fbpx
الجنوب بين نار الأعداء ونار الأبناء

 

بالتأكيد أن أكثر ما يقلق الشارع الجنوبي ويرهقه هي الخلافات البينية وسوء التنظيم والعشوائية، الكل متخوف ينظر باستياء إلى ما يحدث أمامه، يقول بحرقة لما كل هذا إلا يكفينا ما أصابنا وابتلينا به من عدو غاشم ؟! الكل بألم يتساءل لما الهروب من التوافق في الخارج ؟ لما الأنانيات والمماحكة في الداخل؟ من المستفيد من كل هذا العبث؟؟

أختلفوا من يسميهم البعض بالقيادات التاريخية وانقسموا على بعضهم، أحرقوا أعصاب الجماهير وكأننا أمام مسلسل مكسيكي، كل ما ظننا أنهم اتفقوا تأجل لقاؤهم إلى اجتماع أخر، هكذا استمرت حلقات هذا المسلسل الطويل والممل، كان كل فريق يرمي اللوم على الأخر، ويحاول أن يبرر لنفسه سبب عدم موافقته على أي توافق، والحوار اليمني كان دائماً هو الشماعة التي يعلق عليها أي فشل.

اليوم بعد أن تكشفت أوراق هذا الحوار، واتضحت الرؤية، لم تعد هناك ضبابية في المواقف لتثير الشكوك حولها، وأصبح الجميع يقولها بوضوح أن الهدف هو الاستقلال ولا علاقة لنا بحوار صنعاء.

يتساءل الشعب المغلوب على أمره كيف ستكون الحلقة الأخيرة المعلن عنها في القاهرة؟؟ هل سينتهي المسلسل الطويل والممل ونطوي معه آلام رافقتنا طوال السنين التي مضت؟؟ أم أن هناك فصلاً أخر من التشويق والإثارة وحرق الأعصاب وسيعلن عن جزء ثاني قد يطول كثيراً؟؟ هذا ما نترقبه بفارغ الصبر لتكشف عنه الأيام القادمة، لأن الشارع الجنوبي على ما يبدو قد أستسلم لأمر الواقع بعد أن أحس العقم والعجز الذي بات فيه، بعدم قدرته على أنتاج قيادة جديدة، ولم يعد أمامه إلا التمسك بدينصورات القرن الماضي، وكل يوم أمنيته أن تلتقي هذه القيادات وتتفق.

ليس هذا فحسب هناك أيضاً ما يثير القرف والاشمئزاز من التصرفات الصبيانية التي يمارسها البعض من قيادات الداخل، عند كل مهرجان يختلقوا القلاقل، ويفتعلوا المشاكل، كلاً يريد أن يكون الراعي الرسمي للمهرجان، بكل الوسائل المتاحة لديه يعمل على إقصاء ومحاربة الآخرين، ويحاول أن يستغل متاعب الناس ويستثمرها لصالحة ويظهرهم على أنهم مملوكين له وهو من يحركهم، ، بل البعض من نفس المكون ويريد أن ينتصر لشخصه، برغم أن الناس أخرجها حب الوطن ولم يخرجوا حباً في هذا أو ذاك.
إذا نظرنا إلى ما حدث قبل ما يقارب الشهر أو أكثر تحديداً في مهرجان 17-18 مارس لا يصدق عاقل أنهم خلال الفترة الطويلة التي سبقت المهرجان لم يستطيعوا حتى التنظيم والأعداد له جيداً، انشغلوا بالبحث عن المكان طول تلك الفترة، ولم نرى أحدا منهم يطلع على الناس ليطمئنهم عن الترتيبات الجارية آنذاك، لم نرى ناطقاً رسمي للجنة التنظيمية، لم نرى اللجنة نفسها ولا تصريح لها عن ما يدور!!.. كان الجميع يعيش قبل المهرجان بقلق وحيرة من أمره، لا أحد يدري بسر التخبط الذي حدث ولما كانت تسير الأمور بتلك العشوائية؟؟!. وما شاهدناه قبل المهرجان من تصريحات متباينة، وتراشق إعلامي حتى بعد وصول الجماهير إلى عدن، كان دليل واضح على أن الثورة الجنوبية في خطر وأنها تعاني من أزمة قيادة، وأن الأبناء وخلافاتهم أكثر خطراً عليها من الأعداء.

واليوم نفس القصة تتكرر في الإعداد لمهرجان 27 ابريل إلى حد الآن لا نعلم عن شيء وفوق هذا هناك من يدعي إلى اقامته في أبين ومنهم من يقول في عدن ولازال الخبيط بخصوص المهرجان جاري وسيستمر كالعادة.

يحز في النفس أن من كنا نقول عنهم متخلفين وجهله، اليوم يجتمعوا تحت سقف واحد في صنعاء، برغم أنهم قد خاضوا معارك شرسة في الحصبة والنهدين وصعده، ونحن من ندّعي الثقافة والعلم والفهم لازال كلاً منا لا يقبل الأخر.

تصرفات من يقود الداخل وأنانيتهم وتحولهم من مناصرة قضية الشعب إلى مناصرة مكوناتهم وأصنامهم مؤشر خطير، تجعل نظرتنا تشاؤمية غير مطمئنين على مستقبل الدولة المنشودة. أتمنى أن لا يطلع علينا من يبرر لهم بقوله أنها مجرد تكتيك وأن القادة أصلاً متفقين مسبقاً، نمرر القول هذا بمرارة عندما يتعلق الأمر بقيادات الخارج .. فماذا ستقولون لنا اليوم عن من يطعن الشعب بالظهر بتصرفاته الهمجية وعشوائيته وأنانيته في الداخل ؟؟؟