fbpx
العودة إلى المستقبل” شعار البنتاغون الآن
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات

“لم يعد المستقبل كالمعتاد”، بهذا التصريح يحذر المقدم المتقاعد من القوات الجوية الأميركية ويليام أستور قوات بلاده التي تحاول الاستفادة من تجارب حروب الماضي لتحقيق انتصارات في حروب مستقبلية متوقعة.

 

وفي تقديره فإن استخدام نفس الأسلحة والأيديولوجيا لمواجهة خصوم الولايات المتحدة سواء في ما يتعلق بمعركتها ضد الإرهاب أو في مواجهة صعود الصين وروسيا، لن يكون مجديا.

 

ولاحظ أستور مدى تشابه هيكلة وإستراتيجية الجيش الأميركي مع ما كان سائدًا في عام 1981 تاريخ انضمامه إلى سلاح الجو كطالب جامعي.

 

وفي تقديره لا يزال الجيش الأميركي يبني نفس أنواع الأسلحة التي كان يستخدمها في الثمانينات. بالطبع هذه الأسلحة متطورة أكثر من سابقاتها، وإن كانت أقل فاعلية في كثير من الأحيان، لكن الولايات المتحدة لا يزال لديها سلاح بحري مبني حول حاملات الطائرات، وسلاح جوي يركز على الطائرات المقاتلة وقاذفات القنابل الشبح، وجيش يعتمد على الدبابات والمروحيات.

 

وكما كان الحال في أيام الحرب الباردة القديمة – وربما تتجه بالفعل إلى حرب باردة جديدة في عام 2021 – تعمل واشنطن الآن على إعادة إحياء صواريخ باليستية عابرة للقارات بقيمة 100 مليار دولار، وهي أسلحة كانت غير فعالة بالقدر الكافي في الستينات، وأصبحت قديمة في الثمانينات. وربما أصبحت هذه الأسلحة الآن ضعيفة وغير فعالة بشكل مضاعف.

 

والآن على الرغم من حجم الجيش وسرّيته، فإن هذه القوات منظمة بشكل عام بطريقة مشابهة لما قبل عقدين.

 

وفيما وقعت إضافة قوة فضائية جديدة إلى الخدمات في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، كما أصبحت حرب الطائرات المسيرة آلية وغير محدودة، إلا أن أيديولوجية الحرب في هذه الدولة في عام 2021 هي نفسها التي سادت في عام 2001 أو حتى عام 1981.

 

ولا تزال الولايات المتحدة تمتلك هيكل قوة مصمّما أولاً وقبل كل شيء لردع وهزيمة قوة عظمى أخرى مثل الصين وروسيا. وحاليا يتم إعادة تشكيل الحرب الباردة وتغييرها لتتكيف مع هذا القرن الجديد، وهو قرن من المرجح أن يكون لصالح الصين.

 

وفي الوقت الحاضر وبدلاً من الحديث عن “احتواء” الشيوعية والاتحاد السوفييتي، كما حدث في الحرب الباردة، يدور الحديث عن فرض السيادة الدولية.

 

وبرأي أستور فإن الذين يعزمون على تحدي واشنطن وإضاعة إمبرياليتها وحريتها، هم بالطبع الصين وروسيا مع إيران وكوريا الشمالية، وهم أعداء لم يتغيروا كثيراً عن الثمانينات.

 

ويتساءل “إذن، هل هذا يعد اتجاهاً معروفاً بين القادة العسكريين للتحضير للحرب القادمة من خلال إعادة خوض الحرب المنتهية؟ أم أن هناك شيئاً جديداً يتم الإعداد له؟ وإذا كان من المفترض أن هذه الدولة قد فازت في الحرب الباردة الأخيرة منذ ما يقرب من 30 عامًا، فلماذا يستعد جيشنا لمواجهتها مرة أخرى باستخدام نفس الأسلحة والعقلية؟”.

 

وأضاف “لماذا تخاطر بلادنا بإعادة خوض حرب سبق لنا الفوز بها؟”.

 

قبل الإجابة على هذه الأسئلة يستحضر أستور اللحظة التي انضمم فيها إلى الجيش في عام 1981، حيث كانت القوات المسلحة الأميركية لا تزال تتعافى من صدمة الهزيمة في فيتنام (ولاوس وكمبوديا). في هذا الوقت لم يرغب البنتاغون في تكرار كارثة حرب فيتنام مرة أخرى. كان السبيل الآمن لتجنب هذا هو التركيز على الحرب الباردة ضد “إمبراطورية الشر” ممثلة في الاتحاد السوفييتي في عهد الرئيس رونالد ريغان.

 

كان لمثل هذا المسار فائدة خاصة تتمثل في تغذية المجمع الصناعي العسكري في عهد ريغان دون الحاجة إلى خوض حرب كارثية أخرى لمكافحة التمرد.

 

حرب المستقبل القريب تظل إلى حد كبير مجموعة خيالية من العمليات، على الرغم من وجود مخاطر حقيقية للغاية من حرائق محتملة قادمة

 

ومن الغريب اليوم أن القوات المسلحة الأميركية تتعافى مرة أخرى من صدمة صراع “الحرب على الإرهاب” الذي لم تفز به على مدار ما يقرب من 20 عامًا. وبالنسبة إلى معظم مسؤولي البنتاغون فإن تكرار كوارث حروب مثل العراق وأفغانستان وغيرها هو أمر غير مرغوب فيه.

 

ويلاحظ أستور أن هناك عودة إلى الماضي للتخطيط للحروب المستقبلية الوشيكة.

 

وبدلاً من شن حرب غير تقليدية ضد ما يسمى بالأعداء غير المتكافئين مثل الجماعات الإرهابية التي تستخدم القنابل المزروعة على جانب الطريق، تعود واشنطن إلى الحرب المتكافئة باستخدام أسلحة تقليدية باهظة الثمن، بالإضافة إلى المهارات والعقليات التي يمكن أن تبرر ميزانيات البنتاغون الضخمة لفترة طويلة إلى المستقبل. وإذا لم تأت الحرب المتوقعة أبدًا، فسيتم تجديد وتطوير هذا الجيش على الأقل بالكثير من الأسلحة الجديدة.

 

وبالعودة إلى السبعينات شاهد أستور إعادات مسلسل “ستار تريك” الأصلي. وفي الآونة الأخيرة كان يفكر حقيقة في حلقة من هذا المسلسل وهي حلقة “أتيست أوف أرماغيدون”، حيث ظهر فيها كوكبان وهما إمينار السابع وفنديكار في حالة حرب مع بعضهما البعض لمدة استمرت 500 عام.

 

وهنا تكمن المشكلة، فتلك الكواكب لم تعد تستخدم أسلحة حقيقية. وبدلاً من ذلك قاتلت بدون إراقة دماء بهجمات محاكاة بالكمبيوتر. واعتادت شعوب هذين الكوكبين على خوض حرب لا نهاية لها إلى درجة أنها لم تستطع تخيل بديل، خاصة تلك التي انتهت بسلام تفاوضي.

 

وفي الوقت الحالي من الواضح أن القادة العسكريين الأميركيين يعودون إلى الحرب التي يفضلون خوضها، تلك التي يعتقدون أنهم يستطيعون الفوز بها. ويبدو أن حرب المستقبل القريب تلعب دورًا في تحسين مهاراتهم. وهي تعتبر أيضًا شكلا من أشكال الحرب التي تعود بالكثير من الأموال على المجمع الصناعي العسكري، مما يعمل في صالح عمليات شراء مربحة للأسلحة.

 

وتظل حرب المستقبل القريب إلى حد كبير مجموعة خيالية من العمليات، على الرغم من وجود مخاطر حقيقية للغاية من حرائق محتملة قادمة، وصولاً إلى كارثة نووية. وفي المقابل فإن الحرب الحقيقية كما في حروب الإرهاب التي حدثت خلال هذا القرن، ما هي إلا عالم من الفوضى. ومن الأفضل جدًا إبقاء الأمور متوقعة قدر الإمكان. ومن غير المرجح أن تثبت الأفكار الجديدة والمبتكرة عن الحرب والسلام أنها مربحة للمجمع الصناعي العسكري الأميركي.

 

والأسوأ من ذلك على المستوى الفردي أنها يمكن أن تضر بفرص الفرد في الترقية أو عند التقاعد لشغل الوظائف المستقبلية داخل الجزء الصناعي من هذا المجمع.

 

وخلال سنوات ريغان يستحضر أستور رواية توم كلانسي “ريد ستورم رايزنغ” التي قرأها أثناء خدمته في مجمع “تشيين ماونتين” التابع لسلاح الجو، حيث تخيل كلانسي حربًا بين الناتو وحلف وارسو لم تحدث أبدًا في الحياة الواقعية.

 

وبرأيه فإن “رواية حرب المستقبل القريب هذه تهدف إلى أن تكون تحذيرًا من نوع ما، لكنها تكشف أيضًا عن شيء قد يكون قاتلًا بشأن العقلية العسكرية والسياسية الجماعية لواشنطن، وهي أننا نبالغ في التهديدات التي نواجهها، بدءًا من استجابتنا لهجمات 11 سبتمبر، إلى مخاوفنا الحالية من أن تأخذ الصين مكاننا كقائدة عالمية”.

 

هذه العقلية العسكرية جعلت أستور يتذكر حلقة من مسلسل “سبيس 1999” الذي تم إنتاجه عام 1974، بالقرب من نهاية حرب فيتنام. وفي هذه الحلقة المسماة “وور غيمز” يحلق القمر التابع للأرض الآن بحرية عبر الفضاء بفضل حادث أخرجه خارج المدار، بالقرب من كوكب يبدو مثاليًا لأنه يعيش به الإنسان. يحرص طاقم رواد الفضاء الموجودين في قاعدة “ألفا” على سطح القمر بقيادة جون كونيغ (الممثل مارتن لانداو) على استعمار هذا الكوكب ولكن بدلاً من ذلك يتعرض لهجوم مدمر.

 

لكن المشكلة هي أن هذا الهجوم يحدث فقط في أذهان كونيغ وطاقمه، حيث أن الكائنات الفضائية على هذا الكوكب، أكثر تقدمًا بكثير من البشر، فهي تعيش في سلام ولكنها قادرة على استغلال أعمق مخاوف وخيالات البشر، وتبين لهم مدى عدم توافقهم مع الأنواع الغريبة التي لا تعرف الحرب أو الكراهية أو العنف. وفي مواجهة مثل هذا الوعي القاسي، قرر كونيغ وطاقمه على مضض البقاء على سطح القمر، وحرمتهم همجيتهم من هذا الملاذ الذي يبحثون عنه.

 

وبعد مرور ما يقرب من نصف قرن يبدو أن واشنطن ما تزال عالقة في قاعدة “ألفا”. وبالكاد يخطر ببال الأميركيين التساؤل كيف يمكن لسيناريوهات البنتاغون العسكرية المجنونة بشأن حروب المستقبل القريب أن تنتهي بالفعل بالإبادة النووية.

 

ويستنتج أستور أن التركيز الجديد للجيش الأميركي على صراعات المستقبل القريب سيساعد بلا شك في تحويل تريليونات من الدولارات إلى المزيد من الأسلحة بما في ذلك الترسانة النووية المُجددة، لكنه في المقابل لا يبشر بالخير بالنسبة إلى الدبلوماسية العقلانية أو أي شيء مثل السلام على هذا الكوكب. وفي غياب بعض الأيديولوجيات الجديدة في البنتاغون وفي أي مكان آخر في هذه الدولة، قد يكون البديل عاجلاً أم آجلاً مواجهة حرب باردة من جديد ستكون لها تداعيات سياسية وإنسانية وخيمة.

أخبار ذات صله