fbpx
خطى القاهرة السياسية صوب الدوحة أسرع منها إلى أنقرة
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

 

بدأت مؤشرات التقارب بين مصر وكل من قطر وتركيا في توقيت واحد تقريبا، غير أن الخطوات التي تسير بها القاهرة نحو الدوحة تبدو أسرع قليلا، مع أن البلدين كانا خصمين لدودين في الكثير من القضايا الإقليمية التي تهم القاهرة.

 

وتجاوز التحسن السياسي النسبي في العلاقات مع الدوحة المجاملات الدبلوماسية التقليدية، حيث دعت مصر بالتعاون مع السودان إلى عقد لقاء على هامش الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية الدول العربية في الدوحة الثلاثاء يتعلق بحل أزمة سد النهضة.

 

ويمثل حضور وزير الخارجية المصري سامح شكري لهذا الاجتماع أول زيارة له منذ اندلاع الأزمة مع الدوحة بخصوص دعم جماعة الإخوان، والتي ازدادت تصعيدا عقب مقاطعة الرباعي، مصر والسعودية والإمارات والبحرين، لقطر، ثم بداية التحسن التدريجي مع انعقاد قمة العلا لدول مجلس التعاون في يناير الماضي، والتي عنيت بالمصالحة الخليجية مع الدوحة.

 

وقال سامح شكري في مقابلة مع إحدى القنوات الفضائية المحلية السبت إن هناك تطورا مرتقبا الأسبوع المقبل “له تأثير إيجابي ويساهم في نمو العلاقة مع قطر”، لافتا إلى أن بلاده “تسعى لإزالة كل الشوائب التي لحقت بالعلاقات مع الدوحة على مدى سنين المقاطعة”.

 

سامح شكري: نسعى لإزالة الشوائب التي لحقت بالعلاقات مع قطر على مدى سنين المقاطعة

 

ولم يوضح شكري طبيعة هذا التطور وماهيته، لكنه أضاف “نعمل على إزالة الشوائب حتى ننطلق إلى درجة أخرى من استعادة العلاقات ونسير بخطى ثابتة”.

 

ورجحت مصادر مصرية أن يكون التطور المقصود يتعلق بإعلان قطر عن تذليل بعض العقبات في ملف سد النهضة الإثيوبي خلال اجتماع الوزراء العرب في الدوحة، أو تحديد موعد لزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى قطر، بناء على الدعوة التي تلقاها خلال استقباله في القاهرة لوزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في الخامس والعشرين من مايو الماضي.

 

وتم إنشاء لجنة المتابعة واللجنة القانونية والاتصالات السياسية لإزالة الشوائب التي لحقت بالعلاقات المصرية القطرية على مدار سنوات المقاطعة، مهمتها رصد التطورات الخاصة بها.

 

وأشارت المصادر المصرية في تصريح لـ”العرب” إلى أن شكري سيقوم خلال زيارته الدوحة بزيادة تنسيق المواقف مع القيادة القطرية، وتهيئة الأجواء لإتمام زيارة السيسي قريبا.

 

وأكد وزير الخارجية القطري في وقت سابق أن مصر من الدول الكبرى في المنطقة وتلعب دورا قياديا في الملفات الإقليمية، والرئيس السيسي يمثل الشرعية المنتخبة في مصر، لافتا إلى وجود تقدم إيجابي في عمل اللجان الثنائية التي تجتمع في البلدين.

 

وبدت هذه التصريحات مطمئنة للقاهرة لأنها حسمت مسألة الاعتراف بالنظام المصري الذي يحكم البلاد عقب رحيل الإخوان عن السلطة، واتخذت كدليل على وجود تغير في التوجهات القطرية.

 

واعتبر مدير المركز المصري للشؤون الخارجية عزت سعد أن مواقف قطر التي عبّرت عنها تفاهمات زيارة وزير الخارجية إلى القاهرة، ومتابعة الأداء الإعلامي لقناة الجزيرة، ومساندة مصر في وقف العدوان على غزة، تبرهن على أن هناك قدرا من التغيير في السياسة القطرية، وهو ما تتجاوب معه مصر حاليا.

 

وذكر المحلل السياسي المصري عمرو الشوبكي أن تطور العلاقات مع قطر يعود لأنها جزء من المنظومة الخليجية التي تربطها علاقات وطيدة بالقاهرة، إلى جانب سعي الدوحة لإعادة الاندماج في محيطها الخليجي لإنهاء الآثار السلبية للمقاطعة العربية.

 

ويرجع مراقبون التطور النسبي في العلاقات مع قطر وعدم حدوث ذلك بالوتيرة نفسها مع تركيا إلى أن الدوحة التقطت إشارات التحسن الحاصل في العلاقات بين مصر والإدارة الأميركية مبكرا، والتراجع الظاهر لتدخلاتها في الشؤون المصرية.

 

ويضيف هؤلاء أن تدخلات الدوحة في بعض الأزمات الإقليمية تكتيكية وتبحث عن دور لها من خلال مناكفة القاهرة في القضية الفلسطينية، أو عبر الأذرع المتعددة للإخوان، بينما تدخلات تركيا ذات طابع استراتيجي يحتاج تغييرها إلى بعض الوقت.

 

وأكد سامح شكري السبت أن القاهرة واجهت الوفد التركي الذي زار القاهرة، في الخامس والسادس من مايو الماضي، ببعض السياسات التي لا تخدم استقرار المنطقة، وأن رفع مستوى العلاقات سيكون في التوقيت المناسب، مطالبا بضرورة ابتعاد تركيا عمّا يزعزع استقرار مصر داخلياً وخارجياً.

 

وجاءت تصريحات شكري بعد يومين من حديث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن قرب حصول اتفاق بين أنقرة والقاهرة على عودة السفراء في العاصمتين، وأن المحادثات بين الطرفين تقدمت تدريجيا.

 

Thumbnail

وتشدّد مصر على ضرورة مراعاة تركيا لعدد من المطالب التي قدمتها وتسهم في إزالة الصعوبات، أبرزها رفع يدها عن دعم جماعة الإخوان وتسليم عدد من المطلوبين من المحكوم عليهم في قضايا عنف وإرهاب، ووقف حملات التحريض التي تبثها قنواتهم من تركيا، وخروج المرتزقة الذين زجت بهم في ليبيا.

 

وفسر متابعون الزيارة المفاجئة لوزراء الدفاع والخارجية والداخلية في تركيا إلى ليبيا أخيرا والتأكيد على عدم سحب قوات بلادهم منها لأنها “ليست أجنبية” على أنها رسالة للضغط على القاهرة كي تخفف من مطالبها لتحسين العلاقات مع أنقرة.

 

ولا توحي تحركات المسؤولين الأتراك بوجود تحول يتماشى مع التصريحات الإيجابية التي صدرت من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو، كأنها ضمن حملة للعلاقات العامة تقوم بها أنقرة في المنطقة تشمل السعودية واليونان وقبرص وفرنسا.

 

وقال عزت سعد في تصريح لـ”العرب” إن الواقع على الأرض يشير إلى عدم وجود نوايا صادقة للتغيير من قبل أنقرة، ويمكن ملاحظة ذلك في الزيارة التي قامت بها الترويكا التركية إلى ليبيا، وأن القاهرة أضحت أكثر إدراكاً بأن ما يقوله المسؤولون الأتراك في الإعلام لا يطبّق في صورة سياسات على الأرض.

 

وتجيد مصر التعامل مع الأنظمة المحافظة، كما الحال مع السلطة الحاكمة في قطر، على عكس تركيا التي يهيمن عليها التوجه الأيديولوجي للرئيس رجب طيب أردوغان، وتظهر أنقرة بوجهين، أحدهما براغماتي له توجهات نحو الانفتاح، ويقابله آخر عقائدي يمثله حزب العدالة والتنمية الحاكم، وهو عضو فاعل في التنظيم الدولي للإخوان.

 

ويبدو أن النفوذ الإقليمي لتركيا يجعل هناك منافسة قوية مع مصر الصاعدة بما يؤكد أن هناك حسابات معقدة من الصعب تجاوزها بسهولة، ولن تقدّم أنقرة تنازلات مجانية وستكون مُصرّة على السير في طريقها دون تعديل جذري في سياستها الخارجية.

أخبار ذات صله