ويعتبر “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” إحدى المنظمات المقربة من تجمع مسلمي فرنسا، الفرع الفرنسي لتنظيم الإخوان الذي كان يعرف لسنوات باسم “اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا”.

وقالت المنظمة إن مجلس إدارتها قرر تصفية نشاطها في فرنسا ونقله إلى دولة أخرى، من دون الكشف عن المكان الجديد الذي ستعمل منه.

وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان قد أعلن في أعقاب مقتل مدرس التاريخ صامويل باتي ذبحا على يد متطرف في أكتوبر الماضي، أنه يعتزم حل المنظمة، واصفا إياها بأنها “عدوة للجمهورية”، ومشيرا إلى أن الجمعية تتلقى مساعدات من الدولة.

وبحسب الوزير فإن “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” متورط في شن حملة ضد المعلم المقتول بعد نشره شريط فيديو تحريضيا لأحد الآباء، فيما اكتفت المنظمة بالقول إنها بصدد التحقق من المعلومات، وإنها لم تتدخل عندما علمت أن القضية تتعلق بحرية التعبير.

اللجوء إلى تركيا

يأتي ذلك بعد يومين من مصادقة القضاء الإداري على قرار الحكومة الفرنسية بحل منظمة “بركة سيتي” السلفية، بتهم تتعلق بالتطرف ونشر خطاب يدعو للكراهية.

وكانت المنظمة أثارت جدلا واسعا في الأوساط الفرنسية، بعد تغريدات لمؤسسها مرتبطة بالمجلة الساخرة “شارلي إيبدو” و”العلمانية” و”الحق بالتجديف” المنصوص عليه في القانون الفرنسي، ووضعت سلطات الأمن يدها على حسابات الجمعية في المصارف وفيها نحو 500 ألف يورو.

وفي أعقاب قرار حل “بركة سيتي”، أعلن رئيسها إدريس سيحميدي أنه ينوي التقدم بطلب اللجوء السياسي في تركيا.

وقال سيحميدي في تغريدة باللغة التركية على حسابه بموقع “تويتر”، وجهها للرئيس التركي رجب طيب أردوغان: “أود التقدم بطلب للحصول على اللجوء السياسي لنفسي ولفريقي، لأنني لست آمنا في فرنسا”.

وأعلنت المنظمة في بيان نقل مكتبها الرئيسي إلى دولة أخرى خارج فرنسا.

وتتسارع خطوات إدارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نحو مواجهة مفتوحة مع ما يسمى تيار “الإسلام السياسي” داخليا وخارجيا، لا سيما الفرع الفرنسي لتنظيم الإخوان والمنظمات القريبة من تركيا، بعد قرارات بحل “بركة سيتي”، و”التجمع ضد الإسلاموفوبيا بفرنسا” و”تجمع الشيخ أحمد ياسين”.

وكان دارمانان قد أعلن خلال جلسة برلمانية عن إغلاق السلطات 73 مسجدا ومدرسة خاصة ومحلا تجاريا منذ مطلع العام الجاري، لدواعي تتعلق بـ”مكافحة التطرف”.

حملة جذرية

يرى رامي التلغ الباحث في العلوم السياسية بجامعة “باريس إست”، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “الإخوان في فرنسا وفي عموم أوروبا، يحاولون الإنحناء أمام العاصفة التي تقودها الدول الأوروبية ضد الإسلام السياسي، في أعقاب الهجمات الإرهابية الأخيرة في كل من فرنسا والنمسا”.

وأضاف التلغ أن هؤلاء “بارعون في التأقلم مع الأزمات فيما يسمونه بسياسة الاستضعاف، حيث يمارسون دور الضحية ويتقنون المظلومية، وهي سياسة أتت أكلها معهم خلال عقود، وحشدت لهم أنصارا داخل التيارات اليسارية والليبرالية الأوروبية، لكن قطاعا واسعا من هذه النخب بدأ يستفيق لحقيقة الخطاب الإسلاموي المزدوج، خاصة إزاء قضايا العنف والحريات الفردية والمرأة وغيرها”.

وكان عدد من المثقفين الفرنسيين قد طالب في رسالة مفتوحة موجهة لماكرون، بحل “اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا”، وجاء في الرسالة إن “الحكومة تريد مجابهة التطرف والإرهاب من دون أن تكافح الأيديولوجيا التي تغذيه وهي أيديولوجيا الإخوان”.

وقال الموقعون على الرسالة: “فرنسا التي قاومت النازية وهزمتها من واجبها أن تحارب بلا هوادة الأيديولوجية الإسلاموية، التي تسلح أولئك الذين يرتكبون هجمات دموية بالأفكار المتطرفة”.

وورد في الرسالة: “فرنسا تمر بلحظة تاريخية، فالمسألة تتعلق أساسا بالحفاظ على السلم الأهلي. ويتوقع الفرنسيون من السلطات تحييد المنظرين والمتشددين الإسلاميين الذين يهددونها”.

ويرى التلغ أن “الحملة الفرنسية الحالية ضد الإسلام السياسي، التي يبدو أنها ستشمل بعض الدول الأوروبية، لن تكون مجرد حملة أمنية عابرة، بل سياسات عميقة ودائمة يمكن أن تذهب بعيدا في تجفيف منابعه المالية والاجتماعية، خاصة أن باريس تريد تحصين نفسها بمشروع قانون مناهضة (الانفصالية الإسلاموية)، الذي سيكون الإطار القانوني لهذه السياسات”.

وخلال الأسبوع الجاري، وضعت الحكومة الفرنسية اللمسات الأخيرة على مشروع قانون مناهضة “الانفصالية الإسلامية”، مما يوحي بأن حملة باريس ضد التطرف لن تتوقف عند بعض الإجراءات الإدارية.

وقالت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالمواطنة لدى وزارة الداخلية مارلين شيابا في تصريحات صحفية، إن المشروع “يعالج كافة المناطق الرمادية في القوانين الموجودة، التي لا يمكن من خلالها معاقبة المخالفين لقيم الجمهورية”.