fbpx
في الذكرى العاشرة لرحيله .. الفقيد سالم ناصر علي الحنشي رجل في ذاكرة الوطن
شارك الخبر

بقلم – خالد الحنشي
رحلتَ أبا بدرٍٍ واستدام سناكا
ونأيتَ عنا ولم تغبْ ذكراكا
ونحتّ نقشًا في النفوس ملازمًا
ورسمتَ في الوجدان طيبَ شذاكا
وكأنما طيفك بقي ليزورنا
تارة يسلّينا وتارةً ينعاكا
تمضي السنون وتنقضي الأحقاب ورحى المنية دائرة  تطحن الأرواح وتعصرها وتنسف الأحلام بصمت دونما نسمع لها جعجعة أو همسا
ُ
ففي مثل هذا اليوم الثالث عشر من شهر رمضان المبارك 2010م نزل بنا ضيف مشؤوم لم يخبرنا بمجيئه ولم نشتق  لقدومه.
 فقبل ظهيرة ذلك اليوم نزل الموت بساحتنا  على حين غرة ليختطف  من بيننا أبانا وأخانا العميد سالم ناصر علي بعد صراع مع المرض وبعد حياة حافلة بالعطاء مرصعة بشتى المنعطفات البارزة  والمحطات اللافتة قضاها في الحياة العسكرية  وكان انخراطة في الجيش الجنوبي أنذاك قبل سن العشرين من عمره  إلا إنه -رحمه الله – كان متوجا بصفات  جعلته متميزا بين أقرانه كالحنكة والذكاء والإقدام وقوة الشخصية وعلو الهمة واستشعار المسؤولية وهو ما جعله يعين في عدد من المهام القيادية قبل أن يتجاوز الثلاثين من عمره.
فقيدنا عهدناه رجلا طيبا  خلوقا كريم المعشر فقد عرف عنه كل من زامله أو جالسه سجايا وسمات حميدة أكسبته حب الجميع دون استثناء .
كان وقورا جادا سليم القلب والسريرة لم يُعرف عنه يوماً أنه دخل في شجار أو خصومة مع أحد البتة.
حديثه المفضل وتناوله الشهي هو السياسة حتى أن المستمع إليه يلمس من حديثه أسلوب السياسي المتخصص والمحلل البارع في قراءة الأحداث والغوص في محيطات السياسة المتلاطمة الأمواج .
العميد سالم ناصر واحد من آلاف العسكريين الجنوبيين الذين أحيلوا للتقاعد القسري بعد حرب 1994 م وعند بدء اعتصامات المتقاعدين في 2006م ومن ثم النظر في مطالبهم ومعالجة جزء منها  إلا إن ذلك لم يثنه  عن تبني حقوق شعبه المظلوم ولم يكن  ليتوقف في نضاله عند قضية الحقوق المالية للمتقاعدين كحال الكثيرين.
كلا !  فقد ظل وفيا لوطنه وشعبه وحقوق أبنائه وأجياله مؤمنا بقضية شعب بأكمله غُلب على أمره .
في السنوات الأخيرة وبحكم المرض الذي أوهنه جعله يشعر بمشقة الحركة وهو ما جعله يلازم بيته كثيرا
ً لكن هذه العزلة وتفاقم المرض لم يكن شرا محضا
ً ((وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خيرٌ لكم)) لقد وجد في هذه الحال فرصة سانحة للإكثار من العبادات  كنوافل الصلوات  وقراءة القرآن بكثرة
وكأننا الآن بمصحفه بزاوية الرف يرثيه ويبكي لفراقه.
لقد مثل رحيله فاجعة وخسارة جسيمة فهو من الفرسان المعدودين الذين يُحتمى بهم في ساحة الوغى ويتزود القصاد بآرائهم ومشورتهم عند الملمات والمدلهمات.
ومهما حشرنا هنا من ألفاظ اللغة وأساليب البلاغة فلن نستطيع الإلمام بكل مناقبه ومحطات حياته الزاخرة فهو أكبر مما قلنها وأعظم مما سطرناه  في هذه الإطلالة السريعة والمتواضعة .
كان رحيله عنا قبل منتصف شهر رمضان المبارك بعد صراع طويل مع المرض ولم يكن مرضاواحداً بل عدة أمراض كالسكر وضغط الدم حيث ظل يصارع ويقاوم كل هؤلاء الأعداء اللدودين في معركة غير متكافئة انتقل فيها إلى جوار ربه ليتوقف قلبه الكبير النابض بالمشاعر الوطنية المفعم بالأمل بغدٍ مشرق ومستقبل يرى فيه نور الحرية لوطنه المسلوب.
انتزع الموت روحه ـ رحمه الله ـ ولسان حاله يقول كما قال الثائر العراقي جمال جميل وهو في ساحة الإعدام : لقد أحبلناها وسوف تلد.
ولم يشأ الله  تعالى أن يري فقيدنا الحنشي مولود النصر الذي تحمله ثورتنا في أحشائها .
فرحمك الله -أبا بدر – وأسكنك فسيح جناته.
ولا نملك في الأخير إلا أن نقول : اللهم اجزه بالإحسان إحسانا وبالإساءة عفواً وغفرانا.
واشمله بعفوك ومغفرتك في هذا الشهر الفضيل.
أخبار ذات صله