fbpx
ضرائب قاسية للتسجيل العقاري تزيد غضب المصريين على الحكومة
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

أظهرت الاحتجاجات التي أطلقها أغلب المصريين على شبكات التواصل الاجتماعي لرفض التعديلات الجديدة على قانون الشهر العقاري ارتفاع منسوب الغضب والتذمر من سياسات الحكومة، في ظل إصرارها على فرض ضرائب وإجراءات إجبارية باهظة التكلفة لتسجيل أملاكهم العقارية، في حين أن 92 في المئة من المباني في مصر غير مسجلة رسميا.

 

وتعتزم الحكومة تطبيق التعديلات الجديدة على قانون “الشهر العقاري” ابتداء من السادس من مارس المقبل، بعد ذلك يتم حرمان صاحب العقار غير المسجّل من بيعه أو توريثه أو توصيل مرافق المياه والكهرباء والغاز إليه، ولن يتمكن من استخراج الأوراق الرسمية له ولأبنائه أو يحصل على قروض بنكية أو خدمات حكومية إلا بعد تسجيل العقار ودفع ما عليه من مستحقات مالية.

 

وصدمت هذه الإجراءات الشارعَ؛ لأن كل خطوة تحتاج إلى مبالغ مالية يتم احتسابها حسب مساحة المبنى وقيمته السوقية، ويتجاوز أقل مبلغ تدفعه الأسرة الواحدة الحد الأدنى للأجر الذي يتحصل عليه الموظف الحكومي العادي، وهو 127 دولارا، في حين أن أكثر من 35 في المئة من المصريين يعيشون تحت خط الفقر ومتوسط دخولهم نحو 55 دولارا شهريا، حسب بيان رسمي صدر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

 

كريم العمدة: الموارد المطلوب تحصيلها من كل عقار مبالغ فيها

وبررت الحكومة تمسكها بتطبيق القانون بأن ذلك يحافظ على الثروة العقارية ويحسّن قيمتها التسويقية ويمنع التلاعب بعمليات البيع والشراء والتحايل على المواطنين، لأن البعض يبيع العقار الواحد لأكثر من شخص، لكن التسجيل يضمن الحقوق ويسهّل مهمة التعرف على تاريخ كل عقار عبر رقم قومي يوثّق ملكيته.

 

وتجاهلت الحكومة غضب الشريحة الرافضة للقانون باعتبار أن غضبها لن يتجاوز مرحلة الاحتجاج الإلكتروني أو الثرثرة في وسائل النقل والمقاهي، كما حدث في كل مرة تم فيها رفع الأسعار وزيادة الضرائب.

 

ويبدو أن الغضب هذه المرة لن يمر بسهولة أو يختفي سريعا، لأن جائحة كورونا ضاعفت معاناة الناس وأفقدت الكثيرين وظائفهم ووسعت قاعدة الفقر والعوز.

 

وقد يرتفع منسوب الغضب بما يجبر الحكومة على التراجع أو تحسين القانون، كما حدث مع قانون المصالحات في البناء؛ حيث اضطرت إلى تقديم تسهيلات بعد احتجاجات خرجت إلى الشوارع في بعض المدن والقرى المصرية.

 

وصار أفراد شريحة أخرى من المصريين على قناعة بأن صمتهم على لجوء الحكومة إلى جيوبهم لن يجلب إليهم مستقبلا سوى المزيد من الأعباء المادية، وأنه حان الوقت للوقوف في وجه هذه الإجراءات كي تستفيق الحكومة وتدرك أن الشارع لن يرضخ لتحميله وحده فاتورة الإصلاح الاقتصادي.

 

وشارك الكثير ممّن عرفوا بالتأييد المطلق للسلطة في رفض تعديلات قانون الشهر العقاري، ما يعني أن الحكومة تفقد جانبا من الظهير الشعبي الداعم لموقفها، في مؤشر يعزز إمكانية التراجع أو تجميد القانون إلى حين عبور الأزمة الراهنة.

 

وظهر تذمر المصريين على منصات التواصل مصحوبا بوابل من السخرية، لكن الشارع اعتاد استخدام الأسلوب نفسه في الاحتجاج حتى وقت الثورات كنوع من التخفيف عن نفسه عندما يصل إلى مرحلة متقدمة من التذمر، وهي رسائل تتلقفها السلطة بحذر باعتبار أن الضحك وقت الغضب قد ينذر بانفجار.

 

وقال كريم العمدة، المتخصص في الاقتصاد السياسي، إن “الموارد المالية المطلوب تحصيلها من كل صاحب عقار مبالغ فيها، والتعويل على إعفاء سكان الريف من الضريبة لتهدئة الغاضبين ومحدودي الدخل لن يحول دون تجاوز الأزمة بسهولة”.

 

محمد سامي: أزمة الحكومة أنها تعتبر صمت المصريين تأييدا

وأضاف العمدة في تصريح لـ”العرب” أن “المتعارف عليه أن دفع الضريبة يكون مقابل خدمة يتحصل عليها المواطن، وعكس ذلك يطلق عليه مصطلح ‘جباية’، والدولة لها حقوق في العقارات يجب أن تتحصل عليها، لكن بطريقة لا تعكر مزاج الناس أو تُشعرهم بأنها ترمم الاقتصاد من جيوبهم”.

 

ورأى محمد سامي، الرئيس السابق لحزب الكرامة المعارض، أن “كل الشواهد تشير إلى تدخل مرتقب للرئيس عبدالفتاح السيسي لتعطيل تنفيذ القانون، لأنه لن يُغامر بخطوة مرفوضة من الأغلبية، فإصرار الحكومة على تطبيق فكرة تسجيل العقارات يعكس وجود دوائر بعينها لا تهتم بتوصيل الصورة بشكل صحيح إلى رأس السلطة”.

 

وأوضح سامي في تصريح لـ”العرب” أن “أزمة الحكومة الحقيقية تكمن في تعاملها مع صمت المصريين وقوة تحملهم على أنهما تأييد غير مباشر لسياساتها، بدعوى أن البسطاء هم أكثر من تضرروا من تبعات ثورة 25 يناير 2011 ولن يقبلوا بالفوضى، لكن ذلك لن يطول خاصة عندما يختفي الشعور بالأمل في تغيير طريقة التعاطي مع الشارع”.

 

وكشفت الأزمة عن مخاطر الفراغ وعدم وجود قوى سياسية مؤثرة؛ حيث التزمت الأحزاب الصمت وتبرأ أغلب نواب البرلمان من القانون بدعوى أنه جرى التصديق عليه من جانب مجلس النواب السابق، حتى وجد الناس أنفسهم مدفوعين إلى القيام بدور المعارضة الغائبة التي تنصلت من التحدث بلسانهم.

أخبار ذات صله