fbpx
مجدداً إلى الرياض، مفاوضات ام مناورات؟

كتب/ علي عبدالله البجيري

عنوان هذا المقال ماخوذ من أغرب مفاوضات تدار في غرف فندقية دون لقاءات مباشرة بين اطرافها. مفاوضات ترعاها الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، وفق برنامج لقاءات يمكننا ان نصفها بلقاءات الزوايا الضيقة، بل ويؤخذ عليها بانها الاكثر تعثرا والأطول زمنا في ظل استمرار نزيف الدم وتازم الموقف العسكري على الارض. فيا ترى ما هو سر تلكئ هذه المفاوضات والى اي نتيجة يمكن ان تصل اليه؟

فالشي الواضح هو غياب مرجعية محددة تحكم وتنظم تلك المفاوضات، سواء من حيث قواعدها او توقيتها، وهذا يعني انها مفاوضات مفتوحة وغير منضبطة ولا نهاية لها، وبالتالي لا نتائج ملزمة لها.

منذ التوقيع على اتفاق الرياض في ٥ نوفمبر الماضي، والمراقب يعيش في حيرة من ما تضمنه ذلك الاتفاق من نصوص غامضة وإيحائات بحلول منقوصة وغير منطقية. والنتيجة هي ان قوات الاخوان الشرعية جعلت من تلك النصوص والايحائات ذريعة لتوتير الاوضاع السياسية والعسكرية والاستمرار في الاعتداءات على الاراضي الجنوبية وتعطيل المنشأت الخدمية في مدينة عدن والتحريض على إفشال الإدارة الذاتية، والقيام بأعمال تخريبية منظمة ما لم يكن لها ان تحدث لولا  «أتفاق الرياض» الذي أوهم الطرفين باحلال الأمن والاستقر وقيام الشراكة والمناصفة الوهمية..

فمنذ لحظات التوقيع تبين للجنوبيين بان الاتفاق يتضمن فخّ لم يكن في الحسبان ولم يتم ادراكه إلا بعد فوات الأوان. هذا ما جعل الشرعية الاخوانية ان تستغل هذا الفخ لتخلق المبررات والأعذار كسبا للوقت لجولات قادمة من الإعتداءات العسكرية والأعمال التخريبية في المجالات الاقتصادية والخدمية .

نعم وقعَ المفاوض الجنوبي في الفخ واصبح ضحية خدعة كبيرة واستدراج غير محسوب. ومع الأسف كثير من السياسيين لا يريدون الإقرار بحقيقة الأمور إلاّ بعد أن تكون قد صارت واقعاً، أو كما يقول المثل العربي بعد ” وقوع الفأس في الرأس “.

علينا الإقرار بإن المفاوضات السياسية القديم منها والحديثة، تتم بين المعتدي والمعتدى عليه، بين طرف يعمل على الاستباحة وطرف أخرى يدافع عن الارض والعرض.
مفاوضات تكتيكها يكمن في ملامسة القضايا الجزئية للجبهة العسكرية المفتعلة في مدينة شقرة، استدراجا لتحقيق هدفهم لاحتلال مدينة عدن المكلومة.
فان كانت نتيجة المفاوضات السابقة هي حصول القوات الإخوانية على نصف الامكانيات والصلاحية، فما نخشاه هو ان تكون نتيجة المفاوضات الحالية هي حصول تلك القوات على النصف المتبقى من الامكانيات والصلاحية.

لقد بات واضحاً ان لقاءات ” الرياض مجدداً ” يراد لها ان تمنح المفاوض الاخواني أطول وقت ممكن ليتسنى لمليشياته ارهاق القوات الجنوبية في الجبهات، وتعميم الفوضى وإقلاق السكينة في المدن تسهلا لهم للسيطرة عليها من الداخل.
هذا المشهد السياسي يمكن لنا قراءته ومتابعته على أرض الواقع بكل وضوح. فقد تمكن اخوان الشرعية تحت مفهوم اتفاق « الرياض الأول» ومنطق المفاوضات المطولة أن يعززوا من تواجد قواتهم فى شقرة وشبوة وحضرموت الوادي وسقطرى، وهو ما لم يكن يحلم به اخوان اليمن، لولا اتفاق الرياض.

وما يؤسف له، هو صمت التحالف العربي على الإعتداء العسكري على الجنوب، الذي يتم باسلحته الحديثة وبعلم ودراية قادته السياسيين والعسكريين. وهذا يضع العديد من علامات الاستفهام حول حقيقة دور دول التحالف العربي، وما يقوم به ممثل  قواتهم  المدعو” العميد مجاهد العتيبي” من ممارسات تصل إلى حد التدخل في الشؤون الداخلية وفرض الوصاية بأساليب مقيتة

اختتم هذا المقال بالقول، ان على المفاوض الجنوبي في الرياض ان يستوعب ما يدور في وطنه من أحداث هدفها إضعاف موقفه وابتزاز بمواقفه. ” والحكمة تقول لا يلدغ المؤمن  من الجحر مرتين “.