fbpx
دول التحالف العربي بين فكي كماشة المشروع الإيراني شمالا والمشروع القطري- التركي جنوبا
يبدُ ومن خلال القراءة السياسية الأولية لخارطة الصراع العسكري الذي تدور رحاه على الساحة الجنوبية، بأن الأجندات السياسية القطرية – التركية قد وجدت لنفسها موطئ قدم في اليمن وأضحت من دون أدنى شك جزء من معادلة الصراع العسكري الذي تجري فصوله في هذا البلد الذي طحنته الحروب التي لم تتوقف منذ أكثر من خمس سنوات،وهي الحروب التي ظلت الشرعية ومعها دول التحالف العربي تعتقدان ولسنوات طويلة خطئا بأنهم الطرف الوحيد الذي بإستطاعته الإمساك بكافة خيوط اللعبة السياسية والعسكرية في الساحة اليمنية؛وإنهما وحدهم فقط القادران على الإمساك أيضا بزمام المبادرة وإنهم الوحيدان الذين بإستطاعتهم إلحاق الهزيمة السياسية والعسكرية بالمشروع الإيراني وقطع دابر تمدده في اليمن عن طريق كسر شوكة مليشيات الحوثي في اليمن والتي تعززت فرص بقائها على رأس المعادلة السياسية والعسكرية والأمنية اليمنية على الأقل في المدى المنظور..
ويرجع السبب في ذلك إلى عدم إمتلاك الشرعية ودول التحالف العربي في الوقت الحالي أي فرصة حقيقية تمكنها من تحقيق المزيد من الانتصارات العسكرية على جبهات القتال مع مليشيات الحوثي التي رسخت أقدامها في المناطق التي تسيطر عليها فضلا عن كونها أضحت وأكثر من أي وقت مضى قادره على إنتزاع المزيد من الأراضي الجديدة من تحت أقدام قوات الشرعية ودول التحالف العربي التي أثبتت فشلها وإنها عاجزة تماما عن تحقيق أي انتصارات عسكرية ميدانية ضد خصومهم الذين تفوقوا عليهم في الأشهر الأخيرة،،وتجليات ذلك تتجسد في سقوط محافظة الجوف وأجزاء واسعة من محافظة مآرب بيد تلك المليشيات الإيرانية دون أن تحرك الشرعية ودول التحالف العربي ساكنا،
بإزاء تلك التطورات العسكرية الأخيرة التي شهدتها العديد من جبهات القتال مع الحوثيين الذين نجحوا في تحقيق العديد من الانتصارات العسكرية على أكثر من جبهة وهي الانتصارات التي حفزتهم ورفعت من معنوياتهم السياسية والعسكرية كما منحتهم زخمآ سياسيا وعسكريا غير مسبوقآ وفتحت أمامهم باب الأمل في تحقيق المزيد والمزيد من الانتصارات العسكرية وخصوصا بعدما نجحت الأجندات القطرية _التركية في تحويل مسار الحرب من الجبهات العسكرية المقابلة لتموضع وتمركز مليشيات الحوثي في المحافظات الشمالية إلى المحافظات الجنوبية التي أضحت مسرحا للعمليات العسكرية التي تخوض غمارها جماعة الإخوان المسلمين وإلى جانبها باقي التنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي تمثل رأس حربه للمشروع القطري – التركي في اليمن الذي سعى ويسعى بقضه وقضيضه من أجل السيطرة على المحافظات الجنوبية التي أضحت محل أطماع العثمانيين الجدد الذين يطمعون في العودة إلى الجنوب عن طريق جماعة الإخوان المسلمين وباقي التنظيمات والجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تخوض حربا ضروس من أجل السيطرة على الجنوب وإلحاقة تحت راية الإمبراطورية العثمانية الجديدة التي لا تخفي أطماعها التوسعية في السيطرة ليس على الجنوب فحسب بل على سوريا وعلى ليبيا وتونس وغيرها من الدول العربية التي أدخلتها الدولة التركية في نفق الصراعات المسلحة والاقتتال الداخلي الذي تغذيه وتموله العثمانية الجديدة التي من الواضح جدا بأنها وبحسب كافة المعطيات السياسية والعسكرية.
وبحسب تطورات الأحداث التي تعج بها الساحة الجنوبية واليمنية والعربية قد رمت مؤخرا بجزء من ثقلها العسكري في الصراع المسلح الذي تدور فصوله حاليا في المحافظات الجنوبية التي أرتفعت فيها وتيرة الاقتتال بين القوات الجنوبية والقوات العسكرية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين وباقي التنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي دخلت في تفاهمات سرية مع مليشيات الحوثي تقضي بنقل مسار الحرب إلى المحافظات الجنوبية وتجميد كافة العمليات العسكرية والميدانية في معظم الجبهات العسكرية التي تقع تحت مسؤولية الطرفين وإفساح المجال لمليشيات الحوثي بالسيطرة على بعض المناطق التي كانت تقع تحت سيطرة ومسؤولية جماعة الإخوان المسلمين وحلفائها المتطرفين كجزء من الصفقة التي عقدها الطرفين التي تقضي بحرف فوهات بنادقهم وأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة والخفيفة نحو صدور الجنوبيين ونحو العمق السعودي وضرب المصالح الإماراتية؛كمؤشر واضح على مدى التناغم الحاصل بين المشروعين التركي – الإيراني في اليمن والهادف إلى تقاسم النفوذ بينهم على حساب دول التحالف العربي التي باتت مهددة فعليا بالخروج من المعادلة السياسية والعسكرية القائمة في اليمن خالية الوفاض مالم تسارع إلى اتخاذ مواقف حاسمة تضع حد بصورة نهائية لعبث جماعة الإخوان المسلمين الإرهابي وباقي التشكيلات العسكرية المتطرفة التي عاثت في الجنوب خرابا وفسادا دون أي رادع جدي من جانب دول التحالف العربي التي فشلت وبكل أسف في النيل من مليشيات طهران في الشمال وفي نفس الوقت فشلت أيضا في إدارة شؤون المناطق التي عُرفت اصطلاحا بالمحررة التي يراد لها اليوم أن تسقط تحت النفوذ القطري – التركي الذي رمى بكل ثقله السياسي والعسكري واللوجستي من أجل أن تنتصر إرادة التطرف ولإرهاب على الإرادة الجنوبية التي مازالت قادرة على قهر وكسر شوكة الإرهاب الأسود الذي ستشيعه الأيادي الجنوبية قريبا إلى مثواه الأخير بإذن الله …
سياسة مسك العصاء من النصف التي أتبعتها دول التحالف العربي طوال سنوات الحرب الماضية في اليمن وخصوصا مع جماعة الإخوان المسلمين الارهابية وحلفائها من الجماعات والتنظيمات الإرهابيةوالمتطرفة التي لم تعد بذلك الحليف الذي يعتد به او يمكن ان تعتمد عليه دول التحالف العربي في حربها ضد مليشيات الحوثي التي لم تعد كما كان الجميع يضن بأنها على خصومة حقيقية مع تنظيم جماعة الإخوان الأرهابي في اليمن .
وهو ما بدا واضحا من خلال الأحداث الأخيرة التي شهدتها الساحة الجنوبية خلال الأشهر الماضية والتي كشفت جملة من الحقائق التي كانت غائبة عن ذهنية وتفكير دول التحالف العربي وهي الحقائق والشواهد التي لا تقبل الدحض او التشكيك في صدقيتها وفي المقدمة منها هي أن جماعة الإخوان الارهابية في اليمن حين قررت الإنخراط في الحرب التي تقود دفتها دول التحالف العربي ضد مليشيات الحوثي المدعومة ايرانيآ لم تكن لتعبر بالضرورة عن قناعتها؛وأنما أملتها عليها ظروف الأوضاع الداخلية في اليمن وكذا ظروف حلفائها الإقليميين قطر-تركيا التي لم تكن على استعداد في بداية الحرب أن تجهر بنواياها المبيتة تجاه اطماعها في السيطرة والهيمنة على اليمن في انتظار اللحظة المناسبة التي تستطيع من خلالها ان تضع النقاط على حروف إعلان أطماعها التوسعية في اليمن والظهور علنا .
وهذا ما ظهرت به جليآ خلال الحرب التي تدور رحاها حاليا في الجنوب الذي أدخلته الأجندات القطرية-التركية وعن طريق جماعة الإخوان الإرهابية ضمن معادلة سياسية وعسكرية وأمنية جديدة تتقاطع مع أجندات وتوجهات وسياسيات دول التحالف العربي التي بات لزاما عليها اليوم ليس فقط مواجهة المشروع الايران في اليمن بل الدخول في مواجهة جديدة مع المشروع القطري-التركي الذي دخل على خط المواجهة العسكرية معها من خلال تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية في اليمن التي أضحت وبما لا يدع مجالا للشك بأنها باتت أقرب في توجهاتها وفي مواقفها وسلوكها السياسي والعسكري الى مليشيات الحوثي منه الى دول التحالف العربي التي أضحت في مرمى استهداف تلك الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تقيم ومنذ أمد بعيد تحالفات حقيقية بل وترتبط ارتباط وثيق وحقيقي بالأجندات القطرية – التركية التي تطمع بالسيطرة والهيمنة على الجنوب على حساب دول التحالف العربي التي يتحتم عليها اليوم أن تتبع سياسية جديدة تتماشى مع طبيعة الظروف والتطورات والمستجدات التي أظهرتها الأحداث الأخيرة في الجنوب والتي تملي عليها مغادرة مربع تلك السياسات العقيمة التي أنتهجتها طوال سنوات الحرب الماضية والتي أثبتت عدم فاعليتها وعدم قدرتها على تحقيق المكاسب السياسية والعسكرية التي كان يتوخاها التحالف العربي الذي لم يكن موفقا في استراتيجية أدارته للحرب في اليمن والتي أثبتت فشلها الذريع في إحتواء تلك المليشيات الحوثية عسكريا نتيجة غياب المقومات الحقيقية التي تستند عليها الاستراتيجية التي غاب عن سمائها الكثير من الأمور في الطليعة منها العملية التنظيمية الحقيقية وغياب القدرة على توظيف الإمكانيات البشرية والمادية لصالح الحرب التي ظهرت من خلالها قوات الشرعية وقوات التحالف العربي بمظهر مفكك وفي ظل وجود جبهات عسكرية تعمل كجزر منعزلة عن بعضها البعض فضلا عن تعدد الأجندات السياسية والعقائدية التي ظهرت بها القوات العسكرية المحسوبة على دول التحالف العربي والتي كانت تفتقر إلى أبسط المقومات العسكرية الإنضباطية وإلى إحترام التسلسل الهرمي للرتب العسكرية التي سقطت في وحل الجماعات المسلحة التي منحت الرتب العسكرية لمن هب ودب دون أي ضوابط معيارية ودون اي احترام لقيمة ومكانة وقدسية الرتبة العسكرية في العمل العسكري ..
*العقيد محسن ناجي مسعد