fbpx
لقاء القاهرة يصطدم بسقف مطالب حماس
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

– يُحاط لقاء الفصائل الفلسطينية الذي دعت القاهرة إلى انعقاده السبت المقبل بقدر عال من الغموض، وحتى الآن من غير الواضح ما إذا ما كانت الاجتماعات التي رتبت لها مصر ستتم بشكل منفصل بين حركتي فتح وحماس أولا أم بشكل مباشر، ثم تنتقل إلى عقد اجتماع للأمناء العامين لجميع الفصائل الفلسطينية.

 

واستبعدت مصادر فلسطينية في القاهرة حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) هذه الاجتماعات، قبل أن تتمكن القاهرة من تذليل العقبات الناجمة عن رفع حماس سقف مطالبها السياسية وتعاملها مع غيرها من الفصائل باعتبارها قاطرة لها.

 

وكشفت المصادر ذاتها لـ”العرب” أن عباس ينتظر توضيحا من القاهرة بشأن موقف حماس من إشراف السلطة الفلسطينية على إعادة إعمار غزة التي تحاول الحركة التملص منه، ويريد معرفة رأيها من المشاركة في حكومة وحدة وطنية، ولا يريد أن يكون متواجدا بالقاهرة في وقت يتوقع أن تشهد المحادثات شدا وجذبا طويلين.

 

مصطفى الصواف: العقلية السابقة لم تعد تتماشى مع الأرضية الجديدة بعد حرب غزة

وحاول عباس استخدام ورقة قطر ليغمز منها للقاهرة بعدم ممارسة ضغوط على فتح، حيث التقى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر في الدوحة الاثنين، وبحث معه آخر المستجدات السياسية والأوضاع في القدس وإعادة إعمار قطاع غزة.

 

ووضع اشتية الشيخ تميم في صورة التحركات الدبلوماسية بما يتعلق باستئناف وتقدم العلاقات مع واشنطن، داعيا إلى “ملء الفراغ الحالي عبر طرح مسار سياسي يفضي إلى تطبيق قرارات الشرعية الدولية عبر الرباعية الدولية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس”.

 

ويشير مراقبون إلى أن حماس تنتشي بما تعتبره نصرا سياسيا حققته على إسرائيل، وتحاول تسويق الأمر على هذا الأساس بين الجمهور الفلسطيني للحدّ من الضغوط التي قد يتعرض لها وفدها بالقاهرة لتقديم تنازلات تصب في صالح السلطة الفلسطينية.

 

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية بالقاهرة عبدالعليم محمد، إن التفكير الفصائلي أبرز ما يهدد نجاح محادثات القاهرة، لأن رفض حماس وضع المكاسب التي تحققت في سياق شامل بحيث يجري التوافق على قيادة موحدة تتحدث باسم الفلسطينيين مع المجتمع الدولي وإسرائيل سوف يقود إلى تكرار التجارب السابقة التي توقفت عند نقطة عدم تنفيذ ما يتم التوصل إليه خلال الاجتماعات.

 

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن إصرار حماس على تأكيدها بأنها الطرف الوحيد المنتصر في الحرب الأخيرة في غير محله، لأن انتفاضة القدس هي التي وجهت أنظار المجتمع الدولي نحو القضية الفلسطينية أولا، وليس هناك طرف واحد يمكن اعتباره السبب في ما تحقق وإنما هي مجموعة من العوامل المتباينة لعبت دورا في التأثير العام ودفعت إسرائيل والولايات المتحدة للشعور بالقلق.

 

ولا تزال حماس خاضعة بقوة لتفكير تنظيمات الإسلام السياسي التي تتسم بالخبث، ولا توجد ضمانات تدعم إمكانية تغيير رؤيتها التي تقوم على فرض مكاسبها السياسية إلا إذا حدثت معجزة فلسطينية، في حين أن هناك مشروعا جاهزا لدى القاهرة لدمج الفصائل داخل منظمة التحرير الفلسطينية لتتمكن من التعامل مع الأوضاع الراهنة.

 

وتحاول حماس القفز على عتبة منظمة التحرير والسعي لإعادة تشكيلها بطريقة تحقق أغراضا سياسية خاصة بها وحدها، وتضمن لها الهيمنة على مفاصل القرار على حساب السيطرة التاريخية لحركة فتح، وهو ما يتعارض مع التقديرات المصرية التي ترى أن منظمة التحرير ركن أساسي في النضال السياسي ولا تجب التضحية به.

 

وأشار المحلل السياسي القريب من حماس مصطفى الصواف لـ”العرب” إلى أن رؤية الحركة تقوم على ضرورة أن تكون هناك وحدة وطنية قادرة على تأسيس بناء سياسي يمكن أن يشكل رافعة للشعب الفلسطيني، وأن حماس ستطالب بهيئة وطنية فلسطينية لإدارة الوضع القائم من دون أن يكون هناك ارتباط بالكيان الصهيوني.

 

وأصبحت حماس مطالبة بأن تتخلى عن ارتباطها الإقليمي بما يسمّى محور الممانعة الذي تقبع على رأسه إيران الآن، بعد أن عرف الشعب الفلسطيني أن من نجح في وقف إطلاق النار ومنع استمرار الحرب وتكبد المزيد من الخسائر هي القاهرة وليست طهران.

 

عبدالعليم محمد: رفض حماس وضع المكاسب التي تحققت في سياق شامل يهدد محادثات القاهرة

ويرى متابعون أن إسرائيل هي المستفيد الأول من الوضع الفلسطيني الحالي، لأن حماس حركة مصنفة كتنظيم إرهابي في بعض الدول الغربية، والسلطة الفلسطينية ضعيفة، وحركة فتح تنخر في جسدها الخلافات، وبالتالي من الواجب الالتفاف هذه المرة حول إنهاء الانقسام كمدخل لضبط مسارات القضية الفلسطينية.

 

ولدى أي حكومة إسرائيلية حجة للتنصل من عدم التفاوض مع الجانب الفلسطيني على أساس حل الدولتين الذي أعاد طرحه الرئيس الأميركي جو بايدن، ففي ظل التشرذم الذي يسود الساحة الفلسطينية لن يكون هناك أفق إيجابي لأي مفاوضات، ووسط النشوة التي ظهرت عليها بعض قيادات حماس لن تتمكن القاهرة من تليين موقفها.

 

وتسعى الإدارة المصرية إلى إنهاء الانقسام الفلسطيني والوصول إلى تفاهمات مشتركة بين جميع الفصائل لدفع مفاوضات حل الدولتين إلى الأمام ومحاولة استغلال تصاعد الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية قبل أن يبرد وربما يتلاشى.

 

وأكد مصطفى الصواف لـ”العرب” أن فرص نجاح اجتماعات القاهرة بين الفصائل تتوقف على الأجندة التي تحملها فتح بتعليمات من الرئيس أبومازن، قائلا “إذا حضر وفد الحركة بنفس الأجندة القديمة التي تقدس اتفاق أوسلو وتثمن التعاون الأمني مع إسرائيل فالفشل سيلاحق الاجتماعات”.

 

وأوضح أن هناك رأيا سائدا في فلسطين يدعم المقاومة في الوقت الحالي، ولم تعد العقلية السابقة تتماشى مع الأرضية الجديدة بعد انتهاء حرب غزة الأخيرة، وسيؤدي إصرار أبومازن على مواقفه الجامدة إلى عدم تحقيق تقدم ملموس على مستوى التقارب بين القوى الفلسطينية المختلفة.

 

وتحاول القاهرة تجنب الدخول في حوارات تبدأ متفائلة وتنتهي إلى نتيجة سلبية لا تصب في صالح القضية الفلسطينية، ولذلك عملت خلال جولات الوفود الأمنية التي جابت غزة والضفة الغربية على وضع النقاط على الحروف وتبصير القوى المختلفة بطبيعة الموقف الدولي وإمكانية الاستفادة منه سياسيا لتغيير الأوضاع على الأرض.

وسوم