fbpx
كورونا وفريق الاحتياط

كتب الدكتور/علي ناصر اليافعي*
ان الفيروس التاجي (كورونا( Coronavirus يضم مجموعة كبيرة من الفيروسات التي تصيب الانسان والحيوان, والغالبية من تلك الفيروسات تصيب الحيوانات, بينما توجد سبع سلالات من فيروس كورونا التي يمكن ان تصيب الانسان, وأشهرها هي سلالة السارس SARS التي انتشرت في الصين في العام 2003م وسلالة MERS ، وهذه السلالة انتشرت في الشرق الأوسط في العام 2012م وبالتحديد في المملكة العربية السعودية، وقد سمي المرض متلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle East respiratory syndrome., وسلالة كوفيد 19 COVID والتي تفشت لأول مره في الصين, في نهاية العام 2019م , حيث ما زالت الى هذه اللحظة تحصد مئات الالاف من الضحايا حول العالم.
ان كلمة كورونا تعني باللغة اللاتينية التاج, وذلك لوجود بروزات على السطح الخارجي للفيروس, فعند مشاهدته باستخدام المجهر الإلكتروني يظهر بشكل يشبه التاج, والتاج لا يستخدمه الا الملوك والملوك اذا دخلوا قرية افسدوها, وهذا ما نشاهده في العالم اليوم, فهذا الفيروس قد ركع دولا كنا نظنها عظمى واظهر سوآتها وعجزت امام ذلك الميكروب الخفي, فهو قد اصبح يتقن جميع اللغات واهم لغاته هي القتل و الترويع والسجن , حيث اصبح مليار ونصف المليار انسان محبوسين في منازلهم وذلك اتباعا لتعليمات واجراءات الحجر المنزلي التي فرضتها دول العالم, لمنع تفشي الفيروس.
ان الفيروس معديا جدا فهو ينتقل عن طريق قطرات إفرازات الجهاز التنفسي او عن طريق ملامسة الشخص لفمه وانفه وعينه بيده الملوثة بالفيروس ,ویمكن التقاط الفیروس بمجرد التحدث مع شخص مصاب بذلك الفیروس لیصبح ذلك المریض قنبلة موقوته ینشر المرض این ما ذھب ویكون خطرا على من حوله,وخصوصا وانه في غالب الاحيان تتأخر ظهور اعراض المرض واشارت الدراسات الى ان فيروس كورونا یمكن ان یبقى نشط على الاسطح من بضع ساعات الى عدة ایام, بمعنى ان مصدر العدوى ستكون هي تلك الاسطح الملوثة حتى وان لم یكن ذلك المریض موجود.
ان أغلب المصابين بفيروس الكورونا یتم شفاؤهم ، بالرغم انه لا يوجد الى هذه اللحظة علاج فعال يمكنه القضاء على الفيروس و لا يوجد لقاح مطور للوقاية من المرض ايضا, الا ان توفر الامكانیات مثل التشخیص المبكر للمرض وتقدیم الرعایة المناسبة للمریض ومنها تدعیم الوظائف الحیویة واهمها اجهزة التنفسي الاصطناعي, والعقاقیر التي تخفض درجات الحرارة وتمنع المضاعفات يمكن ان تساهم في شفاء المرضى. الا ان ما یجعلنا نخاف من الكورونا, هي مدى توفر الامكانات في بلادنا و نتساءل هل سیكون هناك متسع للمرضى في المستشفیات والمراكز الصحیة الاخرى؟ وھل الكادر الصحي مؤهل لان یقي نفسه ویعالج المرضى؟ وهل الاجهزة والمعدات والعقاقیر اللازمة للوقایة او المعالجة للمرض متوفرة وبالكمیة التي تمكنهم من السیطرة على الوباء؟

وان ما يجعلنا نستغرب في بلادنا الحبيب اليمن ان هناك حالات يتم الاعلان عنها بانها حالات مؤكدة إصابتها بفيروس الكورونا ولكن الغريب في الامر اننا لم نسمع عن اصابات بين اولئك المخالطون للحالات المصابة على الاقل حتى اللحظة , ولا نعرف عن المريض الذي كان مصدر للعدوى, ويبقى السؤال الهزلي ,فهل يعقل ان يكون فيروس كورونا عنده معرفة مسبقة بإمكانات بلادنا وصار يلاعبنا بالفريق الاحتياط او فريق الدرجة الثانية, وذلك خوفا على سلامة لاعبيه من اجل الاحتفاظ بهم لمواجهة فرق صعبة واكثر ندية؟, فمن خلال متابعتنا للأعداد الهائلة للإصابات والوفيات التي خلفها الفيروس حول العالم, فالإضافة الى العادات والتقاليد في المجتمعات اليمنية فعلى الاقل الشخص المصاب الواحد يمكن ان يلتقي في اليوم الواحد بخمسين الى مائة شخص, وهؤلاء سيلتقون بنفس العدد او اكثر ليصبح عدد الاصابات بمئات الالاف خلال ايام قلائل.

أيا كان الخبر حول الفيروس في عدن, فيجب التعامل بجديه بعيدا عن المماحكات السياسية واستغلال واستثمار كل طرف للوضع, فالوضع خطير والفيروس لا يرحم وامكانياتنا ضعيفة جدا و الغالبية معدمة, والكوادر الصحية من اطباء وممرضين واختصاصيو الطب المخبري وفرق الاسعاف هم خط الدفاع الاول في مواجهة المرض, فيجب ان يتعاملوا مع أي مريض في المستشفى او العيادة على انه مصاب بالفيروس وذلك من خلال ارتدائهم للملابس الواقية والكمامات والنظارات حتى يقوا انفسهم فهم الركيزة الاساسية في المعالجة, فلا جدوى من ان يعالج مريض ويصاب الطبيب وهذه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق مدراء المستشفيات وزرارة الصحة, في توفير المتطلبات الاساسية لحماية الكوادر الطبية.

كما ان المسؤولية في مواجهة جائحة كورونا في اليمن تقع على عاتق الجميع صغيرا وكبيرا, فكلا بحسب اختصاصه ولا يقتصر ذلك الدور على اسداء النصائح فيجب ايضا اتخاذ الاجراءات الصارمة والرادعة والتي من شأنها ان تقلل من انتشار الفيروس والزام الناس في التقيد بتدابير الحجر الصحي, حتى وان اضطرهم الامر الى استخدام العصي والضرب المبرح او السجن لأولئك الذين يحاولون كسر الحظر.

والمسؤولية الاكبر تقع على عاتق المسؤولون في وزارة الصحة وذلك من خلال عقد دورات تدريبية حتى يتمكن العاملين الصحيين من حماية انفسهم وتثقيفهم في كيفية الوقاية داخل وخارج المؤسسات الصحية، وكيفية التعامل مع المرضى والمشتبه إصابتهم بالفيروس, بالإضافة الى فتح باب القبول للمتطوعين وتدريبهم وتأهيلهم حتى يساعدوا في احتواء الوباء.

وفي الأخير, نصيحتي لجميع المواطنين بان يلزموا منازلهم وعدم الخروج الا للضرورة القصوى والالتزام بتدابير الوقاية الأساسية من الفيروس, كإجراءات ارتداء الكمامات والقفازات وترك مسافات بين الاشخاص بمترين على الاقل اثناء الحصول على المتطلبات الضرورية من خارج المنزل.. ونسال الله تعالى ان يبعد عنا هذا الوباء القاتل وان يشفي مرضانا… اللهم امين.

*باحث في الاحياء الدقيقة الجزيئية والتشخيصية -معهد البحوث الطبية –جامعة الاسكندرية