fbpx
الدبلوماسية الليبية تحاول استعادة عافيتها من بوابة الاقتصاد
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

طغى على الجولة الخارجية الأخيرة التي قادت رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبدالحميد الدبيبة إلى كل من الجزائر وفرنسا وإيطاليا الطابع الاقتصادي أكثر من السياسي، رغم أن المهمة الرئيسية الموكلة إليه هي تنظيم الانتخابات قبل نهاية العام.

 

فستة أشهر لا تبدو مدة كافية لأي حكومة لتحقيق إقلاع اقتصادي سريع، خاصة في ظل عدم مصادقة مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح على موازنة الدولة، ما سيعرقل عملها رغم مرور نحو شهرين ونصف على تسلم الدبيبة السلطة.

 

لكن رئيس حكومة الوحدة الوطنية القادم من بيئة رجال الأعمال يسعى لوضع القطار الاقتصادي للبلاد على السكة، وهذا ما يتجلى في إعلانه خلال منتدى الأعمال الليبي – الإيطالي بروما سعي حكومته زيادة إنتاج النفط إلى 4 ملايين برميل يوميا، أي ضعف إنتاج نيجيريا أكبر مصدر للنفط في أفريقيا.

 

ويقدر إنتاج ليبيا الحالي من النفط بنحو 1.1 مليون برميل يوميا، بينما بلغ في 2011 ذروته عند حدود 1.6 مليون برميل يوميا، حيث تعتبر أكبر بلد أفريقي من حيث احتياطي النفط، ناهيك عن احتياطات هامة من الغاز الطبيعي.

 

ويراهن الدبيبة على إغراء النفط و120 مليار دولار كلفة إعادة إعمار البلاد لاستقطاب دعم دول الجوار والدول الفاعلة في الملف الليبي ليس لجذب الاستثمارات فقط، بل أيضا من أجل كسب تأييد دولي لتحقيق الاستقرار الداخلي وتقوية شرعية حكومته التي تواجه تحديات أمنية خطيرة.

 

فمن خلال زيارة الجزائر وفرنسا وإيطاليا واستقباله رئيس الوزراء الإسباني في العاصمة طرابلس يحاول الدبيبة إيصال رسالة للعالم أن بلاده بدأت تستعيد استقرارها السياسي والأمني والاقتصادي وتحتاج لدعم دولي لتعزيز هذا الاستقرار.

 

فالدبيبة يواجه في هذه المرحلة عراقيل سياسية وأمنية من بينها عدم تقدم عمل لجنة 5 + 5 العسكرية المشتركة لتوحيد الجيش وإخراج المرتزقة ونزع الألغام وفتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب.

 

إضافة إلى ذلك تعد التشكيلات المسلحة والميليشيات أحد أبرز الملفات التي تعيق التوافق وإنهاء الانقسام داخل ليبيا، وكثيرا ما شكل مصيرها نقطة خلاف تعيق توحيد المؤسسة العسكرية. ناهيك عن بطء العملية السياسية خاصة ما تعلق بالاتفاق على قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات في 24 ديسمبر المقبل وإصدار القوانين المتعلقة بها.

 

ويؤكد متابعون ومحللون أن الدبيبة يسعى لحلحة الوضع السياسي والأمني في بلاده عبر حشده دعما دوليا من بوابة الاقتصاد.

 

مصالح اقتصادية في الجزائر

ماريو دراغي: يجب إبعاد المرتزقة وكافة القوات الأجنبية من ليبيا

تعد أبرز النتائج التي حققها الدبيبة في زيارته للجزائر الاتفاق على عودة العملاق النفطي “سوناطراك” لاستئناف العمل في مجال استكشاف النفط بحوض غدامس (جنوب غرب).

 

وكانت سوناطراك المصنفة كأكبر شركة في أفريقيا سحبت موظفيها من غدامس الليبية المحاذية للحدود المشتركة مع الجزائر في 2011 بعد تردي الأوضاع الأمنية في ليبيا.

 

كما أن فتح الحدود البرية أمام حركة البضائع ثم المسافرين، واستئناف الرحلات الجوية مع الجزائر، وبحث إمكانية فتح خط بحري أيضا مع طرابلس إحدى الوعود التي حصل عليها الدبيبة خلال لقائه بالمسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم الرئيس عبدالمجيد تبون.

 

فخلال السنوات العشر الأخيرة أوقفت أغلب الخطوط الجوية العالمية نشاطها بليبيا كما أغلقت عدة دول مجالها الجوي أمام الطائرات الليبية.

 

واستأنفت الخطوط الجوية الليبية في نهاية مارس 2015 نشاطها نحو الجزائر قبل أن يتم وقفه مطلع 2016، إذ أن الهاجس الأمني كان دوما مطروحا منذ 2011.

 

ويشكل التعاون في مجال الطاقة أحد الملفات الأخرى المهمة التي ركز الدبيبة عليها خلال الزيارة، حيث دعا لتعميقه بـ”تفعيل اتفاقيات إنتاج ونقل الطاقة الكهربائية”.

 

وأشاد الدبيبة بالطاقم الجزائري الذي دعم الشركة العامة للكهرباء في أعمال صيانة وتشغيل محطة الخُمس الاستعجالية.

 

وتعاني ليبيا من أزمة حادة في الكهرباء تسببت في وقوع احتجاجات حاشدة صيف 2020 دفعت حكومة الوفاق للاستنجاد بشركة سونالغاز الجزائرية لإصلاح أعطاب في محطة الخُمس (غرب)، كما يبحث البلدان إمكانية تصدير الجزائر الكهرباء نحو ليبيا.

 

وكان التعاون في المجال الطبي أيضا أحد الملفات التي حملها الدبيبة إلى الجزائر بالنظر إلى هشاشة هذا القطاع في البلاد خلال نظام معمر القذافي (1969 – 2011) والذي ازداد سوءا بسبب ظروف الحرب ومغادرة الكثير من الكوادر الأجنبية للبلاد.

 

وفي هذا الصدد تحدث تبون عن “إمكانية التعاون في المجال الصحي، ودعم كوادره (في ليبيا) بعناصر طبية وطبية مساعدة متخصصة”.

 

وخلال زيارة الدبيبة لمنتدى الأعمال الجزائري – الليبي رفقة رئيس الحكومة الجزائري عبدالعزيز جراد، كشف ممثل لشركة “صيدال” المتخصصة في الصناعات الصيدلانية عن توقيع اتفاقيات لتصدير أدوية إلى ليبيا.

 

وسياسيا تركزت المباحثات حول تقديم الجزائر الدعم الفني لليبيا لمساعدة وزارة الداخلية في تعزيز خطة تأمين العملية الانتخابية.

 

كما كانت المصالحة بين الليبيين التي التزمت حكومة الوحدة بتحقيقها من المواضيع التي دار حولها النقاش، واعتبر الدبيبة أن “الجزائر مؤهلة لدعم وقيادة المصالحة في بلاده”.

 

من جهة أخرى كان مطلب الجزائر الأساسي من الوفد الحكومي الليبي التعاون في مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، حيث تنشط مجموعات إرهابية على الحدود الطويلة بين البلدين (قرابة ألف كيلومتر)، وتنظيمات متخصصة في تهريب الأسلحة والمخدرات.

 

ثقل روما وباريس السياسي

Thumbnail

تمثل إيطاليا أهمية كبيرة بالنسبة إلى حكومة الوحدة الوطنية، حيث أنها تعتبر أكبر مستثمر في قطاع النفط والغاز بليبيا وأكبر مستورد له، والمستعمر التاريخي للبلاد، فضلا عن قرب شواطئها من البلاد.

 

لذلك اكتسبت زيارة الدبيبة إلى روما أهمية خاصة لجس نبض توجهات الحكومة الإيطالية الجديدة بقيادة ماريو دراغي الذي تولى رئاسة الوزراء في فبراير الماضي.

 

وعرف عن روما دعمها لحكومة الوفاق في مواجهة الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، ما سبب لها انتقادات محلية، فيما تراجع نفوذها مع دخول تركيا التي دعمت حكومة الوفاق بالسلاح والمرتزقة على خط النزاع.

 

وتحاول روما استعادة نفوذها في المشهد الليبي الجديد. وفيما ركز الدبيبة خلال الزيارة على ملفات إعادة الإعمار والتعاون الاقتصادي خارج قطاع المحروقات وفتح أجواء الطيران الأوروبي من وإلى ليبيا، كان الاهتمام الإيطالي منصبا على الجوانب السياسية أكثر من الاقتصادية، حيث أكد دراغي بحسب البيان المشترك على موقف بلاده الداعي إلى ضرورة “إبعاد المرتزقة وكافة القوات الأجنبية” من ليبيا. وبالنسبة إلى روما فإن الملف الأكثر حساسية هو الهجرة غير النظامية، حيث أعرب دراغي عن استعداد بلاده لـ”تمويل عمليات إعادة المهاجرين إلى بلدانهم والإجلاء الطوعي من ليبيا”.

 

الحكومة الليبية تحاول إيصال رسالة للعالم أن البلاد بدأت تستعيد استقرارها السياسي والأمني والاقتصادي، وتحتاج لدعم دولي لتعزيزه

 

أما المحطة الثالثة في جولة الدبيبة فكانت فرنسا التي تمثل ثقلا في الملف الليبي باعتبارها أكبر الداعمين الأوروبيين لحفتر، وتترأس حاليا مجلس الأمن الدولي، كما تنسق مع ألمانيا لعقد مؤتمر برلين.

 

ويأتي دعم باريس لحفتر في ظل وقوفها في صف الجيش في مواجهة العبث التركي بأمن البلاد، وفي إطار دعمها لمعركة تحرير طرابلس من سطوة الميليشيات المسلحة.

 

ويؤكد المتابعون أن هذه الزيارة كانت سياسية بامتياز على عكس زيارتي الجزائر وإيطاليا اللتين غلب عليهما الطابع الاقتصادي.

 

وفي تقدير المتابعين تراهن فرنسا على الدفع نحو سحب المرتزقة الروس والأتراك والقوات الأجنبية من ليبيا كفرصة أخيرة لتحقيق طموحاتها الاقتصادية هناك، حيث تُدرك باريس أن وجود هذه القوات يهدف لضمان موطئ قدم لتلك القوى في البلاد بما يضع مصالحها على محك حقيقي.

 

وحصل الدبيبة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على التزام بدعم “حكومة الوحدة الوطنية في الجانب الأمني، وأيضاً تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار (…) والعمل معها لبناء جيش موحد”.

 

كما وعد ماكرون الدبيبة بدعم حكومته “لتأمين الحدود البرية والبحرية، والتعاون مع الدول الأفريقية المجاورة لتحقيق ذلك”.

 

ومسألة الحدود الجنوبية لليبيا أكثر ما يهم فرنسا المتواجدة بقوة برخان في منطقة الساحل، والتي استخدمها مؤخرا متمردون تشاديون للهجوم على شمالي وغربي تشاد، وتسبب ذلك في مقتل الرئيس إدريس ديبي وتولي مجلس عسكري السلطة، ما أدى إلى زعزعة استقرار البلاد وانعكس ذلك على المنطقة بعد أن تلاه انقلاب ثان في مالي.

 

ويمكن الاستنتاج أن الدبيبة نجح في الحصول على دعم واضح من ثلاث دول قوية في المنطقة بهدف إنجاح المرحلة الانتقالية ورغبة حكومته في الانطلاق سريعا في إعادة الإعمار، وحل المشكلات المستعجلة في قطاعي الكهرباء والصحة.

وسوم