fbpx
نـــون الـــنـــســـوة،، بالـــعـــدنـــي (الوجه الأجمل لعدن)
شارك الخبر


إعداد وتقديم/ عاد نعمان

كانت تأخذ القلم الرصاص والدفتر أبو 40 ورقة، وتأتي فرحة لتجلس بجانبي، وأنا أذاكر دروسي، تطلب مني بلطف أن أرسم لها حروف اللغة العربية على شكل نقاط، لتصل بينها، بعد سنة التحقت بالصف الأول ابتدائي، ومرت 6 سنوات سريعًا أمامي، نمت الفتاة الصغيرة الذكية خلالها بهدوء، وصارت تسألني أن أعلمها بعض مفردات وقواعد اللغة الإنجليزية في المرحلة الإعدادية، وانتقلت واثقة بعد 3 سنوات إلى المرحلة الثانوية، لم تنسى أن تحجز مرتبة متقدمة بين أوائل الجمهورية في المرحلتين، بمعدلها الأخير الممتاز الذي فاجأتنا به، اكتملت من تكوين ملامح الطالبة المجتهدة، تلك النتيجة الباهرة، نبهتنا من أن هناك عنصر جاد في بيتنا، يحتاج لأن نلتفت له، لنرعاه ونهتم به أكثر، تريد بإصرار أن تضع علامة مميزة لها، وقفت الخيارات الأكاديمية المختلفة والمتعددة مستسلمة أمامها، لتختار ما يحاكي طموحاه وتطلعاتها، فأرادت أن تكون مهندسة معمارية، وكان لها ذلك باستحقاق، على الرغم من أن أمي سامية إرادتها أن تكون كابتن طائرة، لتسافر بها مختلف بلدان العالم، فراحت تصمم وترسم هياكل مباني ومنشئات مشاريع كبيرة، رغبت أن تكون حقيقية، وفي سبيل ذلك تسعى، لأن تكون مهندسة معمارية مهمة ومعروفة يشار لها بالبنان، وإلى جانب ذلك تسجل حضورًا ملحوظًا في المجتمع المدني في مدينة عدن، كناشطة تجتهد لأن تكون مفيدة، تناصر قضايا تعني الشارع، محاولة إيجاد حلول لمشاكل مركبة، بمعية صديقاتها وزميلاتها الناشطات المهتمات، اللاتي يشاركنها هموم كبيرة عليهن، كمًا وكيفًا، فلا أتفاجئ من سؤال أحدهم لي في فعالية أو نشاط ما، “أين هي؟!”، اليوم في الثامن من مارس، تناقش مع رفيقاتها، ماذا في مقدورهن أن يفعلن أو يقدمن للمرأة العدنية في اليوم العالمي للاحتفال بعيدها؟!.
إنها هي.. المهندسة المعمارية – في سنتها الثانية – والناشطة الميدانية.. رؤى نعمان، أختي وصديقتي الأقرب بكل اعتزاز وفخر، من صغرها إلى الآن وحتى آخر العمر وفي يوم القيامة، تقول رؤى ممازحة أقاربها وأهلها من الشباب والرجال، “سألزمكم البيت وسأُنفق عليكم”، مشجعة بجملتها، التي كلها ثبات وثقة الشابات والنساء في العائلة والمجتمع، أن يتجهن ليصرن أرقام صعبة في مختلف مجالات الحياة، منتجات بشكل فاعل، مؤثرات بشكل فعال، ليكن سيدات أنفسهن، ينافسن الآخر، في الأخير تضحك، وأضحك بعدها، موازاة لها، أشجعها كما هي تفعل معها، وربما أكثر..

جاكلين احمد – كاتبة صحفية ومعلمة أطفال
في صغرها كانت فتاة عادية جدًا، لا شيء يميزها عن غيرها، وجدت في عائلة متفهمة، ترى أن للمرأة الحق في التعليم والعمل وإبداء أرائها في كل ما يخصها، الأمر الذي تعتبره مريحًا للغاية لأي فتاة، يعطيها الفرصة لتكوين شخصية قوية، صاحبة قدرة على قيادة حياتها، وطموحها نحو ما تراه منسبا لها، كان الإدراك والتقبل عاملين مساعدين لها.
لم تكن هواية الكتابة – حلمها اللذيذ – تفارقها حيثما حلت، تكتب ما تشعر به، أو ما يمر حولها في دفاترها الخاصة، وتقفل عليها، لخجلها من أن يقرأها احد، تطورت مقدرتها على الكتابة، وبدأت تنشر ما تكتبه على مدونتها الخاصة وصفحتها الشخصية في موقع الفيس بوك، بعد أن لاقت الكثير من التشجيع والإعجاب من بعض الأصدقاء، كان تشجيع أهلها وعلى رأسهم والدها، دافعها الرئيسي لدخولها عالم الكتابة الصحفية والعمل الميداني، كما تقول أن بنصائح والدها ومشاركته لها بالأفكار والنقاشات تسعد كثيرا.
تجد جاكلين أن نشاط المرأة وتألقها في الحياة إنما نتيجة للأسرة الواعية، تفهم الرجل هو عامل أساسي في بناء ثقة المرأة بنفسها، وتعتبر الاحتفال باليوم العالمي للمرأة تكريمًا لها، تستحق الثناء على مجهودها الراقي، الذي بذلته لتنال حقوقها، لتصل إلى مكانة رفيعة في مجتمع يعاني من تنصل الرجل منها، ومن مشاكل الاعتراف بوجودها، باسم والدته أو زوجته أو ابنته، وكأنها عار يحاول إخفائه قدر استطاعته، مهما بلغت درجة ثقافته ورقي تفكيره، وبرأيها أن المرأة خطت خطوات كبيرة نحو مستقبلها، ولكنها ما زالت تتعثر أحيانًا بنظرة المجتمع الدونية لها، التي تنكر أدميتها، وتعتبرها شيء من سقط المتاع.

وردة بن سميط – محامية وناشطة حقوقية
لم تؤيد أسرتها نشاطها بتاتًا في بداية مشاركاتها المجتمعية، حتى مجتمعها الصغير لم يتقبل ذلك بسهولة، وبعد إصرارها وعنادها الشديدين، ومواصلتها للعمل الميداني، تمكنت من إقناعهم، وبالوقوف إلى جانبها، إنها المتمردة وردة التي كانت في صغرها تدافع باستماتة عن إخوتها في المنزل وأصدقائها في الحارة.
تقول وردة أن المرأة لم تأخذ حقوقها كاملة، وأن السبيل إلى ذلك، يأتي عن طريق توعيتها بحقوقها الأصيلة والمكتسبة، وتثقيفها، وتشجيعها، ومعاونتها، وتوعيتها بالمواجهات التي قد تصادفها، وتقف حائلًا أمامها، وحمايتها من أية نتائج سيئة قد تلحق بها.
تقدم المرأة برأيها لن يكون إلا بمساندة الرجل، والرجل لا يقدم المنتظر منه تجاهها، ومستواه لا يرقى للمستوى المطلوب، والمجتمع الذي يقع عليه العاتق الأكبر، يتكاسل ويخجل من إعطاء المرأة حقوقها، بينما هي لا تزال تناضل للوصول لها بكل الطرق والسبل تحقيقًا للعدالة الاجتماعية والإنسانية، إن من المفروض منح المرأة مساحة حرية أكبر لتتمكن، وعدم الوقوف طويلًا أمام العادات والتقاليد التي تقيد تطور المرأة، وإطلاق سراح كل المفاهيم الحقوقية لمساندتها، وتحقيق ذاتها في مجتمع ذكوري بحت.
تحتفل وردة سنويًا باليوم العالمي للمرأة مع أصدقائها وصديقاتها، فهذا اليوم يعني لها الكثير، يعبر عن مدى احترام المجتمع للمرأة، الأم والبنت والأخت والزوجة و..، وبتخصيص يوم في السنة للاحتفال بها هو عرفان بسيط بجميلها على مر الأيام, رغم تأكدها تمامًا بان الأيام جميعها هي احتفالًا بالمرأة، فكل شيء متصل بها.

آثار علي محمد – مهندسة كمبيوتر وناشطة في حركة (شباب عدن)
تتذكر آثار أن نشاطها في الطفولة كان محصورا في المنزل وفي ساحة المدرسة، لأن والدتها كانت ترفض أن تخرج إلى الشارع بسبب خوفها عليها من كونها فتاة، لذلك اقتصر نشاطها على الجانب العلمي، وتحديدًا في مجال الرياضيات، بدأت مشاركاتها الاجتماعية بالظهور في مرحلة المراهقة.
كبرت وكبرت معها أحلامها، فتوسعت مداركها، ونضجت فكريًا، وهذا ما جعل ثقة أهلها تزداد، حينما رأوا اعتمادها على نفسها بتزايد مستمر، وشخصيتها تقوى أكثر وأكثر، فصاروا يقولون عنها أنها “بمائة رجل”، توسعت نشاطاتها مع التجارب الحياتية، وصارت تأخذ الطابع السياسي والاجتماعي والحقوقي، تشارك بشكل طوعي ودون مقابل، فازداد انخراطها في المجتمع، اختلطت بالرجل، عملت معه، وأيقنت أن لا فرق بينهما في العمل سوى بالعقل.
تتعجب آثار من مجتمع يمجد الرجل، ويعزز من نزعته الشرقية، التي تصور المرأة على أنها ناقصة، ولا تكتمل إلا بوجوده، والعكس غير صحيح، وتؤكد أنها ليست ضد الرجل، وإنما تبغض تفكيره الذي يضيق بالمرأة، تفتخر كثيرًا بأصول عائلتها العدنية العريقة، وبعصامية واستقلالية والدتها، التي تحدت الصعاب، وصارت واجهة اجتماعية، وتجد أن تجربة المرأة العدنية في الشوارع والميادين والساحات رائدة ومختلفة.
إن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة والاحتفال بعيد الأم يعنيان لآثار ذات الشيء، إلى جانب تزامنهما في نفس الشهر، وترى أن المرأة تقدمت، وحصلت على الكثير من حقوقها، وأن الدين الإسلامي أنصف وكرم المرأة، ووضعها في منزلة جليلة، وتذم التعصب لأي جنس ضد الآخر، مهما كان مبرراته، فلكل منهما قدراته ومميزاته، التي حباها الله به، وستظل متمسكة بتجربة والدتها، وهي تواجه معوقات من صنع مجتمع ذكوري.

منال مهيم – رئيسة تنظيم المرأة لحزب رابطة أبناء اليمن(رأي)/ فرع عدن
كانت طفولتها عفوية وطبيعية، تخللها الكثير من الذكريات الجميلة التي كانت تثير غضبها آنذاك، وتضحكها والأهل كثيرًا، كلما تذكروها، وأبرزها صراعها الدائم مع أخيها، عندما كان يستولي على جميع ألعابها بحجة، انه الأصغر، والولد الذي أتى بعد أربع بنات، كانت منال الرابعة بالترتيب وآخرهن، فلم يكن بيدها سوى استخدام الحيل، ما زلت تتذكرها دائما بحب في لحظات صفاء مع الأسرة.
في سن المراهقة بدأت تتجه صوب القراءة والمطالعة، التي كانت ملاذها الأمن واستراحتها الممتعة، فهممت على قراءة قصص عالمية شيقة لـِ (اجاثا كريستي)، وروائع كاتبها المفضل الروائي/ إحسان عبدالقدوس، الذي تناول قضايا المرأة في كثير من المواضيع الحساسة، تجاهلها المجتمع في تلك الفترة الزمنية، رغم إعجابها الشديد بكتاباته، إلا أنها كانت تختلف معه في جرأته، التي لا حدود لها في بعض قصصه، انتقدته، ولكنها عادت لتخبر نفسها، أن تناوله للمرأة كان في مجتمع مختلف عن مجتمعها، وتربيتها التي تجعلها تستغرب وتذهل.
كانت منال تلعب دور حلالة المشاكل لصديقاتها المقربات، تلك المشاكل فيما بينهن وبين أهلهن، فقد تمكنت بمساعدة أهلها من أن تلغي زواج صديقة لها، بإكراه وبقرار تعسفي من قبل أهلها، كانت وقتها في الصف التاسع مع صديقتها، إلا أنها تمكنت من ذلك بالفعل، بمناصرة صديقاتها بكافة الوسائل المتاحة والمعقولة.
تثق بأن محاولات المرأة متنوعة ومستمرة لأخذ حقوقها، التي نالت منها الكثير، واستطاعت انتزاعها بقوة، إلا أنها لم تتمكن حتى الآن من اخذ جميع حقوقها المكفولة، ويعود ذلك لثقافة مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا، أغلبهم يرون أن المرأة خلقت للبيت فقط، وتمكنوا بالفعل من التحايل عليها في نصوص الدستور.
تقول منال أن من الجميل الاحتفال بالمرأة في يومها العالمي، إلا أنها ترى استحقاق الاحتفال بها في كل يوم، تقديرًا من الجميع، وامتنانًا لعملها اليومي في خدمة أولادها وزوجها وأهلها والمجتمع بأسره، فهي تعرف عن الرسول الكريم الصادق الأمين خير مناصر للمرأة قوله “ما أكرم النساء إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم”.

أريج حيدر – ناشطة شبابية ومؤسسة مبادرة (قادة لخدمة المجتمع)
مرت مراحل الطفولة أمام أريج بشكل طبيعي دون منغصات أو عقبات، وأن والديها عملا ما بوسعهما لإيصال أولادهما لمراحل متقدمة من التعليم، وقد تعبا في ذلك، وأملهم كان كبير بهم، لأنهما لم يتمكنا من مواصلة دراسة المرحلة الابتدائية.
مشاركاتها في المعارض السنوية في المدارس، وتصميم المجلات الحائطية والرسم، ومزاولة لعبة الشطرنج، ومشاركتها على مستوي محلي، والتحاقها بمنحة لاكتساب اللغة الإنجليزية، وحصولها على شهادة التوفل، ودخولها كلية الطب لدراسة الطب البشري، ومشاركتها في برنامج لتدريب القيادات الشبابية والانخراط في المجتمعات المختلفة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومؤتمر القاهرة لخريجي برنامج القيادة الشبابية، كانت خطوات مهمة وضرورية لإنشاء مبادرتها الشبابية التطوعية الخاصة (قادة لخدمة المجتمع)، التي تهتم بالتنمية الشبابية المجتمعية.
الاحتفال باليوم العالمي للمرأة على مستوى المحيطين بها، تجده أريج كبقية الأيام، ولا يوجد اهتمام كبير به يستحق الذكر، وتؤكد أنها لم تحظر أي فعالية، نظمها المعنيين بخصوص هذا اليوم، لذلك لا أهمية له، طالما لا توجد مبادرات لتشجيع المرأة بالمساهمة في عملية التنمية، ومن وجهة نظرها هذا اليوم هو ليس فقط للاحتفال، وإنما يجب أن يكون يوم فاصل لما كانت عليه المرأة بالأمس ومن هي اليوم وماذا سوف تكون غداً؟!
تقول أريج أن للرجل دور مهم في مساندة المرأة لتحقيق ذاتها، وفي الفترة الأخيرة بدأ يكون ملحوظًا، وبدأت المرأة تعبر عن ذاتها بشكل أفضل، وبأخذ أدوار متقدمة في المجتمع، هذا ليس لأن الرجل قد يكون السبب في ذلك، فسيطرته عليها بدأت تقل، نحتاج الكثير من الوقت، فمجتمعنا تسيطر عليه العادات والتقاليد والأعراف، والقيود على المرأة عديدة ومفاتيحها ليست بيد الرجل وحده، وأن المرأة التي بجوارها رجل، زوج أو أب أو أخ، يساندها، تعتبر سعيدة الحظ، وسيكون تحقيق ذاتها أسهل بكثير من تلك التي تكبلها القيود.
تعتقد أن الحقوق منتهكة في كل المجتمعات، وتعاني من ذلك كافة الشرائح، وإنما تكثر في شريحة المرأة الانتهاكات دون غيرها، والثقافة تلعب دور مهم، ولكي تعطى المرأة حقوقها، لا بد من أن تفهم حقوقها، وأنه من حقها، وعليها المطالبة بها، والحقوق كثيرة، وأهمها حق التعليم، والمشاركة في جميع مجالات الحياة.

ريما اليماني – فنانة تشكيلية
بتشجيع من الأسرة وبعض الأصدقاء تمكنت ريما من زيادة إلمامها واهتمامها بالرسم، هوايتها المفضلة منذ الصغر وخلال مراحل حياتها المختلفة، حتى الآن، إلى جانب حبها للقراءة والكتابة، كانت تشبع تلك الهواية بالألوان المائية والخشبية، وعند التحاقها بالثانوية العامة كرست هذه الهواية في أغلب نشاطاتها، وبانتقالها إلى المرحلة الجامعية، وعلى الرغم من أن المجال الذي التحقت به، بعيد كل البعد عن هوايتها، إلا أنها لم تهملها، وكانت في حال فراغها تستمتع بالرسم، وقراءة كل ما هو جديد في عالم الفن التشكيلي، ومتابعة الثقافة البصرية والفكرية المتعلقة بهذا المجال، وبدخولها معهد الفنون الجميلة، صقلت موهبتها، وتوسعت في بحر الفنون التشكيلية.
وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهتها من عدم تقبل بعض شرائح المجتمع لهذا الفن، إلا أنه من وجهة نظرها، الفن التشكيلي نشاط مستمر يتفاعل معه المجتمع على مر الزمن، وتعبير فكري ووجداني وتقني، ذو صبغة نفعية حضارية، يتفق مع النظرة الإسلامية له، وعلى الصعيد العالمي هو جزء من الصناعة والعمران والوسائل الثقافية والإعلامية والإنتاجية، خالد خلود الحضارة، وقائم ما قامت الحضارة، ومع ذلك فهو بحاجة إلى حرية وحماية ورعاية وتقدير لكونه تعبيرًا وفكرًا وإبداعًا وثقافة.
تؤمن ريما بأن الفنان إنسان متميز من حيث حساسيته للشئون الجمالية من اجتماعية وثقافية وفكرية، وصاحب لغة ومطور للتراث ومحرك للإدراك الحسي والبصري، فكيف الحال إذا كان الفنان امرأة؟! يجب عليها بحكم اهتمامها أن تبلغ رسالتها، وتكون فعالة ومشاركة في مجتمعها ووطنها، قادرة على تحمل الهموم ومواجهة المشاكل ومحاولة حلها، لذلك يجب على المعنيين رعايتها وحمايتها من الفاقة والهجرة والاغتراب.
تقدر وتحترم ريما الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، لكن عدد الناشطات الفعالات واللاتي يعملن من أجل المرأة بصدق وقوة وحماس بنظرها قليل جدًا، كما توجد منظمات وجمعيات نسائية تعمل لصالح المرأة، ولكن ليس بالشكل المطلوب، يؤدي إلى تحرير المرأة ومساواتها الكاملة بالرجل، قضية المرأة هي قضية المجتمع ككل، ولا شك أن الحل الجذري لا بد أن يتسق مع تنمية شاملة، لكن ذلك لا يلغي ضرورة البدء بمحاولات للنهوض بواقع المرأة وتحرير طاقاتها الخلاقة.
تقول ريما، أن من الضروري ألا تختلط الأمور، فيتحول النضال من أجل حقوق المرأة إلى صراع بين الجنسين، وهو خطأ وقعت فيه بعض الحركات النسائية، مما انعكس سلبًا على إمكانية كسب حلفاء لهن من معسكر الرجال، مع الإقرار بالمكتسبات التي حقّقتها المرأة خلال الفترة الماضية، إلاّ أن ذلك لا يلغي حقيقة أن الكثير من العنف والتمييز لا زال يمارس في مجتمعنا، وبين ثنايا قوانيننا وتشريعاتنا، الأمر الذي يقتضي عدم دفن الرؤوس في الرمال، بل العمل بدأب لمتابعة مسيرة النهوض بالمرأة في كل الأماكن والأزمنة والمجالات.

حنان محمد فارع – ناشطة حقوقية ورئيسة مؤسسة (وعي) لحقوق الإنسان
تحمل حنان في قلبها الجميل السرمدي لسيدتين، كان لهما دوراً مؤثراً وبارزاً في حياتها، الأولى جدتها لأمها التي شجعتها على التعليم، رغم أنها أمية، ضحت بالكثير من أجلها، والثانية والدتها التي كانت رمزًا للمرأة العاملة المستقلة، قدمت لها الكثير من النصائح، إلا أنهما انتقلتا إلى رحمة الله، منهما استمدت قوة إيمانها وصلابتها وتحملها للمسؤولية وقوة شخصيتها، وعشقها للحرية والاستقلالية، واليوم إخوتها يقفون إلى جانبها، يباركون كل خطواتها.
تعرف حنان عن المجتمع العدني، التمدن والتحضر واحترامه للمرأة الجادة وتقديسه لعملها، وترى إن المعوقات الحقيقية تكمن في من يحاول أن يفرض على المرأة أن تكون مجرد تابع، بالإضافة إلى عدم القبول الآخر، وهذا تواجهه المرأة والرجل على حدا سواء.
بداية نشاطها كان في عالم الصحافة، حققت نجاحاً ملموساً وحضورًا لافتًا، تجاوزت الكثير من العثرات وقفت كالجبال أمامها، صعب عليها هدها وتفتيها، أحبت الصحافة كثيراً، فقد كانت سبباً لاكتشاف ذاتها، ومعرفتها بامتلاكها قدرات لم تكن على علم بها، ظهرت عبرها للعلن، وأدت إلى التحاقها بالنشاط الاجتماعي والحقوقي، وهو العمل الذي قربها أكثر من الناس ومعاناتهم، تعتبرها فرصتها الثمينة لتحقيق طموحها واثبات ذاتها أكثر، تعرضت لتجارب حياتية عديدة، كان لها بصمة في إثراء حياتها العملية، وغيرت ملامح شخصيتها.
في الوقت الحالي تركز نشاطها على تأييد ومناصرة قضايا حقوق الإنسان بشكل عام، وحقوق المرأة بشكل خاص، وتفعيل مؤسستها الخاصة (وعي)، من خلال إقامة عدد من الأنشطة والفعاليات التي تخدم المجتمع، وبحسب الإمكانات المتوفرة لها، إلى جانب عملها في مجال تعليم الأطفال.
تتعاطف حنان مع شريحة كبيرة من النساء، اللاتي لا يعني لهن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة شيئاً، فهن يكدحن، دون أن يشعر بهن أحد، ولا يجدن تقدير واهتمام، ونساء أخريات يواجهن العنف والحرمان، يعتبرن اليوم العالمي للمرأة مجرد يوم عادي يمر في حياتهن دون أي تغيير، قلة هن النساء اللاتي يحتفلن في هذا اليوم وبانجازاتهم، ويكرمن من قبل المعنيين والمهتمين ومن نساء مثلهن، بالنسبة لها فإن الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، رسالة للاهتمام بالمرأة وتحسين أوضاعها.
لا تريد حنان أن تكون متحاملة على الرجال، فالمعاملة تختلف من رجل إلى آخر، فهناك الكثير من الرجال يعاملون المرأة باحترام وتقدير لجهودها، يقفون إلى جوارها إيماناً منهم بحقها في إثبات ذاتها في الحياة العملية، وأنها جديرة بأن تنال مكانة رفيعة في المجتمع، آخرون لا تزال عقولهم متحجرة، لا يروا من المرأة غير الجسد، هم من دعاة الزواج المبكر وحرمان الفتاة من التعليم وكافة حقوقها تحت ذريعة الحلال والحرام.
ترى حنان أن القانون ساوى بين المرأة والرجل في الحقوق، ولكن غياب آليات تطبيق القانون، وسيطرة العادات والتقاليد على الحياة العامة، كرست النظرة الدونية للمرأة، ويبقى على المرأة ومناصريها النضال الدءوب للضغط من أجل تفعيل القوانين، لإنصافها وإعادة كرامتها، وتعتقد أن قيام الدولة المدنية، هو الضمان الحقيقي، لأن تنال المرأة حقوقها، إلى جانب مناصرة الرجال المتنورين والواعيين.

ليس في نهاية هذا التقرير ختام، فالرائعات السابقات السباقات قد أوفين واكفين، والقادم بالشراكة معهن..

أخبار ذات صله