fbpx
الإخوان يلجأون لغطاء مدني لتسهيل ضغط بايدن على القاهرة
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

بدأت جماعة الإخوان المسلمين تعيد ترتيب أوراقها، وتقديم نفسها على أنها معارضة مدنية وليست إسلامية، بالتدثر في رداء فضفاض أطلقت عليه “اتحاد القوى الوطنية”، ودشنته في إسطنبول الخميس، استعدادا لمرحلة قد تشهد ضغطا من قبل الإدارة الأميركية الجديدة على النظام المصري، بخصوص مسألة الحريات وحقوق الإنسان.

 

وحاول الاتحاد الجديد الذي يرأسه أيمن نور، وهو رئيس حزب الغد المصري الليبرالي، ومرشح رئاسي سابق في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، تقديم نفسه على أنه غطاء يستوعب جميع القوى الوطنية، وليس حكرا على جماعة الإخوان.

 

ويقول متابعون، إن الكيان الجديد لا يختلف كثيرا عن كيانات أخرى أعلنت عنها جماعة الإخوان لاستقطاب معارضين مصريين بجوارها، ورغم إخفاقها المتكرر، غير أن الخطوة الجديدة ربما تحظى بتحريك المياه من زاوية الرداء الذي حاولت ارتداءه لرفع الحرج عن إدارة بايدن، إذا قررت ممارسة ضغوط سياسية على القاهرة.

 

وتراهن جماعة الإخوان، والتي لا تزال مدعومة من تركيا وقطر، على أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن سوف تمارس ضغطا نوعيا على القاهرة في ملف الحريات، وإجبارها على فتح الفضاء العام، بصورة تستوعب عودة الجماعة لاستئناف نشاطها السياسي في الشارع المصري.

 

وأكد المتخصص في جماعات الإسلام السياسي سامح عيد، أن الائتلاف الذي أعلنت “عناصر إخوانية عن تأسيسه، هو محاولة لمخاطبة الإدارة الأميركية بعقلية المعارضة المدنية البعيدة عن أشكال التلون الديني، وتوظيف ذلك للضغط على النظام المصري والإيحاء بأن جماعة الإخوان ما زالت تمتلك أدوات فاعلة يمكن استخدامها في أي لحظة”.

 

وأضاف لـ”العرب”، أن “الجماعة لم تقتنع حتى الآن بأن دخولها أي ملف سياسي محكوم عليه بالفشل مقدما، وكل الأنظمة الغربية، على رأسها إدارة جو بايدن، يصعب أن تغامر بفتح قنوات اتصال مباشرة معها أو ائتلافها الذي يدّعي أنه مدني، أو تمنحه شرعية لإدراكها تبعات ذلك على مصداقيتها في المحيط العربي”.

 

ويقوم نهج الإخوان على توظيف ملف الديمقراطية وحقوق الإنسان للتماهي مع السياسة المرتقبة من الإدارة الأميركية الجديدة، وتوظيف بعض التقارير التي تصدرها منظمات دولية تنتقد حال الحريات في مصر.

 

سامح عيد: الائتلاف محاولة لمخاطبة إدارة بايدن بعقلية المعارضة المدنية

وكان من المفترض تدشين الكيان الجديد في 25 يناير الماضي، بمناسبة الذكرى العاشرة للثورة التي أطاحت بنظام مبارك، غير أن تسريب أجهزة الأمن المصرية الكثير من تفاصيله قبل الإعلان عنه، وجه ضربة معنوية قبل ولادته، ما جعل القائمين على الاتحاد يؤجلون الخطوة، واختاروا ذكرى سقوط مبارك في 11 فبراير مناسبة أخرى للإعلان عنه.

 

وأخفقت التحركات الأمنية والسياسية وعمليات العنف والإرهاب التي قامت بها جماعة الإخوان في تأليب المواطنين على النظام المصري، الذي اتخذ إجراءات قوّضت دور الجماعة في الداخل، وقلّصت مساحة الحركة أمام المعارضة المدنية التي أبدت استعدادا للتنسيق مع الإخوان، أملا في تكرار تجربة تعاون سابقة في أواخر عهد مبارك، أدت إلى سقوطه.

 

وقالت مصادر مصرية لـ”العرب”، إن أجهزة الأمن ترصد تحركات الجماعة، ونجحت في اختراق الكثير من جيوبها المقيمة في تركيا نفسها، ما مكنها من تفويت الفرصة عليها لاستثمار أي من المناسبات السياسية والتاريخية لتعميم التظاهر في الشوارع والميادين، أو التحالف مع قوى مدنية ممتعضة من الأوضاع الراهنة.

 

وأضافت المصادر ذاتها، أن الجماعة اتبعت في السنوات الماضية تكتيكا يحاول تكوين غطاء من القوى المدنية في مصر، غير أن غالبية المعارضين رفضوا التعاون معها، بعد خديعتها السابقة، والتي أدت إلى استئثارها بالسلطة بمفردها، والتخلي عن أي تعهدات مع قوى يسارية وليبرالية اتجهت إلى التحالف معها في ظروف رمت لإسقاط نظام مبارك من دون التفكير في الخطوة التالية.

 

ولم تنجح الجماعة في استقطاب أي من العناصر المدنية البارزة إلى جوارها، وحتى الشخصيات التي تعارض النظام المصري بضراوة في الداخل حرصت على اتخاذ مسافة بعيدة عن الجماعة، اقتناعا أو قسرا، حيث فقد الإخوان مصداقيتهم وسط القوى المدنية، وتتصيد أجهزة الأمن كل فرصة للإيقاع بهم حال ثبوت العلاقة بالجماعة.

 

وألقت أجهزة الأمن المصري في 26 يونيو 2019 القبض على عدد من الشخصيات السياسية الشبابية، غالبيتها محسوبة على اليسار في القضية المعروفة بـ”خلية الأمل”، بحجة أن عناصرها كوّنوا جبهة بالتنسيق مع الإخوان هدفها إسقاط نظام الحكم.

 

وذكرت وزارة الداخلية في بيان رسمي في حينه، أنها أحبطت مخططا لقيادات الجماعة الإرهابية لاستهداف الدولة ومؤسساتها، وتحديد واستهداف 19 كيانا اقتصاديا قيمتها 250 مليون جنيه، للإنفاق على ذلك المخطط.

 

وتم إخلاء سبيل البعض ممن جرى القبض عليهم، واستمر آخرون بالسجون، وفي أبريل 2020 جرى إدراج 13 شخصا من أعضاء الخلية على قوائم الإرهاب لمدة خمسة أعوام، وهي رسالة رادعة لكل من يفكر في إمكانية التعاون مع الإخوان لاحقا.

 

ولا تزال جماعة الإخوان تعتمد على معارضين محدودين من خارجها، في مقدمتهم أيمن نور الذي اختارته رئيسا لما يسمى بـ”اتحاد القوى الوطنية المصرية”، ليصبح ممثلا للمعارضة أمام الداخل والخارج، وهو وجه سياسي متقلب المزاج.

 

وأعلنت الجماعة عن وثيقة بالتزامن مع الاتحاد، من أبرز عناصرها “تجريم الانقلابات وإصلاح النظام الاقتصادي، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإطلاق سراح سجناء الرأي والمعتقلين، وإسقاط الأحكام والقرارات الإدارية بحقهم وتجريم العنف والإرهاب..”.

 

وأوضح أيمن نور، أن الاتحاد يضم شخصيات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار بجانب مستقلين وشخصيات عامة وإعلامية ولا يُقصي أحدا، قائلا “الإخوان المسلمون ركن من أركان الجماعة الوطنية لا نستطيع تجاهلهم، وليس هناك غلبة لتيار داخل الاتحاد الجديد”، في محاولة لنفي ارتباط الائتلاف بالجماعة، وتعزيز رؤيتها.

 

ويستبعد متابعون أن تؤدي هذه الخطوة إلى حراك في الداخل المصري، الذي فقد الثقة في الإخوان، خاصة بعد إصرارهم على عدم التنازل عن المفردات الرئيسية في خطابهم الملتوي، وفي ظل عدم التهاون مع تحركاتهم في مصر، وربما تؤدي خطوتهم الأخيرة إلى المزيد من التشدد مع القوى المدنية، التي كانت تحاول الاستفادة من إشارات حكومية إيجابية للانفتاح داخل البرلمان وخارجه.

أخبار ذات صله