fbpx
(( فارس وبيزنطة هنا ))
شارك الخبر

بقلم – علي ثابت القضيبي
  * اليوم خارطتنا تهترئ ، وغِيلان الإمبراطوريات العتيقة يرسمون حضورهم على قسماتها ، ربما لايدرك المواطن العادي ملمح هذا الحضور ، لأنه ترسخ في ذهنه بما طبعته كلاسيكيات سينماء السبعينات لمشهدهم ، أي جحافل المحاربين المتأزرين ببزّات حروب القرون الوسطى ، والمعتمرون بخوذات على شكل نصف قناع على الوجه ، والأهم أنهم على جيادهم الجامحة يطوحون برعونة ، هذا هو المشهد الذي تكلّس في قيعان جدران الذاكرة بالنسبة لحضور فارس ، ومثلهم البيزنطة ( الأتراك ) ، وإن كان هؤلاء يتفرّدون بسحنهم الجَهْمة وشواربهم الكثّة العريضة .
  * إنّ مَسخ خصوصية موروثك ، ونمط روتين حياتك ، هذا هو مايستهدفه التّدخل الخارجي ، ربّما يأتي هذا على مهلٍ ، لكن بالضرورة أن تتماهى جغرافيتك ونمطهم ، وفي الشّمال الٱن الخُمس على الموارد ، ولاغناء في الأعراس إلّا بالزّوامل ، حتى المناهج الدراسية تَشَيّعت ، وايضاً شكل ومحتوى الشّعارات في الشّوارع و … و … ، وفي جنوبنا في شبوة ، هناك يُمهِرُ الإخوان مسلك العسكرتاريا الشّركسيّة على نمط روتين الحياة هناك ! والقادم في الطريق .
  * كل هذا يقوم به الوكلاء المحليين لفارس وبيزنطة هنا ، وتبعات مشهد حضورهما في ربوعنا تدمي القلب ، فالمخدّرات إنتشرت كإنسياح نقطة الصّبغة في سطل الماء ، والسلاح يطغي على البلاد ، والبلطجة والبلاطجة ، وإنفلات الأمن ، وتهاوي قِيمٍ ترسّخت في وجداننا ، أهمها إندثار إحترام القانون والنظام وإنضباط إيقاع الحياة عموما في شارعنا !
  * أمّا أخطر مافي المشهد ، ويمكن العامل المحوري المفظي الى توسيع دائرة الإرباك في البلاد ، إنه وجود الإنسان / البيدق الذي يسهل توجيهه حيث شئت ، وهؤلاء جحافل البوهيميين السُذّج المتمنطقين بالكلاشينكوفات ، وغالبيتهم من العاطلين البؤساء ، فهؤلاء بخمسة ألف ريال ورزمة قات في اليوم ، فهو يتخندق في صفك فوراً ، وتحت أي مسمّى أو توصيف ، وهو على إستعداد لأن يُلعلع برشاشته تجاه من نصبوه له خصماً ، وماجرى ويجري في جبهة شقره / أبين خير مثال .
  * المثير أنه ليس هؤلاء وحسب ، بل من أباطرة السلطة ايضاً ، أي من المُتأزرين بالجاكيتات الثّمينة وربطات العنق الأنيقة ، ومُسمّى برتبة وزير أو ماتحت قليلاً أو فوق ، وبعضهم تؤطرُ جدران منازلهم ومكاتبهم شهادات علمية رفيعة ، ومنهم من يتصدّر الفضائيات مُلعلعاً بلسان الوطنية وإزارها ، أمّا الجوهري أنّ هؤلاء يصطفون في خندق فارس أو بيزنطة ! ولاعجب هنا .
  * يتماثل المشهد الساخن في كل بلداننا الملتهبة ، فهو يحفل بالمليشيات والفوضى وتصاعد الغلاء والمخدرات و … و … ، أي الإنهيار التام في كل جوانب الحياة ، وعلى خشبة المسرح نتحرّك كالدمى التّائهة ، ويمكن بشئٍ من اللامبالاة ، وذلك لأننا غرقنا في متاهة الغلاء ودوامة إرباكات السلطة التي تطحننا ، أمّا أكثر مايذبح في القلب ، هو إستمرار صرير إلإسطوانة المشروخة لجوقة السلطة المهترئة ، فهي ما أنفكت تصخبُ بمعزوفة الوطنية والحرص على الوطن ، والواقعي أنّ بيادق السلطة يوغلون في إغتنام لحظات ماقبل النهاية ، ويوسعون دائرة النهب بشراهة لمقدرات البلاد ، والأكثر إيلاماً أنهم ينفذون صاغرين المخطط الخارجي بإعادة رسم جغرافيتنا ، وكما وضعه العرابون الدوليون ، أليس كذلك ؟!
    ✍️ علي ثابت القضيبي .
    الخيسه / البريقه / عدن .
أخبار ذات صله