fbpx
( شيخ ولايتي ) .. ( شيخ تقليد ) ..!!

فضل المحلائي

الشيخ في المصطلح أما أن يكون شيخ علم ( مرجعية دينية ) أو شيخ طاعن في السن ولكن ما نحن بصدده هو الشيخ القبلي مقدام القبيلة ورأس حربتها وفارسها الأول ولذلك يقال : ( ما برأس شيخ القبيلة برأس أعضاء القبيلة ) وهو شيخ ( ولايتي ) ( أصلي ) والقبيلة تجمعها رابطة الدماء والعصبية القبلية في أحيان كثيرة والعصبية مذمومة ومآلاتها خطيرة وطريقها إلى الفتنة ( والفتنة نائمة ولعن الله من أيقظها ) وحال قرع أجراس الفتنة تعني الحروب الطاحنة مع القبائل الأخرى والتاريخ الشاهد قديماً وحديثاً يخبرنا عن العديد من الحروب الضروؤس بين القبائل المتناحرة كحروب وائلة وتغلب وعبس وضبيان وداحس والغبراء , منذ ثلاثة عقود ونيف خلت دخلت علينا أسماء ومسميات ومصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان لا توجد في أعراف وأسلاف القبائل الأخرى قاطبة منذ أن خلق الله الشعوب والقبائل على وجه الأرض للتتعارف في ما بينها , فلا يوجد في القاموس القبلي والقاموس السياسي مصطلح ملك الملوك ورئيس الرؤساء وأمير الأمراء وسلطان السلاطين وزعيم الزعماء وإمبراطورالأباطرة وشيخ المشائخ , كل من هؤلاء مستقل بذاته وعلى رأس قومه يوجد فقط استثناء وحيد وهو مسمى ( أمير الشعراء ) , لا يوجد في الأسلاف والأعراف القبلية ولا بروتوكولات الدول وقوانينها ( ديك الديكه ) الديكان كلها متساوية ذكورية ورجولية ومناطحة لا تبيض ليس فيها من شيخ يمارس دور الديك وشيخ آخر ( دجندج ) يمارس دور( الدجاجة البياضة ) كل شيخ بأسه في رأسه ( وشوره في كوره ) على قولة أخوتنا الحضارم والحط من منزلة الشيخ القبلي تحت وطأة وطائلة ( شيخ مشائخ ) يضع هذا الشيخ أو ذاك في الدرك الأسفل وفي وضع مشيخة ( المفشخة) ومشيخة ( الفرشخة ) وأمراً كهذا عاطل لا يقبل به عاقل إلا شيخ ( مرشخة ) وليس شيخ مشيخة لأنه بذلك يصبح عصى وهراوة بيد محرك فالشيخ القبلي وأعضاء القبيلة يجمعهم الأقدام والأحجام في السراء والضراء لا يقبلون أن يكون هنالك شيخ آخر جاثي على صدورهم وسيف مُسلط على رقابهم , عبر تاريخ القبيلة لا يوجد شيخ مشائخ يتسيد ويتربع على عرش مشائخ آخرين ومن قبائل أخرى قد تكون متصارعة ومتضادة معهم , ظهرت علينا هذه التسمية في الجنوب خصوصاً من باب بو ( مزيد ) ونافذة بو ( مزبد ) بعد ( الوحلة ) نبهت لخطورة هذا الأمر والأهداف الرامية من ورائه مبكراً وذلك في 15/ مارس / 1998م في مقال منشور في صحيفة ( التجمع ) تجمع الفقيد ( الشهيد ) ( عمر الجاوي ) رحمة الله تعالى عليه في عمود ( الحاكم ) وتحت عنوان ( هوس القبيلة وحُمى المشيخة ) وأول من أطُلق عليه مسمى ( شيخ مشائخ ) في ثمانيات القرن الماضي في مناطق الهضبة الزيدية في إطار خطة مُحكمة وتسوية منظمة وترضية مبهمة ومنافع مقسمة وتوزيع أدوار ضمن معادلة واتفاق ضمني ومن تحت الطاولة بين الهالك عفاش حينها والشيخ أبو ( معجر الأحمر ) في ماعُرف بتسميته ( شيخ الرئيس ورئيس الشيخ ) هذه الحالة الشاذة تم نقلها إلى الجنوب وكان الهدف منها هو التطويع والتركيع   لكل شيخ قبلي مقاوم ولا يساوم يؤتى له بشيخ أو شيخ مشائخ يتم تنصيبه على رأسه من منطلق خطة باب اليمن لتركيع الجنوب ومشايخه وأهله وقبائله ونهجه المدني , اليوم أضحى لعدن المدينة المدنية ولحضرموت الأمن والأمان والاستقرار والسلام وحتى لجزيرة سقطرى الحالمة والمسالمة التي لا تعرف للقبيلة والصراع القبلي طريق خلال تاريخها كله ( شيخ مشائخ ) وعقال حارات يديرون كثير من شؤونها , وكما هو معروف أن الشيخ القبلي لا يقبل أن يعتلي عليه وعلى هامته وقامته شيخاً آخر وتحت أي مسمى ( رأس برأس ) وتحت واقع هذا الأمر المفروض والمرفوض جملتاً وتفصيلا دخلت على مدننا التي حكمها النظام والقانون حتى أيام السلطنات والمشيخات تسميات غريبة عجيبة مثل ( عاقل الحارة ) وأضحى الحي  السكني الشعبي يسمى حارة يديره العاقل وبهذا تحولت أحيائنا المدنية السكنية إلى أحياء قروية يديرها عاقل ( مجنون ) يختم ويبصم ويبهم وبالمعلوم , نحن في الجنوب جيل ما بعد الثورة , جيل تحرك بأمان وحرية همه العلم وهدفه ومبتغاة العمل والحياة الكريمة لا يعرف للقبيلة والصراع القبلي طريق من حوف وجاذب شرقاً إلى باب المندب غرباً , جيل لا يعرف عن تقاليد وأحكام العقر والنحر والأرش لأن ثوري نطح فلان وحماري رفس علان وكلبي عض زعطان من الناس , جيل لا يعرف أعراف عقر البعران ونحر الثيران وذبح الخرفان على شرف اللاطم والملطوم والقاتل والمقتول وبالعودة إلى أعلاه ومن مبتداه يوجد في واقعنا الراهن ثلاثة أنواع من المشائخ الصنف الأول ( شيخ مشائخ ) وهو من أهل الأصل والفصل والحل والعقد والعدد والمدد والجفير والنفير والجاه والمال والقوة ويطلق عليه ( شيخ مشائخ ) وهؤلاء هم من مشائخ الهضبة الزيدية وعلى رأسهم الشيخ ( أبو معجر الأحمر ) حينها وهناك شيخ ( ولايتي ياباني وأصلي ) محافظ على العهد والوعد وهم قلة قليلة على الساحة الوطنية مشائخ مرفوع الهامة منتصبي القامة يأبون الظلم ويرفضون الضيم ويقاومونهما بشتى الوسائل وهناك مشائخ ماركة ( تايوانية تقليد ) ( خاش باش ) لا يهشون ولا ينشون يالله يسلمها وتسلم مشائخ مستنسخين أشباه النعجة ( دولي ) هؤلاء المشائخ لا يضربون ولايحزبون ولا يكتبون ولا يخطبون ما بيدهم حيلة ولا ببندقهم فتيلة ( بلنك ) رجال من دون رجولة وذكور من دون ذكوره , مشائخ يلحسون الذبابه ويهربون عند الضرابة ويبيعون الجمل بما حمل ويبتاعون القرص بقرطاس مقابل صحن رز أبو ( كورة ) وربع دجاج مُحمر أو مُجمر وفوقها حبة قات ( صوتي ) أو ( ذحلة ) وسبعة ألف ريال إعاشة من خزينة ( تولة ) ( سيدي عبدالمحسن ) وسبعة ألف ريال إضافي ( إعانة ) ولحقة مصروف الجيب ( بقشيش ) ( مكافاة ) من الشيخ الحبيب ( نسعه أبن صئصئه أبن طئطئه أبن يشجب أبن يعرب أبن العسيب والجبه الحميري الأحامري أبن الأحمر ) ( الجنوبي في الطاقة أفسحه يا فندم ) ..!! مشائخ على هذه الشاكلة والطراز متواجدون في المناطق المهضومة والمظلومة والمحرومة مناطق أقضية وعزل وقرى تعز والحديدة ومأرب والبيضاء وإب , مثل هذه الأوجه الذعفاء والعفلاء والكشفاء ظهرت علينا في الجنوب مع ظهور الوحلة وترسخت أكثر بعد حرب المنتصر صيف 1994م تمت صناعتهم ومنتجتهم على أيدي أوباش باب اليمن لإغراض في نفس يعقوب , أخيراً أرى أنه من الواجب والضرورة المُلحة والحتمية إعادة النظر في مسمى ( شيخ مشائخ ) في الجنوب وشطبه من التداول نهائياً وكل شيخ قبلي يُدعى بأسمه ورسمه شخصياً وإلغاء مفهوم ( عاقل الحارة ) وإحلال محله أسماء معقولة ومقبولة كــ ( رئيس الحي ) على سبيل المثال , اليوم حلت وجثت علينا أعراف القرون الوسطى ومن خلالها يتم تمييع وتضييع وتركيع القانون والضرب به عرض الحائط حتى من قبل القوى التي تدعي أنها حامية التغيير وليس من قبل مشائخ ( عرطه ) أبو ( ربل ) فقط وفقها أضحى التحكيم القبلي وسيلة للهروب من المسألة والحساب والعقاب تحت طائلة القانون , يتم ذلك من قبل كل الأطراف السياسية المتصارعة المؤتلفة والمختلفة على الساحة الوطنية وفي مقدمتهم القوى التي كنا نعتقد أنها أمل الجنوب في التغيير والتعمير , إذن ماذا الذي تغير في المشهد السياسي الجنوبي ؟! ( ديمه وقلبنا بابها ) .

الهامش :

البلنك : هي الخرطوشة المحشوة بالباروت من دون ذائب الرصاص قارحها قارح طماشه
نسعه :حزام عريض أحباله كثيرة ومترادفة ومعمول من الجلد .
معجر : حزام عريض زاهي الألوان مصنوع من القطن ونحوه .
أفسحه : من الفسح  وهو عطاء يدفعه الأئمة الزيديين لمن حضر في مجالسهم من مشائخ القبائل وهو عبارة عن سبعة ريالات فرنص وسبع طلقات رصاص وسبع كدم .
دجندج : ديك مُروض لا هو بديك ولا بدجاجه ( …. ) – لا ذكر ولا أنثى .
الفرشخه : المفشخة شيخ كوز مركوز على ألفاضي والفاشوش.
المرشخة : عصى أو هراوة بيد غيره .

                                                                                                   فضل محسن المحلائي