fbpx
معركة صلاحيات تتحول إلى تحد بين حفتر والسلطة الليبية الجديدة
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

تحولت تعيينات العسكريين إلى معركة بين القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في حين أعادت تصريحات متبادلة لحفتر ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة، الانقسام إلى الواجهة من جديد.

 

وقال حفتر في كلمة بمناسبة الذكرى 81 لتأسيس الجيش إن قواته “لن تكون خاضعة لأي سلطة إلا السلطة التي سينتخبها الشعب مباشرة”.

 

وأضاف أن قواته “ستظل صامدة مهما بلغت حنكة الكائدين في الخداع باسم المدنية أو غيرها”، وهو ما اعتبر انقلابا على الاتفاق الذي جرى مطلع العام الحالي وانتهى بتشكيل حكومة وحدة وطنية.

 

ورد الدبيبة على تصريحات حفتر بالقول “الجيوش وُجدت لحماية العواصم لا أن تقتحمها وترعب أهلها وتدمر ممتلكاتها”، في إشارة إلى العملية العسكرية الفاشلة التي أطلقها حفتر في أبريل 2019 وانتهت بخسارته التامة لوجوده العسكري في المنطقة الغربية.

 

وتؤكد هذه التصريحات وجود موقف مسبق للدبيبة من حفتر وقواته وهو ما من شأنه أن يؤثر على صورته كرئيس لحكومة توافقية. وكانت مؤشرات موقف الدبيبة قد ظهرت منذ أن رفض تخصيص ميزانية للجيش ضمن الميزانية العامة إضافة إلى رفضه حضور حفل عسكري كان قد أقامه حفتر بمناسبة الذكرى الثامنة لإطلاق عملية الكرامة.

 

وقبل ذلك منع حفتر طائرة للحكومة كانت قادمة إلى بنغازي من النزول في مطار بنينا بسبب وجود قوات أمنية كانت ترافق الوفد الحكومي.

 

مختار الجدال: القائد الأعلى للجيش يجب أن يكون منتخبا من الشعب

وتعزز هذه التطورات المخاوف من استنساخ تجربة حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج التي جاءت في البداية لطي صفحة الانقسام قبل أن تتحول إلى طرف في الصراع بعد أن انحازت إلى تيار الإسلام السياسي المسيطر على المنطقة الغربية.

 

واستبق المجلس الرئاسي الذكرى الحادية والثمانين لتأسيس الجيش الوطني، بإصدار جملة من التعليمات بوصفه القائد الأعلى للقوات المسلحة حسب الاتفاق السياسي، سرعان ما أطاح بها حفتر بعد ساعات قليلة.

 

وقرر القائد العام للجيش الليبي الاثنين تكليف رئيس الحكومة المؤقتة المنتهية ولايتها الفريق عبدالله الثني بإدارة سياسية في القوات المسلحة، وتكليف اللواء هاشم بورقعة الكزة آمرا لمنطقة طبرق العسكرية.

 

كما قرر إعادة تشكيل غرفة عمليات سرت الكبرى وتكليف اللواء أحمد سالم آمرا لها، كما قرر ترقية اللواء طيار محمد المنفور إلى رتبة فريق وتكليفه برئاسة أركان القوات الجوية.

 

وتم تكليف اللواء رمضان عطالله البرعصي آمرا لمنطقة البيضاء العسكرية، وترقية اللواء مفتاح شقلوف إلى رتبة فريق وتكليفه برئاسة أركان الحدود.

 

وكُلف اللواء صالح عبودة بإدارة التدريب في القوات المسلحة الليبية، كما كُلف العميد عبدالله عمر الزائدي آمرا لغرفة عمليات الجفرة، والفريق امراجع العمامي برئاسة القوات البرية بدلا من اللواء نورالدين الهمالي، إضافة إلى تكليف الفريق صقر الجروشي، مديرا لإدارة التفتيش العسكري.

 

وقبل ذلك بيومين، وجه المجلس الرئاسي الليبي تعليمات لجميع الوحدات العسكرية بالتقيد بتعليماته كقائد أعلى للقوات المسلحة، في ما يخص الترقيات وتشكيل الوحدات العسكرية وتعيين آمري المناطق العسكرية.

 

وقال المجلس في بيان السبت إن الاختصاصات المسندة للمجلس الرئاسي وفقا لمخرجات الحوار السياسي في 9 نوفمبر 2020، تشمل القيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي، ووفقا لذلك “لا يجوز مخالفتها مهما كانت الظروف والأسباب”.

 

وتابع أن أي مخالفة لهذه الاختصاصات يترتب عليها “عدم مشروعية أي قرار صدر خلافا لذلك، كما يعد تعديا على صلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي”.

 

وأشار إلى أنه ضمن اختصاصات القائد الأعلى للجيش الليبي بحكم التشريعات النافذة “ترقية الضباط العادية والاستثنائية ومنحهم القدم الممتاز، وتشكيل وإنشاء الوحدات العسكرية، وتعيين آمري المناطق العسكرية ومعاونيهم، وبالتالي فهي اختصاص أصيل للمجلس الرئاسي قانونا بصفته القائد الأعلى مجتمعا”، مضيفا أن أي قرار يصدر بالمخالفة لذلك من أي جهة أو منصب “يعتبر باطلا وجب إلغاؤه لصدوره من جهة غير مختصة”.

 

ويرى مراقبون محليون أن المجلس الرئاسي، دفع بنفسه إلى ورطة ما كان له أن يقدم عليها، ولاسيما أنه يدرك أن قيادة الجيش في شرق البلاد لن تلتزم بها، نظرا لاستمرار حالة الانقسام التي تضرب المؤسسة العسكرية، وكذلك لعدم وجود جسور تواصل بين مكتب القائد العام في “الرجمة” ببنغازي والسلطات التنفيذية في طرابلس إلا عن طريق الوسطاء الأجانب والبعثة الأممية.

 

تعيينات العسكريين تحولت إلى معركة

ورغم نجاح الأمم المتحدة بضغوط دولية في إنهاء الانقسام السياسي من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية حظيت بثقة البرلمان، إلا أن المؤسسة العسكرية ما زالت منقسمة.

 

ويطالب حفتر بحل الميليشيات ونزع سلاحها، إلا أن السلطات الجديدة بعثت برسائل منذ الأيام الأولى لتوليها السلطة مفادها أن الميليشيات جزء من الجيش.

 

كما أن استمرار الوجود العسكري التركي هو واحد من أهم عوامل التوتر بين حفتر من جهة والمنفي ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة من جهة أخرى.

 

وأدى الخلاف بين المجلس الرئاسي وقيادة الجيش إلى حالة من الجدل الحاد بين الفرقاء الليبيين، فقد وصف عضو مجلس الدولة الاستشاري بلقاسم دبرز الإعلان عن تعيينات وترقيات لضباط بالجيش من قبل حفتر بأنها ضرب بعرض الحائط للقوانين والتشريعات واللوائح المعمول بها المدنية والعسكرية، مطالبا المجلس الرئاسي “بالكف عن المهادنة التي ضيعت الوطن”، في إشارة إلى تعامله مع حفتر.

 

ورأى دبرز أن المسؤولية الأولى عن إبطال قرارات حفتر وغيرها تقع على المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، مضيفا “ضعف المجلس الرئاسي والتسليم في اختصاصاته أدى إلى أن حفتر يأمن العقاب ويتصرف كأنه في غابة”.

 

لكن المحلل السياسي كمال المرعاش اعتبر أن الترقيات التي أجراها حفتر دورية، حيث اعتادت الجيوش النظامية والرسمية أن تكرم ضباطها بترقيتهم وتمنحهم الأنواط والنياشين العسكرية، في أعياد تأسيسها، إما تقديرا لجهودهم العسكرية الاستثنائية، وإما لاستحقاقهم هذه الرتب بحسب الأقدمية، لافتا إلى أن حفتر استغل مناسبة ذكرى تأسيس الجيش الليبي لتوجيه رسائل عدة إلى الشعب الليبي وإلى المجتمع الدولي، ولاسيما أن ليبيا ما زالت تعاني من الانقسام والتبعية، بل حتى عودة الاستعمار العسكري المباشر.

 

واستنكر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب طلال الميهوب بيان المجلس الرئاسي الأخير في ما يتعلق بصفة القائد الأعلى للقوات المسلحة في البلاد، وأشار فيه إلى أن ما ورد فيه يمثل محاولة “بائسة” لعرقلة عمل المؤسسة العسكرية وسير عملها، محذرا من تغلغل الأفكار المؤدلجة داخل المجلس واتخاذه مطية لتحقيق أهداف معينة.

 

وأوضح أستاذ العلوم السياسية بالجامعات الليبية مختار الجدّال أن القائد الأعلى للقوات المسلحة يجب أن يكون منتخبا من الشعب مباشرة وليس وليد إسقاطات سياسية غير خاضعة لإرادة الليبيين، مناديا بضرورة توفير فرصة للشعب كي ينتخب رئيسا بكامل إرادته ليكون بالفعل قائدا أعلى للقوات المسلحة.

وسوم