وقال محللون تحدث إليهم موقع “سكاي نيوز عربية”، إن الشروط هي: توفر الإرادة السياسية لدى البلدان الثلاثة، وقدرة المجتمع الدولي على ممارسة الضغط الممكن، وإيجاد مقاربة تعاونية تخاطب المخاوف وتلعب على ورقة المصالح المشتركة.

وطرحت دعوة حمدوك سؤالا مهما حول الخيارات المتاحة لإنقاذ المفاوضات المتعثرة، وما إذا كان بإمكان البلدان الثلاثة تجديد الالتزام السياسي والتوصل لاتفاق في الوقت المناسب وفقا لاتفاق المبادئ الموقع عليه في 2015.

 

ودخلت أزمة سد النهضة منعطفا خطيرا بعدما فشلت جولة المفاوضات الأخيرة في كينشاسا، عاصمة الكونغو الديمقراطية، وما تلى ذلك من تصميم إثيوبيا على بدء المرحلة الثانية من ملء السد في موسم الأمطار في يوليو المقبل، الأمر الذي تنظر إليه القاهرة والخرطوم بقلق شديد على أنه تهديد لإمدادات المياه لهما.

تعقيدات عديدة

يرى المحلل الإثيوبي موسى شيخو أن دعوة القيادة السودانية لهذه القمة تأتي “استشعارا للفوائد التي يمكن أن يجنيها السودان من السد بشكل عام”.

 

ويقول شيخو لموقع “سكاي نيوز عربية” إن الخطوة تُقرأ ايضا من زاوية تفهم السودان للموقف الإثيوبي المتمثل في الدعوة لإرسال وفود فنية، للمشاركة في تبادل بيانات الملء الثاني لبحيرة السد، بعد أن كانت تصر على أن تزود السودان بالبيانات.

 

لكنها هذه المرة اقترحت إشراك الجانب المصري أيضا، وهو ما يعتبر اختراقا مهما، بحسب شيخو، الذي يرى في الأمر تبديدا لمخاوف السودان التي ظلت منذ بداية المفاوضات تتركز حول مسألة التأثيرات التي قد تنجم عن ملء بحيرة السد في حال غياب آلية تنسيق وتبادل البيانات.

خيارات محدودة

ويشير مراقبين إلى أن الخيارات باتت قليلة جدا في ظل التصعيد الحالي الذي وصل إلى حد التلويح بتدويل الأزمة، والتهديدات المتبادلة بين البلدان الثلاثة واقتراب موعد الملء الثاني.

لكن من جانب آخر، يرى البعض أن الظروف الإقليمية والعالمية قد تشكل ضغطا لدفع الأطراف الثلاثة لتقديم تنازلات، يمكن أن تردم هوة الـ10 بالمئة التي تعيق تقدم المفاوضات بعد إقرار الأطراف الثلاثة بالتوصل إلى تفاهمات حول 90 بالمئة من الجوانب التفاوضية، وخصوصا الفنية منها.

 

ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة النيلين بالخرطوم عوض سليمان، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن إخراج إطار الحل من المنظور الفردي إلى الجماعي يمكن أن يدفع المفاوضات قدما إلى الأمام.

 

ويتوقع سليمان أن تشهد المرحلة المقبلة دخول عناصر أخرى في التسوية غير تلك المعلنة في إطار مفاوضات السد، ويعتقد أن التداخلات والتعقيدات العديدة المتعلقة بالملف سترجح كفة مسار الملء عن مسار التسوية.

الدور الدولي

ومن المستبعد نجاح القمة الثلاثية المرتقبة دون الحصول على الدعم الدولي اللازم، كما يقول البعض.

وبالفعل تضمنت الدعوة السودانية للقمة الثلاثية إشارة واضحة للدور الدولي المطلوب الذي تريد الخرطوم بلورته من خلال توسيع مظلة الوساطة لتتحول إلى رباعية، تشمل إلى جانب الاتحاد الإفريقي كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

ويقول السودان إن المفاوضات التي رعاها الاتحاد الإفريقي لم تُفض إلى نتيجة، وهو ما دعاه لتوسيع مظلة الوساطة.

لكن سليمان يقول إنه، ورغم امتلاك المجتمع الدولي الوسائل التي يمكن أن يؤثر بها على الأطراف الثلاثة، فإن دعوة السودان لتوسيع مظلة الوساطة أغفلت لاعبين رئيسيين أكثر تأثيرا مثل الصين والبلدان العربية التي لديها استثمارات في إثيوبيا، أي القوة القادرة على إيجاد حلول بحكم تأثيرها الاقتصادي أو السياسي.

ويشير سليمان إلى أن “تفاعل الجهات الأربع التي دعا السودان لإشراكها ضمن المظلة الرباعية، يتباين بحسب اختلاف العلاقات الثنائية أو درجة الاهتمام بالملف”.

ورغم تمتع الولايات المتحدة بنفوذ كبير في المنطقة، فإن سليمان ينبه إلى أهمية ألا يُفهم الموقف الأميركي من زاوية الخوف من الفشل، بل من زاوية ترتيب الأولويات، إذ يعتبر الملف أقل أهمية بالنسبة لواشنطن التي تلقي بثقلها في الوقت الحالي خلف الملف النووي الإيراني.

غير أن المحلل الإثيوبي موسى شيخو يتوقع أن تؤدي واشنطن دورا ما في تقريب وجهات النظر.

ويشرح شيخو وجهة نظره بالقول إن “نهج إدارة الرئيس جو بايدن يختلف عن الإدارة السابقة في تناول القضايا الإقليمية، خاصة في ظل اهتمام كبير بمنطقة القرن الإفريقي”.

ويشير شيخو إلى أن واشنطن ظلت منذ وقت طويل ترى في إثيوبيا شريكا أساسيا ودولة محورية تعتمد عليها في حفظ توازن القوى بالمنطقة، لكن تطورات سد النهضة وضعت اهتمام واشنطن بإثيوبيا على المحك، حيث إن مصر ترتبط أيضا بمصالح كبيرة مع الولايات المتحدة.

وينبه شيخو إلى ميل الولايات المتحدة نحو الحياد خلال الفترة الأخيرة، بعد أن حاولت التوفيق بين الدولتين في مفاوضات واشنطن وضغطت باتجاه التوقيع على اتفاقية سد النهضة حفاظا على علاقاتها الاستراتيجية مع كليهما.

لكن رفض إثيوبيا التوقيع واتهامها لواشنطن بالانحياز لمصر جعل إدارة بايدن تراجع حساباتها وتسلك نهجا محايدا، وهو ما يفسر عدم تطرق مستشار الأمن القومي الأميركي لمسألة توسيع مظلة الوساطة تفهما للموقف الإثيوبي.