fbpx
السعودية ترطب الأجواء مع الإدارة الأميركية الجديدة وتلوّح لها بورقة المصالح الدائمة
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

تقلّل السعودية من احتمال حدوث تغييرات في علاقتها بالولايات المتّحدة خلال فترة الإدارة الديمقراطية الجديدة، لكنّ رسائلها الاستباقية المكثّفة التي شرعت في توجيهها إلى الرئيس المنتخب جو بايدن، تؤكّد أنّ الرياض تحمل على محمل الجدّ إمكانية حدوث تغييرات في السياسة الأميركية تجاه المنطقة ككلّ وتجاه المملكة بشكل خاص، بما في ذلك تراجع واشنطن عن سياسة الضغوط القصوى التي مارستها إدارة الرئيس دونالد ترامب ضدّ إيران بما قد يمنح الأخيرة متنفّسا ويعيد إطلاق يدها في المنطقة، إلى جانب احتمال ممارسة الديمقراطيين ضغوطا على المملكة باستخدام ملفّات سياسية وحقوقية على غرار ما قامت به إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وتعمّد الخطاب السياسي السعودي الموجّه لبايدن ترطيب الأجواء مع إدارته القادمة والتقليل من شأن بعض المواقف المعروفة عنه تجاه المملكة باعتبارها جزءا من خطاب سياسي مرسل مختلف عن خطاب رجل الدولة عندما يكون في موقع المسؤولية.

وأعربت الرياض عن ثقتها في عدم حدوث تغيير في علاقتها مع واشنطن رغم توعّد بايدن بإعادة تقييم الروابط معها على خلفية سجلّها في مجال حقوق الإنسان.

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إنه واثق من أن الإدارة الأميركية المقبلة برئاسة جو بايدن ستنتهج سياسات تساعد على الاستقرار الإقليمي وأن أي مناقشات معها ستؤدي إلى تعاون قوي.

ونقلت وكالة رويترز عن الأمير فيصل قوله في مقابلة افتراضية على هامش قمة مجموعة العشرين التي استضافتها بلاده إنّ تاريخ التعاون الدفاعي القوي بين البلدين يمتد لخمسة وسبعين عاما، متوقّعا استمراره.

وتخشى السعودية أن تفقد الدعم الذي قدمته لها إدارة ترامب في ملفات حيوية بالنسبة لأمنها القومي، وفي مقدّمتها الملف اليمني، حيث تقاسم واشنطن الرياض نظرتها إلى المتمرّدين الحوثيين هناك لاعتبارهم مجرّد أذرع لإيران.

وقال الأمير فيصل إنه سيكون من المناسب تماما تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الحوثي منظمة إرهابية أجنبية. وأضاف أن الجميع يعلمون أن قدرا كبيرا من أسلحة جماعة الحوثي وجزءا كبيرا من أيديولوجيتها يأتي من إيران ولذلك فهي بالتأكيد “منظمة إرهابية مدعومة من الخارج”.

التناغم شبه الكامل بين الرياض وإدارة ترامب سهل للسعودية معالجة العديد من الملفات ودعم موقفها إزاء خصومها

وكانت مصادر قد كشفت لرويترز أن إدارة ترامب تهدد بإدراج الجماعة في القائمة السوداء في إطار حملة الضغط الأقصى على طهران.

وضغطت السعودية بقوة من أجل الحملة ضد خصمها إيران. والقضية المطروحة هي كيفية مواجهة بايدن لصواريخ طهران الباليستية ودعم الوكلاء الإقليميين خلال أي محادثات لإحياء اتفاق نووي دولي مع إيران انسحب منه ترامب في 2018.

ويقول متابعون للشأن السعودي إنّ الرياض لا تنطلق من فراغ في استشرافها لطبيعة علاقتها القادمة مع إدارة بايدن، ولكنّها تراهن بشكل أساسي على كمّ المصالح المشتركة، لاسيما الاقتصادية والأمنية، التي جمعت بين المملكة والولايات المتّحدة على مدار عشريات من الزمن وتتوقّع أن أي إدارة أميركية تستطيع التفريط فيها بسهولة.

وقال وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير “نتعامل مع الرؤساء بمجرد توليهم مناصبهم ولدينا مصالح ضخمة مع الولايات المتحدة”، مضيفا قوله “لا أتوقع أنه سيكون هناك تغيير كبير في ما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية”.

ومع ذلك، يقول هؤلاء إن القيادة السعودية ستفتقد العلاقة المتميّزة التي ربطتها بإدارة ترامب حيث كان التناغم شبه كامل في أغلب الملفات ما أتاح للملكة وضعا مريحا إزاء جميع خصومها المحلليين والإقليميين.

فقد شهدت علاقة السعودية بالبيت الأبيض تقاربا كبيرا خلال ولاية الرئيس الجمهوري ترامب الذي أقام علاقة شخصية مع قيادتها وشن حملة ضغوط قصوى ضد خصمها إيران، ولم يستجب للدعوات الصادرة من الداخل الأميركي ومن أنحاء متفرّقة من العالم لاستخدام الملفات الحقوقية لأجل الضغط على الرياض.

ويرى مراقبون أنّ المملكة تشعر بالقلق من احتمال أن تتراجع إدارة بايدن عن العقوبات ضد إيران وتعود للاتفاق النووي معها الذي انسحب منه ترامب، وتحد من مبيعات الأسلحة إليها وتمارس ضغوط عليها باستخدام مسألة حقوق الإنسان.

 

لكنّ الرياض تهوّن من الأمر مؤكّدة أنّ علاقتها مع واشنطن علاقة مؤسسية وليست متعلّقة بالأشخاص. وقال الجبير الذي سبق له أن شغل منصب سفير للمملكة في الولايات المتحدة إنّ المملكة تتعامل مع رئيس الولايات المتحدة “كصديق سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا”.

 

وعن المواقف المعروفة لبايدن تجاه السعودية، قال الجبير في مقابلة مع شبكة ‘سي.إن.إن’ الأميركية “أعتقد أن ما يقوله الناس في الحملة لا يترجم في كثير من الأحيان بمجرد تسلمهم منصبهم”، مذكّرا بأنّ “الرئيس ترامب قال أشياء عن السعودية خلال الحملة، ومع ذلك كنا أول دولة يزورها عندما تولى منصبه”.

 

وخلال حملته الانتخابية، هاجم ترامب السعودية وقال إنّها “تعامل النساء كعبيد وتقتل المثليين”، لكنه زارها في بداية أول جولة خارجية له في 2017 وجعلها أحد أقرب حلفائه في العالم.

 

وتتناقض علاقة رجل الأعمال الوثيقة هذه مع العلاقة الفاترة التي ربطت المملكة الغنية بالنفط بسلفه باراك أوباما الذي أثار بإبرامه الاتفاق النووي مع إيران مخاوف السعودية وجيرانها.

 

ووعد بايدن الذي كان نائبا لأوباما خلال ولايتيه، بإعادة تقييم العلاقة مع الرياض ومحاسبتها على قضية قتل الصحافي جمال خاشقجي في 2018.

 

ورغم ذلك، قال الجبير في المقابلة الصحافية “أميركا قوة عالمية لها مصالح عالمية”، مشيرا إلى تعاون البلدين في عدة ملفات من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، إلى الأمن الاقتصادي العالمي وأمن الطاقة.

 

وأوضح “هذه المصالح ضخمة بالنسبة لنا وللولايات المتحدة، وهذه المصالح دائمة ولا تتغير. لا توجد دولتان تعملان معا في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف أكثر من الولايات المتحدة والسعودية، وسنواصل القيام بذلك”. وتابع قوله “نحن مفتاح العالم الإسلامي”.

أخبار ذات صله