .. تطمين مكونات الشرعية اليمنية بالتمسك بالوحدة اليمنية وفقا لنظام الحكم الفيدرالي، والذي يضمن عدم انفصال الجنوب.
رابعا .. تقريب وجهات نظر مكونات الشرعية اليمنية، ورأب الصدع بين صفوفها، وضمان استمرار مصالحها طالما انها تعمل وفقا لتوجهات دول التحالف العربي.
خامسا .. مراوغة الجنوبيين والوعد بالحكم الذاتي في اطار الحكم الفيدرالي مع وجود من يمثلهم فيما إذا تم التوافق على تشكيل مجلس رأسي للشرعية اليمنية.
من هذه المعطيات نرى ان المستفيد الوحيد من عقد تلك المشاورات هي دول التحالف العربي، بالتجديد لها بمشروعية استمرار مشاركتها في الأزمة اليمنية. وبشان اطراف ومكونات الشرعية اليمنية فان حصولها على الضمانات اللازمة لبقاء مصالحها ومصالح افرادها السياسية والمالية. بينما الجنوبيين هم الخاسر الوحيد من تلك المشاورات، واهم خسارتهم هو الزج بهم في دهاليز الشرعية اليمنية.
وامام تلك التحديات فإنه يستوجب على المكونات الجنوبية ان تتفق على رؤية واحدة وواضحة ولو في حدها الادنى، ما لم فإن هذا اللقاء هدفه دفن القضية الجنوبية والدخول في مرحلة جديدة من التسويف يعلم الله وحده كم سيطول أمدها.
الخلاصة والنصيحة.. عليكم يا أبناء الجنوب ان تعيدوا ترتيب أوراقكم السياسية، تنازلو لبعضكم البعض، واحرصوا على نيل ضمانات المشاركة بما لا يتعارض مع تطلعات شعبكم ومصير قضيتكم.