fbpx
الشعوبة/الشعبية…قناة توزيع مياه الأمطار في يافع

د. علي صالح الخلاقي

الأمطار مصدر هام لحياة الإنسان والحيوان والزراعة، فالأرض بدون الماء هي مجرد أرض متربة لا غير. وبحُكْم طبيعة منطقة يافع الجبلية وأهمية الماء للحياة والزراعة فقد نَظَّمت الأَعْرَافُ القَبَلِيِّة المتبعة عملية الاستفادة من المياه بطرق شتى، منصفة وناجعة من خلال التحكم بمصادر المياه وتوزيعها وتوجيهها إلى قطع الأرض الزراعية. وهناك طُرُق متبعة ومتفق عليها تنظم طرق الاستفادة من مياه الآبار والسيول وتوارث حقوق التمتع بها ما تزال مُتبعة حتى اليوم، ومن ذلك ما يُعرف بـ (شَعِيبِه/ شَعُوبَه/ مشعبة) وهي تسميات مختلفة في مناطق يافع لقناة متشعبة لتقسيم وتصريف المياه بشكل متساوٍ بين أصحاب الأرض ذات المسقى “العُبَرْ” المشترك, حسب حصة كل منهم وفقاً لمساحة الأرض والحق المكتسب, وتُسمى أيضا”بديدة” في لهجة الحد, وأصلها من تبديد المياه في اتجاهات مختلفة.

تفتقت أذهان الناس منذ القدم عن هذه الطريقة العجيبة لتوزيع حصص مياه الأمطار الموسمية بعدل وانصاف..خاصة وإن مياه الأمطار هي الأساس الذي يعتمد عليها الناس في يافع في زراعة أرضهم، ومنها تتغذى الآبار بالمياه، ويترقب الناس مواسم هطولها ويهيئون المساقي (الأعبار) التي تتبع أراضيهم ويتفقدون سلامتها وسلامة (الشعوبة) التي تتوزع عبرها كميات المياه إلى قطع الأرض حسب حجم كل قطعة، وإذا انقطع المطر لسنوات متلاحقة فأن الجفاف والقحط يشيع ويترك آثاره على الناس والماشية.
وتتبع طرق الري التقليدية في الاستفادة من مياه الأمطار، فالمساحات بجوار الأرض تعتبر مساقي مخصصة لأصحاب الأرض وهي مقسمة بحواجز محددة (أعبار/مساقي) تحجز المياه وتتجه منحدرة بشكل انسيابي إلى الطين المحددة، أما إذا كانت المساقي مشتركة بين اثنين أو أكثر فأنها تتجمع وتوزع عير قناة تصريف المياه (الشعوبة) بشكل متساوٍ بين أصحاب الأرض ذات المسقى (العُبَرْ) المشترك. وتُقسم هذه القناة بحواجر من الأحجار المستطيلة إلى فتحتين أو أكثر حسب أعداد الأطيان المشتركة في المسقى. وتكون بعض فتحات هذه القنوات كبيرة وبعضها صغير وهذا يبين أن كل جربة أو طين تحصل على كمية من المياه تتناسب مع حجمها الذي يُقاس بـ (الحَبْل) وهو معيار محلي لقياس مساحة الأرض ومقداره 12×60ذراعاً. وهناك تسميات مختلفة للطريق التي يمر بها الماء إلى الطين فالبعض يطلق عليه (الطَّايَة) أو (المَجْزَعْ)، وهناك قنوات جانبية في قطع الأرض الزراعية(الجربة) لتوصيل الماء من مكان وروده إلى المكان المرتفع في نهاية الجربة أو ما يجاورها يُسمى (خَطِيْطِه/ مُجْنُب).
أما في حالة تدفق السيول في الأودية العميقة فلا يتحكم بها أحد وقاعدتها معروفة وهي أن يتم سقي الأعلى ثم الأدنى من قطع الأرض على جانبي مجرى السيل.