fbpx
الارهاب الكوروني!

كتب الدكتور/ علي ناصر اليافعي

لقد تعددت وسائل الإرهاب, وبات الإرهابيون أكثر تطورا من ذي قبل بحيث يستخدمون العلم والتكنولوجيا الحديثة لتحقيق أهدافهم, ولهذا أصبح الإرهاب اليوم من أخطر المشاكل ومن أهم التحديات التي تواجه العالم المعاصر، وإحدى هذه الوسائل هي استخدام الميكروبات, حيث كان آخرها ما شهدته الولايات المتحدة في بداية القرن الواحد والعشرين, من هجمات باستخدام بكتيريا العَصَوِيَّةُ الجَمْرِيَّة Bacillus anthracis وذلك من خلال إرسال خطابات تحتوي على غبار الجمرة الخبيثة, وقد أصيب جراء ذلك الهجوم 18 شخصا وتوفي منهم 5 أشخاص.
أن الإرهاب باستخدام الميكروبات يسمى بالإرهاب البيولوجي Bioterrorism وهو أكثر خطرا من الإرهاب باستخدام الأحزمة الناسفة, حيث إن هذا الأخير يقوم فيه الإرهابي عديم الضمير والذي باع نفسه رخيصة للشيطان بتفجير نفسه وسط جموع من الناس ليحصد الكثير من الضحايا.
وبتنا نسمع اليوم في بعض الدول أن هناك أشخاص يقومون بالبصق على النقود أو في محطات مترو الأنفاق, ولا يهم فيما إذا كانوا فعلا قد أصيبوا بفيروس كورونا المستجد كوفيدا 19 COVID ام لا, فإرهاب الناس وتخويفهم وإثارة الذعر في نفوسهم بحد ذاته يعتبر شكلا من أشكال الإرهاب, حتى وإن كان فقط في نشر الشائعات والأخبار المضللة والزائفة حول الفيروس.
إذا وجد إناس مثل هؤلاء ينشرون الوباء فهذه جريمة لا تغفر في حق البشرية حيث وإن هذه الأعمال لا تمت إلى ديننا الإسلامي الحنيف بأي صلة, ويمكن المقارنة بين من يقومون بنشر فيروس كورونا (الإرهاب الكوروني) أولئك الإرهابيين الذين يستخدمون الأحزمة الناسفة كالتالي:.
إن الإرهابي الذي يفجر نفسه باستخدام حزام ناسف, ينتقي ضحاياه بعناية, ليقوم بعمله الحقير والجبان, حيث يكون في حيز جغرافي معين, بينما الإرهاب الكوروني يصبح الجميع هدفا له, ويمكن أن تتسع رقعته بشكل كبير ليطال مناطق أبعد.
في الإرهاب بالحزام الناسف لا يستطيع ذلك الشخص أن يمر عبر البوابات والأماكن الأكثر تحصينا حيث يمكن كشفه بأجهزة كشف المعادن او اجهزة التفتيش باستخدام الأشعة السينية وغيرها التي تستخدم للكشف عن محتوى الحقائب, بينما في الإرهاب الكوروني يستطيع الشخص ان يمر بكل سهولة ويسر ودون عناء.
في الإرهاب بالحزام الناسف يحتاج الشخص الى الكثير من طرق الإعداد والتحضير والتجهيزات المعقدة, بينما في الإرهاب الكوروني لا يحتاج سوى الاحتكاك بمريض مصاب بفيروس كورونا أو إفرازاته, ليقوم بعدها بالبصق او العطس في الأماكن العامة.
في الإرهاب بالحزام الناسف يزول الفعل بزوال المؤثر حيث يموت الشخص المنفذ للعملية, وفي بعض الأحيان ينفجر فيه ذلك الحزام قبل بلوغه للهدف المراد الوصول إليه, ويمكن ايضا معرفة عدد الضحايا بينما في الإرهاب الكوروني لا أحد يستطيع تقدير عدد الضحايا وذلك لأن الضحايا انفسهم يمكن ان يصبحوا قنابل موقوته لنشر المرض اين ما ذهبوا وذلك دون قصد منهم وبدون علمهم, كما أنه من الممكن أن يعاد استخدام ذلك الشخص مرارا وتكرار والتنقل بين الكثير من الاماكن, بالإضافة إلى أن هناك نسبا كبيرة في احتمالية شفاء ذلك الشخص المصاب بالفيروس والتي قد تجعله أكثر طمأنينة في استكمال تلك الأفعال الشنيعة… ونسأل الله تعالى أن يجنبنا وأوطاننا مثل هؤلاء الذين تجردوا من إنسانيتهم ومن كل القيم الأخلاقية.
الباحث علي ناصر محمد جبران اليافعي
*باحث في الاحياء الدقيقة الجزيئية والتشخيصية -معهد البحوث الطبية –جامعة الاسكندرية