fbpx
صراع أجنحة بحكومة الوفاق بحثا عن مكان في ليبيا الجديدة
شارك الخبر
صراع أجنحة بحكومة الوفاق بحثا عن مكان في ليبيا الجديدة

 

يافع نيوز – متابعات

يتوجس المراقبون من بعض ما يدور في أروقة حكومة الوفاق والغرب الليبي، رغم استمرار الهدوء العسكري والتقدم السياسي نحو انتخابات محلية مقررة في ديسمبر المقبل، ومع قرب اختيار سلطة تنفيذية جديدة وموحّدة مؤقتة تشرف عليها، مكونة من رئيس مجلس رئاسي ونائبين، مع رئيس حكومة مستقل.

 

ويظهر ذلك في ما يبدو أنه صراع قائم بين شخصيات سياسية كانت متحالفة أيام الحرب على طرابلس، أبرزها ما يجري في العلن والخفاء بين رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج ووزير داخليته فتحي باشاغا، منذ إحالة السراج باشاغا للتحقيق على خلفية رفض الأخير طريقة تعامل كتائب مسلحة مع مظاهرات خرجت وسط طرابلس نهاية أغسطس الماضي.

 

ويقول المحلل السياسي والأستاذ بجامعة طرابلس فرج دردور إنه منذ ذلك اليوم أدرك السراج أنه في خطر. ويفصّل دردور الأمر قائلا “عندما استُدعي باشاغا للتحقيق أحضر معه رتلا من نحو 500 آلية، في تحد صارخ بجاهزية تلك القوة للتدخل في حال عزله، وبالتالي تمت التسوية وأعيد إلى منصبه”.

 

أحمد الرّوياتي: مناورات السراج هدفها خلق نفوذ لنفسه سياسيا وعسكريا

مناورات السراج

كان السراج قد أعلن في منتصف سبتمبر الماضي عن رغبته في تسليم السلطة نهاية أكتوبر الماضي، كتاريخ لانتهاء لجنة الحوار من عملها واختيار مجلس رئاسي جديد ورئيس للوزراء، ولكن عند حلول الموعد وتباطؤ الحوار تراجع عن استقالته، ليصدر قرارا في الـ20 من ديسمبر الماضي بتحويل تبعية جهاز الردع “أحد أقوى الأجهزة الأمنية في طرابلس” من وزارة الداخلية ليكون تابعا له بشكل مباشر.

 

وسرع السراج من خطواته من خلال إصدار قرار آخر الأسبوع الماضي، باستحداث جهاز أمني هو “جهاز دعم الاستقرار” بصلاحيات واسعة، وكلف عبدالغني الككلي أحد قادة الكتائب في طربلس برئاسة الجهاز مع ثلاثة نواب له، كلهم من المنطقة الغربية، ومن غير الموالين لباشاغا.

 

ويقول الحقوقي والمحلل السياسي أحمد الرّوياتي، إن إنشاء الجهاز مناورة من السراج لتقويض العمل السياسي الذي تقوده البعثة الأممية، وثمة تسريبات بأنه يحاول تثبيت السلطة الموجودة حاليا لتقود المرحلة التمهيدية حتى موعد الانتخابات، وبالتالي فقد حاول أن يجمع من حوله وأن يخلق نفوذا لنفسه على المستوى السياسي والعسكري، ويضغط بها في اتجاه عمل البعثة لكي يكون الخيار المحتمل والأرجح لديها للاستمرار في السلطة.

 

ويخالف دردور هذا الرأي، ويوافق السراجَ في قراره، ورأى في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أنها “ردة فعل ناتجة عن مخاوف من عدم انضباط وزير الداخلية وتنسيقه مع الخارج، مما دفع السراج لمحاولة خلق قوة أخرى موازية تتبعه مباشرة وعززها بإنشاء جهاز دعم الاستقرار، من أجل خلق نوع من التوازن”.

 

وأوضح أن باشاغا انسلخ عن مهمته كوزير داخلية، ولا يمكن القول إنه فشل، بل ربما كان أفضل من أدار الوزارة لكن طموحه غلب موقفه، فلقد صار يتنقّل بين عدة دول منها مصر وفرنسا، مستخدما وظيفته في الدعاية لنفسه.

 

وبينما يعتقد دردور أن هذا الأمر سيدفع منافسي باشاغا إلى اعتبار أي تقدّم له “غير شرعي”، وهذا سيعيد البلاد إلى المربع الأول، لا يتفق الرّوياتي مع هذا الطرح، ويصوّر زيارة وزير الداخلية في حكومة الوفاق لمصر وفرنسا بـ”الانفتاح والشجاعة في التوجه إلى الدول المحسوبة على الطرف الآخر”.

 

وأثبت باشاغا نفسه بواقعية من خلال مكانه كوزير داخلية عبر الكثير من الأعمال، رغم أن الروياتي أكد أنه لم ينجز كل ما وعد به، لكنه مع ذلك كان الأقوى والأشجع في مواجهة الإشكاليات التي تعم معسكر الوفاق عندما صادم الميليشيات وواجه جماعات الفساد.

 

وليس ذلك فقط، بل أظهر أسلوبه في التعاطي مع الأزمة الليبية بعيدا عن الحدة والعدائية، مما سمح له أن يكون الشخصية الأنسب لمنصب رئاسة الوزراء لدى الدول الكبرى والمعنية بالملف الليبي وخاصة فرنسا ومصر، بالإضافة إلى الدول الحليفة التي أيدته في الكثير من الحالات، فقد كان له دور بارز في صد العدوان على طرابلس، وهذا منحه صفة “رجل الحرب والسلم” بشكل أقنع الكثيرين في الخارج.

 

في المقابل، يقول دردور إن “دخول باشاغا من باب حزب العدالة والبناء الذي يقود عملية سياسية دون فوز في انتخابات، يعتبر نوعا من اللعب خلف الكواليس، وهذا لا يدفع إلى الاستقرار الذي نأمله، بل سيخلق صراعا وأزمة، ولا يمكن القبول بذلك في أي عملية سياسية”.

 

لكن أكد أن السراج من جهته مساهم بشكل أو بآخر في عدم إحداث استقرار، لأنه لا يريد تسليم السلطة، لديه مستشارون ينصحونه دائما بالانفراد وإصدار بعض القوانين والقرارات التي لا تخدم المصلحة العامة، وتدفع باستمرار وجوده في السلطة.

 

تحالفات الوقت الضائع

Thumbnail

يؤكد دردور أن حكومة السراج أيضا فيها الكثير من الفساد، وبالتالي فإن بقاء كل الصيغ السابقة فيه إجحاف لليبيا والليبيين، ويجب على الأقل إجراء تعديل في هيكلية المجلس الرئاسي وصلاحياته، ولكن ليس تغييرا كاملا، لأن اختيار السلطة التنفيذية حاليا لا يسير في سياق ديمقراطي طبيعي بل في إطار محاصصات وجهوية.

 

ويبدو أن هذا الوضع قد يدفع جهات ومناطق قد تكون غير محسوبة إلى التدخل والمطالبة بحقها في المشاركة في هذه المقاسمات، ولذلك ثمة من يرى أنه من الضروري التنافس بشكل ديمقراطي في الاستحقاقات المقبلة، مع القيام ببعض التعديل في السلطة التنفيذية، فقط.

 

ويعتقد الروياتي أن هذا تحديدا ما يسعى السراج إلى تحقيقه للبقاء في السلطة، ويسعى لذلك أيضا نائبه أحمد معيتيق، ولكن لكل منهما مشروعه، فهناك تقاطع مصالح في بعض القضايا، وخلاف في أخرى، وطموح كل منهما ظاهر، ولكن ربما يشتركان في اللعب على المسار الأقرب للنجاح، وبما أنهما سلطة قائمة فإن العمل على الاستمرار فيها أسهل من المراهنة على الدخول في الترشيحات والمحاصصة القادمة، وبالتالي فهما يشتركان في عرقلة المسار الأممي.

 

فرج دردور: اختيار السلطة التنفيذية يسير في إطار محاصصات وجهوية

وربما في الخفاء هناك مقاسمة بينهما، بحيث يكون معيتيق رئيسا للحكومة، ويبقى السراج رئيسا للمجلس الرئاسي أو عضوا فيه، أو أن يستمرا في المجلس الرئاسي وتتم تسمية رئيس حكومة من الشرق.

 

ويتفق الرجلان في هذه النقطة، ويختلفان في طموحهما المستقبلي، ولكل منهما خطة بديلة لضمان عدم الخروج دون مكاسب في التسوية القادمة، خاصة أن كلاّ منهما محسوب على جهة، وبما أن المحاصصة قائمة، وهما من نفس المجمع الانتخابي، فلا يرى الروياتي أن لكليهما حظوظا في نفس المسار.

 

وعلى عكس ما يعتقد البعض، ليس لمعيتيق علاقة بإعادة ضخ النفط الليبي، ويقول الروياتي إن ذلك معلوم دوليا، فالأمر مرتبط بالمسار الاقتصادي الذي تقوده البعثة ومهدت له من فترة طويلة، والرجل حاول القفز على هذه المعادلة والقول بإنه هو من أنجز هذا المشروع خلال زيارته إلى موسكو، وصياغة تلك الاتفاقية التي لم تُوَقَّع بينه وبين ممثلين عن قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.

 

وقام معيتيق من خلال هذه اللعبة السياسية بزيادة أسهمه، ولكن بطريقة غير شرعية، وحتى لو كان له دور في هذا الملف، فهذا باعتقاد بعض المتابعين لا يخالف رؤية السراج لأنهما ضمن سلطة واحدة، وأي إنجاز يحسب لهما ويزيد من أسهمهما في البقاء.

 

وثمة توافق بين المحللين على أن مشكلة السراج مع البقاء في السلطة تكمن في مستشاريه، ويكاد يجزم الروياتي على أنه كان صادقا في تقديم استقالته بسبب ضغوط كان يتعرض لها، ولكن المجموعة المحيطة به هي من أعادته إلى محاولة إحياء نفسه سياسيا من جديد.

 

وأرجع الروياتي ذلك إلى وجود مصالح اقتصادية كبيرة لهذه الأطراف، وليس من السهولة أن تسمح بخروج السراج وأن يتم إقصاؤها أو فضح الفساد الحقيقي الذي نشأ من اللوبي المحيط بالسراج، وبالتالي فإن الاستقالة كانت حقيقية في وقتها ولكنها أصبحت اليوم غير حقيقية، ولا أعتقد أن السراج لا يزال متمسكا بها.

 

ورغم كل ما يحصل يستبعد المراقبون أن يقود هذا الصراع إلى نشوب حرب أخرى، وذلك بالنظر إلى ما شهدته ليبيا من تفاهمات سياسية متتالية في الآونة الأخيرة، آخرها الذي حدث في اجتماع الغردقة بالعودة إلى الاستفتاء على الدستور، والتقدم الكبير على مستوى التسوية السياسية والتوافق على آلية اختيار السلطة التنفيذية، وفتح باب الترشح.

 

ولا يعتقد الروياتي أن المشروع السياسي والتوافق الوطني على كافة المسارات سيفشل، ولكن حتى لو تم افتراض أن هذه المسارات ستتوقف أو تفشل، ففي تقديره لن تكون هناك أي حرب، بل حالة من الضبابية والفوضوية والاحتدام السياسي.

أخبار ذات صله