fbpx
من المستفيد من عدم تنفيذ اتفاق الرياض وتأجيج الخلافات اليمنية

كتب/ علي عبد الله البحيري

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الدوافع والأسباب التي منعت وأعاقت الاتفاق على آلية تسريع بنود اتفاق الرياض2 بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية اليمنية. ومما زاد تأجيج الموقف هو تداول وسائل الاعلام ومواقع التواصل الإجتماعي تلك الدوافع والاسباب من منطلق التحريض والتشكيك.
وفي حقيقة الأمر فإن الوضع اصبح اكثر تعقيدا مما كنا نتوقعه، الامر الذي يتطلب تدخل المبعوث الدولي وان يلعب دور حاسم في اعادة الامور الى نصابها.
المطلعون على بواطن أمور سياسة المملكة السعودية يروا إن مشاورات اتفاق الرياض 2 تتنازعها رياح عاتية وامواج متلاطمة مثلها مثل ماسبقتها من مفاوضات، ويؤكد هؤلاء المطلعون صراحة بإنه ما لم تنتقل المشاورات إلى حوار مباشر والجلوس على طاولة واحدة وتحت اشراف دولي، فإن الفشل سيتكرر، وهذا ما يخدم استراتيجية وأهداف المخرج الاقليمي، تلك الاهداف التي لا تريد لليمنيين ان يتفقوا فيما بينهم ولا تريد للحرب ان تتوقف.
ولعلي أطرح هنا بعض الملاحظات المتصلة بهذا الأمر:
اولاً: إن من يتابع مشاورات الرياض البطيئة،وما تتخذه الحكومة اليمنية من مواقف، يدرك للوهلة الأولى ان هناك حالة من التعبئة ضد الجنوب، وان هناك خطط ترسم للانقضاض على الانتقالي في معقله ومواقعه.
ثانياً: ان ما نلمسه من تعقيدات هي بحاجة لحدوث معجزة من شانها ان تعيد المشاورات إلى مسارها الصحيح. وهذا لن يتحقق الا إذا عقدت المفاوضات خارج جغرافية المملكة وبعيدا عن مشاركة السفير “إل جابر”، الذي اصبح جزء من المشكلة وفاعل أساسي فيها… فهناك الغام يزرعها أخوان الشرعية واللجنة الخاصة السعودية لإجهاض المشاورات وبما يخدم استراتيجية مطامع إقليمية معروفة.. فالأمل الذي انتظره اليمانيون في انجاح المشاورات اصابته التدخلات الاقليمية وتعدد الولائات لحكومة الشرعية.
ثالثاً: إن ما يحدث اليوم يشير بوضوح إلى وجود خطط غادرة وتحالفات مكشوفة، لا تختلف عن خطط اختطاف العاصمة صنعاء. وتستهدف تقويض اليمن ارضا وانسانا لصالح مشاريع تتعارض وبشدة مع قيام يمن متعافي شمالاً او جنوبا،وتنفق الأموال السخية على ادوات يمنية لتحقيق اهداف اقليمية.. والنتيجة ان اليمن اصبح اليوم بلا سيادة وبلا دولة، وشعبه مشرد في الداخل والخارج.
رابعاً: تحقيقا لتطلعات الشعب اليمني، فان المطلوب قيام دولة في المناطق المحررة الجنوبية، دولة نموذجية مدنية، ومزدهرة اقتصاديا ومستقرة أمنيا، دولة تمثل مثالاً تقاس عليه الأوضاع حول أفضلية النظام الاقتصادي والسياسي، ولكن مانراه هو أن الطريق إلى مثل ذلك النموذج لايزال بعيد المنال، تشوبه أشواك وعوائق كثيرة، تحتاج إلى تضحيات جسام، واهمها وقف التدخلات الإقليمية وتجاوز ما أفسده الدهر على خلفية تلك الأحقاد والموروثات التي ساهم فيها الإقليم، والتي تتطلب معجزة ان لم تكن قناعات وطنية تؤدي الى حلحلة تلك الأوضاع والكف عن الدسائس التي تخدم القوى الإقليمية المعروفة. فهل من مستجيب؟ سؤال تجيب عليه قوادم الايام .
خامساً: ان المشاورات التي تحتضنها الرياض والتي طال انتظار نتائجها، وتتم عن بعد وعبر الوسيط السعودي “إل جابر” هي المهزلة بعينها، وهي مسرحية بلا مسرح ولاجمهور، وتتلخص في أن الطريق لازال شاق مملوء بالمطبات والألغام، كما هي حال الأرض اليمنية المشتعلة منذ انهيار الدولة والسيادة اليمنية عام 2014م.
سادساً: ان الحدود المصطنعة التي صنعها ” المخرج الاقليمي” في شقرة وقرن الكلاسي، الهدف منها وقف التواصل بين ابناء الجنوب الاشداء، فإذا توحد الموقف الجنوبي ورجاله، فالدولة قادمة لا محالة، ولهذا سارع المخرج إلى إثارة المناطقية بين ابناء الجنوب، ووجد بعض ممن يسوقون لأهدافه .
سابعاً: ان إستمرار العدوان على الجنوب، هو إستمرار لنفس سيناريو تدمير ما تبقى من الوطن اليمني ،فالعدو معروف وجبهاته مفتوحة، بينما الخيانات والانتكاسات أضحت من سمات الشرعية، وأمام اعين قوات التحالف العربي.
وهذا يقودنا إلى الاستنتاج بوجود مشروعين: الاول تثبيت الاوضاع كما هي عليه شمالا، ومقايضة مأرب بالحديدة، والثاني نقل الحرب جنوبا والبدء بتقسيم الجنوب وبحدود جديدة، ناقصة السيادة الوطنية. فالحذر الحذر من خوض حرب على الجنوب وجعله مرتعاً خصباً للإرهاب كما نراه في جبهة شقرة وقرن الكلاسي .
ثامناً: ان خطة الرياض 2 انتجت تقاسم السلطة في الجنوب المحرر بين الشمال والجنوب، وهي خطة مثيرة للسخرية..وما ندعوا اليه هو أن يتوقف الإقليم عن إشعال المزيد من النار في وطن اصبح بلا سيادة ولا دولة ومسلوب الإرادة.
تاسعاً: لمصلحة من استمرار الوضع على ماهو عليه؟ ولمصلحة من ادخال البلاد إلى أتون حروب لا تتوقف؟ من المستفيد من وضع العراقيل ووضع الكمائن في طريق السلام والاستقرار؟ انهم هم أصحاب المصالح الإقليمية وادواتهم اليمنية.
عاشراً: ان الحقيقة الوحيدة التي ينبغي على دول التحالف العربي وأدواته اليمنية معرفتها، هي إن هناك شعباً لم يعد يقوى على تحمل المزيد من الحروب والإرهاب والصراعات، لقد طالت سنوات العبث والتدمير وتجاوزت قدرة اليمنيبن على التحمل.
اختتم..ما كتبته بالقول  :
إن الطريق إلى مستقبل مشرق، ليس مُعَبداً ولامفروشاً بالورود كما يتخيله البعض، أنه لا يتحقق بالأمنيات والأحلام، ولكنه يحتاج إلى الدم والعرق والدموع بحسب تعبير “السياسي البريطاني ونستون تشرشل.”