fbpx
عهد الصرامة ينطلق في الكويت: حبس الشيخ جابر المبارك بتهم الفساد
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

قررت محكمة الوزراء الكويتية حبس رئيس الحكومة السابق الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح احتياطيا على ذمة التحقيقات معه في شبهات فساد جرت قبل سنوات في صندوق مالي تابع للجيش.

 

وبقدر ما مثّل القرار سابقة في الكويت إذ أنّها المرّة الأولى التي يُحبس فيها رئيس وزراء سواء أثناء أداء مهامّه أو وجوده خارج المنصب، فقد لفت في الآن نفسه إلى تغلغل ظاهرة الفساد في مفاصل الدولة الكويتية وشمولها كبار المسؤولين إلى جانب صغار الموظّفين، إضافة إلى حدّة الصراعات داخل الأسرة الحاكمة التي كانت أصلا وراء الكشف عن القضية وتفجيرها.

 

وعلى الرغم من أنّ التعاطي مع قضية الشيخ جابر يسلك مسارا قضائيا محضا، إلى أنّ الأمر لا يخلو من رسائل سياسية قوية من طاقم الحكم الجديد يقيادة الأمير الشيخ نواف الأحمد وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد بأنّ عهدهما هو عهد الصرامة مع الفساد وكذلك مع صراعات الشيوخ، وأنّه لا حصانة في هذين الأمرين لأحد.

 

وقال مصدر سياسي كويتي إنّ النظرة السائدة في الكويت للتحقيق مع الشيخ جابر المبارك وحبسه تقوم على اعتبار الأمر تلويحا قويا بقبضة القانون من قبل ولي العهد، وبالونَ اختبار لما سيعقب ذلك في تصفية حسابات ومنها حسابات الفساد داخل الأسرة الحاكمة، ومقدّمة لاعتماد مقاربة مماثلة لإجراء اتخذه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بحق عدد من كبار الأمراء ورجال الأعمال.

 

ورغم أن القضية مثارة منذ عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، لكن من الواضح أنها وظفت بطريقة مدروسة لتتحول من تحقيق مع مسؤول كبير إلى توقيف لعضو مهم من الأسرة الحاكمة.

 

وقضى الشيخ جابر فترة طويلة نسبيا في منصب رئيس مجلس الوزراء حيث شكّل بين سنتي 2011 و2019 سبع حكومات عمل ضمنها العشرات من الأعضاء من شيوخ الأسرة الحاكمة وغيرهم، وخاض عدّة “معارك” ضدّ أعضاء البرلمانات التي تعاقبت في تلك الفترة الحافلة بالصراعات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

 

القضية المثارة منذ عهد الأمير الراحل وظفت لتتحول من تحقيق مع مسؤول كبير إلى توقيف عضو مهم من الأسرة الحاكمة

وتعرف القضية التي تقرّر الثلاثاء حبس الشيخ جابر على ذمّتها بصندوق الجيش والمتورّط فيها أيضا وزير الداخلية الأسبق الشيخ خالد الجراح الصباح وهو محبوس على ذمتها مع قيادييْن اثنين في الجيش ورفضت المحكمة طلبا بإخلاء سبيلهم.

 

وقال مصدر تحدّث لوكالة الأناضول طالبا عدم الكشف عن اسمه كونه غير مخول بالتصريح للإعلام إنّ “المحكمة قررت حظر النشر في القضية بعد مطالبة الدفاع عن رئيس الوزراء السابق ووزير الداخلية السابق بعقد جلسات المحاكمة بشكل سري”، وأوضحت المحكمة في تفاصيل قرارها أنّه “يحظر نشر أي أخبار أو بيانات عن البلاغ في كافة وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة وبكافة برامج التواصل الإخباري والاجتماعي بشبكة الإنترنت”.

 

ومن جانبها ذكرت وسائل إعلامية محلية أن المحكمة حدّدت جلسة السابع والعشرين من أبريل الجاري للنظر في القضية، دون توضيح مدة حبس رئيس الحكومة السابق.

 

وتعود القضية إلى نوفمبر2019 عندما نشب صراع بين وزير الدفاع آنذاك الشيخ ناصر الصباح نجل الأمير السابق الشيخ صباح الأحمد، ووزير الداخلية الأسبق الشيخ خالد الجراح وأدى إلى استقالة حكومة الشيخ جابر المبارك.

 

ويوجد الشيخ خالد الجواح منذ أكثر من شهر في السجن في إطار التحقيقات الجارية في القضية ذاتها. وقالت صحيفتا الرأي والجريدة المحلّيتين إن الشيخ جابر والشيخ خالد رفضا الاتهامات الموجهة إليهما.

 

واكتسبت القضية المعروفة بصندوق الجيش المعني بتقديم المساعدات لمنتسبي الجيش الكويتي، زخما كبيرا في الكويت بعد أن أعلن عنها للمرة الأولى وزير الدفاع الأسبق الشيخ ناصر في 2019 وقال إنه أحالها إلى النيابة العامة. وأنشئ الصندوق المذكور مع تأسيس الجيش الكويتي في خمسينات القرن الماضي ويشرف عليه وزراء الدفاع المتعاقبون.

 

قضية تعكس حجم تغلغل ظاهرة الفساد في مفاصل الدولة الكويتية وشمولها كبار المسؤولين إلى جانب صغار الموظّفين، إضافة إلى حدّة الصراعات داخل الأسرة الحاكمة التي كانت أصلا وراء الكشف عن القضية وتفجيرها

وقدم الشيخ جابر المبارك استقالته واستقالة حكومته في 2019 بعد أن سعى أعضاء في مجلس الأمة لإجراء اقتراع لسحب الثقة من الشيخ خالد الجراح الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية آنذاك بسبب مزاعم إساءة استخدام السلطة وإثر نشوب خلافات بين أعضاء كبار في الأسرة الحاكمة.

 

وكان وزير الدفاع الأسبق الشيخ ناصر قد أصدر بيانا بعد يومين من استقالة الحكومة اتهمها فيه بعدم الرد على استفساراته بشأن مخالفات وشبهة جرائم متعلقة بالمال العام تجاوزت قيمتها 240 مليون دينار (790 مليون دولار) بصندوق الجيش قبل توليه المنصب. وقال إن وزارة الدفاع أحالت القضية إلى القضاء.

 

واعتذر الشيخ جابر المبارك عن عدم قبول إعادة تعيينه رئيسا للوزراء بعد أن كلفه أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بإعادة تشكيل الحكومة مشيرا إلى وجود حملات إعلامية ضده.

 

ونتيجة لهذا الخلاف العلني النادر بين كبار المسؤولين في الدولة، عزل أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح نجله وزير الدفاع الشيخ ناصر ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح من منصبيها.

 

وتوفي الشيخ ناصر في ديسمبر الماضي بعد شهور قليلة من وفاة والده حاكم البلاد السابق. وانتشر الخلاف على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي في ذلك الحين ومازالت قضية صندوق الجيش تحظى باهتمام واسع لدى الرأي العام الكويتي.

 

وأدت مزاعم الفساد إلى احتجاجات خارج مقر البرلمان في 2019 وذلك في ظل فورة من تفجّر القضايا الكبيرة وتورّط كبار المسؤولين فيها، حيث ما يزال القضاء الكويتي ينظر في قضية فساد تتعلّق باستقدام عمال أجانب ومنحهم حق الإقامة في البلاد دون وجه قانوني وهي القضية المعروفة إعلاميا بـ”تجارة الإقامات” ومن بين المتورّطين فيها ضابط كبير ينتمي إلى الأسرة الحاكمة. أما أخطر قضايا الفساد التي تفجّرت قبل فترة فتُعرف بقضية “الصندوق الماليزي” وتتعلق بعملية غسيل أموال تقدّر ببضعة مليارات من الدولارات، وهي قضية عابرة للحدود ومتورّط فيها نجل رئيس وزراء كويتي سابق.

أخبار ذات صله