fbpx
لقد آن الاوان لتحول الحراك الشعبوي إلى حراك مؤسساتي

لقد كان الحراك الجنوبي السلمي وما يزال يسيطر على الواقع الميداني للأحداث في الجنوب بصفته الممثل والحاضن السياسي والحامل الشرعي الرئيسي لقضية الجنوب السياسية ،  ولقد كانت دعواتنا مبكرة بين عامي 2007م و2009م بضرورة العمل من أجل تشكيل نقابات عمالية متخصصة في المجالات المختلفة على مستوى الجنوب ومحافظاته ومديرياته ومراكزه  كما كنا نجزم حينها بأن الحراك لن يكون قوياً ما لم يخترق كل الفئات والنقابات العمالية والهيئات المختلفة وفي مقدمتها الهيئات الدينية كالخطباء ورجال الدين والمثقفين والطلاب الجامعيين ، وقد نجح الحراك الجنوبي فعلاً خلال أقل من عامين فقط على احتواء الجميع تحت لواءه ، بل انه تقدم نحو أكثر من ذلك عندما حشد الجميع وضمهم تحت لواء النضال الميداني الواحد المطالب باستعادة الدولة الجنوبية ، وحق له اليوم أن يقوم بفرزهم من جديد كل بحسب مجاله التخصصي المرتبط ارتباطا وثيقاً بحركة النضال الميدانية الشعبية في كل أنحاء وساحات الجنوب المختلفة  كي يعبر ذلك عن تطور الحراك الجنوبي وأتساع رؤيته ونطاقه نحو فكر الدولة الجنوبية الحديثة التي ستقام على مؤسسات ومنظمات ونقابات المهن والوظائف المختلفة  .

 وها نحن اليوم نجدد دعواتنا وإلحاحنا الكبير على ضرورة العمل والتنسيق من أجل بناء حراك جنوبي ذات مؤسسات ومنظمات ونقابات عمالية وهيئات أكاديمية ودينية وطلابية متخصصة كل في مجاله وعمله وانتماءه المجتمعي ووظيفته العامة ،بحيث تقوم تلك المؤسسات والمنظمات والنقابات والهيئات تحت المبداء الوطني الاستراتيجي الجنوبي “فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب الحرة ” .

فبعد أن صار زخم الحراك السلمي الجنوبي يملأ  أصداء العالم من خلال النضال السلمي المتمثل بالمسيرات والمهرجانات والفعاليات والندوات ، بات اليوم واجباً على عاتق كل جنوبي حر أن يعمل ويشارك في دعم ورفد الحراك الجنوبي السلمي الشعبوي والميداني  بالعمل المنظم والمؤسسي وبناء القدرات التنظيمية والنقابية الجنوبية أو بالأصح “استعادة بناء مؤسسات ونقابات وهيئات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ” الجنوبية ، كأقل واجب وطني  يقدمه الجنوبيين لحماية قضية الجنوب السياسية العادلة من الهجمات السياسية التي باتت تتعرض لها بشكل متتالي وسريع جداً .

وحقيقة أن الحراك الجنوبي السلمي إلى جانب أنه أول حركة سلمية في “الوطن العربي” فهو يعتبر أيضا أول حركة احتجاجات تجمع تحت عباءتها أو لواءها كل إشكال وأصناف وأطياف المجتمع  فقد جمع الحراك السلمي الجنوبي كل فئات الشعب والمجتمع الجنوبي بداخله  ومن كلا الجنسين ، حيث وجد العسكريين والمدنيين والمحامين والأكاديميين والمثقفين والصحفيين والأميين والفلاحين والكادحين والطلاب والجامعيين وكل أطياف العمل الوظيفي والشعبي .فكان هو الحركة التي توافق عليها الجميع وآمنوا بها والتزموا بواجباتها وأهدافها وقبل ذلك وسيلة النضال السلمية التي اتخذها الحراك مبكراً في نضاله .

كيف يستعيد الجنوبيين مؤسسات دولتهم ..؟

لا شك ولا ريب أن العمل المؤسسي والتنظيمي هو أقوى وأروع الاعمال والخطوات التي يجب أن يواجه بها الجنوب أعداءه السياسيين  ، وبحد ذاته فيعتبر العمل النقابي وبناء التنظيمات المؤسسية والهياكل التنظيمية هو التوجه الصحيح والفعلي تجاه الهدف والسير نحوه بسرعة فائقة وأكبر من ذي قبل .

ورغم أن جميعنا يعرف أن هناك تيارات في الحراك الجنوبي الشعبوي السلمي تنتهج التنظيم المؤسساتي وخاصة التيارات الشبابية إلا أن العمل النقابي الوظيفي التخصصي يضمن ويدعم توسع الحراك الجنوبي السلمي وسيطرته على المؤسسات الفاعلة ومنظمات المجتمع المدني في كل أنحاء الجنوب ومحافظاته ومديرياته مراكزه .

إن هذا العمل الجبار يجب أن يكون امتداداً للعمل والنضال الشعبوي للحراك السلمي الميداني وانطلاقا من مبادئه وأهدافه وسبل نضاله المشروعة ، بحيث يعتبر ذلك تطوراً لعمل الحراك الشعبوي في أنحاء الساحات الجنوبية وانتقاله إلى داخل مؤسسات ومراكز الدولة التي تشكل أطياف وفئات المجتمع بأكمله .

ويعتبر العمل المسيطر على المؤسسات والتنظيمات الحكومية والخاصة هو بناء ركائز متينة وقوية تمهد جميعها إلى تشكيل حلقة الالتقاء والوصل بين كل تلك المؤسسات والنقابات والتنظيمات تحت لواء مجتمعي عام يسمى ” نظام مؤسساتي ” وهو بذلك ينتقل تلقائياً إلى مرحلة تطور سريعة تشكل “مؤسسات دولة ” وهذا هو الهدف من كل ما يحدث ويحصل في أنحاء الجنوب المسلوب ،علماً أن ذلك لن يكلف كثيراً ، حيث سيتم من خلال العمل النقابي والتنظيمي على استعادة بناء مؤسسات ونقابة دولة “ج.ي.د.ش” التي كانت حاضرة إلى وقت قريب ولا يزال ممثلوها وقادتها وأنظمتها الداخلية وقوانينها وإجراءاتها موجودة ، وهي بحاجة فقط  إلى تحديث بسيط بما يتناسب مع ما يشهده العالم من تطور إداري وتنظيمي حديث .

مشاريع تسعى لخلط الأوراق

لقد بات من الواضح جداً أن هناك مشاريع وقوى بل وأفراد يعملون على خلط الأوراق ومحاولة اختلاق العقبات والمشاكسات في طريق كل من يريد أن يؤسس أو يعمل على دعم إنشاء واستعادة النقابات الجنوبية المنظمة والرافدة الاساسية للحراك الجنوبي الميداني ومطالبه بفك الارتباط واستعادة الدولة الجنوبية الحرة ، ومن هنا فعلينا أن لا ننسى أن هناك من لعب دوراً أيظاً في العمل على خلط الأوراق على الحراك الجنوبي الميداني الشعبوي حيث وجد الفرصة مناسبة للعب دوره المأزوم في محاولة شق الصف الجنوبي الميداني ،وما تعانيه تيارات الحراك اليوم هو بفعل تلك الايادي التي تحمل مشاريع غير فك الارتباط واستعادة الدولة ، ولكننا نقولها بيقين كامل أن تلك الأيادي والأفكار المأزومة لن تستطيع أن تنال من حركة النخب المثقفة كالصحفيين والمحاميين وغيرهم ، ولو استطاعت أن تحدث شيء من الارباك فإن تلك النخب المثقفة سيكون واجباً مقدساً عليها أن تعمل على فضح كل من يريد أن يختلق الصراعات والخلافات داخل العمل المؤسسي الجنوبي ، ونقول لها هنا أن الوقت لم يعد في صالح تلك الافكار والايادي السوداء وبات من الواجب الوطني ولمصلحة شعب الجنوب أن يعلن وعلى الملأ ومصحوباً بالأدلة الواقعية عن أولئك الفئة المصابين بحمى البيانات والتصريحات التي عانى منها الحراك الجنوبي طويلاً وجميع تياراته المناضلة في الساحة الجنوبية وأنهم إذا كانوا لديهم وجهات نظر أخرى فعليهم أن يطروحها في الاجتماعات المغلقة وبعيداً عن التأجيج الاعلامي التي تستثمره مواقع وصحف اعلامية تابعة للاحتلال اليمني وأحزابه  ، ولو تمكنت تلك الأيادي المعدودة من توطين يدها وإشاعة فكرها الاختلافي في كل شيء وهو حقيقة فكر زعاف وخاصة في مؤسسات وشرائح النخب المثقفة والاكاديمية الجنوبية فإنها ستعمل من جديد على نقل صراع أو بالأصح تباين تيارات الحراك الشعبية إلى داخل المؤسسات التي ينوي الحراك المنظم السيطرة عليها ، وذلك يعني الدوران حلو دائرة سياسية مفرغة هي نسخة مما يحدث في الساحات الشعبوية التحررية الميدانية والتي يجب أن تختلف طريقة إدارتها عن إدارة تلك النقابات أو المؤسسات المثقفة والسياسية ، فيما الجميع يجب أن تكون طريقة نضالهم واحدة وهدفهم واحد ومتكامل في سبيل “فك الارتباط واستعادة دولة الجنوب الحرة “.