fbpx
تقرير : تهريب النفط سرطان ينهش جسد الاقتصاد اليمني المنهك
شارك الخبر

يافع نيوز – متابعات.
يعد ملف تهريب النفط الذي يقف خلفه نافذون كبار ورموز الفساد بعضهم تربطهم مصالح مع قيادات ورموز انقلاب ميليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً على الشرعية، بمثابة سرطان ينهش جسد الاقتصاد اليمني المنهك بفعل عقود زمنية من الاضطرابات وسنوات الحرب في البلاد، وذلك نظرا لخطورة عمليات تهريب النفط، وتكبيدها الاقتصاد الوطني خسائر باهظة تُقدر بعشرات المليارات من الريالات سنوياً.
ويتضح جلياً الحجم الكارثي لتهريب النفط على الاقتصاد اليمني، طوال العقود الماضية حتى الوقت الراهن، من خلال اعتماد الدولة في موازنتها العامة على نحو ما نسبته 70% من قطاع النفط، كما تأثرت اليمن كثيراً بسبب تراجع إنتاج وتصدير النفط من 400 ألف برميل يوميا قبل عام 2011م إلى 105 آلاف برميل يوميا عام 2014م، وأيضاً توقف ومن ثم عودة إنتاج وتصدير النفط ولكن بنسب أقل نتيجة الحرب، وبالمجمل فان كل ذلك ينعكس سلبياً على مختلف مجالات وقطاعات الحياة بشكل عام، كما تلحق الآثار السلبية المترتبة على جرائم هوامير تهريب النفط، بالغ الضرر بمختلف فئات وشرائح المجتمع اليمني شمالا وجنوبا بدون استثناء، غير آبهين بتفاقم معاناة اليمن واليمنيين على مختلف الأصعدة والمستويات.
وينضوي مهربي النفط في المناطق المحررة ومناطق سيطرة الحوثيين في إطار شبكة مصالح مشتركة ومتبادلة أقل ما يمكن وصفها بـ”عصابة مافيا” تمتلك شركات تجارية وسفن بحرية وناقلات نفطية تستخدمها للتهريب عبر موانئ محافظات الحديدة وعدن وحضرموت وريما في نطاق أوسع من ذلك، حيث بات ما يجنونه من فوائد وعائدات مالية ضخمة في تعاظم مستمر، وتشير تقديرات رسمية صادرة بين عامي 2012 – 2014م – أي قبل الحرب – إلى أن عمليات تهريب النفط من بترول وديزل وغاز تكلف البلاد أكثر بكثير من 200 مليار ريال يمني سنويا، حيث يستفيد تجار التهريب من شراء النفط بالسعر المحلي الذي كان مدعوماً من الدولة، ومن ثم يقومون ببيعه بالسعر العالمي، وكذلك عن طريق الحصول على النفط الخام من الحقول النفطية بطرق غير قانونية وبيعه بمبالغ زهيدة لا تساوي قيمته الحقيقية، والأهم هو المردود المادي الذي سيعود إلى جيوبهم، مستغلين خيرات الوطن التي من المفترض تسخير عوائدها للبناء والتنمية ليستفيد منها الشعب.
وتؤكد كافة الحقائق الحاجة الماسة والملحة لتوافر القدرات والإمكانيات الهائلة – التي بطبيعة الحال تفوق إمكانيات الدولة -، مع الاستعانة بمساندة الأشقاء في الإقليم عبر التحالف العربي والأصدقاء بالمجتمع الدولي، خصوصا في ظل الوضع الحالي نتيجة الحرب التي اشعلتها ميليشيا الحوثي الإيرانية في البلاد، وذلك للوقوف بثبات ومواجهة سرطان تهريب النفط واستئصاله من جذوره، لضمان تعافي الاقتصاد الوطني، وبالتالي تحسن الحالة المعيشية للمواطنين.
كما يتحتم على أي جهود أو تحركات تهدف لمحاربة تهريب النفط، أن تضع في الاعتبار مدى وعورة وخطورة المهمة وعظمة الهدف الأسمى المراد تحقيقه، كونه بكل يقين أن النافذين والفاسدين الذين يقفون خلف عمليات تهريب النفط، سيستخدمون كافة أسلحتهم من أدوات ونفوذ دفاعاً وحفاظاً عن مصالحهم المقدسة بالنسبة لهم والتي تدر عليهم عشرات الملايين من الدولارات.
ويمكن القول إن تسليط الضوء ولو من خلال الحديث حول تهريب النفط لمحاربته والقضاء عليه، بات كمن “ينكش عش الدبابير”، ولعل الانتقادات التي يتعرض لها رئيس الحكومة الدكتور معين عبدالملك، خير دليل على ذلك، وعلى سبيل المثال وللذكر لا الحصر، التقى الدكتور معين، يوم الأربعاء الماضي، مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، وتحدث الدكتور معين بكل وضوح، قائلا: إن افتعال ميليشيا الحوثي الانقلابية لأزمة المشتقات النفطية، والتنصل عن تطبيق الآلية المتفق عليها بشأن استيراد النفط برعاية أممية، هي محاولة للعودة إلى تهريب الوقود الإيراني واستخدام عائداته لاستمرار تمويل حربها في البلاد.
كما أكد الدكتور معين عبدالملك، على ضرورة اتخاذ موقف واضح تجاه استخدام الحوثيين للمواطنين والمتاجرة بمعاناتهم كذريعة للتنصل عن الآلية المتفق عليها وتسخير عائدات ضرائب النفط لصرف رواتب موظفي الدولة، ولفت إلى عدم قبول إسقاط الآليات التي رعتها الأمم المتحدة وأهمية أن يكون هناك رد واضح وقوي من المبعوث الأممي، وشدد على ضرورة أن يكون للأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن موقف واضح حيال محاولة الحوثيين الاتجار بمعاناة المواطنين في مناطق سيطرتهم عبر افتعال أزمة المشتقات النفطية لإنعاش السوق السوداء التي تدر عليهم مبالغ طائلة، معتبرا أن ما حدث من انفجارات في صنعاء وصعدة لخزانات نفطية وسط أحياء سكنية دليل واضح على ذلك.
واتخذت الحكومة اليمنية، في إبريل عام 2019م الماضي، قراراً للحد من تهريب النفط الإيراني الذي تستخدمه الميليشيات الحوثية لتمويل حربها ضد اليمنيين، وركزت الآلية في القرار رقم (75) لسنة ٢٠١٨م، على مجموعة من الشروط لضمان مرور التحويلات عبر النظام المصرفي لمحاربة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، ولكن ميليشيا الحوثي منعت التجار والبنوك من التعامل بالآلية وتطبيقها، بهدف استمرار دخول النفط الإيراني والاستفادة من عائداته المالية.
وكشفت لجنة الخبراء في الأمم المتحدة، آنذاك، عن شركات داخل وخارج اليمن تعمل كواجهات لبيع النفط الإيراني وتمويل المجهود الحربي للحوثيين، مشيرة إلى تورط أحد الأشخاص المدرجين على لائحة العقوبات الأممية، وذكرت اللجنة في تقريرها الأخير للعام ٢٠١٨ والمقدم لمجلس الأمن، أن وقوداً تم تحميله في مرافئ إيران در عائدات سمحت للانقلابيين الحوثيين بتمويل جهود الحرب ضد الحكومة الشرعية، كما وجدت اللجنة أن “الوقود تم شحنه من موانئ في جمهورية إيران الإسلامية بموجب وثائق مزيفة”، لتجنب تفتيش الأمم المتحدة للبضائع.
أخبار ذات صله